إن الأرض تنجس من بول الأقلف أربعين يوما .
وبه من أدى فريضة فله دعوة مجابه .
وبه العلم خزائن ومفتاحه السؤال ) .
خلاصة القول :
التوقيت في نقدنا لا يثبت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، ذلك :
أ - لأن حديث جابر رضي الله عنه بزيادة " ( وختنهما لسبعة ) على ضعفه غير محفوظ :
- فقد ثبت بإسناد جيد عنه رضي الله نعه رواية الحديث دون تلكم الزيادة ، موافقا ما رواه جمع من الصحابة ( كبريدة و أنس و عائشة و غيرهم رضي الله عنهم ) للحديث دون الزيادة المذكورة .
و الزيادة المنكرة هذه لا يمكن الإعتبار بها .
بـ – حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ضعيف جدا لا يصلح بحال من الأحوال للإعتضاد .
جـ – حديث بن عباس رضي الله عنهما : حديث ضعيف و فيه من لأم أعرفه .
د – حديث فاطمة رضي الله عنها :
فمع ضعفه لانقطاعه ، فزيادة " تختنه " لم ترو عن أبي جعفر الباقر إلا في رواية عبد الملك بن أعين عنه مخالفا بذلك ما رواه من هم أوثق منه و هم جمع : عمرو بن دينار ، و ابن جريج ، و ابنه جعفر الصادق و هو أدرى بمرويات والده .
بهذا نكون انتهينا إلا بيان أن توقيت الختاب باليوم السابع لا يثبت في نقدنا ، خلافا لمن ذهب إلى تحسين بمجموع الطرق و الله تعالى أعلى و أعلم .
قلت : و مما يحسن ذكره في باب وقت الختان ما أخرجه الإمام البخاري في الصحيح :
( حدثنا محمد بن عبد الرحيم أخبرنا عباد بن موسى حدثنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال سئل بن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا يومئذ مختون قال وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك وقال بن إدريس عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ختين ) .
و قد بوب الإمام البخاري لهذا الحديث و غيره : ( باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط ) .
قال النووي في المجموع : ( ( فرع ) في مذاهب العلماء في وقت الختان . قد ذكرنا أن أصحابنا استحبوه يوم السابع من ولادته , قال ابن المنذر في كتاب الختان من كتابه الأشراف وهو عقب الأضحية وهي عقب كتاب الحج : روي عن أبي جعفر عن فاطمة أنها كانت تختن ولدها يوم السابع , قال : وكره الحسن البصري ومالك الختان يوم سابعه لمخالفة اليهود , قال مالك : عامة ما رأيت الختان ببلدنا إذا ثغر الصبي , قال أحمد بن حنبل : لم أسمع في ذلك شيئا , وقال الليث بن سعد : يختن ما بين السبع إلى العشر , قال : وروي عن مكحول أو غيره أن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم ختن ابنه إسحاق لسبعة أيام , وإسماعيل لسبع عشرة سنة , قال ابن المنذر بعد حكايته هذا كله : ليس في باب الختان نهي يثبت , ولا لوقته حد يرجع إليه , ولا سنة تتبع , والأشياء على الإباحة , ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة , ولا نعلم مع من منع أن يختن الصبي لسبعة أيام حجة .
هذا آخر كلام ابن المنذر ) .
قال بن عبد البر في التمهيد (21/61) : ( وكره جماعة من العلماء الختان يوم السابع فروي عن الحسن أنه قال أكرهه خلافا على اليهود وقال ابن وهب قلت لمالك أترى أن يختن الصبي يوم السابع فقال لا أرى ذلك إنما ذلك من عمل اليهود ولم يكن هذا من عمل الناس إلا حديثا قلت لمالك فما حد ختانه قال إذا أدب على الصلاة قلت له عشر سنين أو أدنى من ذلك قال نعم وقال الختان من الفطرة وقال ابن القاسم قال مالك من الفطرة ختان الرجل والنساء قال مالك وأحب للنساء من قص الأظفار وحلق العانة مثل ما هو على الرجال ذكره الحرث بن مسكين وسحنون عن ابن القاسم وقال سفيان بن عيينة قال لي سفيان الثوري أتحفظ في الختان وقتا قلت لا قلت وأنت لا تحفظ فيه وقتا قال لا ) .
تنبيه :
استدل غير واحد من أهل العلم بحديث عائشة رضي الله عنها و عزاه للحاكم و البيهقي بلفظ :
( ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما ).
قال في مغني المحتاج : (( ويندب تعجيله ) أي الختان ( في سابعه ) أي يوم الولادة , لما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها ** أنه صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما ** وقال : صحيح الإسناد ) .
و قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (2/329) (حديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما : رواه الحاكم والبيهقي من رواية عائشة قال الحاكم صحيح الإسناد ) .
و قال في تحفة المحتاج (2/497) : ( و عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ) .
وقال الحافظ في التلخيص الحبير (4/83) : (حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما الحاكم والبيهقي من حديث عائشة و البيهقي من رواية جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام ) .
(1/7343)
و لم أقف عليه عند الحاكم و لا عند البيهقي بهذا اللفظ و المحفوظ عن عائشة رضي الله عنها ، ورد دون ذكرٍ لهذه الزيادة :
أخرج الحاكم في المستدرك (4/264) : ( أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا عبد الله بن وهب أخبرني محمد بن عمرو عن بن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ومحمد بن عمرو هذا هو اليافعي وإنما جمعت بين الربيع وابن عبد الحكم ) .
و أخرج البيهقي في السنن الكبرى (9/303) : ( أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ الحسن بن علي بن زياد ثنا أبو حمة محمد بن يوسف ثنا أبو قرة عن بن جريج حديثا ذكره عن يحيى بن سعيد ح وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ثنا محمد بن بكار الصيرفي ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن بن جريج عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعق عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة وقال وعق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين يوم السابع وأمر أن يماط عن رأسه الأذى وقال اذبحوا على اسمه وقولوا بسم الله والله أكبر اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان لفظ حديث عبد المجيد وفي رواية أبي قرة عن الحسن شاتين وعن حسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما ) .
و أخرجه أيضا بن حبان في صحيحه (12/127) و عبد الرزاق في المصنف (4/330) و بن عدي في الكامل (6/226) و الدولابي في الذرية الطاهرة (85) من حديث عائشة رضي الله عنها دون ذكر للختان إطلاقا .
قلت : و منشأ الوهم في نقدي أنه من الرواية بالمعنى و فيها ما فيها .
و نظير هذا ما قاله الحافظ في الفتح (10/343) : ( و أخرج أبو الشيخ من طريق الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن بن المنكدر أو غيره عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن حسنا وحسبنا لسبعة أيام ) .
و هذا تصرف في لفظ حديث جابر رضي الله عنه ، فهو كما تقدم بلفظ :
( عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام ) .
هذا و الله تعالى أعلم و هو الهادي إلى سواء السبيل .
و السلام عليكم و رحمة الله :
أخوكم أبو حاتم المقري