النصيحة ... ماذا تعني لنا ؟
وكيف نتقبلها ؟
ومتى نرفضها ؟ ولم ؟ وهل الرفض موقف سليم ؟
***
لنعلم قبل كل شيء أن النصيحة كلمة جامعة
لإرادة الخير للغير وإرشاده له
و في اللغة هي مصدر وتعني ( الإخلاص والتصفية )
فمن نصحت له القول والعمل ..
أخلصت له الرأي من الغش وآثرت مصلحته
ويقال : نصحت العسل أي صفيته.
والنصيحة أن ترجو بقاء نعمة الله والصلاح لأخيك المسلم
وهي قطعاً ضد الحسد
ولذا تعد النصيحة عبادة ذات قيمة عالية ..
***
الدين نصيحة
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : لمن النصيحة ؟
فقال (لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم).
والمعنى توجيه الإخلاص لله تعالى ،
والتصديق بكل ما جاء به الرسول ،
وطاعة أمراء المسلمين وإعانتهم في الحق،
وتنبيههم حال الغفلة برفق،
وحسن الظن بعلماء المسلمين من أئمةالاجتهاد
وهي التوجيه والمودة والهداية والتعليم والسعي
في مصالح عامة المسلمين ، ودفع الأذى عنهم.
النصيحة تجب على الناس كافة ،
ولكن تقديمها بدءاً لا يجب إلا سرًا
لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه ومن وعظه سرا فقد زانه
عن سُفْيَان قَالَ قلت لمسعر :
تحب أن يخبرك رجل بعيوبك؟
قَالَ : أما أن يجيء إنسان فيوبخني بها فلا
وأما أن يجيء ناصح فنعم.
***
حكم النصيحة
قال النووي : والنصيحة فرض كفاية إذا قام بها من يكفى
سقط عن غيره وهي لازمة على قدر الطاقة.
***
التعيير والنصيحة ، والفرق بينهما
قال ابن رجب : النصيحة والتعيير يشتركان في أن كلًّا منهما:
ذِكْرُ الإنسان بما يكره ذِكْرَه،
وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس..
واعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم
إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص ،
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه
تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه.
***
الفاضح ، والناصح ..
الفاضح أو الفاجر يسعى لإشاعة السوء
رغبة في إيذاء أخيه المؤمن وإدخال الضرر عليه
أما الناصح فدافعه حب الخير لأخيه كما يحبه لنفسه
فغرضُه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن، واجتنابه له،
والفاضح غرضه إشاعة السوء وذم أخيه وتعييره بعيبه.
***
النصيحة لله تكون في :
الإخلاص في طاعته وعبادته وتجنب معصيته
والحب والبغض في الله ..
والحمد والشكر لله على نعمه
ووصفه بجميع صفات الكمال ، وتنزيهه عن النقائص
***
والنصيحة لكتاب الله تكون في :
الإيمان به وبأنه منزل من عند الله..
تلاوته ، وحفظه ، وتدبره ، والعمل بما جاء فيه
والتأدب بآدابه .
***
والنصيحة للرسول
تصديق رسالته والإيمان به
وطاعته ، ونصرته ، ومعاداة من يعاديه
وموالاة من يواليه
واتباع سنته وتوقيره والتخلق بأخلاقه وآدابه
ومحبته في أهل بيته وأصحابه .
***
والنصيحة لأئمة المسلمين :
معاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ..
وتذكيرهم برفق ولطف بما غفلوا عنه من حقوق المسلمين
وعدم الخروج عليهم ، والدعاء عليهم
***
النصيحة لعامة المسلمين :
إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم.
ستر عوراتهم وسد خلاتهم.
نصرتهم على أعدائهم والذب عنهم
أن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه
×××
قال ابن حزم:
(إذا نصحتَ فانْصَح سِرًّا لا جهرًا،
أو بتَعريضٍ لا بتصريحٍ،
إلا لمن لا يفهم، فلا بُد من التَّصريح له،
ولا تَنْصح على شرط القبول منك).
***
الكثير من الناصحين ينفّرون من يقدمون لهم بالنصح
وذلك لاعتمادهم أسلوباً غير مرغوب ..
الحزم .. العبوس .. الإجهار بالنصيحة .. لهجة الحديث
عدم استخدام الكلمات المناسبة ..
كل ذلك يوحي بفرض النصيحة على المنصوح
وإلزامه بقبولها ..
لا توجيهه بلطف وحسن منطق إلى الاقتناع بها ..
وهنا يسقط معنى النصح وتصبح المسألة كأنك تقولين :
يجب عليك أن تقبل نصيحتي لأني على حق !
ولكن فرض الرأي حتى لو كان سليماً لن يجدي مع غالب الناس ..
فاعتماد اللين ، والبشاشة ، والرفق ، والسريّة ،
والمنطق السليم ، والحجة البينة هو السبيل الصحيح
فاتبعي هذا الاسلوب الإيماني
وقدمي النصح مخلصة ولا تنتظري واجب القبول ..
اتركي للناس فرصة لهضم كلامك ، ومراجعته في قلوبهم
ولو لمست فيهم ميلاً إلى نصحك لمزيد من الاقتناع
فقدميه بألطف ماتستطيعين ..
إنك إذا مااستطعت أن تجعلي قلوبهم تميل إليك فقد نجحت في حصد ثمار النصح ..
ستجد ين منهم تفهماً واهتماماً بكل ماتقولين ..
حتى وإن خالفوك ببعض ماجئت به ، سيبقى بينكما باب المناقشة مفتوحاً ..
حتى تصلي بهم إلى الإقتناع..
انصحي بحب كأنك تخاطبي نفسك ..
ستجدين أذناً تصغي ، وقلباً يتقبل .
منقول للفائدة