استعمل النبي صلى الله عليه وسلم في علاج أمراض البدن ثلاثة أنواع من الأدوية وهى: أحدها: العلاج بالأدوية الطبيعية، مثل العسل والحبة السوداء. والثاني: العلاج بالأدعية والأذكار: كالرقي بآيات القرآن الكريم. والثالث: العلاج المركب من الأمرين(- انظر الطب النبوي لابن القيم )
ويرجع سبب هذا التنوع إلى طبيعة تكوين الإنسان، فهو مركب من بدن، وروح. قال تعالى (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه. وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون)(سورة السجدة: (7-9)
فالأدوية الطبيعية تناسب البدن، والأدوية الإلهية تناسب البدن والروح معاً، فهي تؤدى إلى اطمئنان القلب وقوته وانتعاشه، كما تؤدى إلى قوة النفس ودفع الأوهام التي ينتج عنها كثير من أمراض البدن.
ولهذا ينبغي على المسلمين استعمال النوعين من الأدوية، دون إفراط أو تفريط، أو دون إهمال لأحدهما، وتزيد في الآخر.
والاعتدال في ذلك اتباع هدى النبي صلى الله عليه وسلم في علاج الأمراض، بحيث يجمع بين التداوي بالأدوية الطبيعية والعقاقير الطبية التي دلت الأبحاث العلمية على فائدتها في علاج الأمراض، وبين التداوي بالأدوية الإلهية من الرقى الشرعية التي ضبطتها الشريعة الإسلامية. ومما يؤيد ذلك ما روى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسـان الشيء
منه، أو كانت به قرحة أو جرح؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا (و وَضَع سفيان سبابته على الأرض ثم رفعها) باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليشفى به سقيمنا"(أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية النبي (صلى الله عليه وسلم) ح(5746) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمه والنظرة ح(2194) وأبو داود في سننه: كتاب الطب: باب كيف الرقى ح(3895) وابن ماجة في سننه: باب ما عوذ به النبي (صلى الله عليه وسلم) وما عوذ به ح(3521) وانظر تحفة الأشراف ح(17906) وأخرجه أحمد في مسنده (6/93) والبغوي في شرح السنة (5/224) والنسائي في اليوم والليلة ح(1023) وابن السني في اليوم والليلة ح(576).)
ومعنى الحديث أنه يأخذ بريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها شيء: فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح(انظر شرح النووي على مسلم (14/184) ش ح(2194).
فهو يجمع بين الأدوية الطبيعية، والأدعية والأذكار.
وروى عن علي رضى الله عنه: لدغت النبَّي صلى الله عليه وسلم عقربٌ وهو يصلى، فلما فرغ، قال: لعن الله العقرب، لا تدع مصلياً ولا غيره. ثم دعا بماء وملح فجعل يمسح عليها ويقرأ (قل يا أيها الكافرون …) و(قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس)(أخرجه ابن ماجة في سننه: كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة ح(1246) وانفرد به- انظر تحفة الأشراف ح(16125). وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ح(1030). وانظر السلسلة الصحيحة للألباني ح(547) و(548). فالحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل الدواء المركب من الأدوية الطبيعية والأدعية والأذكار
والحمد لله رب العالمين
أخوكم في الله
اسماعيل مرسي