موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 09-08-2005, 06:40 PM   #1
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

Thumbs up النور الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى !!!



يقول المؤلف - حفظه الله - ...
إني والله لسعيد بلقائكم من خلال هذه السلسلة الطيبة لأسماء الله الحسنى ،
والتي أسميتها :


"°o.O.o. (( النور الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى )) .o.O.o°"




والتي نحاول أن نقترب من خلالها من أسماء الله الحسنى بشيء من الشرح لمعانيها الجميلة ، وفوائدها الجليلة ،
فكل اسم فيها كالكوكب الساطع ، والنجم اللامع ، تهدي الحائرين ، وتضيء الطريق للسائرين إلى رب العالمين.

وقد حاولت في هذا البحث المتواضع أن أجمع للقارئ أكبر فائدة ممكنة ... راجيًا عموم النفع للمسلمين ...
وصدَّرت هذا الموضوع بدراسة بعض فضائل الأسماء الحُسنى ، وبعض القواعد الهامة في معرفتها ،
ثم شرعت في تناول كل اسم من الأسماء الحسنى ببعض الشرح لمعانيه وآثار الإيمان به ...
ضارعًا إلى الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم معرفته وحبه، وأن يجعلنا سببًا في ذلك للناس أجمعين .



"°o.O.o. من فضائل الأسماء الحسنى .o.O.o°"




أيها الأحبة في اللَّه :

أسماء الله الحسنى كلها خير ، بل كل الخير ليس إلا ثمرة لها ، وكل الفضل ليس إلا زهرة من شجرتها .
فتعالوا بنا أيها الأحبة ولتمشي أقدامُ المحبةِ على أرضِ الاشتياق إلى جنة أسماء ربنا تبارك وتعالى ،
ولندخل بساتينها النضرة ، ولنقطف من فضائلها زهرة ، ولنرتشف من عسلها قطرة .



- أولاً : (( الأسماء الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة )) :



لمن عرفها وآمن بها وأدَّى حقَّها . فعن أبي هريرة (( رضي الله عنه )) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لله تسعةٌ وتسعون اسمًا مائة إلاَّ واحدة لا يحفظها أحدٌ إلا دخل الجنة )) . وفي رواية : (( من أحصاها دخل الجنة )).


- ثانيًا : الأسماء الحسنى تعرِّفك بالله عزَّ وجلَّ :


عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، انسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى : ** قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ **.


- ثالثًا : معرفة الأسماء الحسنى أصل عبادة الله تبارك وتعالى :


قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى : قال بعض العلماء : أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته ، فإذا عرَفه الناس عبدوه ، وقال تعالى : ** فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ** [ محمد : 19 ] .
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها ، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته .

قال : ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يُزَوِّجه أو يُعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته ، واسم أبيه وجدِّه ، وسأل عن صغير أمره وكبيره ، فاللَّه الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطته – وله المثل الأعلى - أولى أن نعرف أسماءه ، ونعرف تفسيرها . اهـ .

فمثلا : من عرف أنه حييُّ كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن ربكم تبارك وتعالى حَييٌّ كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّهما صفرًا )).


- رابعًا : الأسماء الحسنى أعظم الأسباب لإجابة الدعاء :


قال تعالى : ** وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ** [ الأعراف : 180 ] .
فدعاء الله بأسمائه الحسنى هو أعظم أسباب إجابة الدعوة وكشف البلوة ، فإنه يرحم ؛ لأنه الرحمن ، الرحيم ، ويغفر ؛ لأنه الغفور ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل اللَّه بأسمائه الحُسنى ويتوسل إليه بها ، فكان يقول : (( أسألك بكل اسم هو لك ، سمَّيت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي ... )) .

وقد دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسجد ، فسمع رجلاً يقول : اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت اللَّه لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد .
فقال : (( لقد سألت اللَّه بالاسم الذي إذا سُئِل به أعطى ، وإذا دُعي به أجاب )) .
وفي رواية فقال : (( والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجاب ، وإذا سُئِل به أعطى )) .
وفي رواية لأحمد : أنه سمع رجلاً يقول بعد التشهد : اللهم إني أسألك يا اللَّه الأحد الصمد ، الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي ، إنك أنت الغفور الرحيم .
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( قد غُفِرَ له ، قد غُفِرَ له )) . ثلاثًا.


- خامسًا : إن اللَّه يحب من أحب أسماءَه الحسنى :


عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سَريَّة ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بـ ** قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ** ،
فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ )) فسألوه ، فقال : (( لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها )) .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أن الله يحبه )) .
وفي حديث آخر ، قال الرجل : إني أحبها . فقال : (( حُبُّك إياها أدخلك الجنة )).


- سادسًا: دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الكروب وزوال الهموم:


عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما أصاب أحدًا قط همٌ ولا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أَمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكُمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميَّت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقِك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيبِ عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب اللَّه همَّه وحزنه وأبدل مكانه فرحًا )) . فقيل : يا رسول اللَّه ، أفلا نتعلمها ؟ فقال : (( بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها )) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : لا إله إلا اللَّه العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربُّ السماواتِ والأرضِ ورب العَرشِ العظيم .

وفي رواية للنسائي وصححها الحاكم عن علي: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات وأمرني إن نزل كرب أو شدة أن أقولها.


- سابعًا : العلم بالأسماء الحسنى أصل كل شيء :


قال تعالى : ** هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ** [ الحديد : 3 ] .
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ... )) .

فإن اللَّه هو الأول فلم يسبقه شيءٌ ، وكل شيء دونه إنما هو من خلقه ومن ثمرة أفعاله ومن آثار أسمائه وصفاته .

قال ابن القيم رحمه اللَّه : وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده ، فوجود من سواه تابع لوجوده ، تبع المفعول المخلوق لخالقه ، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه ، فالعلم بأسمائه تبارك وتعالى وإحصاؤها أصل لسائر العلوم ، فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم ؛ إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم ؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها.
ومن أمثلة ذلك :
الأصل في الخلق أن اللَّه هو(( الخالق )) ، فلا يوجد خلقٌ غير خلقه ، ولا يوجد خالق سواه . قال تعالى : ** اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ** [ الرعد : 16 ] .

والأصل في الرزق أن اللَّه هو الرزَّاق . قال تعالى : ** إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ** [ الذاريات : 58 ] . فهو الرزَّاق ولا رازق سواه ، وكل رزق إنما هو رازقه ، وما من عطاءٍ إلا وهو الذي أعطاه ، قال تعالى على لسان نبيه موسى : ** رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ** [ طه : 50 ] .

والأصل في الرحمة أن اللَّه تبارك وتعالى هو الرحمن والرحيم ، فكل رحمة مشتقة من رحمته ، فها هي الرحم قد اشْتق اسمها من اسمه الرحمن ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : (( أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسمًا من اسمي ... )) .

والأصل في المغفرة أن اللَّه هو الغفار ، والغفور ، قال تعالى : ** وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ **[آل عمران:135].

