(575) - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة أقام بها تسعة عشر يوما يصلى ركعتين " رواه البخارى (ص 136) .
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/276) من طريق أبى عوانة عن عاصم وحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما يقصر , فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسعة عشر قصرنا , وإن زدنا أتممنا ".
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقى (3/150) به.
ثم أخرجه هو والدارقطنى (149) من طرق عن أبى عوانة به إلا أنه لم يذكر حصينا وقال: " سبعة عشر يوما ".
وبهذا اللفظ أخرجه ابن أبى شيبة (2/112/2) : حدثنا حفص عن عاصم عن عكرمة به، وهكذا أخرجه أبو داود (1230) والبيهقى من طرق عن حفص به.
وقال الإمام أحمد (1/223) : حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم الأحول به باللفظ الأول " تسع عشرة ".
وكذلك أخرجه الترمذى (2/434) والطحاوى (1/242) والبيهقى من طرق عن أبى معاوية به. وقال الترمذى: " حديث غريب حسن صحيح ".
لكن ذكر البيهقى أن عثمان بن أبى شيبة رواه عن أبى معاوية باللفظ الثانى: " سبع عشرة ".
ثم أخرجه البخارى (3/143) من طريق ابن شهاب عن عاصم به باللفظ الأول.
لكن أخرجه الدارقطنى من هذا الوجه باللفظ الثانى!
قلت: فهذا اضطراب شديد على عاصم وعلى الرواة عنه , لكن لعل اللفظ الأول هو الأرجح , فقد رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم به.
أخرجه ابن ماجه (1075) بإسناد صحيح. ولا أعلمه اختلف فيه على ابن زياد.
ورواه البخارى (3/143) من طريق عبد الله (وهو ابن المبارك) قال: أخبرنا عاصم به. ولفظه: " أقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوما يصلى ركعتين " ورجح البيهقى هذه الرواية وقال: " أنها أصح الروايات , ولم يختلف فيها على عبد الله بن المبارك وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول. والله أعلم ".
قلت: وفيما نفاه من الاختلاف نظر فإن عبد بن حميد قال فى مسنده: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن المبارك به بلفظ: عشرين يوما كما فى " التلخيص " (129) وقال: " وهى صحيحة الإسناد , إلا أنها شاذة , اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر ".
قلت: فالترجيح برواية ابن زياد أولى لما سبق ذكره.
وللحديث طريق آخر عن عكرمة.
رواه شريك عن ابن الأصبهانى عنه بلفظ: " أقام بمكة عام الفتح سبع عشرة , يصلى ركعتين " أخرجه أبو داود (1232) والبيهقى وأحمد (1/303 و315) .
قلت: ورجاله ثقات , غير أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضى سىء الحفظ فلا يحتج به.
وله طريق أخرى عن ابن عباس. يرويه محمد بن إسحاق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عنه بلفظ: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة ".
أخرجه أبو داود (1231) وابن ماجه (1076) والبيهقى عن أبى داود وأعلاه بأن جماعة لم يذكروا فيه ابن عباس , فهو مرسل. قلت: وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه فلا يحتج به أيضا , لكنه لم يتفرد به , فرواه عراك بن مالك عن عبيد الله بن عبد الله به.
أخرجه النسائى (1/212) وإسناده صحيح , لكن قوله " خمس عشرة " شاذ لمخالفته لسائر الروايات كما فى " التلخيص " (129) .
وجملة القول: أن أصح هذه الروايات الرواية الأولى والثانية وأصحهما الأولى , وقد جمع بينهما البيهقى وغيره بأن من روى الأولى عدد يوم الدخول ويوم الخروج , ومن روى الأخرى لم يعدهما , وقال الحافظ: وهو جمع متين. والله أعلم.
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني