استخدام الباروكة
من بين الأدوات التي تستخدمها المرأة لغرض التجميل ما يسمي ( بالباروكة ) وهى الشعر المستعار الذي يوضع على الرأس ، فهل يجوز للمرأة أن تستخدمها ؟
الباروكة محرمة وهي داخلة في الوصل وإن لم يكن وصلا ، فهي تظهر رأس المرأة على وجه أطول من حقيقته فتشبه الوصل ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة (1). لكن إن لم يكن على رأس المرأة شعر أصلا كأن تكون قرعاء فلا حرج من استعمال الباروكة ليستر هذا العيب ، لأن إزالة العيوب جائزة، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه في إحدى الغزوات أن يتخذ أنفا من ذهب ، ومثل أن يكون في أنفه اعوجاج فيعدله ، أو إزالة بقعة سوداء مثلا ، فهذا لا بأس به .
أما إن كان لغير إزالة عيب كالوشم والنمص مثلا فهذا هو الممنوع ، واستعمال الباروكة حتى لو كان بإذن الزوج ورضاه حرام ، لأنه لا إذن ولا رضا فيما حرمه الله .
نتف الشعر
* يلاحظ على بعض النساء أنهن يعمدن إلى إزالة أو ترقيق شعر الحاجبين وذلك لغرض الجمال والزينة فما حكم ذلك ؟
هذه المسألة تقع على وجهين :
الوجه الأول : أن يكون ذلك بالنتف فهذا محرم وهو من الكبائر ، لأنه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله .
الثاني : أن يكون على سبيل القصّ والحفّ ، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم هل يكون من النمص أم لا ؟ والأولى تجنب ذلك .
أما ما كان من الشعر غير المعتاد بحيث ينبت في أماكن لم تجر العادة بها ، كأن يكون للمرأة شارب ، أو ينبت على خدها شعر ، فهذا لا بأس بإزالته ، لأنه خلاف المعتاد وهو مشوّه للمرأة .
أما الحاجب فإن من المعتاد أن تكون رقيقة دقيقة ، وأن تكون كثيفة واسعة ، وما كان معتادا فلا يتعرض له ، لأن الناس لا يعدونه عيبا بل يعدون فواته جمالا أو وجوده جمالا ، وليس من الأمور التي تكون عيبا حتى يحتاج الإنسان إلى إزالته .
بروز شعر الرأس
أيضا من الطرق التي تعملها المرأة للجمال والزينة قيامها بوضع الحشوى داخل الرأس بحيث يكون الشعر متجمعا فوق الرأس ـ فما حكم هذا العمل ؟
الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا داخل في التحذير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد )) وذكر الحديث : وفيه (( نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة) (2) فإذا كان الشعر فوق الرأس ففيه نهى ، أما إذا كان على الرقبة مثلا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت المرأة ستخرج إلى السوق ، فإنه في هذه الحال يكون من التبرج ، لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر ، ويكون هذا من باب التبرج ومن أسباب الفتنة فلا يجوز .
لقد انتشرت ظاهرة قص شعر الفتاة إلى كتفيها للتجميل ، ولبس النعال المرتفعة كثيرا ، واستعمال أدوات التجميل المعروفة . فما حكم هذه الأعمال ؟
قصّ المرأة لشعرها إما أن يكون على وجه يشبه شعر الرجال فهذا محرم ومن كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال (3)، وإما أن يكون على وجه لا يصل به إلى التشبه بالرجال ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك إلى ثلاثة أقوال منهم من قال إنه جائز لا بأس به ، ومنهم من قال إنه محرم ، ومنهم من قال إنه مكروه ، والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه مكروه .
وفى الحقيقة أنه لا ينبغي لنا أن نتلقى كل ما ورد علينا من عادات غيرنا ، فنحن قبل زمن غير بعيد نرى النساء يتباهين بكثرة شعور رؤوسهن وطول شعورهن ، فما بالهن اليوم يرغبن تقصير شعر رؤوسهن يذهبن إلى هذا العمل الذي أتانا من غير بلادنا ، وأنا لست أنكر كل شي جديد ولكن أنكر كل شي يؤدى إلى أن ينتقل المجتمع إلى عادات متلقاة من غير المسلمين .
وأما النعال المرتفعة فلا تجوز إذا خرجت عن العادة وأدت إلى التبرج وظهور المرأة ولفت النظر إليها ، لأن الله تعالى يقول ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ( الأحزاب: 33) . فكل شي يكون به تبرج المرأة وظهورها وتميزها من بين النساء على وجه فيه التجميل فإنه محرم ولا يجوز لها .
وأما استعمال أدوات التجميل فلا بأس به إذا لم يكن فيه ضرر أو فتنه .
ما حكم استعمال الكحل للمرأة ؟
الاكتحال نوعان :
أحدهما : اكتحال لتقوية البصر وجلاء الغشاوة من العين وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال ، فهذا لا بأس به ، بل إنه مما ينبغي فعله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه ، ولاسيما إذا كان بالإثمد .
النوع الثاني : ما يقصد به الجمال والزينة ، فهذا للنساء مطلوب ، لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها .
وأما الرجال فمحل نظر ، وأنا أتوقف فيه ، وقد يفرق فيه بين الشاب الذي يخشى من اكتحاله فتنه فيمنع ، وبين الكبير الذي لا يخشى ذلك من اكتحاله فلا يمنع .
تتجمل المرأة بحدود
هل يجوز للمرأة استعمال المكياج الصناعي لزوجها ؟ وهل يجوز أن تظهر به أمام أهلها وأمام نساء مسلمات ؟
* تتجمل المرأة لزوجها في الحدود المشروعة من الأمور التي ينبغي لها أن تقوم بها ، فإن المرأة كلما تجملت لزوجها كان ذلك أدعى إلى محبته لها وإلى الائتلاف بينهما ، وهذا من مقاصد الشريعة ، فالمكياج إذا كان يجملها ولا يضرها فإنه لا بأس به ولا حرج .
ولكني سمعت أن المكياج يضر بشرة الوجه وأنه بالتالي تتغير به بشرة الوجه تغيرا قبيحا قبل زمن تغيرها في الكبر ، وأرجو من النساء أن يسألن الأطباء عن ذلك . فإذا ثبت ذلك كان استعمال المكياج إما محرما أو مكروها على الأقل ، لأن كل شي يؤدى بالإنسان إلى التشويه والتقبيح فإنه إما محرم وإما مكروه .
وبهذه المناسبة أود أن أذكر ما يسمي ب ( المناكير ) وهو شي يوضع على الأظفار تستعمله المرأة وله قشرة ، وهذا لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلى ، لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة ، وكل شي يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضي أو المغتسل ، لأن الله يقول : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)(المائدة: الآية6) ومن كان على أظفارها مناكير فإنها تمنع وصول الماء ، فلا يصدق عليها أنها غسلت يدها فتكون قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغسل ، وأما من كانت لا تصلي فلا حرج عليها إذا استعملته إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار ، فإنه لا يجوز لما فيه التشبه بهم .
ولقد سمعت أن بعض الناس أفتى بأن هذا من جنس لبس الخفين ، وأنه يجوز أن تستعمله المرأة لمدة يوم وليلة إن كانت مقيمة ، ومدة ثلاثة أيام إن كانت مسافرة ، ولكن هذه فتوى غلط وليس كل ما ستر الناس به أبدانهم يلحق بالخفين ، فإن الخفين جاءت الشريعة بالمسح عليهما للحاجة إلى ذلك غالبا فإن القدم محتاجة إلى التدفئة محتاجة للستر ، لأنها تباشر الأرض والحصى والبرودة وغير ذلك ، فخصص الشارع المسح بهما . وقد يدعى قياسها على العمامة وليس بصحيح ، لأن العمامة محلها الرأس ، والرأس فرضه مخفف من أصله ، فإن فريضة الرأس هي المسح بخلاف الوجه فإن فريضته الغسل ، ولهذا لم يبح النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تمسح القفازين مع أنهما يستران اليد .
وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وعليه جبة ضيقة الكمين فلم يستطع إخراج يديه ، فأخرج يديه من تحتها فغسلها)(4) فدلّ هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن يقيس أي حائل يمنع وصول الماء على العمامة وعلى الخفين ، والواجب على المسلم أن يبذل غاية جهده في معرفة الحق ، وأن لا يقدم على فتوى إلا وهو يشعر أن الله تعالى سائله عنها ، لأنه يعبر عن شريعة الله عز وجل .
ما حكم لبس الملابس الضيقة والبنطلون للمرأة ؟
* الملابس الضيقة للمرأة ولبس البنطلون لها غير لائق فإن كان يراها غير محارمها فلا شك في تحريمه،لأن في ذلك فتنه عظيمة . وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ، نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ) إلى آخر الحديث (5) ، وقد فسر بعض أهل العلم معنى الكاسيات العاريات بأنها المرأة تلبس ثيابا لكنها لا تسترها سترا كاملا إما لضيقها وإما لخفتها وإما لقصرها ، وعلى هذا فعلى المرأة أن تحترز من ذلك .
لبس الجينز ليس من التشبه
يوجد نوع من القماش يسمي الجينز يفصل بطرق مختلفة لملابس الأطفال بنين وبنات يمتاز بالمتانة ، والإشكال أن هذه الخامة يلبسها الكفار وغيرهم بطريقة البنطلون الضيق وهو مشهور معروف ، والسؤال هل استعمال هذا القماش بأشكاله المختلفة غير البنطلون الضيق بمعنى استعماله لمتانته وجودته هل يدخل في التشبه ؟
التشبه معناه هو أن يقوم الإنسان بشيء يختص بالمتشبه بهم ، فإذا استعمل هذه القماشة أو غيرها على وجه يشبه لباس الكفار فقد دخل في التشبه ، أما مجرد أن يكون لباس الكفار من هذا القماش ولكن يفصل على وجه آخر مغاير لملابس الكفار ، فإن ذلك لا بأس به ما دام مخالفا لطريقة الكفار حتى لو اشتهروا بهذا القماش ما دام أن الهيئة ليست على هيئة ما يلبسه الكفار .
نعلم أن عمّ المرأة من محارمها الذين يجوز لها أن تكشف لهم . ولكن ماذا إذا كان عم المرأة يمزح معها مزاحا فاحشا فهل يجوز لها ألا تقابله بسبب مزاحه الفاحش ؟
إذا كان العم يمازح بنات أخيه ممازحة مريبة فأنه لا يحل أن يأتين إليه ولا أن يكشفن وجوههن عنده لأن العلماء الذين أباحوا للمحرم أن تكشف المرأة وجهها عنده ، اشترطوا أن لا يكون هناك فتنة ، وهذا الرجل الذي يمازح بنات أخيه مزاحا قبيحا معناه أنه يخشى عليهن منه الفتنة، والواجب البعد عن أسباب الفتنة .
ولا تستغرب أن أحد من الناس يمكن أن تتعلق رغبته بمحارمه ـ والعياذ بالله ـ وانظر إلى التعبير القرآني ، قال تعالى ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ) ( النساء :22) وقال في الزنا : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ( الإسراء : 32) وهذا يدل على أن نكاح ذوات المحارم أعظم قبحا من الزنا .
وخلاصة الجواب : أنه يجب عليهن البعد عن عمهن وعدم كشف الوجه له ، مادمن يرين منه هذا المزاح القبيح الموجب للريبة .
تصـفيـــف الشـــعــر
هل يجوز للمرأة أن تصفف شعرها بالطريقة العصرية وليس الغرض التشبه بالكافرات ولكن للزوج ؟
الذي بلغني عن تصفيف الشعر أنه يكون بأجرة باهظة كثيرة قد تصفها بأنها إضاعة مال ، والذي أنصح به نساءنا أن يتجنبن هذا الترف ، وللمرأة أن تتجمل لزوجها على وجه لا يضيع به المال هذا الضياع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال .
ما حكم قيام بعض النساء بأخذ الموديلات من مجلات الأزياء إذا كان ذلك بدون قصد اتباع الموضة ومسايرة الغرب ، هل يعد هذا تشبها بالكافرات مع أن النساء يلبسن ما ينتجه الغرب من ملابس وغير ذلك ؟
اطلعت على كثير من هذه المجلات فألفيتها مجلات خليعة فظيعة خبيثة ، حقيق بنا ونحن في المملكة العربية السعودية ، الدولة التي لا نعلم ـ ولله الحمد دوله تماثلها في الحفاظ على شرع الله وعلى الأخلاق الفاضلة . إننا نريد أن نربأ ونحن في هذه الدولة أن توجد مثل هذه المجلات في أسواقنا وفي محلات الخياطة ، لأن منظرها أفظع من مخبرها ، ولا يجوز لأي امرأة أو أي رجل أن يشتري هذه المجلات أو ينظر إليها أو يراجعها لأنها فتنة . قد يشتريها الإنسان وهو يظن أنه سالم منها،ولكن لا تزال به نفسه والشيطان حتى يقع في فخها وشركها ، ويختار مما فيها من أزياء لا تتناسب مع البيئة الإسلامية . وأحذر جميع النساء والقائمين عليهن من وجودها في بيوتهم لما فيها من الفتنة العظيمة والخطر على أخلاقنا وديننا .
طـبـقـات غـطـاء الوجــه
من المعلوم أن الغطاء الذي تستخدمه المرأة على وجهها ينقسم إلى عدة طبقات ، فكم طبقة من غطاء الوجه ينبغي أن تضع المرأة على وجهها ؟
الواجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم لها ، بأن تستره بستر لا يصف لون البشرة ، سواء كان طبقة أم طبقتين أم اكثر ، فإن كان الخمار صفيقا لا ترى البشرة من خلاله كفى طبقة واحدة ، وإن كانت لا تكفي زادت اثنتين أو ثلاثة أو أربعا ، والمهم أن تستره بما لا يصف اللون فأما ما يصف اللون فإنه لا يكفي كما تفعله بعض النساء ، وليس المقصود أن تضع المرأة شيئا على وجهها ، بل المقصود ستر وجهها فلا يبين لغير محارمها .
وعلى النساء أن يتقين الله في أنفسهن ، وفي بنات مجتمعهن ، فإن المرأة إذا خرجت كاشفة، أو شبه كاشفة اقتدت بها امرأة أخرى ، وثالثة وهكذا حتى ينتشر ذلك بين النساء ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) (6) وبلادنا ـ والحمد لله ـ بلاد محافظة على دينها في عباداتها وأخلاقها ، ومعاملاتها ، وهكذا يجب أن تكون فإنها ـ والحمد لله ـ هي البلاد التي خرج منها نور الإسلام وإليها يرجع ، فالواجب علينا المحافظة على ديننا وسلوكنا وأخلاقنا المتلقاة من شريعتنا حتى نكون خير أمة أخرجت للناس .
وعلينا لا نأخذ بكل جديد يرد إلينا من خارج بلادنا ،بل ينظر في هذا الجديد إن كان فيه مصلحة وليس فيه محذور شرعي فإننا نأخذ به ، وإن كان فيه محذور شرعي فإننا نرفضه ونبعده عن مجتمعنا حتى نبقى محافظين على ديننا وأخلاقنا ومعاملاتنا .
اسـتـخــدام السـحـاب للمــرأة
اعتادت بعض النساء أن يضعن فتحة في الظهر وهي ما يسمى (بالسحاب ) تفتحه إذا أرادت لبس الثوب ـ فما حكم هذا العمل ؟
*لا أعلم بأسا أن يكون السحاب أي الجيب ـ من الخلف إلا أن يكون ذلك من باب التشبه ، ولكنه أصبح اليوم شائعا وكثيرا بين المسلمين حتى إنه كثر بالنسبة للصغار .
والأصل في غير العبادات الحلّ ، فالعادات والمعاملات والمآكل وغيرها الأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه بخلاف العبادات فأن الأصل فيها المنع والحظر إلا ما قام الدليل على مشروعيته .
لا تـكشـف الـمرأة فـي الحـرم
تتساءل كثير من النساء عن حكم كشف الوجه في الحرم ، وذلك أنهن قد سمعن عن البعض قوله بجواز كشف المرأة وجهها وحال العمرة،فما هو القول الفصل في هذه المسألة ؟
* القول الفصل أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لا في المسجد الحرام ولا في الأسواق ، ولا في المساجد الأخرى،بل الواجب عليها إذا كان عندها رجال غير محارم أن تستر وجهها ، لأن الوجه عورة في النظر ، فإن النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح كلها تدل على أن المرأة يجب أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم لما في كشفه من الفتنة وإثارة الشهوة .
ولا يليق بها أن تغتر بما تفعله بعض النساء من التهتك وترك الحجاب ، فتكشف عن وجهها وشعرها ورقبتها وذراعيها ونحرها وتمشي في الأسواق كأنما تمشي في بيتها .
فعليها أن تتقي الله في نفسها وفي عباد الله عز وجل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) (7)
وأما المحرمة بحج أو عمرة فالمشروع لها كشف الوجه في البيت والخيمة ، ويجب عليها أن تستره إذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها سواء كانت في المسجد أو غيره .
الـمـلابـس القـصـيـرة
في بعض البلاد الإسلامية تنتشر ظاهرة لبس الفستان إلى الركبة ، حتى أن بعضهن يرتفع فستانها عن الركبة قليلا تساهلا منهن ـ فما حكم ذلك ؟ وما هي نصيحتكم لمن لا تبإلى بالحجاب ؟
* إخراج المرأة ساقها لغير محارمها محرم ، وإخراج وجهها لغير محارمها محرم أشد ، لأن افتتان الناس بالوجوه أعظم من افتتانهم بالسيقان .
وقد دلّ الكتاب والسنة على وجوب الحجاب وقد بيناه في رسالة لنا سميناها ( رسالة الحجاب) وهي رسالة مختصرة وما ورد من الأحاديث التي ظاهرها الجواز فإننا قد أجبنا عنها بجوابين أحدهما مجمل والثاني مفصل عن كل دليل قيل أنه دال على جواز كشف الوجه .
ونصيحتي للنساء اللاتي يلبسن فساتين قصيرة إلى الركبة أو فوقها أن يتقين الله في أنفسهن وفي مجتمعهن ، وأن لا يكن سببا في انتشار هذه الظاهرة السيئة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) (8)
المـقـصـود بـالمـشــطــة المــائــلة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أرهما ، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد في مسيرة كذا وكذا )(9) والمطلوب ما معنى (مميلات ) ؟ وهل من ذلك النساء اللاتي يتمشطن المشطة المائلة أم المقصود منها النساء اللاتي يملن الرجال ؟
* هذا الحديث قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أرهما ) فذكر صنفا ، وقال عن الصنف الثاني : ( نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائل ، لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها ، وإن ريحها يوجد في مسيرة كذا وكذا ) والمائلة بالمعنى العام كل مائلة عن الصراط المستقيم ، بلباسها أو هيئتها أو كلامها أو غير ذلك ، والمميلات : اللاتي يملن غيرهن وذلك باستعمالهن لما فيه الفتنة ، حتى يميل إليهن من يميل من عباد الله .
وأما المشطة المائلة فقد ذكر بعض أهل العلم أنها تدخل في ذلك ، لأن المرأة تميلها ، والسنة خلاف ذلك، ولهذا ينبغي للنساء أن يتجنبن هذه المشطة لاحتمال أن يكن داخلات في الحديث والأمر ليس بالهين حتى تتهاون المرأة به ، فالأحسن والأولى أن يدع الإنسان ما يريبه إلى ما لا يريبه ، والمشطات كثيرة ،وفيها غنى عن المشط المحرم .
خلوة المرأة بالسائق
بعض الناس يرسلون بناتهم للمدارس ولغيرها مع سائقين أجانب ، ولا ينظرون إلى نتائج هذه الأعمال فأرجو نصحهم ؟
هذا العمل لا يخلو من حالين :
الأولى : أن يكون الراكب مع السائق عدة نساء بحيث لا ينفرد بواحدة منهن ، فلا بأس إذا كان داخل البلد ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة ) (10) وهذا ليست بخلوة ، بشرط الأمانة في السائق ، فإذا كان غير مأمون فلا يجوز أن ينفرد مع النساء إلا بمحرم بالغ عاقل .
الثانية : أن يذهب بامرأة واحدة منفردا فلا يجوز ولو دقيقة واحدة ، لأن الإنفراد خلوة . والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك بقوله : ( لا يخلون رجل بامرأة ) وأخبر أن الشيطان ثالثهما .وعلى ذلك لا يحل لأولياء أمور النساء تركهن مع السائقين على هذه الحال ، كما لا يحل لها أن تركب بنفسها معه بدون محرم لها ، لأنه معصية للرسول صلى الله عليه وسلم وبالتإلى معصية لله تعالى لأن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله فقد قال تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ( النساء : 80 ) وقال تعالى : ( ومن يعصي الله ورسوله فقد ضلّ ضللا مبينا ) ( الأحزاب : 36 ) فعلينا إخوة الإسلام أن نكون طائعين لله ممتثلين لأمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لما في ذلك من المنفعة العظيمة والعاقبة الحميدة ، وعلينا معشر المسلمين أن نكون غيورين على محارمنا،فلا نسلمهن إلى الشيطان يلعب بهن ، فالشيطان يجر إلى الفتنة والغواية .
وإني أحذر إخواني من الغفلة وعدم المبالاة ،لما فتح الله علينا من زهرة الدنيا ، ولننتبه لهذه الآية التي يقول الله فيها: ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * وظل من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم ) ( الواقعة : 41 ـ 46 ) ولنتذكر قوله تعالى: ( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعوا ثبورا * ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا ) ( الانشقاق : 10 ـ 13 ) .
هل قص المرأة لأطراف شعرها حرام أم حلال ؟
* قص المرأة من شعر رأس إن كان في حج أو عمرة فهو نسك يقربها إلى الله ، وتؤجر عليه لأن المرأة إذا حجت أو اعتمرت تقصر من شعرها قيد أنملة لكل جديلة .
أما إن كانت في غير حج أو عمرة ، وقصت من شعرها حتى أصبح كهيئة شعر الرجل فإنه محرم ، بل هو من الكبائر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء )(11).
وإن كان القص من أطرافه ، وبقي على هيئته هيئة رأس امرأة فأنه مكروه على ما صرح به فقهاء الحنابلة رحمهم الله . وعلى هذا لا ينبغي للمرأة أن تفعل ذلك .
ما حكم تقصير الشعر من الخلف إلى الكتفين للمرأة ؟
تقصير الشعر للمرأة كرهه أهل العلم ، وقالوا إنه يكره للمرأة قص شعرها إلا في حج أو عمرة ، وهذا هو المشهور في مذهب الحنابلة رحمهم الله .
وبعض أهل العلم حرّمه ، وقال :إنه لا يجوز . والبعض الآخر أباحه بشرط أن لا يكون فيه تشبه بغير المسلمات ، أو تشبه بالرجال . فإن تشبه المرأة بالرجل محرم ، بل من كبائر الذنوب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) .
فتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال من كبائر الذنوب . فإذا جعلت المرأة رأسها مشابها لرأس الرجل فإنها داخلة في اللعن والعياذ بالله ، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.وأما التشبه بغير المسلمات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم(من تشبه بقوم فهو منهم)(12)
والأولى أن لا تقصه لا من الأمام ولا من الخلف لأنني لا أحب أن تكون نساؤنا تتلقى كل ما وارد جديد من العادات والتقاليد التي لا تفيد ، لأن انفتاح صدورنا لتلقي مثل هذه الأمور قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه ، من التوسع في أمور لا يبيحها الشرع ، قد يؤدي إلى تبرج بالزينة كما تبرجت النساء في أماكن أخرى ، وقد يؤدي أن تكشف المرأة وجهها ، وكشف وجهها للأجانب حرام .
هل يجوز صبغ الشعر الأبيض بالصبغ الأسود ؟
تغيير الشيب بالأسود حرام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باجتنابه قالغيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) (13)
ولقد ورد الوعيد الشديد على من يصبغ بالسواد ، وهذا يقتضي أن يكون من كبائر الذنوب . فالواجب على المسلم والمسلمة تجنب ذلك لما فيه من النهي والوعيد ، ولأن فيه مضادة لخلق الله ، فإن هذا الشيب جعله الله علامة على الكبر في الغالب ، فإذا عكست ذلك بصبغه بالسواد كان فيه المضادة لحكمة الله في خلقه ، ولكن ينبغي تغييره بغير السواد كالحمرة والصفرة ، وكذلك باللون الذي يكون بين الحمرة والسواد ، مثل أن يكون الشعر أدهم فإن هذا لا بأس به وبه يحصل الخير باتباع السنة ، وتجنب نهي الرسول صلى الله عليه وسلم .
أساليب متنوعة للتجميل
ما حكم الوشم ؟ وإذا وشمت البنت وهي صغيرة فهل عليها إثم ؟
الوشم محرم بل إنه من كبائر الذنوب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمه (14)، وإذا وشمت البنت وهي صغيرة ، ولا تستطيع منع نفسها عن الوشم فلا حرج عليها ، وإنما الإثم على من فعل ذلك بها ، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، وهذه البنت لا تستطيع التصرف ، ولكن تزيله إن تمكنت من إزالته بلا ضرر عليها .
ما حكم حمرة الشفاه والمكياج للمرأة ؟
تحمير الشفاه لا بأس به ، لأن الأصل الحل حتى يتبين التحريم ، وهذا التحمير ليس بشيء ثابت حتى نقول إنه من جنس الوشم ، والوسم غرز شي من الألوان تحت الجلد ، وهو محرم بل من كبائر الذنوب .
ولكن التحمير إن تبين أنه مضر للشفة ، ينشفها ويزيل عنها الرطوبة والدهنية فإنه في مثل هذه الحال ينهى عنه ، وقد أخبرت أنه ربما تنفطر الشفاه منه ، فإذا ثبت هذا فإن الإنسان منهي عن فعل ما يضره .
وأما المكياج فإننا ننهى عنه وإن كان يزين الوجه ساعة من الزمان ، لكنه يضره ضررا عظيما ، كما ثبت ذلك طبيا ، فإن المرأة إذا كبرت في السن تغير وجهها تغيرا لا ينفع معه المكياج ولا غيره ، وعليه فإننا ننصح النساء بعدم استعماله لما ثبت فيه من الضرر .
ما حكم تخضيب اليدين بالنسبة للمرأة بالحناء . وهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما حكم لو شمل ذلك باطن الكف دون الأظافر ؟
الخضاب بالحناء في اليدين مما تعارفت عليه النساء ، وهو عادة اتخذت للزينة ، وما دام فيها جمال للمرأة فالمرأة مطلوب منها التزين لزوجها سواء شمل ذلك الأظافر أو لم يشملها .
أما المناكير للمرأة التي ليست حائضا فهي حرام ، لأنها تمنع وصول الماء إلى البشرة في الوضوء إلا إذا كانت تزيله عند الوضوء .
حديث المرأة مع الرجال
هل صوت المرأة حرام للدرجة التي لا تكلم فيها أصحاب الدكاكين بالسوق ، لشراء حاجتها بدون تنعيم أو تمييع للصوت ، وكذلك تخيط ثيابها عند الخياط في احتشام ؟
* كلام المرأة ليس بحرام وليس بعورة ، ولكن إذا ألانت القول ، وخضعت به ، وحكت على شكل يحصل به الفتنة فذلك هو المحرم ، لقوله تعالى ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ) ( الأحزاب : 32) . فلم يقل الله تعالى فلا تكلمن الرجال بل قال فلا تخضعن بالقول ، والخضوع بالقول أخص من مطلق الكلام .
إذن فكلام المرأة للرجل إذا لم يحصل به فتنة فلا بأس به ، فقد كانت المرأة تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلمه فيسمع الناس كلامها ، وهي تكلمه وهو يرد عليها ، وليس ذلك بمنكر. ولكن لابد أن لا يكون في هذه الحال خلوة بها إلا بمحرم ، وعدم فتنة ، ولهذا لا يجوز للرجل أن يستمتع بكلامها سواء كان ذلك استمتاعا نفسيا ، أم استمتاعا جنسيا إلا أن تكون زوجته .
هل إظهار المرأة يدها حرام ؟
المشهور من مذاهب الحنابلة أن كفي المرأة كوجهها لا يجوز إخراجهما أمام الرجال غير المحارم ، وهذا هو ظاهر فعل النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني ستر الكفين .
ووجه ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المحرمة : ( لا تنتقب ولا تلبس القفازين ) (15)، فإن نهيه للمحرمة أن تلبس القفازين يشعر بأن ذلك من عادة النساء . وإلا لما كان لنهي المحرمة عن ذلك محل ، ولم تكن عادة النساء في عهده صلى الله عليه وسلم لبس القفازين لم ينه عن ذلك حال الإحرام .
فعلى المرأة أن تتقي الله عز وجل ، ولا تظهر بمظهر تحصل به الفتنة منها وفيها . قال سبحانه وتعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أطهر النساء ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (الأحزاب : 33) وقال تعالى ( وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء الحجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) ( الأحزاب : 53) .
فإذا قال قائل : هذا خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم .
قلنا : إن طهارة القلب مطلوبة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن ، فكون الحجاب يحصل به طهارة القلب للرجال والنساء ، يدل أنه لا فرق بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن .
وأعلم أن الحجاب عند بعض الناس هو أن تغطي المرأة جميع بدنها إلا وجهها ، والحق الذي تدل عليه الأدلة ويقتضيه النظر كما يقتضيه الأثر ، أنه لا بد أن تغطي المرأة وجهها ، لأن الوجه هو محل الفتنة ومحل الرغبة ، ولا أحد يشك أن مطلب الرجال أولا هو جمال الوجه للمرأة دون بقية الأعضاء .
فلتتق الله ، ولتحتشم ، ولتبتعد عن الفتنة ، ولتستر وجهها حتى لا يحصل الشر والفساد .
بعض الناس اعتادوا إلباس بناتهم ألبسة قصيرة وألبسة ضيقة تبين مفاصل الجسم سواء كانت للبنات الكبيرات أو الصغيرات . أرجو توجيه نصيحة لمثل هؤلاء .
يجب على الإنسان مراعاة المسئولية ، فعليه أن يتقي الله ويمنع كافة من له ولاية عليهن من هذه الألبسة ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) (16) . وهؤلاء النسوة اللاتي يستعملن الثياب القصيرة كاسيات ، لأن عليهن كسوة لكنهن عاريات لظهور عوراتهن ، لأن المرأة بالنسبة للنظر كلها عورة ، وجهها ويداها ورجلاها ، وجميع أجزاء جسمها لغير المحارم .
وكذلك الألبسة الضيقة ، وإن كانت كسوة في الظاهر لكنها عري في الواقع . فإن إبانة مقاطع الجسم بالألبسة الضيقة هو تعرٍ . فعلى المرأة أن تتقي ربها ولا تبين مفاتنها ، وعليها ألا تخرج للسوق وهي متبذلة لابسة ما لا يلفت النظر ، ولا تكون متطيبة لئلا تجر الناس إلى نفسها .
وعلى المرأة المسلمة أن لا تخرج من بيتها إلا لحاجة لا بد منها ولكن غير متطيبة ولا متبرجة وبدون مشية خيلاء ، وليعلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) (17) ففتنة النساء عظيمة لا يكاد يسلم منها أحد ، وعلينا نحن معشر المسلمين أن لا نتخذ طرق أعداء الله من يهود ونصارى وغيرهم فإن الأمر عظيم .
وكما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) وتلا قوله تعالى : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) (18) (هود : 102) وإن أخذه تبارك وتعالى إذا أخذ فإنه أخذ عزيز مقتدر ، ويقول تعالى وأملي لهم إن كيدي متين ) ( الأعراف : 183)
وإن أولئك الدعاة الذين يدعون إلى السفور والاختلاط لفي ضلال مبين ، وجهل عظيم، لمخالفتهم إرشادات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهم يجهلون أو يتجاهلون ما حل بالأمم التي ابتليت بهذا الأمر وهم الآن يريدون التخلص من هذه المصيبة ، وأنى لهم ذلك ؟ فقد أصبح عادة لا تغير إلا بعد جهد عظيم .
من المشاهد أن بعض الناس يتشدد على بناته الصغار حتى إن بعضهم يلزم ابنته بلبس الخمار وعمرها أربع سنوات ويقول من شب على شي شاب عليه ، ويحاول فرض ذلك على جميع أسرته . فما رأيكم في هذا التشدد الذي يقيد طفلة صغيرة لا تفقه شيئا ؟
* لا شك أن من شبّ على شي شاب عليه ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من بلغ سبع سنين بالصلاة ، وإن لم يكن مكلفا من أجل أن يعتاد عليها .
لكن الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم ، ولا يجب عليها ستر وجهها ورقبتها ، ويديها ورجليها ، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك ، لكن إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر ، ويختلف هذا باختلاف النساء ، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب ، ومنهن من تكون بالعكس .
ما حكم لبس جوارب لليدين بقصد إخفاء اليد وعدم خروجها أثناء مخاطبة الرجال في الأسواق ؟
لبس ما يستر اليدين أمام الرجال الأجانب هو ما يعرف بالقفازين أمر طيب ، وينبغي للمرأة أن تلبسه حتى لا تتبين كفاها ، وربما يدل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تتنقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)(19) . ربما يدل على أن النساء كان من عادتهن لبس القفازين ، وأنه أستر للمرأة ، وأبعد عن الفتنة ، ولكن يجب أن يكون القفازان غير جميلين بحيث لا يلفتان النظر من الرجال .
الوجه محل الفتنة
لقد اختلف فقهاء الإسلام في كثير من الفقه الإسلامي ، ومن الأحكام التي اختلفوا فيها مسألة الحجاب للمرأة ، وهذا الاختلاف في الآراء جاء تبعا لاختلاف النصوص المروية في هذه المسألة . فما هو الحجاب الشرعي بالنسبة للمرأة ؟
الحجاب الشرعي هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره ، أي سترها ما يجب عليها ستره ، وأولى ذلك وأوله ستر الوجه ، لأنه محل الفتنة ومحط الرغبة ، فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها ، وأما من زعم أن الحجاب الشرعي هو ستر الرأس والعنق والنحر والقدم والساق والذراع ، وأباح للمرأه أن تخرج وجهها وكفيها فإن هذا من أعجب ما يكون من الأقوال ، لأنه من المعلوم أن الرغبة ومحل الفتنة هو الوجه ، وكيف يمكن أن يقال إن الشريعة تمنع كشف القدم من المرأة وتبيح لها أن تخرج الوجه؟ هذا لا يمكن أن يكون واقعا في الشريعة العظيمة الحكيمة المطهرة من التناقض ، وكل إنسان يعرف أن الفتنة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة بكشف القدم ، وكل إنسان يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء إنما هي الوجوه ، ولهذا لو قيل للخاطب أن مخطوبتك قبيحة الوجه لكنها جميلة القدم ما أقدم على خطبتها ، ولو قيل له أنها جميلة الوجه ولكن في يديها أو في كفيها أو في ساقيها نزول عن الجمال لأقدم عليها فعلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه .
وهنالك أدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلما الإسلام تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها عمن ليسوا بمحارمها وتدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها . وليس هذا موضع ذكر ذلك .
ولكن لنا فيه رسالة مختصرة قليلة اللفظ كثيرة الفائدة .
