تحاصرنا الجدران والأماكن الضيقة
نوافذنا موصدة امام الريح ونسمات الهواء التي تنعش القلب المتعب
شرفات تكسوها الغبار، والقطع المهملة
حواجز عديدة تمنعنا من التفكير، أو اعادة التفكير وتحليل ما حدث
كم نحن بحاجة إلى تلك النافذة المفتوحة، والشرفة التي نطل من خلالها نحو البعيد، ونحلق بأحلامنا التي يمكن ان تصبح واقعاً ملموساً يغير حياتنا نحو الأفضل
كم نحن بحاجة إلى اغماض العين لبرهة قصيرة، وأخذ نفس عميق، والانطلاق بعيدا عن تلك الحواجز التي وضعنا أنفسنا بداخلها. قبل اشراقة شمس الصباح، توجه نحو البحر وبينما كان يراقب أمواجه التي تحاول جاهدة ان تصل إلى أبعد نقطة من الشاطئ، كانت تتراجع عائدة إليه. اما طيور النورس فكانت تحلق قريبة من الشاطئ.
حينها أعاد التفكير بما حدث، وتوصل إلى ان الاستجابة الهادئة لموقف مشحون بالانفعال أفضل بكثير من الانفجار في نوبة غضب قد تكون مدمرة وتذكر تلك المقولة التي توضح بإيجاز مرحلة المراهقة، التي تقول: »الحقيقة، ليست ما يقوله الأب أو الأم،
إنما ما يكتشفه المراهق« ورغم اننا بشكل عام مبرمجون على مقاومة التغيير الا انه قرر اتخاذ جملة من التغييرات البسيطة المتتالية في حياته اليومية لاحداث نقلة نوعية وتحقيق الهدف المتمثل في الرضا عن الذات والتمتع بالصحة والسعادة بعيداً عن المرض والتعاسة، وتحقيق الاستقرار العائلي، والتغيير كما هو معروف تحفه المخاوف والأفكار الزائفة، والقيود التي صنعناها بأنفسنا، ولكسر هذه الحواجز، ينصح خبراء الصحة النفسية بإجراء تغييرات بسيطة في حياتنا اليومية.
فعلى سبيل المثال، إذا أراد أي شخص بدين مثلا ان يتخلص من وزنه الزائد، بين ليلة وضحاها فإن هذا الأمر لن يتحقق، ولهذا يفشل في تحقيق هدفه، ولكن إذا وضع خطة للتخلص من كيلو غرام شهرياً فإن هذا الامر يمكن ان يتحقق بسهولة، ما يشجعه على متابعة خطته دون توقف إذا ما لمس نتائجها بعد شهر أو شهرين.
وكذلك الحال بالنسبة للمراهق وعلاقته بأبويه وأفراد أسرته، إذ لا يمكن أن تطلب منه القيام بالعديد من الأشياء دفعة واحدة، أو محاصرته داخل مربع صغير. إنما يمكنه وبشكل تدريجي ومن خلال جملة من التغييرات البسيطة أن تحدث لديه نقلة نوعية وتصل به إلى شاطئ الأمان، دون التعرض لأي من المخاطر، أو الصعاب، لأن المراهق يعتقد أنه قد تخطى مرحلة الطفولة وتبعتها للأبوين، ومن جانب آخر ينظر الأبوان إلى المراهق كأنه ما زال في مرحلة الطفولة.
وهنا تكمن المشكلة.
فالمراهق على سبيل المثال يجد أن التواصل مع الآخرين سواء عن طريق الهاتف أو »الشات« عبر شبكة الانترنت هروباً من البيت ومشكلاته. ولان الحياة مليئة بالمتناقضات والصعاب، يمكننا تشبيهها بالقارب وسط النهر الذي يحاول الوصول إلى الضفة الأخرى الآمنة دون التعرض للمخاطر لهذا نجد أن من يقود هذا القارب قد يضطر في كثير من الأحيان إلى تغيير مساره لتجاوز تلك الموجة العاتية التي قد تدمر القارب ومن عليه.
لهذا فقد قرر الأب بعد تلك الجلسة التأملية الهادئة قرب البحر الاعتذار لابنه المراهق بسبب التصرف الخاطئ الذي ارتكبه دون قصد، ومن خلال جلسة قرب النافذة التي تطل نحو البعيد، بادر الأب بالاعتذار وأكد الابن أن ما حدث لن يتكرر.
التواصل ما بين الآباء والأبناء يعد ضرورة من أجل مناقشة العديد من الأفكار، والسلوكيات والمشكلات التي نصادفها في حياتنا اليومية. الاعتذار ليس ضعفاً، بل هو مصدر قوة، ويؤكد خبراء الصحة النفسية على أن الاعتراف بالخطأ هو أكبر دليل على صدق الإنسان ومن المعروف أن الشخص الذي لا تطابق أقواله أفعاله لا ينال ثقة الآخرين.
ولنتذكر جميعاً أن أعظم الأشياء التي يمكن للأب أو الأم أن يمنحاها لأولادهما الأذن والصوت من أجل التواصل. كم نحن بحاجة إلى التواصل في زمن باتت فيه العلاقات مهشمة، والاعتذار يعد مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية.
همسة:
لا حليم إلا ذو عثرة
ولا حكيم إلا ذو تجربة
وما يخرج من القلب يصل حتماً إلى القلب .
منقول........