بعض الدلالات لرمز الماء
1- الدلالة على الرزق:
فقد جعل الله نزول الماء من السماء سبباً فى الرزق، وذلك فى الآية الكريمة:
(الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة(22)
2- الدلالة على الحياة:
فالماء سبب حياة الأرض والناس والدواب ، كما قال تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة (164)
ولإعطاء مثال على هذه الدلالة: نفترض أن شخصاً رأى بمنامه أنه يشرب مياه صافية عذبة ، فإنه يمكن تأويل ذلك بالبشرى بالحياة الطيبة إعتماداً على هذه الدلالة بحسب أحوال الرائى ورؤياه.
3- الدلالة على التثبيت:
وذلك لقوله تعالى:
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) {الأنفال: 11**
فنزول المطر من السماء يمكن أن يكون فيه إشارة لتثبيت الإنسان فى موقف يحتاج فيه لثبات الفؤاد ، ويحتمل معانى أخرى مثل إستجابة الدعاء وذلك لكونه من أوقات الإجابة ، ويحتمل مطلق الخير والبركة لكونه موصوف فى القرآن بكونه "ماءا مباركاً" ... إلى غير ذلك بحسب أحوال الرائى والرؤيا.
4- الدلالة على الدنيا:
وذلك للمثل الذى ضربه الله فى هذه الآية:
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِه نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يونس: (24)
ومن خلال هذه الدلالة فإنه من المفيد ملاحظة صفة الماء فى الرؤيا من صفاء و تعكر أو من عذوبة وملوحة وربط تلك الصفة بالحال الدنيوى للرائى فى بعض الأحيان.
5- الدلالة على الهداية والعلم:
لكونها تنزل من السماء وتنفع الناس ، كما قال تعالى:
(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِك يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَال) الرعد (17)
وهذه دلالة هامة جداً ينبغى النظر إليها بعين الإعتبار ، فكثيراً ما يدل الماء على العلم ويفسر به خصوصاً إذا عرف عن الرائى طلبه للعلم ، مثل أن يرى عالم خروج الماء من فمه أو أنه يوزع الماء على الناس ليشربوا منه: فيعبر ذلك على العلم والوعظ الذى ينشره بين الناس ... وهكذا
كما ينبغى الإنتباه أيضاً إلى دلالة ما يسمى بزبد الماء: وهى الرغوة الطافية التى لا قيمة لها ، فإنها قد تدل فى المنام على شيئ لا ينفع صاحبه ... فمن رأى فى منامه أنه أصاب رغوة فإنه يحصل على شيئ لا فائدة ولا خير فيه ... والله أعلم.
وكذلك للحديث الصحيح:
"مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ، فكان منها نقية ، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب ، أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت منها طائفة أخرى ، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدي الله الذي أرسلت به"
هذا الحديث بلغ الغاية فى جمال التصوير ... ولطالما تأملته ووجدت فيه الفوائد الجمة فى كل مرة ، بل إنى قد إعتمدت عليه فى تفسير رؤيا مهمة لى فتحققت بفضل الله وكرمه.
6- الدلالة على الزواج والمصاهرة والولد:
وهذا من عجائب قدرة الله التى تتجلى فى هذه الآية الكريمة:
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) {الفرقان: 54**
أما الدلالة على الولد:
وذلك لكون ماء الرجل سبب فى مجئ النسل والولد.
وهذه الدلالة من الدلالات الشائعة لرمز الماء جاءت معتمدة على الآية السابقة ، وتشترك مع التراب فى هذه الدلالة ... والله أعلم.
مثال ذلك: أن ترى العزباء الماء وإن تعددت صوره فأحياناً تكون من خلال صورة الإستحمام أو الإغتسال أو مجرد نزوله عليها أو شربه.
أيضاً قد تكون الصورة أعقد من ذلك برؤية الماء فى كأس أو يرى الرجل أنه يسقى حديقة بالماء فيخرج الزرع ، أو رؤية جريان الماء فى أرض مجدبة على سبيل المثال .... وبطون الأمهات بمنزلة الأرض وماء الفحول بمنزلة البذر , ولهذا سمى النساء حرثا
** ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من سقى ماءه زرع غيره **
فجعل الولد زرعاً فى هذا الحديث.... فيتم إيقاع كل رمز على ما يلائمه من الواقع بحسب سياق الرؤيا وأحوال الرائى والمرئى.
7- الدلالة على الفتنة:
فقد جعل الله الماء سبب فتنة فى هذه الآية:
(وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً {16** لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً) {الجن: 17**
تذكرت أثناء قراءتى لهذه الآية الكريمة قصة طالوت المذكورة فى سورة البقرة ، وذلك عند عبور النهر وطلبه ممن معه عدم الشرب منه "إلا من إغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم" ... فكان هذا الشرب من ماء النهر فتنة وإمتحان فى حقهم ... والله أعلم.
8- الدلالة على الطهارة والتطهير من الذنوب:
وذلك للآية الكريمة:
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً {48** لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً {49** وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) {الفرقان: 50**
وهذا المعنى يصادفنى فى كثير من الرؤى التى يأتى فيها الوضوء أو الإغتسال بشكل خاص ليدل على معنى التطهير ومغفرة الذنوب.
يؤيده الحديث الشريف:
"كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة - قال أحسبه قال هنية - فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، إسكاتك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ قال : أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد"
وهنا نلاحظ معنى جميل فى رؤيا هذه المواد الثلاثة ذات الطبيعة الواحدة "الماء والثلج والبرد" ، ألا وهو مغفرة الذنوب والخطايا ... والله تعالى أعلم.
