قالوا على لسان البهائم
قالوا: صاد رجل قُبَّرةً، فقالت: ما تريد أن تصنع بي، قال: أذبحك وآكلك، فقالت، والله ما أُشْبِع من جوعٍ وخيرٌ لك من أكلي أن أعلِّمك ثلاث خصالٍ: واحدةً وأنا في يدك، والثانية وأنا على الشجرة، والثالثة وأنا على الجبل، قال: هاتي، قالت: لا تلهفنَّ على ما فات، فخلَّى سبيلها، فلمَّا صارت على الشجرة قالت: لا تصدِّقنَّ بما لا يكون أنه سيكون، فلمَّا صارت على الجبل قالت له: يا شقيُّ لو ذبحتني أخرجت من حوصلتي درَّتين كلُّ واحدةٍ عشرون مثقالاً، قال: فعضَّ الرجل على شفتيه تلهُّفًا، ثمَّ قال: هاتي الثالثة، فقالت: أنت قد نسيت ثنتين فكيف أخبرك بالثالثة! ألم أقل لك: لا تلهفنَّ على ما فات، ولا تصدِّقنَّ بما لا يكون أنه سيكون! أنا ولحمي ودمي وريشي لا يكون فيَّ عشرون مثقالاً، فكيف يكون في حوصلتي درَّتان كلُّ واحدةٍ عشرون مثقالاً! ثمَّ طارت وذهبت.
[«شرح مقامات» الحريري (35)].