السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية فإن الحمد والمنة من الله وحده لا شريك الله، علم الإنسان ما لم يعلم، وأسبغ عليه من نعمه وفضله ما لا يحصيه ثناء، ولا يبلغه حمد مهما زاد، بيده مقاليد السماوات والأرض، لا يتحرك ساكن إلا بإذنه، ولا يحدث من أمر في الكون إلا بمشيئته، ولا يتصرف مخلوق بخير أو بشر إلا بإرادته تعالى، وأمره حكمة وخير في كل حال لمن سعى للتقوى و اجتهد في مرضاته تعالى وحده لا شريك له، وإن كان الظاهر غير ذلك ، وإنما الابتلاء فتنة ليميز الله الخبيث من الطيب ويمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، فهنيئاً لمن أخلص النية لخالقه وتاب وصبر على ما أصابه وسعى في تطهير نفسه من براثن الآثام وقيود الذنوب بالطاعة والعبادة واجتهد في ذلك مهما واجه من صعاب، ومهما تعرض لعراقيل وعقبات، بل جعل نصب عينيه رضى الرحمن والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم اتخذ من الأسباب الشرعية ما يحفظ به دينه وعقله وعرضه وبدنه وماله، ليستمر في الطاعة ويحقق مراد الله في عبادته وإعمار الأرض وفق شرعه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، والويل لمن غفل عن ذكر الله واستمر في ظلمه وطغيانه وشركه وإن اجتمعت له مفاتن الدنيا وزخرفها جميعاً.
وبعد إخواني وأخواتي فإني أحمد الله تعالى أن قيض رجالاً ونساءً في هذا المنتدى المبارك نحسبهم على صلاح والله حسيبهم، نذروا أنفسهم وجلاً لا يستهان به من وقتهم خدمة للمريض الروحي بتعليمه وتثقيفه ونصحه والأخذ بيده حتى يصل بإذن الله إلى بر الأمان، ويتخلص من أزمة قد يحار بها، ولا يدري ما كنهها، وقد يعجز حتى عن وصف ما يلم به، وأحياناً أقرب الأقربين له قد يعتريهم الريبة في حالته لمحدودية علمهم وإحاطتهم بهذه الأمور لا تقصيراً في محبتهم ومودتهم لهذا الشخص، فهنا يجد المريض من يسانده ويشاركه ويفهم معاناته ، وأخص بالذكر والقائمة تطول لكن على رأسها الشيخ الفاضل أبو البراء أسامة المعاني، والفاضلة أم سلمى، وغيرهم عديدون مشرفين ومشرفات أرجو أن يعذرونني في عدم ذكر ألقابهم لطول فترة غيابي وانشغالي فأخشى أن أذكر أحدهم وأنسى الآخر فلهم الشكر جميعاً لكل ما قدموه وما يقدمونه للمرضى وأسأل الله أن يثيبهم جميعاً ويجزيهم خيراً كثيرا هم وكل من يسير على خطاهم.
وهذه تذكرة بسيطة واجتهاد لعلي أصيب به وينفع الله به من هم بحاجة لها ولفتة إلى المرضى بعدم قنوطهم ممن لا يقتنع بحالتهم لذا فالواجب لكل من يعتقد أن به أذى روحياً أن يسعى للتأكد أولاً بعرض حالته على المختصين ممن يرشدونهم إلى ما يفعلونه وليتحر المريض أهل الثقة وهم أهل السنة والجماعة، ثم إذا تحقق من حالته فعليه ألا ييأس وأن يدفع الخوف عنه ويتيقن بما ذكرته في مقدمة الكلام بأن الله حق وأنه المتصرف في الكون وحده لا شريك له ويجتهد جيداً في دحض أي وسوسة تشككه في ذلك ويتيقن تماماً أنها ليست منه وأنها من الشيطان ولا يلم نفسه بل يصرفها في الذكر و قراءة القرآن والصلاة وفعل الخيرات وإن استصعب ذلك، وإذا شعر بالارهاق فليخفف في ذلك بما تطيب نفسه به من المباحات، وإن حصل وأذنب فليسرع بالتوبة ولا يسرف في اللوم بل يجدد النية ويجدد العزم في الصلاح مهما طال به الحال،وعليه أن يتابع البرنامج العلاجي بقدر استطاعته وبما يتمكن منه من أسباب شرعية وحسية مع عدم الاعتقاد بها بل التوكل على الله، وعليه بالإكثار من الدعاء فإنه كنز عظيم .. ويحاول أن يتعلم تحت إشراف ذوي الخبرة ويصبر كثيراً ويحتسب ذلك عند الله .. ويتفائل ولا يتعجل بل يجعل في نفسه أن الله سيكتب له الشفاء في الوقت المناسب وفقاً لما تقتضيه حكمته وأنه هو الرحمن الرحليم
وحتى إن لم يلق قبولاً ممن حوله فلا يجعل ذلك مبرراً ليأسه، بل يسعى بالرفق واللين بإقناعهم وإن صعب عليه ذلك فليستمر في علاجه ولا يظهر الأمر لهم قدر الاستطاعة إلا أن يكون في ذلك خطر على حالته فليجتهد في إقناعهم بالحسنى وليتوكل على الله
وأكرر بالنسبة للوسوسة
فإذا كانت هنالك فكرة تقلقك .. فلا تجعل الخوف يسيطر عليك .. تيقن أنها ليست منك وقاومها برفق .. اتبع وصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما تطرأ في ذهنك فتعوذ بالله من الشيطان ولا تسترسل في التفكير بها بل اشغل نفسك بأي عمل نافع واياك أن تشغل نفسك بالحرام فهذا هو بعينه ما يريده الشيطان منك، الشيطان لن ييأس منك فهل تيأس من الاستمرار في مقاومته ؟؟ كما يفعل هو بتحين أي فرصة غفلة لديك ليوسوس لك، فلا تجعل له هذه الفرصة أولاً وأشغل نفسك بالتركيز في الطاعات والذكر والعلم والعمل النافع وأصناف المباحات، وإن طرأت في بالك وسوسته فبادر بمقاومتها ولا تيأس مهما تكررت معك.
كما أن التنويع في النوافل وتقليل التشدد بها مع الحرص على الاستمرار بها والترخص برخص الله والعلم بالأحكام الشرعية واتباع الثقة من العلماء واجماعهم في مسائل الاختلاف وعدم التشدد بها احدى الوسائل التي تحارب الوسوسة أيضاً والله أعلم
هذه بعض النصائح والتوجيهات ما صح منها فمن الله والخطأ مني ومن الشيطان
أسأل الله أن يتقبل أعمالنا وأسأل الله الشفاء التام العاجل الذي لا يغادر سقماً لجميع من ابتلي بالأمراض الروحية
والله ولي التوفيق