بقلم :د. بسام درويش
في مضاربات تجارية غير مدروسة ناجمة عن الرغبة في تحقيق الثراء السريع بلمح البصر، خسر جل ما يملكه وما اقترضه من البنوك.
كان هادئاً أكثر من اللازم، أما اليوم فقد بات سريع الانفعال والاستثارة، والغضب، ولم يعد سلوكه كما كان، لقد باتت حياته مهددة في كل من البيت والعمل.
رسالة الزوجة القصيرة بعدد كلماتها أرادت التعبير عن واقع مرير لا تعرف كيف يمكن التخلص منه أو معالجته، الزوج بات يلقي جام غضبه على الزوجة والأولاد.
ذهن مشتت غير قادر على التركيز، أفكار متضاربة، وتصرفات خاطئة، والنتيجة.. مركب يغرق بمن فيه.
حال هذا الشخص كحال العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون كيفية السير في الاتجاه السليم، والتوجه نحو الهدف الواقعي القابل للتطبيق البعيد عن الأوهام، والأحلام الوردية.
الانفعال ـ كما هو معروف ـ يقلل من القدرة على التركيز، ما يؤدي إلى المزيد من الأخطاء التي تؤدي بدورها لمشكلات كبيرة حتى وإن كانت تلك الأخطاء صغيرة. ومن المعروف أن سرعة الانفعال من المشاعر السلبية التي تؤثر على العلاقات داخل العمل والبيت، ولأن الحياة مليئة بالتناقضات ومصاعبها باتت كبيرة، لهذا يجد البعض متنفساً له في الأحلام التي قد تهدد حياته، خصوصاً عند السير دون البوصلة المتمثلة في التروي ودراسة أي مشروع، وعدم اتخاذ أي قرار إلا بعد دراسة مستفيضة.
عوامل عديدة تساهم في تأجيج نار الانفعال التي تلتهم الأخضر قبل اليابس في حياتنا اليومية، فهي تؤدي لتعكير المزاج، والدخول في حلقة مفرغة من الاضطرابات النفسية، وعدم القدرة على الإنصات للآخرين، وتفهم وجهة نظرهم، ما يؤدي لحدوث اضطراب في العلاقات والشخصية.
مثل هذا الشخص الذي نتكلم عنه يفتقد لمهارات عديدة، أهمها فقدان التوافق مع الذات، وقبولها كما هي مع العمل على تحسينها وتطويرها لتحقيق النجاح.وبسبب فقدان ـ البوصلة ـ فإنه يعيش ضياعاً ويزداد اغترابه عمّن حوله، المقربين منه، كأفراد عائلته، أو الأصدقاء أو زملاء العمل.
ووفقاً لما يؤكد عليه خبراء الصحة النفسية فإن أي إنسان يمكنه أن يتعرض لمشكلة مادية أو اجتماعية أو غيرها، وهذا يتطلب منه تحليل كل الظروف التي ساهمت في هذه المشكلة، والبحث عن حلول واقعية لحلها، سواء بجهود ذاتية أو بمساعدة المقربين أو الخبراء، لأن تجاهل المشكلة يؤدي لتفاقمها، التي تنعكس بشكل سلبي على الشخص ومن حوله، وهذا هو واقع الشخص الذي كان يحلم بالثراء السريع، فغرق في مستنقع اختاره لنفسه.
مصاعب الحياة عديدة، ولكنها ليست عصية على الحلول. ولنتذكر جميعاً بأن يداً واحدة لا يمكنها التصفيق، وأن اتخاذ أي قرار ينبغي أن يتم بعد دراسة متأنية تجنباً للمخاطر.
ولنعمل جميعاً على تجنب كافة العوامل المثيرة للانفعالات السلبية، من خلال تقنيات الاسترخاء والتأمل، وضبط النفس، والابتعاد عن موقع المشكلة والنظر إليها من بعيد، ومن ثم الإحاطة بها من كافة جوانبها.
همسة:
ما بين الأحلام والآلام يولد الفقراء .