وكل عفوٍ ومغفرة إنما يكون من مغفرة اللَّه وعفوه ، وهو الذي علَّم عباده كيف يعفون ويغفرون .
قال تعالى: ** وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ** [ النور : 22 ].


- ثامنًا: معرفة اللَّه بأسمائه وصفاته هي أصل خشيته تبارك وتعالى :


إن العلم بأسماء الله جل ثناؤه وصفاته ومعرفة معانيها يُحْدِثُ خشية ورهبة في قلب العبد ، فمن كان بالله أعرف فهو منه أخوف ، ومن كان به أعلم كان على شريعته أقوم ، قال تعالى : ** إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ** [ فاطر : 28 ] .
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية : إنما يخاف اللَّهَ فيتقي عقابه بطاعته العلماءُ بقدرته على ما يشاء من شيء وأنه يفعل ما يريد .
وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه : ليس العلم عن كثرة الرواية ، ولكن العلم الخشية ، ** إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ** [ فاطر : 28 ] .

ولذلك فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية للَّه تبارك وتعالى ؛ لأنه كان أعلم الناس به ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا أعلمكم باللَّه وأشدكم له خشية )) .
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : (( إن أتقاكم وأعلمكم باللَّه أنا )) .

فمعرفة الله عز وجل أساس تعظيمه وخشيته وأعظم أسباب البعد عمَّا يغضبه . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربَّنا ، فيُرد عليه : لا يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا )) .
أي : لو عَلِمَ الحالفُ باللَّه كذبًا عظمة اللَّه جل جلاله لخَشِيَه واتقاه وما اجترأ على هذا الفعل وأمثاله .


- تاسعًا : من عرف الأسماء الحسنى كما ينبغي فقد عرف كلَّ شيء :


أيها الأحبة في اللَّه ، إن أسماء اللَّه الحسنى كلها حُسن وبركة ، ومن حُسنها أنها تعرفك بكل شيء على حقيقته من غير إفراطٍ ولا تفريط . فمن عرف أن اللَّه عزَّ وجلَّ هو الخالق ، عرف أن كل ما دونه مخلوق ، قال تعالى : ** اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ** [ الرعد : 16 ] .

ومن عرف أن اللَّه عز وجل هو الرزاق علم أن كل ما دونه مرزوق ، قال تعالى : ** وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ** [ هود : 6 ] ، وكذلك يعلم أنه لا يملك الرزق سواه ، قال تعالى : ** وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** [ النمل : 64 ] .

ومن عرف أن اللَّه تبارك وتعالى هو الملك ، عرف أن كل ما دونه مملوك ، قال تعالى : ** وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ** [ المائدة : 17 ] .

ولذلك قيل : مَن عرف ربه فقد عرف نفسه .
فمن عرف ربه بالغِنى ، عرف نفسه بالفقر . قال تعالى : ** يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ** [ فاطر : 15 ] .
ومن عرف ربه بالبقاء عرف نفسه بالفناء.قال تعالى: ** كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ**[الرحمن:26،27].
ومن عرف اللَّه بالعلم ، عرف نفسه بالجهل ، قال تعالى : ** وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ** [ البقرة : 216 ] .

وحين ركب الخضر مع موسى عليهما السلام السفينة ، نظر إلى عصفور قد نقر في البحر نقرة أو نقرتين ، فقال الخضر لموسى (( عليهما السلام )) : (( ما علمي وعلمك من علم اللَّه إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر )) .

فمن عرف اللَّه عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، علم أنه بالكمال موصوف ، وبالإحسان والجمال والجلال معروف ، وعرف أيضًا نفسه بكل نقص وعيب ، إلا أن يرزقه الله عز وجل كمال الإيمان وصالح الأعمال فيورث له ذلك عبودية صادقة بالانكسار بين يدي الجبار تبارك وتعالى ، فيذل لعزته ويخضع لقوته .
وهذا هو دأب الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
فها هو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتعبد لربه بذلك فيقول : (( اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ... )) .
فلما عرف أن اللَّه هو ربه وإلهه وخالقه ، عرف نفسه بعبوديته له ، فقال: (( وأنا عبدك ... )) . وقال أيضًا في دعاء الاستخارة : (( فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ... )) .


- عاشرًا : حسن الظن باللَّه عز وجل :


ويُعد حسن الظن باللَّه تعالى ثمرة للفضيلة السابقة . فمن عرف غِنى الله وفقر خلقه ، وقدرة اللَّه وعجز خلقه ، وقوة اللَّه وضعف خلقه ، عرف مقدار افتقار الخلق لغنى الله ، وضعفهم لقوته ، وتواضعهم لعظمته ، وذلتهم لعزته ، تبارك وتعالى .

فإذا تبين له ذلك على الحقيقة فسيُعظِّم اللَّهَ وحده ويخافه ويصبح عبدًا له وحده ، فمن دخل قلبه اليقين على قدرة اللَّه ، خرج منه اليقين على قدرة الخلق ، ومن خشي اللَّه تبارك وتعالى خرجت من قلبه خشية مَنْ سواه ، فورث له ذلك حسنَ ظنه باللَّه عز وجل واعتصام به دون سواه وتوكل عليه دون غيره وسلم له في كل أمره ،

وهذا بعينه ما حدث لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه في الغار حين أحاط بهم المشركون ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما )).


- الحادية عشرة : لا يضر مع اسم اللَّه شيء :


ومن فضائل أسماء اللَّه الحُسنى أنها يُستجلب بها الخير ويستدفع بها الشر. فاسم اللَّه يدفع الضرر ويرفعه.
فعن عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه قال : سمعت رسول اللَّه ( عليه الصلاة والسلام ) يقول : (( ما من عبدٍ يقول في صباح كل يوم ، ومساء كل ليلة : بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات فيضره شيء )).


- الثانية عشرة : الأسماء الحسنى وأثرها في الحلال والحرام :


ولم تقتصر فضائل الأسماء الحسنى وبركتها على حياة القلوب وتفريج الكروب ، بل وكذلك كان لها أعظم الأثر في الفقه ، فترى أن ذكر اسم اللَّه على شيء قد يفرق بين الحلال والحرام . فأحلّ اللَّهُ عز وجل الذبيحة التي ذُكِر اسمُه عليها ، بل وأمر بالأكل منها . قال تعالى : ** فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ** [ الأنعام : 118 ] . وعاتب من لا يأكل مما ذكر اسم اللَّه عليه ، قال تعالى : ** وَمَا لَكُمْ أَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ** [ الأنعام : 119 ] .

وعن عدي بن حاتم قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت : أُرسِلُ كلابي المعلمة ؟ قال : (( إذا أرسلتَ كلابَك المعلمةَ وذكرتَ اسم اللَّه فأمسكن فكُل )) .
وقد نهى عن أكل اللحم أو الصيد الذي لم يُذكر اسمُ اللَّه عليه ، قال تعالى : ** وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ** [ الأنعام : 121 ] .