بماذا تنصحون من يمنع أهله من الحجاب الشرعي ؟
* إننا ننصحه أن يتق الله عز وجلاله في أهله ، وأن يحمد الله عز وجل الذي يسر له مثل هذه الزوجة التي تريد أن تنفذ ما أمر الله به من اللباس الشرعي الكفيل بسلامتها من الفتن ، و إذا كان الله عز وجل قد أمر عباده المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار في قوله: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) (التحريم :6) .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حمّل الرجل المسئولية في أهله فقال ( الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته )(20) . فكيف يليق بهذا الرجل أن يحاول إجبار زوجته على أن تدع الزي الشرعي في اللباس إلى زي محرم يكون سببا للفتنة بها ومنها ، فليتق الله تعالى في نفسه ، وليتق الله في أهله ، وليحمد الله على نعمته أن يسر له مثل هذه المرأة الصالحة .
وأما بالنسبة لزوجته فإنه لا يحل لها أن تطيعه في معصية الله أبدا ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
لا يجوز إخراج الذراع
بعض النساء تردد مقولة يحكون بأنهم سمعوها من بعض العلماء ، وهي أن من تظهر ساعديها من النساء وهي في البيت يوم القيامة تحترق ساعداها ، مع العلم أن بعض النساء يفصلن ملابسهن إلى الأكمام أو بعض الأكمام إلى المرفقين . فما حكم ذلك ؟
أما هذا الجزاء وهو أن الساعدين تحترقان يوم القيامة فلا أصل له . وأما الحكم في إظهار الساعدين لغير ذوي المحارم والزوج فإن هذا محرم ، لا يجوز أن تخرج المرأة ذراعيها لغير زوجها ومحارمها ، فعلى المرأة أن تحتشم وأن تحتجب ما استطاعت ، وأن تستر ذراعيها إلا إذا كان البيت ليس فيه إلا زوجها ومحارمها ، فهذا لا بأس بإخراج الذراعين ، أما من فصلت ملابسها إلى المرفقين فأقول لها : لا بأس تبقي الثياب المخيطة على هذا الوضع ، وتلبس للزوج والمحارم ، ويفصل ثياب جديدة إذا كان في البيت من ليس محرما لها كأخ زوجها وما أشبهه ، ولا يجوز للمرأة أن تخرج بهذه الملابس إلى الشارع إلا أن تسترها بثياب ذات أكمام طويلة تسترها أمام الناس في السوق مع العباءة .
تطيب المرأة خارج البيت
ما حكم تعطر المرأة وتزيينها وخروجها من بيتها إلى مدرستها مباشرة . هل لها أن تفعل هذا الفعل ؟ وما هي الزينة التي تحرم على المرأة المسلمة عند النساء ؟ يعني ما هي الزينة التي لا يجوز إبداؤها للنساء ؟
* خروج المرأة متطيبة إلى السوق محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية )(21) ولما في ذلك من الفتنة .
أما إذا كانت المرأة ستركب في السيارة ولا يظهر ريحها إلا لمن يحل له أن تظهر الريح عنده، وستنزل فورا إلى محل عملها بدون أن يكون هناك رجال حولها ، فهذا لا بأس به ، لأنه ليس في هذا محذور ، فهي في سيارتها كأنها في بيتها ،ولهذا لا يحل لإنسان أن يمكن امرأته أو من له ولاية عليها أن تركب وحدها مع السائق ، لأن هذه خلوة . أما إذا كانت ستمر إلى جانب الرجال فأنه لا يحل لها أن تتطيب .
أما بالنسبة للزينة التى تظهرها للنساء فإن كان ما أعتيد بين النساء من الزينة المباحة فهي حلال . وأما التي لا تحل كما لو كان الثوب خفيفا جدا يصف البشرة أو كان ضيقا جدا يبين مفاتن المرأة ، فأن ذلك لا يجوز لدخوله في قول النبي صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما ...وذكر نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) (22) .
الضوابط في سكن العوائل
من العادات المنتشرة في بعض المجتمعات أن بعض العوائل عندما تسكن في بيت واحد ، فإن النساء يكشفن وجوههن أمام أقارب أزواجهن ، وذلك بسبب أنهم في بيت واحد، فما رأي فضيلتكم في ذلك ؟
* العائلة إذا سكنت جميعا فالواجب أن تحتجب المرأة على من ليس بمحرم لها . فزوجة الأخ لا يجوز أن تكشف لأخيه ، لأن أخاه بمنزلة رجل الشارع بالنسبة للنظر والمحرمية ولا يجوز أيضا أن يخلو أخوه بها إذا خرج أخوه من البيت ، وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس مثل أن يكون هناك أخوان في بيت واحد أحدهما متزوج . فلا يجوز لهذا المتزوج أن يبقي زوجته عند أخيه إذا خرج للعمل أو للدراسة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخلون رجل بامرأة ) (23)وقال : ( إياكم والدخول على النساء ) قالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ والحمو أقارب الزوج ـ قال ( الحمو الموت ) (24).
ودائما يقع السؤال عن جريمة فاحشة الزنا في مثل هذه الحال ، يخرج الرجل وتبقى زوجته وأخوه في البيت فيغويهما الشيطان ويزني بها والعياذ بالله ـ يزني بحليلة أخيه ، وهذا أعظم من الزنا بحليلة جاره ، بل إن الأمر أفظع من هذا .
على كل حال أريد أن أقول كلمة أبرأ بها عند الله من مسئوليتكم : إنه لا يجوز للإنسان أن يبقي زوجته عند أخيه في بيت واحد مهما كانت الظروف حتى لو كان الأخ من أوثق الناس وأصدق الناس وأبر الناس ، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، والشهوة الجنسية لا حدود لها لا سيما مع الشباب .
ولكن كيف نصنع إذا كان أخوان في بيت وأحدهما متزوج ؟ هل نقول إذا أراد أن يخرج ومعه زوجته إلى العمل ؟
لا ، ولكن يمكن أن يقسم البيت نصفين ، نصف يكون للأخ عند انفراده ويكون فيه باب يغلق بمفتاح يكون مع الزوج يخرج به معه ، وتكون المرأة في جانب مستقل في البيت والأخ في جانب مستقل .
لكن قد يحتج الأخ على أخيه ويقول لماذا تفعل هذا ؟ ألا تثق بي ؟
يقول له : أنا فعلت ذلك لمصلحتك ، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . فربما يغويك وتدعوك نفسك قهرا عليك فتغلب الشهوة العقل ، وحينئذ تقع في المحظور ، فكوني أضع هذا الشي حماية لك ، هو من مصلحتك كما أنه من مصلحتي أنا . وإذا غضب من أجل هذا فليغضب و لا يهمك . هذه المسألة أبلغكم إياها تبرؤاً من مسئولية كتمها وحسابكم على الله عز وجل .
أما بالنسبة لكشف الوجه فإنه حرام و لا يجوز للمرأة أن تكشف لأخي زوجها ، لأنه أجنبي منها ، فهو منها كرجل الشارع تماما .
