مدخل
.. في غسَقِ الدُّجى ، وفي بُحورهِ المُظلِمة ، وبين أمواجهِ المتلاطمة ..
يَرْتَحِلُ ” عبدالله ” قارب الصَّبرِ ، مُمْسِكَاً بحبال قَلمِهِ ، شَادَّاً بخِطَامِ حروفِهِ الذَّاوية
علَّه يكتب ويُعَبِّر عمَّا يدور في خُلدِهِ ليوصلها لساحل الإيمان بالقضاء والقدر ..
إلا أنَّ حروفهُ تخذله ..
فتذوبُ كَمَدَاً ، وتنصهرُ ألماً ، وتلتهبُ مشاعرهُ حُرقةً لفقدِ فلذتي كَبِدهِ ،!
جوري
عبدالإله
::::::::
لطالما انتظر ”عبد الله
” مجيئ ذلك اليوم الذي سَيُرْسِلُ فيهِ إلى عَيْنَيْهِمَا شُعَاع الحُبِّ و العطفِ و الدِّفءِ .. ولطالما انتظر ذلك اليوم
الذي سيكونُ بهِ معنى الفرحِ و الأنسِ و الحبور !
آنذاك .. سَيُسْمِعُ طفليهِ أصقاع العالمِ أجراس قدومهما للدنيا ، وليُسْمِعَا أُذُنَاه كلمة (بابا) ، وليكونا في حضنه وحضنِ والدتهما !
::::::::
حَلُمَ بذلك كثيراً كثيراً ..
فتحقق له ما كان يرجو ! ، ولم تسع الدنيا آنذاك فرحتهُ الكبيرة بمقدمهما ،
رَسَمَ الدُّنْيا فَرْحَةً ، ولوَّنهَا بهجَةً ، وتقلَّبَ في ذلكَ الأنس أياماً ، وسرعان ما أفل نجم الإنتظار بزيارةِ هادم الَّلذَّات ،
فتحولت معزوفة التهاني إلى لحن عزاء !
يا مآقي الليلِ في أشجانِ تيهِ
أيُّ دمعٍ مدنفٍ قدْ أَرْتَجِيهِ ؟
ارْتَمَى قَلْبِي كَسِيرًا فَاسْعِفِيهِ
بدِّدِي حُزْنِي .. ووجدي كفكفِيهِ
ألجمي البُؤْسَ طَوِيلاً أَبْعِدِيهِ
واجْعَلِي الحُلمَ حَقِيقَاً .. اجْعَلِيهِ
وَارْمُقي الشَّوْقَ بِقَلْبي واسألِيهِ
عَنْ سُبَاتِ الطَّفلِ فِي حِضْنِ أَبِيهِ
وارْحَمِي قَلْباً قَضى في حُلمهِ
وارسمِي الفَرْحَةَ كَوْناً وانسُجِيهِ
كمْ هَمَى المُزْنُ بِبُشرى زانها
عَسْجَدٌ يُضْفِي جَمَالاً فَدَعِيهِ
يا لـ (جُورِي) إذ تهادى حسنها
في نشيدِ البِشْرِ .. حبًا ردِّدِيهِ
بعدها (عبدالإله) أغيدٌ
صيَّرَ السَّعْدَ رِدَاءً أكتسيهِ
عمقُ إحساسٍ وديعٍ وانطوى
مثلما طيفٍ كسيرٍ فانظريهِ
موتهم هدَّ كياني فهوى
في مآقي اليلِ .. في أشجانِ تيهِ
ربنا فالطف بنا في كربنا
واجعل الصبرَ وشاحاً نرتديهِ
واجمع الشملَ بفردوسِ الهنا
ولتُقِرَّ السعدِ والأفراحَ فيهِ
::::::::
مخرج
أيُّ المشاعر المُتَخَبِّطَةِ ستحملها الصَّفحاتِ ؟!
وأيُّ الحروف الثقيلةِ سيخطُّ بها المداد .. وأيُّ قلبٍ سينبضُ فرحةً و أنساً بعد هذا المصاب ؟!
لحظات الوادع مرَّه .. وكثير من شعر بها !
لكنَّها ، تقل مرارةً حينما يُمزجُ بها الإيمان ، و الرضا بقضاء الله وقدره ..