9- الدلالة على النار والعكس:
وذلك لحديث الدجال المشهور
"عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : ( إن معه ماء ونارا ، فناره ماء بارد ، وماؤه نار)"
لاحظت أن كثير من المعبرين القدامى كانوا يتأولون الماء بالنار والعكس فى بعض الرؤى ، وذلك كتأويل الغرق فى الماء بالحريق بالنار والعكس ... فإجتهدت فى البحث عن تأصيل لهذه الدلالة ، فتوصلت لهذا الحديث ... ولعل منكم من يفيدنا بالمزيد من خلال النقاش بإذن الله.
10- الدلالة على اليسر والسهولة:
وذلك للحديث الشريف:
"أن أعرابيا بال في المسجد ، فثار إليه الناس ليقعوا به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوه ، وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء ، أو سجلا من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"
فإستعمال الماء هنا للتطهير فيه تيسير وتسهيل على الناس، فليس هناك ما هو أسهل ولا أيسر من الماء بفضل الله.
وأيضاً فيما يخص شرب الماء فهناك مثل شائع بمصر مفاده وصف الشيئ بالسهولة "مثل شرب الماء"
11- الدلالة على العمل الصالح
وهذه الدلالة أخذتها من تأويل نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم للعين الجارية فى الحديث المذكور فى صحيح البخارى - كتاب الشهادات - باب القرعة فى المشكلات:
حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني خارجة بن زيد الأنصاري:
أن أم العلاء، امرأة من نسائهم قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: أن عثمان بن مظعون طار سهمه في السكنى، حين أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين، قالت أم العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون، فاشتكى فمرضناه، حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله أكرمه). فقلت: لا أدري، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به). قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا. وأحزنني ذلك، قالت: فنمت، فأريت لعثمان عينا تجري، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: (ذلك عمله).
ففسر العين التى تجرى بها الماء بأنها عمله الصالح الذى كان يعمله ، وهو الرباط فى سبيل الله تعالى ، وثوابه مستمر إلى يوم القيامة.
ومن هذا الحديث يمكن أن نأخذ دلالة الماء الجارى على عمل صالح يستمر أجره إلى يوم القيامة كالصدقة الجارية وما يماثلها ، وقد يرى إنسان أنه يسقى الناس الماء فتؤول على أعمال بر بهم ... والله اعلم.
12- الدلالة على النصيب والحظ من شيئ ما:
وهذه الدلالة إستنتجتها فى ضوء حديث قرأته فى صحيح البخارى ايضاً - كتاب المناقب - باب: علامات النبوة فى الإسلام.
ولكن هذه الدلالة تخص شيئاً يسمى الذنوب بفتح الذال: وهو شيئ يشبه الدلو عندنا ... وإليكم نص الحديث الذى أشرت إليه:
حدثني عبد الرحمن بن شيبة: حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة، عن أبيه، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت الناس مجتمعين في صعيد، فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي بعض نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها عمر، فاستحالت بيده غربا، فلم أر عبقريا في الناس يفري فريه، حتى ضرب الناس بعطن
وقال همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فنزع أبو بكرذنوبين).
هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم فى صحيحه أيضاً فى فضائل الصحابة / مناقب عمر بن الخطاب.
(رأيت) في المنام. (صعيد) هو في اللغة وجه الأرض. (ذنوبا) الدلو الممتلئ ماء. (غربا) هو الدلو الكبير يسقى به البعير، وهو أكبر من الذنوب، وتفسير هذا ما حصل من طول خلافته، وما كان فيها من فتح وخير. (عبقريا) هو الحاذق في عمله، وعبقري قومه سيدهم. (يفري فري) يعمل عملا مصلحا وجيدا مثله، ويقوى قوته.
وهناك أيضاً الأية الكريمة: {فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون**.
(للذين ظلموا) للذين كفروا من أهل مكة. (ذنوبا) هي في اللغة الدلو الكبير المملوء ماء، وفسر في الآية بالحظ والنصيب من العذاب، وبالسبيل، أي طريقا في الكفر والضلال.
ومن الحديث السابق والآية الكريمة يمكننا القول بدلالة دلو الماء على نصيب أو حظ من خير أو شر بحسب سياق الرؤيا وأحوال الرائى ... والله أعلم.
13- الدلالة على الحياء
وتلك دلالة مخصوصة بماء الوجه ، كما قال أحد الشعراء:
إِذا قلَ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤُه * فلا خيرَ في وجهٍ إِذا قَلَّ ماؤُه
حياءَكِ فاحفظْهُ عليكَ فإِنما * يدلُّ على وجهِ الكريمِ حياؤُه
فتكون فيه دلالة على حياء صاحبه ، كما تكون إراقته دلالة على المهانة والذل ... والله أعلم
14- الدلالة على إنفلات أمر وصعوبة التحكم به
وهذا معلوم من خصائص الماء لمن حاول الإمساك به ، تراه لا يكاد يقبض بيده على شيئ ... فيضرب مثلاً للشيئ الذى يتفلت من الإنسان ولا يستطيع التحكم به
وكم من فتىً يمسي ويصبحُ آمناً * وقد نُسِجَتْ كفانهُ وهو لا يدريِ
ومن يصحبِ الدنيا يكنْ مثلَ قابضٍ * على الماءِ خانته فروجُ الأصابعِ
15- الدلالة على التمويه
وهذه الدلالة من ضروب الإشتقاق اللغوى كما نعلم
والتمويه (لغة): هو طلاء معدن كالحديد أو النحاس بماء الذهب أو الفضة
ومنه يؤخذ معنى التمويه وهو التلبيس والمخادعة ، ويوصف الشخص بأنه مموه أى مخادع ... وهذه الدلالة سبق وصادفتنى فى إحدى الرؤى التى قمت بتعبيرها ... والله أعلم.
تم بحمد الله وتوفيقه وعونه
منقول
ام احمد المصرية