المنع من النقاب
في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بين أوساط النساء بشكل ملفت للنظر وهي ما يسمى بالنقاب ، والغريب في الظاهرة ليس لبس النقاب إنما طريقة لبسه لدى النساء ، ففي بداية الأمر كان لا يظهر من الوجه ألا العينان فقط ، ثم بدأ النقاب بالاتساع شيئا فشيئا ، فأصبح يظهر مع العينين جزء من الوجه مما يجلب الفتنة و لا سيما أن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه . وإذا نوقشن في الأمر احتججن بأن فضيلتكم أفتى بأن الأصل فيه الجواز . فنرجو توضيح هذه المسألة بشكل مفصل ؟
لا شك أن النقاب كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، و أن النساء كن يفعلنه كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة إذا أحرمت ( لا تنتقب ) (25) فإن هذا يدل على أن من عادتهن لبس النقاب ، ولكن في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه بل نرى منعه ، لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز ، وهذا أمر مشاهد . ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب في أوقاتنا هذه ، بل نرى أنه يمنع منعا باتا ، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر وألا تنتقب ، لأن ذلك يفتح باب الشر لا يمكن إغلاقه فيما بعد .
ليس بين الزوج وزوجته عورة
ما حكم لبس الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم ؟
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه من الفتنة محرم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ـ يعني ظلما وعدوانا ـ ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات )(26) . فقد فسر قوله : ( كاسيات عاريات ) بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة . وفسر بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة ، وفسرت بأن يلبسن ملابس ضيقة فهي ساترة عن الرؤيا لكنها مبدية لمفاتن المرأة ، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج، فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة ، لقوله تعالى ( والذين هم لفروجهم حافظين*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)(المؤمنون5- 6)
وقالت عائشة كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني من الجنابة ـ من إناء واحد تختلف أيدينا فيه ) (27) فالإنسان لا عورة بينه وبين زوجته .
وأما بين المرأة والمحارم فأنه يجب عليها أن تستر عورتها ، والضيق لا يجوز لا عند المحارم و لا عند النساء إذا كان ضيقا شديدا يبين مفاتن المرأة .
عندما تجبر على خلع الحجاب
في بعض البلدان قد تجبر المسلمة على خلع الحجاب وبالأخص غطاء الرأس ، هل يجوز لها تنفيذ ذلك علما بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالفصل من العمل أو المدرسة ؟
* هذا البلاء الذي يحدث في بعض البلدان هو من الأمور التي يمتحن بها العبد ، والله سبحانه وتعالى يقول ( آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) ( العنكبوت : 1ـ3)
فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة أولي الأمر في هذا الأمر المنكر ، لأن طاعة أولي الأمر في الأمر المنكر مرفوضة ، قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ( النساء : 59) . لو تأملت الآية لوجدت أن الله قال ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ولم يكرر الفعل ثالثة مع أولي الأمر ، فدل على أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ، فإذا كان أمرهم مخالفا لطاعة الله ورسوله فأنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله ، ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .
وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية فإنه من الأمور التي يجب الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر ، ونسأل الله لولاة أمورهم أن يهديهم إلى الحق ، ولا أظن هذا الإجبار إلا إذا خرجت المرأة من بيتها ، وأما في بيتها فلن يكون هذا الإجبار، وبإمكانها أن تبقى في بيتها حتى تسلم من هذا الأمر ، أما الدراسة التي تترتب عليها معصية فأنها لا تجوز ، بل عليها دراسة ما تحتاج إليه في دينها ودنياها ، وهذا يكفي ويمكنها ذلك في البيت غالبا .
اللباس الشرعي
تعلمون بلا شك أن مكمن الفتنة في المرأة متركز في جسدها الداخلي ، فإن ظهر ثارت الفتنة وعمّ الشر ، فما الذي يجوز للمرأة كشفه من جسدها وما حكم نظر المرأة إلى عورة المرأة ؟
* يجب على المرأة أن تلبس اللباس الشرعي الذي يكون ساترا ، وكان لباس نساء الصحابة كما قال شيخ الإسلام ابن تميمة وغيره من الكف إلى الكعب في بيوتهن ، أي من كف اليد إلى كعب الرجل ، فإذا خرجن لبسن ثيابا طويلة تزيد على أقدامهن بشبر ، ورخص لهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذراع من أجل ستر أقدامهن ، هذا بالنسبة للمرأة المكتسية ، فإن رفعت اللباس فهي من الكاسيات العاريات .
أما بالنسبة للمرأة الناظرة فإنه لا يجوز لها أن تنظر عورة المرأة ، يعني لا يجوز أن تنظر ما بين السرة إلى الركبة مثل أن تكون المرأة تقضي حاجتها مثلا فلا يجوز للمرأة أن تنظر إليها ، لأنها تنظر إلى العورة ، أما فوق السرة أو دون الركبة ، فإذا كانت المرأة قد كشفت عنه لحاجة مثل أنها رفعت ثوبها عن ساقها لأنها تمر بطين مثلا ، أو تريد أن تغسل الساق وعندها امرأة أخرى فهذا لا بأس به ، أو أخرجت ثديها لترضع ولدها أمام النساء فإنه لا بأس ، لكن لا يفهم من قولنا هذا كما تفهم بعض النساء الجاهلات أن المعنى أن المرأة تلبس من الثياب ما يستر ما بين السرة والركبة فقط ، هذا غلط ، غلط عظيم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى شريعة الله وعلى سلف هذه الأمة ، من قال : إن المرأة لا تلبس إلا سروالاً يستر من السرة إلى الركبة وهذا لباس المسلمات ؟ ! لا يمكن !
فالمرأة يجب أن تلبس اللباس الظاهر من الكف إلى الكعب ، أما المرأة الأخرى التي تنظر فلها أن تنظر إلى الصدر والساق لكن ليس لها أن تنظر ما بين السرة والركبة فيما لو كشفت المرأة ثوبها ، فإن الأخرى لا تنظر ما بين السرة والركبة .
الملابس القصيرة
قرأت بخطكم جوابا يقول : للمرأة أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذراعين والقدمين والساقين ، وتستر ما سوى ذلك ، هل هذا الكلام على إطلاقه خصوصا أن موقفكم حفظكم الله ـ من الملابس القصيرة بالنسبة للأطفال والنساء عموما فأنه لا يجوز ؟
* نحن إذا قلنا يجوز أن تكشف عن كذا وكذا ليس معناه أن تكون الثياب على هذا الحد، لكن لنفرض أن امرأة عليها ثوب إلى الكعب ثم انكشف ساقها لشغل أو غير شغل فأنها لا تأثم بهذا إن لم يكن عندها إلا المحارم ، أو لم يكن غير النساء .
أما اتخاذ الثياب القصيرة فإننا ننهى ونحذر منه لأننا نعلم ـ وإن كان جائزا ـ أنه سوف يتدهور الوضع إلى أكثر من ذلك كما هو العادة في غير هذا ، أن الناس يفعلون الشي في أول الأمر على وجه مباح ، ثم يتدهور الوضع حتى ينحدروا به إلى أمر محرم لا إشكال في تحريمه،كما أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ) (28)ليس معناه أن المرأة يجوز أن تلبس ما يستر ما بين سرتها وركبتها فقط ولا أحد يقول بهذا ، لكن المعنى أنه لو انكشف من المرأة الصدر وكذلك الساق مع كون الثوب وافيا فإن ذلك لا يحرم نظره بالنسبة للمرأة مع المرأة ، ولنضرب مثلا امرأة ترضع ولدها فأنكشف ثديها من أجل إرضاع الولد ، لا نقول للمرأة الأخرى أن نظرك لهذا الثدي حرام،لأن هذا ليس من العورة ، أما أن تأتي امرأة تقول : أنا ما ألبس إلا سروالا يستر ما بين السرة والركبة فلا أحد يقول بهذا ، و لا يجوز ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن لباس الصحابيات كان من كف اليد إلى كعب الرجل ، هذا إذا كن في بيوتهن ، أما إذا خرجن إلى السوق فمعروف حديث أم سلمة أن المرأة ترخي ثوبها ، فقد رخص لها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترخيه إلى ذراع من أجل ألا تنكشف قدماها إذا مشت .
