افضل القران وفضائلة
ختلف الناس: هل في القران شيء افضل من شيء فذهب الامام ابو الحسن الاشعري والقاضي ابو بكر الباقلاني وابن حبان الى المنع لان الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه وروى هذا القول عن مالك.
قال يحيى بن يحيى: تفضيل بعض القران على بعض خطا ولذلك كره مالك ان تعاد سورة اوتردد دون غيرها.
وقال ابن حبان في حديث ابيّ بن كعب ما انزل الله في التوراة ولا في الانجيل مثل ام القران ان الله لا يعطي لقارئ التوراة والانجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ ام القران اذ الله سبحانه وتعالى بفضله فضل هذه الامة على غيرها من الامم واعطاها من الفضل على قراءة كلامه اكثر مما اعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه.
قال: وقوله اعظم سورة اراد به في الاجر لا ان بعض القران افضل من بعض.
وذهب اخرون الى التفضيل لظواهر الاحاديث منهم اسحاق بن راهويه وابوبكر بن العربي والغزالي.
وقال القرطبي: انه لحق ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين.
وقال الغزالي في جواهر القران: لعلك ان تقول قد اشرت الى تفضيل بعض ايات القران على بعض والكلام كلام الله فكيف يتفاوت بعضها بعضًا وكيف يكون بعضها اشرف ن بعض فاعلم ان نور البصيرة ان كان لا يرشدك الى الفرق بين اية الكرسي واية المداينات وبين سورة الاخلاص وسورة تبت وترتاع على اعتقاد نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فهوالذي انزل عليه القران.
وقال يس قلب القران وفاتحة الكتاب افضل سور القران واية الكرسي سيدة اي القران وقل هو الله احد تعدل ثلث القران.
والاخبار الواردة في فضائل القران وتخصيص بعض السور والايات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى اه.
وقال ابن الحصار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: كلام الله في الله افضل من كلامه في غيره فقل هو الله احد افضل من تبت يدا ابي لهب.
وقال الخويبي: كلام الله ابلغ من كلام المخلوقين.وهل يجوز ا يقال بعض كلامه ابلغ من بعض الكلام جوزه قوم لقصور نظرهم وينبغي ان تعلم ان معنى قول القائل هذا الكلام ابلغ من هذا: ان هذا في موضعه له حسن ولطف وذاك في موضعه له حسن وولطف وهذا الحسن في موضعه اكمل من ذاك في موضعه.
فان من قال: ان قل هو الله احد ابلغ من تبت يدا ابي لهب يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر ابي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر وذلك غير صحيح بل ينبغي ان يقال تبت يدا ابي لهب دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران احسن من هذه وكذلك في قل هو الله احد لا توجد عبارة تدل على الوحدانية ابلغ منها فالعالم اذا نظر الى تبت يدا ابي لهب في باب الدعاء بالخسران ونظر الى قل هو الله احد في باب التوحيد لا يمكنه ان يقول احدهما ابلغ من الاخر اه.
وقال غيره: اختلف القائلون فقال بعضهم: الفضل راجع الى عظم الاجر ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها وتدبرها وتكفرها عند ورود اوصاف العلي وقيل بل يرجع لذات اللفظ وان ما تضمنه قوله تعالى والهكم اله واحد** الاية واية الكرسي واخر سورة الحشر وسورة الاخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودًا مثلًا في تبت يدا ابي لهب وما كان مثلها فالتفضيل انما هوبالماني العجيبة وكثرتها.
وقال الحليمي ونقله عنه البيهقي: معنى التفضيل يرجع الى اشياء.
احدها: ان يكون العمل باية اولى من العمل باخرى واعود على الناس وعلى هذا يقال: اية الامر والنهي والوعد والوعيد خير من ايات القصص لانها انما اريد بها تاكيد الامر والنهي والانذار والتبشير ولا غنى بالناس عن هذه الامور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هواعود عليهم وانفع لهم مما يجري مجرى الاصول خيرًا لهم مما يجعل لهم تبعًا لما لا بد منه.
الثاني: ان يقال: الايات التي تشتمل على تعديد اسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته افضل بمعنى ان مخبراتها اسنى واجل قدرًا.
الثالث: ان يقال: سورة خير من سورة اواية خير من اية بمعنى ان القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الاجل ويتادى منه بتلاوتها عبادة كقراءة اية الكرسي والاخلاص والمعوذتين فان قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله ويتادى بتلاوتها عبادة الله لما فيها من ذكره سبحانه وتعالى بالصفات العلي على سبيل لاعتقاد لها وسكون النفس الى فضل ذلك الذكر وبركته.
فاما ايات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها اقامة حكم وانما يقع بها علم.
ثم لوقيل في الجملة ان القران خير من التوراة والانجيل والزبور بمعنى ان التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها والثواب بحسب قراءته لا بقراءتها اوانه من حيث الاعجاز حجة النبي المبعوث وتلك الكتب لم تكن حجة ولا كانت حجج اولئك الانبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها وكان ذلك ايضًا نظير ما مضى.
وقد يقال: ان سورة افضل من سورة لان الله جعل قراءتها كقراءة اضعافها مما سواها واوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها وان كان المعنى الذي لاجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا كما يقال ا يومًا افضل من يوم وشهرًا افضل من شهر بمعنى العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره والذنب فيه اعظم من غيره وكما يقال ا الحرم افضل من الحل لانه يتادى فيه من المناسك ما لا يتادى في غيره والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيرها اه كلام الحليمي.
وقال ابن التين في حديث البخاري لاعلمنك سورة هي اعظم السور معناه ان ثوابها اعظم من غيرها.
وقال غيره: غنما كانت اعظم السور لانها جمعت جميع مقاصد القران ولذلك سميت ام القران.
وقال الحسن البصري: ان الله اودع علوم الكتب السابقة في القران ثم اودع علوم القران الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
اخرجه البيهقي وبيان اشتمالها على علوم القران قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على اله تعالى بما هواهله وعلى التعبد والنهي وعلى الوعد والوعيد وايات القران لا تخلوعن احد هذه الامور.
وقال الامام فخر الدين: المقصود من القران كله تقرير امور اربعة: الالهيات والمعاد والنبوات واثبات القضاء والقدر لله تعالى.فقوله {الحمد لله رب العالمين** يدل على الالهيات وقوله {مالك يوم الدين** يدل على المعاد وقوله {اياك نعبد واياك نستعين** يدل على نفي الخبر وعلى اثبات ان الكل بقضاء الله وقدره وقوله {اهدنا الصراط المستقيم** الى اخر السورة يدل على اثبات قضاء الله وعلى النبوات.
فلما كان المقصد الاعظم من القران هذه المطالب الاربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت ام القران.
وقال البيضاوي: هي مستملة على الحكم النظرية والاحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الاشقياء.
وقال الطيبي: هي مشتملة على اربعة انواع من العلوم التي هي مناط الدين.
احدها: علم الاصول ومعاقدة الله تعالى وصفاته واليها الاشارة بقوله {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوة وهي المراد بقوله {انعمت عليهم** ومعرفة المعاد وهوالمومى اليه بقوله {مالك يوم الدين**.
وثانيها: علم الفروع واسه العبادات وهوالمراد بقوله {اياك نعبد**.وثالثها: علم يحصل به الكمال وهوعلم الاخلاق واجله الوصول الى الحضرة الصمدانية والالتجاء الى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها واليه الاشارة بقوله {واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم**.
ورابعها: علم القصص والاخبار عن الامم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والاشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم وهوالمراد بقوله {انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقال الغزالي: مقاصد القران ستة: ثلاثة مهمة وثلاثة متمة.
الاولى: تعريف المدعواليه كما اشير اليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع اليه تعالى وهوالاخرة كما اشير اليه بملك يوم الدين والاخرى تعريف احوال المطيعين كما اشير اليه بقوله {الذين انعمت عليهم وحكاية اقوال الجاحدين وقد اشير اليها بالمغضوب عليهم ولا الضالين وتعريف منازل الطريق كما اشير اليه بقوله {اياك نعبد واياك نستعين** اه.
ولا ينافي هذا وضفها في الحديث الاخر بكونها ثلثي القران لانه بعضهم وجهه بان دلالات القران العظيم اما ان تكون بالمطابقة اوبالتضمن اوبالالتزام دون لمطابقة وهذه السورة تدل جميع مقاصد القران بالتضمن والالتزام دون المطابقة والاثنان من الثلاثة ثلثان ذكره الزركشي في شرح التنبيه.
وناصر الدين بن الميلق قال: وايضًا الحقوق ثلاثة: حق الله على عباده وحق العباد على الله وحق بعض العباد على بعض وقد اشتملت الفاتحة صريحًا على الحقين الاولين فناسب كونها بصريحها ثلثين.
وحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين شاهد لذلك.
قلت: ولا تنافي ايضًا بين كون الفاتحة اعظم السور وبين الحديث الاخر ان البقرة اعظم السور لان المراد به ما عدا الفاتحة من السور التي فصلت فيها الاحكام وضربت الامثال واقيمت الحجج اذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القران.
