النقطة السابعة:-
"7)- الاستعانة غالبا ما تكون نتيجة تلبس الجني لبدن المعالج أو أحد أفراد أسرته ، وهـذا مشاهد محسوس ملموس ، تقره الخبرة والتجربة العملية ، وفي ذلك مخالفة شرعية صريحة لنص الآية الكريمة : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَالا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 ) ( البقرة – 275 ) ، ووجود الجني داخل جسد الإنسان بهذه الكيفية وعلى هذا النحو غير جائز وغير مسوغ من الناحية الشرعية ، وليس من عقيدة المسلم أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنما الوسيلة كما بينها الشرع الحنيف هي اتخاذ الأسباب الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وكذلك الأسباب الحسية المباحة لعلاج تلك الأمراض الروحية 0:
وأقول:-
قد يصح هذا في بعض الحالات و هي بالقطع خاطئة, لان تلبس الجن بالجسد أمر غير شرعي بالمرة, و لكن عندما تنشأ الاستعانة عن صداقة بين الطرفين, و تعاون علي البر و التقوي فأعتقد انها ليست بحرام.
النقطة الثامنة:-
"8)- إن الحكم على الأشخاص بالصلاح والاستقامة أساسه ومنبعه الالتزام بمنهج الكتاب والسنة ، والشهادة للإنسان بالصلاح والاستقامة تكون بناء على المعرفة المسبقة به من حيث التزامه وخلقه ومنهجه وورعه وتقاه وسمته الحسن ، ومع ادراك كافة تلك المظاهر الا أن التزكية الشرعية تبقى أمرا صعبا بسبب تعلق كل ذلك بمعرفة الله سبحانه وتعالى لعبده واضطلاعه على ما يحمله في قلبه وسريرته ، وقد ثبت ذلك من حديث أسامة - رضي الله عنه - قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ) ( متفق عليه ) 0
قال النووي : ( وقوله صلى الله عليه وسلم " أفلا شققت عن قلبه " فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر ، والله يتولى السرائر ) ( صحيح مسلم بشرح النووي ) 0"
و أقول: لست ادري الغرض من هذا النقطة في هذا الأمر بالذات, ان الحكم على المسلم "انس أو جن" يخضع لنفس القاعدة, الظواهر, و الله أعلم ببواطن الأمور.
النقطة التاسعة:-
" 9)- استدراج الشيطان للمستعين بكافة الطرق والوسائل والسبل للايقاع به في الكفر أو الشرك أو المحرم ، وقد سمعنا من القصص قديما وحديثا ما يؤيد ذلك ويؤكده ، فكم من رجال عرفوا بالاستقامة والصلاح ، وتم استدراجهم ، وماتوا على الكفر أو المعصية والعياذ بالله !
قال ابن كثير : ( قال عبدالله بن مسعود في هذه الآية : ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ( الحشر – الآية 16 ) : كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعـة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب 0 قال : فنزل الراهب ففجر بها فحملت 0 فأتاه الشيطان فقال له : اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك 0 فقتلها ثم دفنها ، قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال : لهم إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا ، فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا لا بل قصها علينا فقصها 0 فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك 0 قالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء ، قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه 0 قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل ، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس ومقاتل بن حيان نحو ذلك ، واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا فالله أعلم )( تفسير القرآن العظيم–4/341)0"
و أقول:
مرة أخري نخلط بين "الجن" و "الشياطين", ان ما ذكر ينطبق تماما على الشيطان و نحن لا نتحدث عن "الاستعانة بالشياطين" و لكن "الاستعانة بالجن", ارجو الا نعمم الحكام و أرجو من قائل هذا الكلام ان يستغفر الله على هذا الاتهام الخطير للجن لان بهم مسلمون سيسئلون الله يوم القيامة عما قال عنهم, و أذكر مرة اخري ان الجن منهم من قال "انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فأمنا به و لن نشرك بربنا أحدا", فهل من المعقول ان نساوي هئولاء بالشياطين؟
انا شخصيا أعلم بعض الحالات الى يستعان فيها بالشيطان و قد ضل اصحابها ضلالا بعيدا والعياذ بالله, و لكني اتكلم عن "العلاقة المحمودة بين مسلمي الانس و مسلمي الجن", و التى لها أمثلة كثيرة ناصعة مشرقة عظيمة واضحة.
