" مميزات بلاغة القرآن وحسن بيانه
1 - فصاحة مفردات القرآن :
فلا تكاد تمر بك كلمة إلَّا وجدتَها محكمة الوضع ، خفيفة الوقع على السمع .
2 - متانة نظمه : التي بلغت الغاية التي ليس وراءها مطلع ..
3 - انتظام دلالته على ما يقصد إفادته وإحضاره في الأذهان ...
4 - استيفاؤه للمعاني :التي تستدعي الحال الإفصاحَ عنها أو الإيماء إليها ؛
فإنّك تنظر في الآية ،
وتتدبر المعنى الذي سيقت من أجله ،
فتعود منها ويدك مملوءة من الفوائد التي تقع إليها ؛ من حيث تُقَرِّر شريعة ،
أو تُقيم حُجة ، أو تلقي موعظة ،
أو تُرسل حكمة ، إلى نحو هذا مما تستبين به سبيل الرشد ..
5 - تناسبه في حسن بيانه دون تفاوت
أو تباين : فأنت ترى البليغ من البشر يحسن البيان ، ويأخذ لبَّك ، حتى إذا طال به مجال القول ...
أمكنك أن تُبصر فيها ضعفاً ،
وتستخرج بنقدك الصحيح من أواخر كلامِه
مآخذ أكثر مما تستخرج من أوائلها .
ولكن القرآن الكريم على طول أمده ،
وكثرة سوره نزل متناسبا في حسن بيانه ،
كما قال تعالى :
** الله نزّل أحسن الحَديث كِتاباً متشابها **
[ سورة الزمر : 23 ]
ثم قال : ** ولَوْ كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا **
[ سورة النّساء : 82 ] .
6 - صوغ الأقوال على قدر الحقائق : فمن المعروف أن القرآن أتى بحقائق أسَّسَ
بها شريعة واسعة النطاق ،
والقرآن الكريم يعبر عن تلك المعاني التي
تستدعي صدقَ اللهجة ، وصوغَ الأقوال على أقدار تلك الحقائق ، فترى الفصاحة ضاربة أطنابها ،
والبلاغة مرسلة أشِعَّتها .
وليس من شأن هذه المعاني أن تظهر فيها براعة البُلغاء كما تظهر فيما أَلَّفوه
مما يطلقون لأفكارهم فيه العنان ،
فتذهب مع الخيال كل مذهب ، وترتكب من المبالغات ما استطاعت أن ترتكب .
7 - خُلوه من التصنع : القرآن الكريم بالغ الغاية في حسن البيان ، فلا يجد فيه الراسخ في نقد المنشآت البليغة ما ينزل
عن الدرجة العليا ، بل يحس روح البلاغة
التي لا يحوم عليها شيء من التصنع
سارية في آياته وسوره ، سواء في ذلك تصويره للمعاني ،
أو نظم الألفاظ الناطقة بها .
8 - تكرار القصص في أكمل ما يكون من حسن البيان :
فمن أعظم مظاهره بلاغة القرآن ،
أنه يورد القصة في أوفى درجة من حسن البيان ، ثم يعيدها في سورة أخرى على حسب ما يقتضيه مقام الوعظ ،
حتى إذا عقدت موازنة بين حكايتها هنا وحكايتها هناك ،
وجدتهما في مرتبة واحدة من البلاغة
لا تنزل إحداهما عن الأخرى بحال .
أما البليغ من البشر ، فقد يسوق إليك القصة في عبارات أنيقة ، ثم يريد أن يعيدها مرة أخرى ، فإذا هي في درجة من البراعة منحطة عن درجتها الأولى " .
_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 624 - 626 )
مع اختصار شديد وشيء من التصرف .