تنبيه : السحر قسمان: سحر تأثير .. وسحر تخييل ..
وخالف في ذلك المعتزلة ،وأبو بكر الرازي الحنفي المعروف بالجصاص، وأبو جعفر الاسترباذي، والبغوي من الشافعية، ومن وافقهم من المتكلمة والفلاسة ، وكذلك أصحاب المدرسة العقلية المعاصرة .. فقصروا السحر على التخييل فقط . فهو عندهم لا تأثير له لا في مرض، ولا حَلٍّ، ولا عَقْدٍ، وبناءً عليه فإنهم يجعلون السحر نوعاً واحداً وهو سحر التخييل.
يقول : أبو بكر الرازي بأنه: " كل أمر خفي سببه، وتُخِيِلَ على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخُدَع".
ويقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: " إن السحر في الحقيقة لا يوجب المضرة لأنه ضرب من التمويه والحيلة…"، ويقول أبو منصور الماتريدي : " والأصل أن الكهانة محمول أكثرها على الكذب والمخادعة، والسحر على التشبيه والتخييل"، ويقول ابن حزم : "…وقد نص الله عز وجل على ما قلنا فقال تعالى: ** فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى **(طه:66) فأخبر الله تعالى أن عمل أولئك السحرة إنما كان تخيلاً لا حقيقة..." والاستدلال بهذه الآية مدفوع إذ ليس فيها أن السحر لا يكون إلا من قبيل التخييل، بل غاية ما تدل عليه الآية أن سحر السحرة في زمن فرعون والذي وقع في ذلك الموطن كان من ذلك القبيل، لا أن كل أنواع السحر كذلك .
وأما أهل السنة والجماعة : فإجماعهم منعقد على وجود السحر تأثيرا وتخييلا ً .
قال الإمام النووي : "والصحيح أن السحر له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء... " وقال الإمام القرطبي - رحمه الله - : "ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة ". وقال الإمام ابن القيم : "وقد دل قوله تعالى: ** ومن شر النفاثات في العقد **( الفلق:4 ) وحديث عائشة رضى الله عنها على تأثير السحر وأن له حقيقة ".
وعرف السحر ابن قدامة بأنه: " عزائم ورقى وعُقَد يؤثر في القلوب والأبدان، فيُمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه"
وغير ذلك من تلك الأقوال المذكورة في تضاعيف مؤلفاتهم نفع الله بها المسلمين .
والأدلة مذكورة ببسط في غير هذا الموضع .
وما ذكر تنبية على عدم قصر السحر على التخييل موافقة لغير أهل السنة ، حتى لا يفهم من الرد على من قال بقلب الساحر لحقائق الأشياء : أن السحر تخييل لا غير؟!! .
والله الموفق .