النقطة العاشرة:-
"10)- تؤدي الاستعانة إلى حصول خلل في العقيدة ، فترى المستعين يلجأ إليهم ويتعلق بهم تعلقا يبعده عن الخالق سبحانه وتعالى 0"
و أقول:
لو أدت الاستعانة الى حدوث خلل في العقيدة فهو حرام, و لكن لماذا نجزم ان الاستعانة تؤدي الى هذا الخلل؟ لماذا نستبق الأحكام؟ انا ما ذكر ينطبق على كافة مناحي الحياة, لو أدت استعانتي بكاتب الموضوع الى التعلق به من دون الله لكان شركا و حراما, لماذا نعمم الحكم؟ كان الأولى ان نقول "لو ادت الاستعانة بالجن الى خلل في العقيدة فهو حرام و لو لم تؤدي الى هذا فلا يوجد ما يحرم هذا الأمر.
النقطة الحادية عشر:-
"11)- قد يستخدمون لغير الأعمال الصالحة ، والمسلمون من الجن غالبا ليسوا على قدر كبير من العلم الشرعي ، والمعرفة بأحكام الحلال والحرام ، ونتيجة للألفة والمودة من جراء تلك العلاقة المطردة ، فقد يكلفون القيام ببعض الأعمال التي تتعارض مع أحكام الشريعة والدين في لحظات ضعف تمر بالإنسان ، والنفس أمارة بالسوء ، فيلجأ المستعين للانتقام لنفسه أو لغيره ويعينونه على ذلك 0"
وأقول:
أولا:-كلمة "قد" لا تبرر تحريم الاستعانة, لان الكاتب نفسه ليس على يقين من ألأمر.
ثانيا:-لما يجزم الكاتب بأن مسلمي الجن ليسوا على قدر من العلم الشرعي؟ و ما الدليل؟
ثالثا: قاعدة "النفس أمارة بالسوء" قاعدة عامة لكل المخلوقات العاقلة و هي تنطبق على الانس ايضا, فلماذا نخص بها الجن او المستعين بهم؟
ولماذا لا نفترض ان المستعين قد اتاه الله علما و ايمانا و توكلا عليه سبحانه, هذا هذا مستحيل؟
النقطة الثانية عشر:-
"12)- تكون الاستعانة حجة لكثير من السحرة على ادعاء معالجتهم بالرقية الشرعية وقراءة القرآن ، لعلمهم أن الناس أدركت خطورتهم وكفرهم ، فيدعون الرقية والاستعانة بالصالحين من الجن ، فيطرق الناس أبوابهم ، ويطلبون العلاج على أيديهم ، وكثير من أولئك ينساقون وراءهم إما لضعف اعتقادهم ، أو خوفا منهم ومن إيذائهم وبطشهم ، والقصص والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، والواقع الذي يعيشه الناس يؤكد ذلك أيضا 0"
أقول:-
أولا:- لماذا نتكلم عن السحرة؟ نحن لا نبحث حل او حرمة السحر, اننا نتكلم عن "الاستعانة بالجن المسلم" و من استعان به فهو ليس بساحر.
ثانيا:-إذا استغل بعض الجاهلون او الفاسقون موضوع الاستعانة لخداع الناس, فالأولى ان نحاربهم و نكشف زيفهم لا ان نحرم الاستعانة بالصالحين من الجن, و إذا أخطا البعض فالعيب فيه و ليس في مبدأ الاستعانة.
ثالثا:إذا انساق الناس وراء هؤلاء المشعوذون فالصحيح ان نبصر الناس و نعلمهم كيف يفرقون بين المشعوذ و "مستخدم الجن المسلم", لا ان نغلق الباب كليا اما هذا الأمر.