والرقية لا تكون شرعية إلا بشروط:
1- "أن تكون من كتاب الله تعالى-قال رجاء الغنوي: ومن لم يستشف بالقرآن فلا شفاء له([1])- ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أومن الأدعية المباحة المشتملة على التعلق بالله وحده لا شريك له في جلب الخير ودفع الشر، وعلى الوحدانية في الشفاء.-قال البغوي:"تجوز الرقية بذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأوجاع"([2]).-
2- أن لا تتضمن الرقية شركاً أو تشمل على صيغ مجهولة من طلاسم ورموز ونحو ذلك.-قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت ترقي عائشة رضي الله عنها: (عالجيها بكتاب الله)([3]) "قال أبو حاتم: قوله صلى الله عليه وسلم: (عالجيها بكتاب الله) أراد: عالجيها بما يبيحه كتاب الله؛ لأن القوم كانوا يرقون في الجاهلية بأشياء فيها شرك، فزجرهم بهذه اللفظة عن الرقى، إلا بما يبيحه كتاب الله دون ما يكون شركا-"([4]).
3- أن لا تتضمن الرقية سحراً: وقد اتفق العلماء على منع التداوي بالرقى التي تتضمن السحر، كالعقد والعزائم والطلسمات.
4- أن تكون باللسان العربي، أو بما يفهم معناه: وذلك أن تكون باللغة العربية، خشية أن تكون في اللغات الأخرى من الخلل والزلل في الدعاء والتعلق بما لا يجوز أو يجهله أهلها، فهي مظنة الشرك بالله تعالى والسحر.
اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الرقية أن تكون بلغة مفهومة المعنى، فيقرأ على العربي بلغة عربية. ولذا لا تصح الرقية بلغة أعجمية أو عبرية أو غير ذلك من اللغات.-قال البهوتي:"ويحرم رقية بغير العربي إن لم يعرف صحة معناه لأنه قد يكون سبا وكفرا"([5])-
5- أن تكتب الرقية بطاهر: إذا كانت الرقية مكتوبة في ورقة، فلابد أن تكتب بمادة طاهرة كالحبر، والزعفران، وبعض الأصباغ. فلا يجوز أن يكتبها بما هو نجس كالدم، والبول، والغائط؛ لأن كلام الله تعالى وأسماءه وصفاته ينبغي أن تنزه عن ذلك.
6- -" ألا يظن الراقي والمرقي بأن الرقية وحدها تستقل بالشفاء"([6])
فإذا تخلف شرط من هذه الشروط، تحولت الرقية إلى ضرب من الدجل والوهم والشعوذة، وقد يصل الأمر إلى الشرك بالله، واتجه إليها الاستثناء من الإباحة في قوله صلى الله عليه وسلملابأس بالرقى مالم تكن شركا)([7]) فإن اختل شرط من تلك الشروط تصبح رقية محرمة، وإن اعتقد أنها الفاعلة أوالسبب المؤثر، كان ذلك كفرا أكبر، وإن اعتقد مقارنتها للشفاء، كان ذلك شركا أصغر"([8]). قال المازري:" جميع الرقى جائزة، إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية أو بما لايدرى معناه؛ لجواز أن يكون فيه كفر"([9]).
"قال القرطبي: الرقى ثلاثة أقسام: أحدها: ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه، فيجب اجتنابه؛ لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى الشرك. الثاني: ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز، فإن كان مأثورا فيستحب. الثالث: ما كان بأسماء غير الله، من ملك أو صالح أو معظم من المخلوقات كالعرش..فهذا ليس من الواجب اجتنابه، ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه، فيكون تركه أولى، إلا أن يتضمن تعظيم المرقى به فينبغي أن يجتنب، كالحلف بغير الله تعالى"([10]).
[1] - تفسير القرطبي (10/ 318) تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة، الطبعة : الثانية، 1384هـ - 1964 م
[2] - شرح السنة (12/ 162)المؤلف: الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش، دار النشر: المكتب الإسلامي - دمشق - بيروت - الطبعة: الثانية, 1403هـ - 1983م
[3] - صحيح ابن حبان (6098) قال شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات رجال الشيخين، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية، 1414 - 1993
[4] - نفس المصدر (13/ 464)
[5] - شرح منتهى الإرادات (3/ 404) تأليف: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1996، الطبعة: الثانية.
[6] - الرقى والطب (1/ 4) المؤلف: د.طارق الطواري الشاملة
[7] - قال الألباني: صحيح، سنن أبي داود (5274) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: دار الفكر.
[8] - العلاج بالقرآن: (حقيقته، أهميته، حكمه، وضوابطه ) (1/ 45، 47، 49، 50) بحث من إعداد: د. عبد الحق حميش، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الشارقة، الشاملة
[9] - شرح النووي على مسلم (14/ 168)
[10] - فتح الباري (10/ 196، 197)