- الثالثة عشرة : العلم بأسماء اللَّه الحسنى أعظم العلوم وأشرفها :


إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية ، وأشرف العلوم الشرعية هو العلم بأسماء اللَّه الحسنى ، وصفاته العُلى ؛ لتعلقها بأشرف من يمكن التعلم عنه ؛ وهو اللَّه سبحانه وتعالى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى : والقرآن فيه من ذكر أسماء اللَّه وصفاته وأفعاله ، أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة ، والآيات المتضمنة لذكر أسماء اللَّه وصفاته أعظم قدرًا من آيات المعاد .

فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك - أي لأسماء الله وصفاته - كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأُبي بن كعب : (( أَتَدري أي آية من كتاب اللَّه معك أعظم ؟ )) . قال : قلت : ** اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ** [ البقرة : 255 ] )) . قال : فضرب في صدري وقال : (( واللَّه ليهنك العلم أبا المنذر )).
وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه أن ** قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ** تعدل ثلث القرآن.


- الرابعة عشرة : بركة الأسماء الحسنى في المعيشة :


قال تعالى : ** تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ** [ الرحمن : 78 ] .
ومن بركة الأسماء الحسنى أن الشيطان لا يقرب ما ذُكر عليه اسمُ الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء )) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( قال إبليس : يا رب ، ليس أحدٌ من خلقك إلا جعلت له رزقًا ومعيشة ، فما رزقي ؟ قال : ما لم يُذكرعليه اسمي )).


- الخامسة عشرة : بركة الأسماء الحسنى تلحق الذرية :


فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ابن عباس رضي اللَّه عنهما : (( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال : بسم اللَّه ، اللهمَّ جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولدُ في ذلك لم يضره شيطان أبدًا )) .


- السادسة عشرة : أسماء اللَّه أعظم أسباب شفاء :


فإن اللَّه تبارك وتعالى هو خالق البدن ويعلم دائَه ، وبيده وحده شفاؤه ، ودواؤه ، وخير دواء ، وأعظم شفاء هو أسماء اللَّه عز وجل ، ولذلك حين عاد جبريل عليه السلام رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه لم يجد سببًا للشفاء خيرًا من أن يرقيه باسم اللَّه عز وجل .

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، أشتكيت ؟ قال : (( نعم )) . قال : (( بسم اللَّه أرقيك ، من كل شيءٍ يؤذيك ، ومن شر كل نفس أو عين حاسد ، اللَّه يَشْفِيك ، بسم اللَّه أرقيك )) .


- السابعة عشرة : النجاة من الوسوسة :


فمن عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ثبت إيمانه وصدق يقينه ، فكان لمجاهدة الشيطان أشد وعلى دفع الوساوس أقوى .

فعن أبي زميل قال : سألت ابن عباس ، فقلت : ما شيءٌ أجد في صدري؟ قال : ما هو ؟ قلت : واللَّه ما أتكلم به ، قال : فقال لي أشيءٌ من شك ؟ قال : وضحك ، قال : ما نجا من ذلك أحد . قال حتى أنزل الله عز وجل : ** فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ** الآية [ يونس : 94 ] ، قال : فقال لي : (( إذا وجدت في نفسك شيئًا ، فقُل : ** هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ** [ الحديد : 3 ] ))




"°o.O.o. تابعوا معنا بقية أجزاء الموضوع .o.O.o°"
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 09-08-2005, 09:44 PM   #2
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي





"°o.O.o. قواعد في أسماء اللَّه تعالى .o.O.o°"




- القاعدة الأولى : أسماء اللَّه تعالى كلها حسنى :


أي بالغة في الحسن غايته ، وفي الجمال ذروته ، قال اللَّه تعالى : ** وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ** . وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالاً ولا تقديرًا .

قال ابن القيم رحمه اللَّه :

وهو الجميل على الحقيقة كيف لا ........ وجمال سائر هذه الأكوان

من بعض آثار الجميل فربها .............. أولى وأجدر عند ذي العرفان

فجماله بالذات والأسماء والـ ........... أوصاف والأفعال بالبرهان

وقال أيضًا :

أسماؤه أوصاف مدح كلُّها ......... مشتقة قد حملت لمعاني..

ولحسن أسماء اللَّه معنيان :
الأول : حُسْنَى في معناها وفي نفسها .............. الثاني : حُسْنَى في أثرها لمن تعبد للَّه بها

أما المعنى الأول :
فإن أسماء اللَّه كلُّها حُسْنٌ وجمالٌ ، وخيرٌ وكمالٌ ، وقوةٌ وجلالٌ .

مثال ذلك : (( الحي )) اسم من أسماء اللَّه تعالى ، متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسْبَق بعدم ولا يلحقها زوال ولا يطرأ عليها خلل . الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها . قال تعالى : ** وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ** [ الفرقان : 58 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام )).

مثال آخر : (( العليم )) اسم من أسماء اللَّه تعالى متضمن للعلم الكامل الذي لم يُسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ، قال اللَّه تعالى : ** عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى ** [ طه : 52 ] .
وعلمه عز وجل هو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً ، قال تعالى : ** وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ** .

الوجه الثاني :
أن أسماء اللَّه الحسنى كلها حُسن في آثارها وعواقبها. فمن ذلك :

أولاً : أن من عرفها فقد عرف الله عز وجل ، فهي حُسنى في المقصد والثمرة التي هي معرفة اللَّه عز وجل .

ثانيًا : أن اللَّه عز وجل وَعَد عليها بعظيم الثواب من دخول الجنة لمن أحصاها وحفظها ، فهي حُسنى في العاقبة والأجر لمن تعلَّمها وآمن بها وأدَّى حقَّها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة )) .

ثالثًا : ومن تمام أنها حُسنى أن اللَّه تبارك وتعالى لا يُدعى إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، قال تعالى : ** وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ** [ الأعراف : 180 ] .


- القاعدة الثانية : أسماء الله تعالى توقيفية :


أي لا مجال للعقل فيها ؛ أي لا بد وأن تكون معرفتُها من خلال الأدلة الشرعية من القرآن وصحيح السنة المطهرة .

قال السفاريني :
لكنها في الحق توقيفية ............... لنــا بذا أدلة وفيــة

وهذا لأسباب منها :

الأول : أنها من أمور الغيب التي لا يَعلمها الخلقُ إلا أن يعلمهم اللَّهُ إياها من خلال الوحي إلى الأنبياء والرسل ، قال تعالى : ** عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ** [ الجن : 26، 27 ] .

الثاني : أن عقل الإنسان قاصرٌ لا يمكنه إدراك ما يستحقه اللَّه تعالى من الأسماء ، قال تعالى : ** وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ** ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا أحصي ثناءً عليك ))( ) . لذلك يجب الوقوف في معرفة أسماء الله على الشرع ، قال تعالى : ** وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ** .

ثالثًا : لأن القول على اللَّه بغير علم من أشد المحرمات :
فتسمية اللَّه تعالى بما لم يُسمِّ به نفسه أو إنكار ما سمَّى به نفسه جناية في حقه تعالى وتَوَعَّدَ اللَّهُ من فعل ذلك بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ** قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ** . وقال تعالى : ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ** [ الحج : 3، 4 ] .

وقال تعالى : ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَمٍ لِلْعَبِيدِ ** [ الحج : 8- 10 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من تعمَّد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار )) .
هذا عقاب الكاذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف بمن يكذب على اللَّه عز وجل ؟!


