( إسعاف الملهوف بفساد علم الحروف )
بقلم : أبي عبد الرحمن اليوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
-المقدمة -
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فهذا مبحث كُتب على سَنَنِ الاختصار حسبة ونصراً لعقيدة التوحيد الخالص ، ودفاعاً عن حمى الشريعة من دخلاء قومٍ خاضوا في أمور – زعموا – أنهم يحسنون صنعاً بذكرها وتقريرها .. وأن درايتهم لتلك العلوم جاعلةً لهم مجاوزين لقنطرة السبق على غيرهم ممن لا علم له بحقائق المعارف التي وصلوا إليها ...
وهذه الخرافة التي حصلوها وأصلوها ، وياليتهم ما عرفوها : تسمى
( بعلم الحروف ) الذي من عرفه فهو : حاوي الأسرار ، وكاشف الحجب والأستار ؟!! ولعمر الله ما هو إلا الضياع والضلال ، وهو من سعادة الشيطان في تحقيق مراده للغواية من بني آدم .. وإليكم البيان في مقيدات يأتي ذكرها :
أولاً : تعريف علم الحروف :
في كتب موضوعات العلوم كـ كشف الظنون (1/650 ) وعنه القنوجي في أبجد العلوم (2/236-237) يذكرون التعريف بقولهم : (قال الشيخ داود الأنطاكي : هو علم باحث عن خواص الحروف أفراداً وتركيباً . وموضوعه الحروف الهجائية. ومادته الأوفاق والتراكيب . وصورته تقسيمها كماً وكيفاً وتأليف الأقسام والعزائم وما ينتج منها، وفاعله المتصرف .وغايته التصرف على وجه يحصل به المطلوب إيقاعاً وانتزاعاً. ومرتبته بعد ال******ات والفلك والنجامة .
قال ابن خلدون في المقدمة : علم أسرار الحروف وهو المسمى لهذا العهد السيميا نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من المتصوفة ؛فاستعمل استعمال العام في الخاص، وحدث هذا العلم في الملة بعد الصدر الأول عند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس، وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر ، وزعموا أن الكمال الأسمائي مظاهره أرواح الأفلاك والكواكب، وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء، فهي سارية في الأكوان، وهو من تفاريع علوم السيميا لا يوقف على موضوعه، ولا تحاط بالعدد مسائله تعددت فيه تأليف البوني وابن العربي وغيرهما .
وحاصله عندهم وثمرته تصرف النفوس الربانية في عالم الطبيعة بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية في الأكوان .
ثم اختلفوا في سر التصرف الذي في الحروف بم هو ، فمنهم من جعله للمزاج الذي فيه، وقسم الحروف بقسمة الطبائع إلى أربعة أصناف كما للعناصر، واختصت كل طبيعة بصنف من الحروف يقع التصرف في طبيعتها فعلاً وانفعالاً بذلك الصنف فتنوعت الحروف بقانون صناعي يسمونه التكسير.
ومنهم من جعل هذا السر للنسبة العددية فإن حروف أبجد دالة على أعدادها المتعارفة وضعاً وطبعاً، وللأسماء أوفاق كما للأعداد ،ويختص كل صنف من الحروف بصنف من الأوفاق الذي يناسبه من حيث عدد الشكل أو عدد الحروف، وامتزج التصرف من السر الحرفي والسر العددي لأجل التناسب الذي بينهما ،فأما سر هذا التناسب الذي بينهما يعني بين الحروف وأمزجة الطبائع، أو بين الحروف والأعداد ،فأمر عسر على الفهم، وليس من قبيل العلوم والقياسات وإنما مستندهم فيه الذوق والكشف .
قال البوني : ولا تظن أن سر الحروف مما يتوصل إليه بالقياس العقلي وإنما هو بطريق المشاهدة والتوفيق الإلهي .
ثم ذكر الفرق بينهما والكتب المصنفة في هذا العلم كثيرة جداً ) .
قلت: ولمعرفة كثير منها يُنظر كتاب معجم الموضوعات المطروقة لعبد الله الحبشي (1/419-422) .
يتبع إن شاء الله تعالى ...