حينما من الله علي بالعودة إلى طريق النور ....
سألت أين خليلي وحبيبي ... ؟ و أين وصلت به الأيام ؟
وهل هو على ما يرام ....وهل هو كما هو ؟
لكن الجواب كان محزناً ...وصاعقاً ...خليلك ...حبيبك ...ذو الوجه الوضئ
والقلب المنير ...والروح الطاهرة ...
قد سقط !!!
نعم قد سقط ...وجرته شياطين الإنس إلى مسالك الخطر ...
فقلت لا ...لن أقف مكتوف الأيدي ...
وأنا المحب الوفي ...وأنا الذي تجرعت مرارة الضياع ...
لا لن أترك أخي يسقط ...سأكون له طوق النجاة ...سأفعل كل ما أستطيع ...
ولعل الله كما أكرمني بأخوة ذكروني بالله ...
يكرمه بأن نذكره بالله ....
واتفقت مع صاحبي ....الذي كان له فضل في عودتي لطريق الهداية ...
أن نتعاون على دعوة أخينا وحثه على التوبة والإنابة ...
وظننت أن الأمر سيكون سهلا ...
لا سيما وأن له مع الهداية شأن ...ومع القرآن أخبار ...ومع الصلاة أحوال وأحوال ...
لذلك كنت مطمئنا أن هذا كله سيسهل عودته إلى الله ...
وبعد محاولات عديدة ...كان يحاول فيها دائما التهرب مني ...
استطعت أن التقي بأخي الذي فارقته منذ زمن بعيد ....
وكم كانت فرحتي كبيرة وسعادتي غامرة ...
لأني قلت لنفسي ...أنه لم يلتقي به إلا وفيه من الخير الكثير ...
وازداد عندي الأمل بعودته إلى الله ...
وبدأت معه حواراً ذو شجون ...
ذكرته بأيامنا الجميلة ...
أيام قراءة القرآن وحفظه ...
أيام العمرة وأجواء الحرم ...
ايام المدينة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ...
ايام حكاياتنا الطريفة ...وعلاقتنا الحميمة ...وأخوتنا الصادقة ...
ايام الطهر والنقاء والإيمان ....
كان صاحبي ينظر إلي بجمود ....
شعرت بأنه معي جسدٌ بلا روح ...
وما إن انتهيت قال ...للأسف لا أستطيع العودة ...
قلت لماذا ؟
قال ...
لان هذا الطريق الذي دخلته لا يمكن الخروج منه ....
قلت ولماذا دخلت فيه ؟
قال ...
شبهة انقدحت في ذهني فأضلتني ...
قلت هاتها ننقضها لك عروة عروة ...
قال ....
هل تصدق إني لا ذكرها ...
لكن ما أذكره وأعرفه جيداً أني دخلت عالماً غير عالمكم وحياة غير حياتكم ...
عالماً من يدخله لا يستطيع أن يخرج منه ...حتى لو أراد ذلك سيبقى فيه رغما ً عنه ...
قلت له باب التوبة مفتوح ورحمة الله واسعة ...
ولا تخشى إلا الله ...
الله هو الحافظ وهو أرحم الراحمين ...
قال لي ...لقد تأخر الوقت ...كثير اً ....لتقديم هذه النصائح ...
مضى وقت طويل وأنا في هذه الحياة ولن أستطيع العودة ...أنا حاليا في طريق في اتجاه واحد لا عودة فيه ....
لم أيئس رغم أنه كان يتكلم بلغة يائسة ....
قلت له عدني بأن نلتقي مجدداً ...
عدني إن كنت لا زلت تقدرني وتحبني ....
قال ...بصوت خافت ...إن شاء الله ...
ورحل صاحبي وترك قلبي مضرجاً بالدماء لخوفي عليه .. من هذه الطريق التي يسلكها ...
ومرت الأيام وأنا أحاول الاتصال به لكنه لا يجيب ...
وفجأة علمت أنه سافر مع أحد رفقاء السوء ...
فقلت ...أبداً لن أستسلم ...لن أترك أخي وحده ...لن أترك رفقاء السوء يقوموا بتدميره أمام عيني ...
وبعد أن عاد ...بأيام قليلة ...
جائني اتصال مفاجئ ...من أحد الاخوة الذين يعلمون بأمري معه ...
ويعلم أني أحاول إنقاذه قبل فوات الأوان ...
فقال لي بصوت غريب ..ولهجة حزينة ...
نعزيك في أخيك فلان ...
فقد مات في ظروف مروعة ...
( واعذروني ...لن أستطيع ذكرها ...)
لكنها كانت ظروف لم تخطر على بال أحد ...
ظروف جعلت الحزن يخيم على كل من عرف قصة وفاته المؤلمة ...
سارعت وأخواني إلى المقبرة كي نصلي عليه ...
ذهبت وأنا أسير هائما غير مصدق أني سأذهب لرؤية أخي جثة هامدة ...
لم أكن أجرؤ من قبل على رؤية جثة في ثلاجة الأموات ...
لكني في هذا الموقف...قلت لهم يجب أن أراه ...
أخرجوه من الثلاجة ...
كشفوا لي وجهه ...
لكني رأيت شخصاً آخر غير أخي الذي أعرف ...
رأيت مشهدا لا يمكني أن أصفه ...
فزادت آلامي وزاد توجعي ...
دعوت له بالمغفرة والرحمة ... دعوت له بأن يتجاوز الله عنه ...
دعوت له بأن يخفف الله عنه ...
دعوت أن يغفر الله لنا إن قصرنا في دعوته وتذكيره ...
لم أكن أعلم ....
أن لقائي به في ذلك اليوم ...
بعد فراق طويل ...
كان هو اللقاء الأول....
وهو اللقاء الأخير ...
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك...
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ...
ولا حول ولاقوة إلا بالله ...