بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم أما بعد :
أخوتي في الله ترتكز نظريتي هذه علي عدة نتائج هي :
أولا": أننا يمكن أن نري الجان علي صورتهم الحقيقة بشروط و كيفيات معينة ويبقي الأصل أننا في الطبيعي لا نراهم .
ثانيا":أن هناك حجاب إلهي بين عالمنا وعالم الجان .
ونتناول النقطتين لكي نستوضح أوجه النقد ونرد عليها :
أولا": أننا يمكن أن نري الجان علي صورتهم الحقيقة بشروط و كيفيات معينة ويبقي الأصل أننا في الطبيعي لا نراهم .
إذا نظرنا إلي دليل المانعين لرؤية الجان علي حقيقتهم لا نجد لديهم إلا دليل واحد هو الآية 27 من سورة الأعراف ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) أليس كذلك ؟؟؟
ودليلي علي إمكانية رؤيتهم علي حقيقتهم هو نفس الآية ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) فسبحانه وتعالي لم ينفي إمكانية الرؤية ولكنه قيدها بمكان رؤيتهم لنا والتي وإن اختلفت تمكنا حينئذ من رؤيتهم علي صورتهم الحقيقية
إذا فالذي جعلنا مختلفين هو الفهم لهذه الآية فهم يرونه دليل علي عدم إمكانية ، وأنا أراه دليل علي إمكانية الرؤية .
- قال القرطبي : ( قوله تعالى : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ ) ( قبيله )جنوده قال مجاهد : يعني الجن والشياطين ابن زيد : ( قبيله ) نسله وقيل : جيله ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) قال بعض العلماء : في هذا دليل على أن الجن لا يرون ، لقوله : ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) وقيل : جائز أن يروا ، لأن الله تعالى إذا أراد أن يريهم كشف أجسامهم حتى ترى) أرأيت هناك خلاف في هذه المسألة فالبعض ذهب أن رؤيتهم جائزة ولم ينفي الجميع إمكانية الرؤية وهذا من تفسير القرطبي.- وهناك من العلماء الأجلاء من شاركوني الرأي أمثال الشوكاني :
ج )- قال الشوكاني - رحمه الله - : ( وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على أن رؤية الشياطين غير ممكنة ، وليس في الآية ما يدل على ذلك ، وغاية ما فيها أنه يرانا من حيث لا نراه ، وليس فيها أنا لا نراه أبدا ، فإن انتفاء الرؤية منا له في وقت رؤيته لنا لا يستلزم انتفاءها مطلقا ) ( فتح القدير – 2 / 197 ) سبحان الله هذا قول صريح واضح .
وكذلك إبن تيمية :
ز )- قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( والجن يراهم كثير من الناس ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 4 / 289.
وقد سئل عن قوله تعالى : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) وهل ذلك عام ولا يراهم أحد أم يراهم بعض الناس دون بعض ؟ وهل الجن والشياطين جنس واحد ولد إبليس أم جنسين : ولد إبليس وغير ولده ؟؟
فأجاب – رحمه الله - : ( الحمد لله ، الذي في القرآن أنهم يرون الإنس من حيث لا يراهم الإنس ، وهذا حق يقتضي أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الإنس فيها ، وليس فيه أنهم لا يراهم من الإنس بحال ؛ بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضاً ، لكن لا يرونهم في كل حال ، والشياطين هم مردة الإنس والجن ، وجميع الجن ولد إبليس ، والله أعلم ) ( مجموع الفتاوى – 15 / 7 )
أليس هذا إبن تيمية من يقول أم من ؟؟
إذا" فرأي أدعمه بالتفسير وأدعمه برأي الأئمة الكبار رضي الله عنهم وأرضاهم وقولهم صريح واضح لا يقبل التأويل أو تحميله مالم يأتي به .كتأويله علي أنهم يقصدون رؤية الجن في حال تشكلهم كما يدعي البعض .
إّذا فأمكانية رؤية الجان علي حقيقتهم ممكنة ولكن مقيدة وفي أحوال مخصوصة مثله مثل ما قاله الإستاذا الفاضل " ماهر كوسا " قال : ( نعم نرى الجن في حالتين – وقال : من شرب سحراً أو أكل سحراً فإنه يرى الجن على طبيعته كما خلقه الله سبحانه وتعالى ، والسبب في ذلك أن مادة السحر عبارة عن مادة مغناطيسية الماهية لها ذبذبات عالية جداً تؤثر على جسد المسحور وعلى عينيه فيرى فيها الجن على حقيقته ) ( فيض القرآن في علاج المسحور – ص 57.وهناك طرق أخري لا يتسع لذكرها المقام ههنا .
هذه نظريتي أو نظرتي بمنتهي الوضوح أو بمنتهي البساطة هذا الجني يراك من خلف ساتر لو تمكنت من اختراق هذا الساتر تمكنت من رؤيته علي حقيقته وهذا مايقودنا إلي النقطة الثانية مباشرة .
هناك حجاب أو برزج بين عالم الإنس وعالم الجان وهو الذي يفصل بين العالمين وهذا ماسنبينه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالي بمزيد من الشرح والتوضيح ، ولكن بعد مناقشتكم فيما قيل ههنا .
أخوكم في الله
ابن حزم الظاهري