- القاعدة الثالثة : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ** :


قال ابن القيم رحمه اللَّه :
لا شيء يشبه ذاته وصفاته ........... سبحانه عن إفك ذى البهتان

فإن أسماء اللَّه الحسنى ، وصفاته العُلى ليس كمثلها شيءٌ من خلقه ، فينبغي الإيمان بها كما جاءت في الشرع بلا تكييف ، ولا تمثيل ، ولا تشبيه ، قال تعالى : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** [ الشورى : 11 ] .
فينبغي إجراء النصوص على ظاهرها من غير إنكار ولا تأويل والإيمان بها كما أراد اللَّه عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قال الشافعي رحمه اللَّه : (( آمنت باللَّه وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله ، وبما جاء عن رسول اللَّه ، على مراد رسول اللَّه )).

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّهَ ينزل إلى سماء الدنيا .. )) ، و(( إن اللَّه يُرى في القيامة )) وما أشبه هذه الأحاديث : (( نؤمن بها ونصدق بها ، لا كيف ، ولا معنى ، ولا نرد شيئًا منها ، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف اللهَ بأكثر مما وصف به نفسه بلا حدٍ ولا غاية : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ** ونقول كما قال ، ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ، ولا يبلغه وصف الواصفين ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنِّعَت ، ولا نتعدَّى القرآن والحديث ، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن )) .

فسبحان اللَّه ، كيف يشبه المملوكُ مالكَه ، والمرزوقُ رازقَه ، والمخلوق خالقَه ؟!

قال تعالى : ** أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ** [ النحل : 17 ] .
مثال ذلك : للَّه سمع ، ولكنه ليس كسمع خلقه ، فسَمْعُ الناس يكون بجارحة تطرأ عليها الأمراض ويصيبها الخلل ، ثم إذا سمعت فإنها تسمع الصوت العالي وقد لا تسمع المنخفض وتسمع القريب ولا تسمع البعيد ، وتسمع الجهر ولا تسمع السر وتختلط عليها الأصوات فلا تميز بعضها عن بعض ، ثم يذهب ما تبقى منها ويفنى بالموت ، أين هذا من سمع اللَّه جل جلاله وتقدست أسماؤه ، فإنه يسمع ما تحت الأرض كما يسمع ما فوق السماء ، ويسمع الجماعة كما يسمع الفرد ، والقريب والبعيد عنده سواء ، والسر عنده مثل العلن ، قال تعالى : ** وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ** [ طه : 7 ] ، وقال تعالى : ** وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ** [ الملك : 13 ] .

فلا تشغله الأصوات الكثيرة عن الصوت المنفرد ، ولا أصوات صاخبة عن صوت منخفص ، فإن اللَّه تبارك وتعالى يسمع دبة النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء . وانظر إلى عائشة رضي الله عنها وهي تسبِّحُ ربها لِما علمت من إحاطة سمعه بالأصوات ، فتقول : (( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله عز وجل : ** قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ** [ المجادلة : 1 ] )) .

مثال آخر : للَّه وجه ، ولكنه ليس كوجوه الخلق ، فمن وجوه الخلق ما يكون دميمًا ، ولو كان جميلاً ، فهو جمالٌ بشريٌ ناقصٌ تأتي عليه الأغيار ، والحوادث ، فالمرض يُذْبلُ نضرَته ، والهِرَم يطفئ وضاءته ، ثم هو على كُلِّ الأحوال إلى فناء ، أين هذا من وجه اللَّه تبارك وتعالى الذي يفيض بالجلال ويستحى من جماله الجمال ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّهَ جميلٌ يحب الجمال )) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف جمال وجه اللَّه : (( حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) ، وجماله ثابتٌ لا يتغير ، ودائمٌ لا يفنى ، قال تعالى : ** كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ** [ الرحمن : 26، 27 ] .


- القاعدة الرابعة : الأسماء الحسنى ليست أعلامًا فقط ، ولكنها تحمل صفات ومعاني :


قال ابن القيم رحمه اللَّه :
أسماءه أوصاف مدح كلها ............... قد حملت لمعاني

والاسم العلم هو ما دل على صاحبه وعرَّفه وميَّزه عن غيره ، كأن يُسمى رجلٌ (( صادق )) أو (( كريم )) ، ولكنه ليس بالضرورة أن تكون صفتُه (( الصدق )) أو (( الكرم )) ، فقد يُسمى كريمًا ويكون بخيلاً في صفته ، أو يكون اسمه (( صادقًا )) ، والكذب من صفاته .

أما أسماء اللَّه الحسنى فهي أعلام وأوصاف معًا ، تحمل معاني وتعبر عن صفات اللَّه التامَّة الكمال والجمال . فمثلاً : من أسماء اللَّه تعالى : الغفور ، والرحيم . قال تعالى : ** وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ** .

(( فهو الغفور )) فإنه يغفر الذنوب جميعًا ، قال تعالى : ** إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ** .
(( وهو الرحيم )) فرحمته وسعت كل خلقه ، قال تعالى : ** وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ** .

مثال آخر : اسمه الخالق جل جلاله فإنه يحمل صفة الخلق ، قال تعالى : ** اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ** ، وقال تعالى : ** وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ** [ الفرقان : 2 ] ، وكذلك اسمه (( الكريم )) عز وجل ، فإن الخلق جميعًا يحيون من نعمه ويُرزقون من كرمه .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سَحَّاء( ) الليل والنهار )) . وقال : (( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يده )).


- القاعدة الخامسة : باب الصفات أوسع من باب الأسماء :


أي أن الصفات أكثر من الأسماء ، وذلك لأن كل الأسماء تحمل صفات - كما تقدم شرحه - فكل اسم تشتق منه الصفة التي يحملها ، ولكن لا يصح اشتقاق اسم من أسماء اللَّه تعالى من الصفات ، فكل اسمٍ يحمل صفة وليس كل صفة تحمل اسم .

مثال ذلك : اسم اللَّه (( الرحمن )) يحمل صفة الرحمة ؛ لقوله تعالى : ** فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ ** ، وكذلك اسمه (( العزيز )) يحمل صفة العِزة ؛ لقوله تعالى : ** إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ** [ يونس : 139 ] ، وهكذا .

ولكن في الصفات ليس كذلك .

مثال ذلك : أن للَّه صفة الكلام ؛ لقوله تعالى لنبيه موسى : ** إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي ** [ الأعراف : 144 ] ، فهل يصح الادعاء بأن من أسماء اللَّه تعالى اسم (( المتكلم )) ؟ لا يصح بالطبع ، وكذلك صفة (( المكر )) و(( الكيد )) ، فقد ثبتت بالدليل من كتاب اللَّه ، فقال تعالى : ** وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ** [ الأنفال : 30 ] ، وقال تعالى : ** إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا ** [ الطارق : 15، 16 ] ، فلا يصح أن يُقال أن من أسماء اللَّه (( الماكر )) أو (( الكائد )) . وذلك لأن أسماء اللَّه كلها حُسْنَى ، فكل ما تحمله من الصفات العُلَى ،

أما الصفات في اللغة فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن تكون صفات كمالٍ مطلق كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، فهي تثبت لله كلها ويُنفى عنه ما يضادها من صفات النقص مثل إثبات صفة الحياة ونفي صفة الموت ، كقوله تعالى : ** وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ** [ الفرقان : 58 ] .