الكشف داخل السيارة
بالنسبة لبعض المعلمات أو الطالبات عندما يركبن في الحافلة أو السيارة لغرض توصيلهن إلى المدارس نلحظ أن بعضا منهن يقمن بكشف وجوههن داخل السيارة ، وحجتهن في ذلك أنه لا يراهن أحد ـ فما رأيكم ؟ وماذا عن السائق الذي يتعهدهن بالتوصيل مع أنهن كاشفات ؟
* كشف المرأة وجهها والرجال ينظرون إليها حرام ، ولا يحل سواء كانت معلمة أم طالبة ، وسواء كانت في السيارة أو كانت تمشي في السوق على قدميها ، لكن لو كانت في السيارة لا يراها من كان خلف الزجاج سائرا ، وكان بين النساء وبين السائق ستره ، فلا حرج عليهن في هذه الحال أن يكشفن وجوههن ، لأنهن كاللاتي في حجرة منفردة عن الرجال .
وأما إذا كان الزجاج شفافا يرى من وراءه ، أو كان غير شفاف لكن ليس بينهن وبين السائق حاجز فإنه لا يجوز لهن كشف وجوههن لئلا يراهن السائق أو أحد من الرجال في السوق .
وأجرة السائق ليست حراما ، لأن النساء لم يستأجرن هذه السيارة لأجل كشف وجوههن لكن يجب على السائق أن يأمرهن بتغطية الوجه ، فإن أبين وأصررن على أن يكشفن وجوههن جعل على السيارة ستائر أو يتخذ من الزجاج المحجوب ويجعل بينه وبينهن سترا ، وبذلك يزول المحذور .
السلام على المرأة
ما هدى الإسلام بالنسبة لرد السلام على المرأة وهل تسلم المرأة ؟ وهل يفرق بين المرأة الصغيرة أو المرأة الكبيرة التي لا يخشى منها الفتنة ؟ وما حكم المصافحة وتقبيل الرأس لهن ـ أي العجائز ؟
* الرجل لا يسلم على المرأة ، والمرأة لا تسلم على الرجل ، لأن هذا فتنة ، اللهم إلا عند مكالمة هاتفية فتسلم المرأة أو الرجل بقدر الحاجة فقط ،أو إذا كانت المرأة من معارفه مثل أن يدخل بيته فيجد فيه امرأة يعرفها وتعرفه فيسلم وهذا لا بأس به ، أما أن يسلم على امرأة لقيته في السوق ، فهذا من أعظم الفتنة فلا يسلم .
وأما تقبيل المحارم فتقبيلهن على الرأس والجبهة لا بأس به وتقبيلهن على الخد لا بأس به من قبل الأب ، لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة وهي مريضة فقبل خدها ، فهذا لا بأس به ، أما إذا كان من غير البنت فإنه يكون التقبيل على الجبهة وعلى الرأس .
أما مصافحة المرأة غير ذات محرم فأنها حرام ، لأن مصافحتها أبلغ في حصول الفتنة من مشاهدتها ، وأما تقبيل رأس العجائز من ذوات المحارم فلا بأس به ، ومن غير ذوات المحارم فلا تقبلها .
هل يجوز أن يقبل رأس زوجة أبيه ؟
*نعم يجوز لأنها من محارمه .
وهل يجوز أن يصافح بنت زوجته ؟
هذا فيه تفصيل فإن كان قد دخل بأمها فيصافحها إن أمن من الفتنة وإلا فلا .
كيف يكون لها بنت ولم يدخل بها ؟
تكون البنت من غيره من شخص سابق ، ويكون قد عقد عليها ولكن لم يدخل بها، لم يجامعها، وحينئذ لا تكون هذه البنت محرما له .
مسائل خاصة
هناك مسألة تقع كثيرا عند بعض النساء وهي أنهن يقمن بالاستعانة بامرأة أخرى تأتي إلى المنزل لغرض قيامها بإزالة الشعر الذي على البدن والفخذين ، فهل يجوز لهذا المرأة أن تنظر إلى فخذ المرأة التي تزيل شعرها ؟ ثم أن هذا العمل هل يعد من الضرورة ؟
هذه الحالة ليست من الضرورة ، لأن شعر الفخذين والساقين في حلها نظر ، لأن الشعر من خلق الله وتغيير خلق الله في غير ما أذن الله فيه من وحي الشيطان ، قال تعالى ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) ( النساء : 119 ) والشعر من خلق الله فلا يزال إلا ما فيما شرعت إزالته كالعانة والإبط ، والشارب بالنسبة للرجل ، فهذا يزال ، أما شعر الساقين والفخذين فإنه لا يزال، لكن لو كان الشعر كثيرا في المرأة بحيث يكون ساقها كساق الرجل فلا بأس أن تزيله ، أما الأفخاذ إذا كثر فيها الشعر فلا تزيله امرأة أخرى بل تزيله المرأة صاحبة هذا الشعر ، لأنه لا حاجة إلى الاستعانة بامرأة ثانية ، فهنا الآن وسائل لإزالة الشعر من دهن أو غيره . بمجرد ما يمسح به الشعر يزول ، فيستعمل هذا لكن بشرط أن يراجع في ذلك طبيب .
وجوب ستر الوجه
بالنسبة لمن تفرط في الحجاب من النساء ما هو جزاؤها ؟ وهل تعذب بالنار في الآخرة ؟
* إن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر ، فإن كانت شركا وكفرا مخرجا عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك وكفر بالله،قال تعالى: ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار)(المائدة 72) . وقال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ( النساء 48 ) . وإن كان دون ذلك ـ أي دون الكفر المخرج عن الملة ـ وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له .
والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها، لقوله الله تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) ( الأحزاب : 59 ) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن ، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يسترن وجوههن ونحورهن ، وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة والنظر الصحيح والاعتبار على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها أو زوجا ، ولا يشك عاقل أنه إذا كان على المرأة أن تستر رأسها وتستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه ، وأن هذا واجب ، فإن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم ، وذلك أن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بظهور شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها . وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ، ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها ، وأن تخرج وجهها المملوء جمالا وحسنا ، فإن ذلك خلاف الحكمة .
ومن تأمل ما وقع فيه الناس اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى أن تتهاون المرأة فيما وراءه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية ، علم بأن الحكمة تقتضي أن على النساء ستر وجوههن ، فعلى المرأة المسلمة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجب الحجاب الواجب الذي لا تكون معه فتنة بتغطية البدن عن غير الأزواج والمحارم .
***************************************
أرسله أخوكم في الله
بهاء الدين عبدالله