الشيخ / محمد بن أحمد الفراج
أحكام الرقى والتمائم
الرقى : جمع رقية وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات ويسمونها العزائم وهي على نوعين :
النوع الأول : ما كان خالياً من الشرك بأن يقرأ على المريض شيء من القرآن أو يُعوذ بأسماء الله وصفاته فهذا مباح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رقى وأمر بالرقية وأجازها ، فعن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : " اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ " رواه مسلم .
قال السيوطي : وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط :
ـ أن تكون بكلام الله أو بأسماء الله وصفاته .
ـ وأن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه .
ـ وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، بل بتقدير الله تعالى . [1]
والرقية في حق الراقي مستحبة لأنها من باب الإحسان إلى الخلق ، ولما فيها من النفع .
وفي حق المرقي : لا ينبغي له أن يبتدئ بطلبها ، فإن من توكل العبد وقوة يقينه أن لا يسأل أحداً من الخلق لا رقية ولا غيرها . بل ينبغي إذا سأل أحدا أن يدعو له أن يلحظ مصلحة الداعي والإحسان إليه بتسببه لهذه العبودية له مع مصلحة نفسه ، وهذه من أسرار تحقيق التوحيد ومعانية البديعة التي لا يوفق للتفقه فيها والعمل بها إلا الكُـمَّل من العباد .
وكيفيتها : أن يقرأ وينفث على المريض ، أو يقرأ في ماء ويسقيه المريض ، كما جاء في حديث ثابت بن قيس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ تراباً من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه )رواه أبو داود .
النوع الثاني : ما لم يخل من الشرك وهي الرقى التي يستعان فيها بغير الله من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به ، كالرقى بأسماء الجن أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين .
فهذا دعاء لغير الله وهو شرك أكبر ،أو يكون بغير اللسان العربي أو بما لا يعرف معناه لأنه يخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يعلم عنه فهذا النوع من الرقية ممنوع .
` التمائم : وهي جمع تميمة وهي : ما يعلق بأعناق الصبيان أو غيرهم لدفع العين ونحوه . وهي على نوعين :
النوع الأول : ما كان من القرآن ؛ بأن يكتب آيات من القرآن أو من أسماء الله وصفاته ويعلقها للاستشفاء بها فهذا النوع قد اختلف العلماء في حكم تعليقه على قولين :
القول الأول : الجواز وهو قول عبدالله بن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد بن حنبل في رواية عنه وحملوا الحديث الوارد في المنع من تعليق التمائم على التمائم التي في الشرك .
القول الثاني : المنع من ذلك وهو قول ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية عنه اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون واحتجوا بما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتولة شرك "
وهذا هو الصحيح لوجوه أربعة :
الأول : عموم النهي ولا مخصص للعموم .
الثاني : سد الذريعة فإنها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحاً .
الثالث : أنه إذا علق شيئا من القرآن فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك .
الرابع : أن مقتضى تعليق شيء من القرآن كان موجودا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأذن فيه ولم يأمر أحدا من أصحابه به ، وأهل العلم قرروا قاعدة وهي : ( أن مقتضى الشيء إذا كان موجودا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأذن به الشارع فإن ذلك يدل على منعه وعدم جوازه ) [2]
النوع الثاني من التمائم : التي تعلق على الأشخاص ما كان من غير القرآن ـ كالخرز والعظام والودع والخيوط والنعال والمسامير أو ما يعلق في السيارة([3]) وأسماء الشياطين والجن والطلاسم ، فهذه على قسمين :
أ ـ التمائم التي تشتمل على استغاثة بغير الله تعالى كالاستغاثة بالشياطين وبعض المخلوقين فهذا شرك أكبر ، لأنه استغاث بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله .
ب ـ التمائم التي تشتمل على أسماء لا يفهم معناها : فهذه محرمة قطعاً وهي وسيلة إلى الشرك ، وفي الحديث : " من تعلق شيئا وكل إليه " رواه أحمد ، أي : وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلقه ، فمن تعلق بالله والتجأ إليه وفوض أمره إليه كفاه وقرب إليه كل بعيد ، ويسر له كل عسير ، ومن تعلق بغيره من المخلوقين والتمائم والأدوية والقبور وكله الله إلى ذلك الذي لا يغني عنه شيئا ولا يملك له ضرا ولا نفعا فخسر عقيدته وانقطعت صلته بربه وخذله الله .
` الـتـولـة : شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.
وحكمها : على قسمين :
الأول : إن اعتقد أنها تفعل بنفسها فهي شرك أكبر .
الثاني : إن اعتقد أن اتخاذها سبب للمحبة فهذا شرك أصغر لأنه جعل ما ليس سببا شرعيا سببا .
[1] ـ فتح المجيد ص 135 .
[2] ـ انظر إفادة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الأسمري ص 43 .
([3]) فإن قال أنا أعلقها من أجل الزينة ؟ فنقول أيضا : لا يجوز لأن فيه مشابهة للمشركين والنبي r يقول : " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد سابقاً
من هنا
http://www.islamlight.net/index.php?...9757&Itemid=37