الثاني : نقص مطلق كالعجز ، والموت ، والفقر ، فهي تُنْفَى عن اللَّه كلها ، ولكن يثبت لله تعالى ما يضادها .
(( مثال ذلك )) : صفة الظلم فإنها تُنفى كلها عن اللَّه تبارك وتعالى ويثبت له العدل بل الكرم ؛ لقوله تعالى : ** إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ** [ النساء : 40 ] ؛ لأن نفي النقص وحده لا يعني الكمال ، فلابد من نفي النقص وإثبات لضده .

الثالث : صفات تحتمل كمالاً من وجه ونقصًا من وجه آخر ، فيُثْبَتُ لله تعالى فيها وجوه الكمال ، ويُنْفَى عنه منها وجوه النقص .
مثال : (( المكر )) و(( الخداع )) فإنها لو كانت من ضعيف لا يقوى على أخذ حقه فهو نقص ، وإن كانت من منافق خبيث يمكر بالمؤمنين ويخادعهم لتحقيق غرض خبيث في نفسه فهو نقص وهو من مذموم الصفات وهذا وأمثاله يُنْفَى كلُّه عن اللَّه جل جلاله .
أما إن كان (( المكر )) عقوبة بالماكرين وانتقامًا من المخادعين فهو من الكمال ، وإن كان بغير ظلم ولا ضعف فهو من الكمال ، وإن كان بعد التحذير والانذار والإمهال فهو تمام العدل والرحمة ، فهذا وأمثاله يُثْبَتُ لله جل جلاله ** وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً ** [ الكهف : 49 ] ، ** وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ** [ فاطر : 43 ] .


- القاعدة السادسة : الأسماء الحسنى لا تزيد ولا تنقص :


فإن أسماء اللَّه الحسنى بالغة في الحسن ذروته ، وفي الكمال غايته ، كمالاً لم يسبقه نقصان ولا يأتي عليه الأغيار في الأزمان ، فالزيادة تكون أحد أمرين :

الأول : إما أن تكون الزيادة من أسماء الله حسنى أيضًا ، وهذا يستحيل في حق الله عز وجل ؛ إذ أن الأسماء الحسنى قد صُرفت كلُّها لله وحده سواءً التي سمَّى بها نفسه أو التي أنزلها في شرعه أو استأثر بها في علم الغيب عنده ، أو علَّمها لأحدٍ من خلقه .

والثاني : أن تكون الزيادة ليست من الأسماء الحسنى ، وهذا لا يليق باللَّه جل جلاله وتقدَّست أسماؤه ، وأن الشر لا يصح صرفُه لله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والشر ليس إليك ))( ) .


- القاعدة السابعة : هل حُصرت الأسماء الحسنى بعددٍ معين ؟؟؟ :


أسماء اللَّه تعالى غير محصورة بعدد معين ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور : (( أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمته أحدًا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... )).

وما استأثر اللَّه تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به ، فأما قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن للَّه تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، مَن أحصاها دخل الجنة )) .

فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة : إن أسماء اللَّه تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة ، أو نحو ذلك . ونظير ذلك أن تقول : عندي مائة درهم أعددتُها للصدقة ، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.

ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء ، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.



"°o.O.o. تابعوا معنا بقية أجزاء الموضوع .o.O.o°"
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 10-08-2005, 02:48 AM   #3
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي



"°o.O.o. أربعة تنبيهات هامة .o.O.o°"




- أولاً : من أحصاها دخل الجنة :

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة )) .

فما هو معنى الإحصاء ؟
قيل في معنى الإحصاء عدة أقوال ؛ منها :

الأول : أن يَعُدَّها حتى يستوفيها حفظًا ويدعو ربه بها ، ويثني عليه بجميعها ؛ كقوله تعالى : ** وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ** [ الجن : 28 ] .
واستدل له الخطابي بقوله صلى الله عليه وسلم - كما في الرواية الأخرى: (( من حفظها دخل الجنة )) .
وقال النووي : قال البخاري وغيره من المحققين : (( معناه حفظها ، وهذا هو الأظهر لثبوته نصًا في الخبر )) . وقال في (( الأذكار )) : وهو قول الأكثرين . وقال ابن الجوزي : (( من أحصاها )) أي : من عدها ليستوفيها حفظًا .

وقد ردَّ هذا القول الحافظ ابن حجر ، فقال : وفيه نظر ؛ لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ : (( حفظها )) تعيين السرد عن ظهر قلب ، بل يحتمل الحفظ المعنوي .
يقصد - واللَّه أعلم - أن يحترم أسماء اللَّه ويوقرها ويحافظ على ما تقتضيه من معاني الإيمان ويعمل به .
وقال الأصيلي : ليس المراد بالإحصاء عدَّها فقط ؛ لأنه قد يعدها الفاجر ، وإنما المراد العلم بها .

الثاني : أن يكون المراد بالإحصاء (( الإطاقة )) ؛ كقوله تعالى : ** عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ** [ المزمل : 20 ] .
وكقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( استقيموا ولن تحصوا )) . أي : لن تبلغوا كل الاستقامة . وقال أهل اللغة : (( لن تحصوا )) أي: لا تحصوا ثوابه .
فيكون المعنى : أن يطيق الأسماء الحسنى ويُحسِن المراعاة لها وأن يعمل بمقتضاها ، وأن يعتبرها فيُلزم نفسَه بواجبها . فإذا قال : يا رحمن يا رحيم ، تذكر صفة الرحمة ، واعتقد أنها من صفات اللَّه سبحانه ، فيرجو رحمته ولا ييأس من مغفرته ، وإذا قال : (( السميع البصير )) علمَ أنه يراه ويسمعه وأنه لا تخفى عليه خافية وأنه يعلم السر كما يعلم العلن ، ويعلم الباطن كما يعلم الظاهر ، فيحافظ على قدسيتها ويرعي حرمتها ، فيخافه في سره وعلنه ويراقبه في كافة أحواله ، فإذا حدثته نفسه بمعصيةٍ ذكَّرها بقدرة الله وعظمته وأسمائه وصفاته لعلها تنزجر كما قيل :
إذا ما دعتك النفس إلى ريبة ............. والنفس داعية إلى العصيان

فاستحي من نظر الإله وقل ................. لها إن الذي خلق الظلام يراني

الثالث : أن يكون الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة :
فيكون معناه أن من عرفها ، وعقل معانيها ، وآمن بها دخل الجنة وهو مأخوذ من الحصاة وهي العقل ، والعرب تقول : فلان ذو حصاة أي ذو عقل ومعرفة بالأمور .

الرابع : قال القرطبي : المرجو من كرم اللَّه تعالى أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على أحد هذه المراتب مع صحة النية أن يدخله الله الجنة . وهذه المراتب الثلاثة للسابقين والصديقيين وأصحاب اليمين .