قال ابن العربي في احكامه: سمعت بعض اشياخي يقول فيها الف امر والف نهي والف حكم والف خبر ولعظيم فقهها اقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها اخرجه مالك في الموطا.
قال ابن العربي ايضا وانما صارت اية الكرسي اعظم الايات لعظم مقتضاها فان الشيء انام يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وهي في اي القران كسورة الاخلاص في سوره الا ان سورة الاخلاص تفضلها بوجهين.
احدهما: انها سورة وهذه اية والسورة اعظم لانه وقع التحدي بها في افضل من الاية التي لم يتحد بها.
والثاني: ان سورة الاخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفًا واية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفًا فظهرت القدرة في الاعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفًا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية.وقال ابن المنير: اشتملت اية الكرسي على ما لم تشتمل عليه اية من اسماء الله تعالى وذلك انها مشتملة على سبعة عشر موضعًا فيها اسم الله تعالى ظاهرًا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله وهوالحي القيوم ضمير لا تاخذه وله وعنده وباذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويؤوده ضمير حفظهما المستتر الذي هوفاعل المصدر وهوالعلي العظيم.
وان عدت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل الحي على احد الاعاريب صارت اثنين وعشرين.
وقال الغزالي: انما كانت اية الكرسي سيدة الايات لانها اشتملت على ذات الله وصفاته وافعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هو المقصود الاقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله الله اشارة الى الذات لا اله الا هو اشارة الى توحيد الذات الحي القيوم اشارة الى صفة الذات وجلاله فان معنى القيوم الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة لا تاخذه سنة ولا نوم تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من اوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل احد اقسام المعرفة له ما في السموات وما في الارض اشارة الى الافعال كلها وان جميعها منه واليه من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه اشارة الى انفراده بالملك والحكم بالامر وان من يملك الشفاعة انما يملكها بتشريفه اياه والاذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والامر يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم الى قوله {شاء اشارة الى صفة العلم وتفضيل بعض العلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره الا ما اعطاه ووهبه على قدر مشيئته وارادته وسع كرسيه السموات والارض اشارة الى عظمة ملكه وكمال قدرته ولا يؤوده حفظهما اشارة الى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان وهوالعلي العظيم اشارة الى اصلين عظيمين في الصفات.
فاذا تاملت هذه المعاني ثم تاملت هذه المعاني ثم تلوت جميع اي القران لم تجد جملتها مجموعة في اية واحدة فان شهد الله ليس فيها الا التوحيد والتقديس وقل اللهم مالك الملك ليس فيها الا الافعال والفاتحة فيها الثلاثة لكن غير مشروحة في اية الكرسي والذي يقرب منها في جمعها اخر الحشر واول الحديد ولكنها ايات لا اية واحدة فاذا قابلت اية الكرسي باحدى تلك الايات وجتها اجمع للمقاصد فلذلك استحقت السيادة على الاي وكيف وفيها الحي القيوم وهوالاسم الاعظم كما ورد به الخبر اه كلام الغزالي.
ثم قال: انما قال صلى الله عليه وسلم في الفاتحة افضل وفي اية الكرسي سيدة لسر وهوان الجامع بين فنون الفضل وانواعها الكثيرة يسمى افضل فان الفضل هو الزيادة والافضل هو الازيد.
واما السؤود فهورسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويابى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت افضل واية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المقصودة المتبوعة التي تتبعها سائر المعارف فكانت اسم السيد بها اليق.ثم قال في حديث قلب القران يس ان ذلك لان الايمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهومقرر في هذه السورة بابلغ وجه فجعلت قلب القران لذلك واستحسنه الامام فخر الدين.
وقال النسفي: يمكن ان يقال: ان هذه السورة ليس فيها الا تقرير الاصول الثلاثة: الوحدانية والرسالة والحشر وهوالقدر الذي يتعلق بالقلب والجنان.
واما الذي باللسان والاركان ففي غير هذه السورة فلما كان فيها اعمال القلب لا غير سماها قلبًا ولهذا امر بقراءتها عند المحتضر لان في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة والاعضاء ساقطة لكن القلب قد اقبل على الله تعالى ورجع عما سواه فيقرا عنده ما يزداد به قوة في قلبه ويشتد تصديقه بالاصول الثلاثة اه.
واختلف الناس في معنى كون سورة الاخلاص تعدل ثلث القران فقيل كانه صلى الله عليه وسلم سمع شخصًا يكررها تكرار من يقرا ثلث القران فخرج الجواب على هذا وفيه بعد عن ظاهر الحديث وسائر طرق الحديث ترده.
