يا إنسان ..
بعد الجوع شبع , وبعد الظمأ ري , وبعد السهر نوم
وبعد المرض عافية , سوف يصل الغائب ويهتدي الضال
ويفك العاني , وينقشع الظلام
( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده )
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤؤس الجبال ومسارب الأودية
بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر
بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة
إذا رأيت الصحراء تمتد تمتد , فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال
إذا رأيت الحبل يشتد يشتد , فاعلم أنه سوف ينقطع
مع الدمعة بسمة
ومع الخوف أمنا
ومع الفزع سكينة
النار لا تحرق ابراهيم التوحيد, لأن الصوت الصادق القوي نطق :
إن معي ربي سيهدين
المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده معنا
فنزل الأمن والفتح والسكينة
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد
والضيق والتعاسة
لأنهم لا ينظرون إلا الى جدار الغرفة وباب الدار فحسب
ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم
إلى ما وراء الأسوار
إذا فلا تضيق ذرعا فمن المحال دوام الحال
وأفضل العبادة انتظار الفرج , الأيام دول
والدهر قلب , والليالي حبالى
والغيب مستور , والحكيم كل يوم هو في شأن
ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
وإن مع العسر يسرا .
من كتاب :
ثلاثون سببا للسعادة
للشيخ/ عائض القرني