- ثانيًا : ** وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ** :


قال تعالى : ** وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ** [ الأعراف : 180 ].
قال ابن السكِّيت : أن الملحد هو : المائل عن الحق ، المدخل فيه ما ليس منه ، والإلحاد في اللغة : هو الزيغ والميل والذهاب عن سنن الصواب ، ومنه يمسي الملحدُ ملحدًا ؛ لأنه مال عن طريق الحق .
والإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها .
قال ابن القيم رحمه اللَّه :

أسماؤه أوصاف مدح كلها .............. مشتقة قد حملت لمعان

إياك والإلحاد فيها إنه ................ كفر معاذ اللَّه من كفران

وحقيقة الإلحاد فيها الميل ............ بالإشراك والتعطيل والكفران

والإلحاد في أسماء الله أنواع :

الأول : أن تسمي الأصنام بها ، فسمى المشركون الأحجار والأشجار والأوثان التي كانوا يعبدونها (( آلهة )) ، وسمّوا اللات من (( الإله )) ، والعُزَّى من (( العزيز )) ، ومناة من (( المنان )) .
فهذا إلحاد ؛ لأنهم عدلوا ومالوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة .

الثاني : تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له (( أبًا )) ، وتسمية الفلاسفة له (( موجبًا بذاته )) ، أو (( علة فاعلة بالطبع )) ، وقول الكرامية أنه (( جسم )) ، وقول بعضهم إنه (( جوهر )) ، ونحو ذلك .
وهذه الأسماء باطلة ؛ لأن أسماء اللَّه تعالى توقيفية ، فتسميته بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها ، كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة يُنَزَه اللَّهُ تعالى عنها .

الثالث : وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص ؛ كقول اليهود - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة -: إنه فقير ، وقولهم : إنه استراح بعد أن خلق الخلق ، وقولهم : ** يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ** ، ** غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ** .

الرابع : تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها وأنها مجرد أعلام فقط لا تتضمن صفات ولا معاني وهو مذهب الجهمية وأتباعهم ، فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم .
ويقولون : لا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به ، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلاً وشرعًا ولغة وفطرة ، وهو يقابل إلحاد المشركين ، فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء المعطلة سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها ، فكلاهما ملحدُ في أسمائه جل جلاله وتقدست أسماؤه.

الخامس : تشبيه صفاته بصفات خلقه ، تعالى اللَّه عما يقول المُشَبِّهون علوًا كبيرًا ، قال تعالى : ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ** ، وهذا الإلحاد يقابل إلحاد المعطلة ، الذين سبق ذكرهم ، فإن أولئك نفوا صفات كماله وجحدوها ، وهؤلاء شبَّهُوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه ، وقد صدق من قال : (( من شبه فكأنما يعبد صنمًا ، ومن عطل فكأنما يعبد عدمًا )) .

السادس : الميل عن الصواب في نطق أسماء الله وتغيير حروفها من اللغة العربية التي أُنزل بها القرآن وجاءت به السنة المتضمنة لأسماء الله الحُسنى إلى لهجات أخرى مثل العامية ، كأن يقول الرجل : ( اللاه ) يقصد بها ( اللَّه ) ويقول : (( الأُدُّوس )) يقصد بها اسم الله تعالى (( القُدُّوس )) أو يقول : (( الجوى )) يقصد بها اسم الله (( القوي )) جل جلاله وتقدست أسماؤه ، وكذلك من يقول : (( الرَّزاء )) ، وهو يقصد بذلك اسم الله (( الرزَّاق )) ، تبارك وتعالى ، وهذا خطأ عظيم ، إذ أن معنى (( الرزاء )) أي : الذي يأتي بالمصائب والبلايا ، بخلاف الرزاق الذي يأتي بالرزق والخير ، وكذلك يقول الناس : (( الستار )) ، ولكن الصحيح هو (( الستير )) ، وهذه من الأخطاء التي يجب التنبيه عليها والتحذير منها واجتنابها بالذات لمن عرفها ويستطيع تغييرها إلى الصواب في النطق .

السابع : إدخال أسماء لم يرد بها دليل صحيح في الأسماء الحُسنى كأن يطلق بعض الناس على اللَّه اسم (( الموجود )) أو (( المقصود )) أو (( المُهدي )) ، وكذلك اسم (( العال )) ، ولكن الذي ورد (( العلي ، والأعلى ، والمتعال )) ، كذلك (( الونيس )) ، و(( المُتجلِّي )) . أو كما يدعي الجهلاء من عباد القبور أن من أسمائه كلمة (( هو )) ، و(( هو )) معلوم أنه ضمير قد يضاف إلى أي غائب ، وهو ليس من أسماء الله تبارك وتعالى .


- ثالثًا : فادعوه بها :


وهذا من أعظم ثمرات معرفة الأسماء الحسنى ؛ إذ أنه لا يصح دعاءُ اللَّه تبارك وتعالى إلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى .
قال ابن القيم رحمه اللَّه : (( فلا يُثنى على الله إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، وكذلك لا يُسئل إلا بها )) .

ودعاءُ اللَّه تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ثلاثة أنوع :

الأول : دعاء الإيمان والعبادة :
كما في قوله تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام : ** وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ** [ مريم : 48 ] .
قال ابن كثير : أي اجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله : ** وَأَدْعُو رَبِّي ** أي : وأعبد ربي وحده لا شريك له.
وكما في قوله جل وعلا: ** قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ** [الجن: 20 ].
قال ابن كثير رحمه اللَّه : (( إنما أدعو ربي )) أي : إنما أعبد ربي وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه ولا أشرك به أحدًا.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( الدعاء هو العبادة )) .

الثاني : دعاء الحمد والثناء :
وهو الدعاء الذي يُظهر العبدُ فيه محبَّتَه لربه بالثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وهذا هو أفضل الدعاء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن أفْضَلَ الذكر : لا إله إلا اللَّه ، وأفضل الدعاء : الحمد لله )) .
ولذلك فقد كان أفضل ما يقوله أهل الجنة وهم في أعظم نعمة وأكمل رحمة وقد امتلأت قلوبهم بحب ربهم هو (( الحمد لله )) ، قال تعالى : ** دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ** [ يونس : 10 ] .

الثالث : دعاء المسألة والطلب :
وهذا كقوله تعالى : ** وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ** ، وكقوله جل وعلا : ** وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ** [ البقرة : 186 ] .
فيكون دعاءُ المؤمنين لربهم بما عرفوا من أسمائه الحسنى وصفاته العُلى مما زادهم في كرمه طمعًا ، وفيما عنده رجاءً ، وعليه توكلاً فيطلبون منه المغفرة لأنه الغفور ، ويسألونه العفو لأنه العفو .

وإليك أمثلة من هذا النوع من الدعاء :
- عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال : كان يُعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم : (( رب اغفر لي وتُب عليَّ إنك أنت التواب الغفور )) .
ويسأل العفو لأنه العَفُو :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله ، أرأيت إن علمتُ أيّ ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : (( قولي : اللهم إنك عفوٌ تحبُ العفو فاعفُ عني )) .
ويسأل الهبة ؛ لأنه الوهَّاب :
فكان من دعاء سليمان عليه السلام : ** رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ** [ ص : 35 ] .
ومن دعاء المؤمنين : ** رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ** [ آل عمران : 8 ] .