وقيل لان القران يشتمل على قصص وشرائع وصفات وسورة الاخلاص كلها صفات فكانت ثلثا بهذا الاعتبار.
وقال الغزالي في الجواهر: معارف القران المهمة ثلاثة: معرفة التوحيد والصراط المستقيم والاخرة وهي مشتملة على الاول فكانت ثلثًا.
وقال ايضًا فيما نقله عنه الرازي: القران يشتمل على البراهين القاطعة على وجود الله تعالى ووحدانيته وصفاته: اما صفات الحقيقة واما صفات الفعل واما صفات الحكم فهذه امور ثلاثة وهذه السورة تشتمل على صفات الحقيقة فهي ثلث.
وقال الخويبي: المطالب التي في القران معظمها الاصول الثلاثة التي بها يصح الاسلام ويحصل الايمان وهي معرفة الله والاعتراف بصدق رسوله واعتقاده القيام بين يدي الله تعالى فان من عرف ان الله واحد وان النبي صادق وان الدين واقع صار مؤمنًا حقًا ومن انكر شيئًا منها كفر قطعًا وهذه السورة تفيد الاصل الاول فهي ثلث القران من هذا الوجه.
وقال غيره: القران قسمان: خبر وانشاء.
والخبر قسمان وخبر عن المخلوق فهي ثلاثة اثلاف.
وسورة الاخلاص اخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث.
وقيل تعدل في الثواب وهوالذي يشهد له ظاهر الحديث والاحاديث الواردة في سورة الزلزلة والنصر والكافرون لكن ضعف ابن عقيل ذلك وقال: لا يجوز ان يكون المعنى فله ثلث القران لقوله من قرا القران فله بكل حرف عشر حسنات وقال ابن عبد البر: السكوت في هذه المسئلة: افضل من الكلام فيها واسلم ثم اسند الى اسحاق بن منصور قلت لاحمد بن حنبل قوله صلى الله عليه وسلم قل هو الله احد تعدل ثلث القران ما وجهه فلم يقم لي فيها على امر.
وقال لي اسحاق بن راهويه: معناه ان الله لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه ايضًا فضلًا في الثواب لمن قراه تحريضًا على تعليمه لا ان من قرا قل هو الله احد ثلاث مرات كان كمن قرا القران جميعه هذا لا يستقيم ولوقراها مائتي مرة.
وقال بن عبد البر: فهذان امامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسئلة.
وقال ابن الميلق في حديث: ان الزلزلة نصف القران لان احكام القران تنقسم الى احكام الدنيا واحكام الاخرة وهذه السورة تشتمل على احكام الاخرة
كلها اجمالًا وزادت على القارعة باخراج الاثقال وتحديث الاخبار.
واما تسميتها في الحديث الاخر ربعًا فلان الايمان بالبعث ربع الايمان في الحديث الذي رواه الترمذي لا يؤمن عبد حتى يؤمن باربع: يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر فاقتضى هذا الحديث ان الايمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الايمان الكامل الذي دعا اليه القران.
وقال ايضًا في سر كون الهاكم تعدل الف اية: ان القران ستة الاف اية ومائتا اية وكسر فاذا تركنا الكسر كان الالف سدس القران وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القران فانها فيما ذكره الغزالي ستة: ثلاث مهمة وثلاث متمة وتقدمت واحدها معرفة الاخرة المشتمل عليه السورة والتعبير عن هذا المعنى بالف اية افخم واجل واضخم من التعبير بالسدس.
وقال ايضًا في سر كون سورة الكافرون ربعًا وسورة الاخلاص ثلثًا مع ان كلًا منهما يسمى الاخلاص: ان سورة الاخلاص اشتملت من صفات الله على ما لم تشتمل عليه الكافرون وايضًا فالتوحيد اثبات الهية المعبود وتقديسه ونفي الهية ما سواه وقد صرحت الاخلاص بالاثبات والتقديس ولوحت الى نفي عبادة غيره: والكافرون صرحت بالنفي ولوحت بالاثبات والتقديس فكان بين الرتبتين من التصريحين والتلوحين ما بين الثلث والربع اه.
تذنيب ذكر كثيرون في اثر ان اله جمع علوم الاولين والاخرين في الكتب الاربعة وعلومها في القران وعلومه في الفاتحة فزادوا: وعلوم الفاتحة في البسملة وعلوم البسملة في بائها ووجه بان المقصود من كل العلوم وصول العبد الى الرب وهذه الباء باء الالصاق فهي تلصق العبد بجناب الرب وذلك كمال المقصود ذكره الامام الرازي وابن النقيب في تفسيرهما.