قال تعالى : (( سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍۢ لَّا يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَىِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَٰفِلِينَ (146) )).
سورة الأعراف
قال الإمام الطبري رحمه الله :
" إن الله أخبر أنه سيصرف عن آياته,
وهي أدلته وأعلامه على حقيقة ما أمر به عباده وفرض عليهم من طاعته في توحيده وعدله،
وغير ذلك من فرائضه .
والسماوات والأرض,
وكل موجود من خلقه، فمن آياته,
والقرآن أيضًا من آياته،
وقد عم بالخبر أنه يصرف عن آياته المتكبرين
في الأرض بغير الحق,
وهم الذين حقَّت عليهم كلمة الله أنهم
لا يؤمنون,
فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار
والادّكار بها مصروفون،
لأنهم لو وفِّقوا لفهم بعض ذلك فهُدوا للاعتبار به، اتعظوا وأنابوا إلى الحق,
وذلك غير كائن منهم,
لأنه جلّ ثناؤه قال : وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا ، فلا تبديل لكلمات الله " .
تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - الآية 146
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a7-aya146.html
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" أي : سأمنع فهم الحجج والأدلة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي ، ويتكبرون على الناس بغير حق ،
أي : كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل ،
كما قال تعالى : ** ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ** [ الأنعام : 110 ]
وقال تعالى :
** فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم **
[ الصف : 5 ]
وقال بعض السلف :
لا ينال العلم حَيِّي ٌ ولا مستكبر .
وقال آخر : من لم يصبر على ذل التعلم ساعة ،
بقي في ذل الجهل أبدا .
وقال سفيان بن عيينة في قوله : ** سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق **
قال : أنزع عنهم فهم القرآن ،
وأصرفهم عن آياتي " .
تفسير ابن كثير - سورة الأعراف - الآية 146
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a7-aya146.html
وقال العلاّمة السعدي رحمه الله في تفسيره :
" ** سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ **
أي : عن الاعتبار في الآيات الأفقية والنفسيّة
والفهم لآيات الكتاب ،
** الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ **
أي : يتكبرون على عباد اللّه وعلى الحق
وعلى مَن جاء به ؛
فمن كان بهذه الصفة ؛
حَرَمَه اللّه خيرا كثيرا ، وخَذَله ،
ولم يفقه من آيات اللّه ما ينتفع به،
بل ربّما انقلبت عليه الحقائق،
واستحسن القبيح .
** وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا ** :
لإعراضهم واعتراضهم ومحادَّتهم للّه ورسوله،
** وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ **
أي : الهدى والاستقامة،
وهو الصراط الموصل إلى اللّه وإلى دار كرامته ،
** لا يَتَّخِذُوهُ سبيلا **
أي : لا يسلكوه ولا يرغبوا فيه ،
** وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ **
أي : الغواية الموصل لصاحبه إلى دار الشقاء ، ** يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ** .
والسبب في انحرافهم هذا الانحراف ،
** ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ** :
فردُّهم لآيات اللّه وغفلتهم عمّا يُراد بها
واحتقارهم لها هو الذي أوجب لهم من سلوك طريق الغي وترك طريق الرُّشد ما أوجب ".اهـ
يتبع ____________