- رابعًا : النهي عن التَسَمِّي بأسماء الله وتغيير الاسم من أجل ذلك :

قال ابن كثير : (( والحاصل أن من أسماء اللَّه ما يُسَمَّى به غيره ، ومنها ما لا يُسمى به غيره ، كاسم (( اللَّه )) ، و(( الخالق )) و(( الرازق )) ونحو ذلك )) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن أخنع اسم عند الله رجلٌ تَسَمَّى ملك الأملاك ، لا مالك إلا الله )) .
قال سفيان : مثل شاهان شاه . أي : ملك الملوك باللغة الفارسية ، و(( أخنع )) يعني : أوضع وأحقر ،

وفي رواية : (( أغيظ رجل على اللَّه يوم القيامة وأخبثه )) وأغيظ من الغيظ ، وهو مثل الغضب والبغض ، فيكون بغيضًا عند اللَّه مغضوبًا عليه . واللَّه أعلم .
قوله : (( أخبثه )) وهو يدل على أنه خبيث عند اللَّه فاجتمعت في حقه ثلاثة صفات ذميمة هي الخبث والذُّل وأنه بغيضًا إلى اللَّه ؛ لأنه نازع اللَّه بعض أسمائه وصفاته وأدَّعى لنفسه ما ليس له ؛ لأن الله هو خالق الخلق ، ومالك الملك كله على الحقيقة كما ورد في الحديث : (( اللهم رب كل شيء ، وملك كل شيء ، وإله كل شيء )) .

ولذلك يجب تغيير هذه الأسماء ؛ لأنها لا تُطْلَق إلا على الله عز وجل .
عن هانئ بن يزيد والد شريح بن هانئ : أنه كان يُكنى أبا الحكم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه هو الحَكَم ، وإليه الحُكم ، فلم تكنى أبا الحكم ؟ )) . فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين .
فقال صلى الله عليه وسلم : (( ما أحسن هذا . فما لك من الولد ؟ )) قلت : شُريح ، ومسلم ، وعبد اللَّه ، قال : (( فمن أكبرهم ؟ )) قلت : شُريح . قال : (( فأنت أبو شريح )) .




ترقبوا معي الموضوع القادم :

"°o.O.o. ( لفظ الجلالة ( الله ) ) .o.O.o°"

لتعيشوا ضياء أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وتتربوا بذاك الضياء !!!



توضيح ( كيف نتربى بأسماء الله الحسنى ) ؟؟؟ :

فكرة هذا المنهج التربوي بأسماء الله الحسنى ... أن يأخذ القارئ مثلا كل فترة اسما من أسماء الله الحسنى ...

يفهم معناه , يستوعبه, يستشعر اللطائف التي به, يملأ قلبه به, يحاول التعبد للمولى من خلاله...

إذا مر بآية ... حاول أن يفهم لماذا جاء الاسم هنا ...

إذا دعى استشعر معنى الاسم , وحاول قدر المستطاع ( التخلق به على مقتضى العبودية ).

وقفة مهمة:

قال العالم الرباني –ابن القيم- :البعض يقول : التخلق بأسماء الله ,وهذه عبارة ليست سديدة, وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة.
وأحسن منها عبارة أبى الحكم بن برهان وهي:التعبد, وأحسن منها العبارة المطابقة للقران وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال. انتهى كلامه.
وقد قال بعض العلماء : لاشيء في قول: التخلق بها على مقتضى العبودية. والله أعلم وأحكم .


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 10-08-2005, 08:32 AM   #6
معلومات العضو
منبر الحق

افتراضي

الدكتوره الرائعه في الإختيار/القابضه على الجمر

فتح الله عليك وبارك في إختيارتك الموفقه دائما

ونفعنا بك ولا حرمت الأجر

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 10-08-2005, 01:32 PM   #7
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

اللهم آمين ، ولك بمثله
ختي الفاضلة : منبر الحق
وفيك بارك الله
وجزاك خير الجزاء ....
شاكرة لمرورك العطر .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 10-08-2005, 06:52 PM   #8
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

بارك الله فيكم أختي الفاضلة ( القابضة على الجمر ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 12-08-2005, 01:31 AM   #10
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي



"°o.O.o.(( الله - جل جلاله ، وتقدست أسماؤه - )).o.O.o°"





هذا الاسم هو ( لفظ الجلالة ) وهو علمُُ على الرب تبارك وتعالى بذاته وأسمائه وصفاته دون سواه من المعبودات الباطلة...
لم يتسم به غيره سبحانه وتعالى ، وهو يختص بخواص لم توجد فى غيره .

فقد ورد في القرآن الكريم حوالي ألفين وسبعمائة مرة لم يرد خلالها هذا اللفظ إلا للدلالة على ذات الحق جل وعلا ...
ولم يستخدم للدلالة على أي معبود آخر من المعبودات الباطلة مثل : الشمس أو القمر أو النار أو البقر .

كما أن الله تبارك وتعالى لم يستخدم لفظ الجلالة كوصف من الأوصاف مثل سائر الأسماء ،
وإنما استخدمه ليدل عليه بذاته وأسمائه الأخرى وصفاته دلالة علمية.
فإذا أراد أن يصف نفسه بوصف معين، أو ينسب إلى نفسه فعلاً معيناً، أتى بلفظ الجلالة ( الله ) كعلم عليه،
ثم ألحقه بالوصف أو الفعل الذي يريد ...
يقول الحق جل وعلا: **.. والله محيط بالكافرين "19"** (سورة البقرة)
ويقول جل وعلا: **.. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم "105"** (سورة البقرة)
ويقول عز وجل: **.. فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم "137"** (سورة البقرة)

ويقال أنه الاسم الأعظم الذي ليس له فيه سمي أي : شريك في نفس الاسم ، والذي حوى جميع كمالات صفاته ...

كما قال تعالى : ( هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم *
هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون *
هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السماوات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم ) . [ الحشر : 22 – 24 ) .
فأجرى سبحانه وتعالى الأسماء الباقية كلها صفات لإسمه ( الله )
وقال تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّامَّا تدعوا فله الأسماء الحسنى ) . [ الإسراء : 110 ] .

فهو اسم لمسماه كلُّ كمالٍ على الإطلاق ... وكل جمالٍ على الإطلاق ... وكل خير وإحسان ...
وكل جود وفضل وبرّ فَلَه ومنه جل جلاله ...

فما ذُكِر هذا الاسم على قليل إلا كثّره ... ولا عند خوفٍ إلا أزاله ... وعند كربٍ إلا نفّسه ...
ولا عند همّ وغمّ إلا فرّجه ... وما ذكر عند ضيق إلا وسّعه ...
ولا تعلق به ضعيفٌ إلا أفاده القوة ... ولا ذليلٌ إلا أناله العزة ...
ولا فقير إلا باسم الله صار غنيا...

ما ذكره مستوحش إلا آنسَه ... ولا مغلوبٌ إلا أيده الله ونصَرَه ...
ما ذكره عبد مضطر إلا كشف الله ضره ... ولا شريدٌ إلا آواه ...
"أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"

فهو الاسم الذي تكشف به الكربات ... وتُستنزَل البركات ... وتجاب الدعوات ...
وتقال به العثَرات، وتُستدفَع به السيئات، وتستجلب به الحسنات
هو الاسم الذي قامت به الأرض والسموات، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل.
به شرعت الشرائع، به قامت الحدود. به شرع الجهاد،
به انقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء
به حقت الحاقة ووقعت الواقعة، وبه وضعت الموازين القسط، ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار...
به عُبد رب العالمين وحمد، وبحمده بعثت الرسل،
وعنه السؤال في القبر ويوم البعث والنشور،
به الخصام وإليه المحاكمة، فيه الموالاة والمعاداة
به سعد من عرفه وقام بحقه، وبه شقي من ذهله وترك حقه

فهو سر الخلق والأمر ، به قاما وثبتا، وإليه انتهيا، فالخلقُ به وإليه ولأجله،
فما وُجد خلْقٌ ولا أمر ولا ثواب ولا عقاب إلا مبتدئا منه منتهيا إليه.
ذاك موجبه ومقتضاه "ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"

أحاط علمه بالكائنات، اطلع على النيات،
اطلع على خفيات الأمور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور،
علم ما في الضمير، لا يغيب عنه الفسيل ولا القطمير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير..
يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، وهو فعال لما يريد.
لم يخلق الخلق سدى، ولم يتخذ المضلين عضدا، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ...

نورُ السموات والأرض، الحقُّ ما أنزله، والشرعُ ما فصّله،
والسعيد من وفقه واصطفاه، والشقي من حرمه وقلاه.
الفائز من أحبه الله، والخاسر من في النار كبّه وقلاه
لا يحيطون به علما، ووسع كلَّ شيء رحمة وعلما.
لا يدرك كنهَه الخيال، ولا يعجزه السؤال.
ولا تغلب جنوده ولا تتناقض أحكامه وحدوده.

انظر إلى البدر كيف دوّره، وإلى الإنسان كيف صوّره؟ وإلى الليل كيف محاه وسوده؟
انظر إلى الجبل كيف أرساه؟ والجدب كيف سقاه؟
أخرج الماء من الصخرة الصماء، قدحَ النار في الأخضر من الأشجار..
دل الطفل على ثدي أمه ... جعل حياة الثعبان في سمه...

صدق في كلامه ... عدَل في أحكامه ...
أبدع في صنعه ... غلب على أمره ...
أحاط علمُه ... نفذ قضاؤه...
كمل دينه ... تمت نعمته..

سبحانه...
عز فحَكَم ... قدَر فحلم ...
اطلع فستر ... رحم فغفر ... أخذ فما أبقى ... وأعطى فأقنى ...
دُعِي فأجاب ... لطيف بالعباد ... الحكيم يوم التناد ...
الباقي فلا يموت ... الغني فلا يفتقر ... القوي فلا يضعف ... العادل فلا يظلم ...

كم آنس من غربة؟ كم كشف من كربة؟
كم شفى من عليل ؟؟ كم هدى من ضليل؟؟
كم أصلح من فاسد ؟؟؟ كم أهلك من مارد ؟؟؟

قَدْرٌ عليّ ... ملك قوي ... لطف خفي ... فضل جلي ...
لا ينفد عطاؤه ... لا تحد نعماؤه ... لا يُعجزه أعداؤه ... لا تحصى آلاؤه ...
كلما سألته أعطاك ... وكلما تقربت منه اجتباك ...
كلما ذكرته ذكَرَك ... وكلما شكرته شكرَك وزادك ...
لا يُنجي من أمره حولٌ ... ولا يغني عن فضله طول ...
ألان الحديد ... وقرب البعيد ... ورزق الوحوش في البيد ... وفعل في خلقه ما يريد ...
كرُم في الزاد ... حسُن في الصفات ... أحسن إلى المخلوقات ... فصّل في الآيات ...

خلق الماء حياةً ... وأهلك به قوم نوح ...
وأوجد النار منفعة ... وأحرق بها أعداءه في القيامة ...
كوّن البحرَ رزقا ... وأغرق فيه فرعون وجنوده ...
وأرسل الرياح لواقح ... ودمّر بها قوم عاد ...

داولَ الليالي والأيام ...
غاير بين القرون والأعوام ... سقى بكأس الموت أرباب النعيم ... أذاق طعم الموت الهرمَ والفطيم ...
أشاب النواصي ... وأخذ الراتعين في المعاصي ...

ملأ الدور حبورا ... والصدرَ سرورا...
ثم أسال أجفانها عبرات ... وأذاقها نكبات...
جل جلاله كلَّ يوم هو في شأن ...
أعطى الحدائق زخرفها ... والبساتين زينتها ...
ثم جعلها هشيما تذروه الرياح ...
أخرج المرعى ... ثم جعله غثاء أحوى ... سبحانه هو الأسمى والأعلى والأقوى ...
لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ...

يا من تريد أن تعرف الله:
انظر في خلقه، اقرأ القدرة في الشمس الساطعة والنجوم اللامعة...
إذا أردت أن تعرف قدرة الله .. عظمة الله ... تجدها في الخمائل والجداول، في الحقول والسنابل...
في الساقية والغدير ...في الماء النمير ...
في الضياء والسناء، في الهواء والظلماء،
في الورقة واليرقة
من الذي أنجى من الكَرب؟
من الذي فرّج الهم؟
من الذي كشف الغم؟
من الذي أجاب المضطر؟
من الذي أنجد المستغيث؟
من الذي أنجى الملهوف؟
من الذي نجى الغريق؟ من الذي هدى الضال؟
من الذي رد الغريب؟ من الذي نصر المظلوم؟
من الذي انطرح على عتبات ربوبيته فقلاه؟ من الذي جثا على قدم الذل بين يديه فأقصاه؟
من الذي أرغم أنفه لعزته فصده؟ من الذي جاء بدمعه بين يديه فأعرض عنه؟
من الذي نكّس رأس المسكنة في حضرته فجفاه؟ من الذي فرع إليه في الملمات فخذله؟
من الذي هرب إليه في الكربات فأهمله؟
من الذي استنجده في الدواهي فما أنجده؟ من الذي اشتكى إليه الحال فما أسعفه؟
من الذي هتف باسمه في الظلمات فما أجابه؟ من الذي نوّه بعظمته فما أثابه؟ من الذي صرخ (يا الله ) فما وجد لطفه؟
من الذي نادى (يا الله) فما أنزل عليه فضله؟ من الذي دعا (يا الله) فحرمه الله ثوابه. من الذي هتف ( يا الله ) فرد إليه سؤاله؟

هو الله .. نتعرف عليه للإخبات والخشية ، للذل والانكسار بين يدي العزيز الجبار.












ترقبوا معنا الموضوع القادم :

"°o.O.o.( الرحمن ... الرحيم - جل جلاله وتقدست أسماؤه - ).o.O.o°"

لتعيشوا ضياء أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وتتربوا بذاك الضياء !!!




    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 12:16 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com