الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
اتصلت بي أحدى الأخوات الفاضلات قبل أيام تسأل عن حكم التبرع بالدم في شهر رمضان ، وهل هذا الفعل يفطر الصائم أم لا ، وقد أخبرت هذه الأخت الفاضلة بالحكم الشرعي المسألة ، ونقلت لها أقوال أهل العلم فيها ، وقلت لها بأن الأولى أن تقضي هذا اليوم الذي تبرعت به بدمها ، ولا أخفيكم كم تأثرت عندما بدأت هذه الأخت الكريمة بالبكاء وتسألني هل أنا آثمة ؟ فهدأت من روعها وبينت لها أن المسألة فيها خلاف ، وأنها ما فعلت ذلك الأمر إلا للضرورة ، وأنها علي خير بإذن الله تعالى ، وعلمت آنذاك أن هذه الأمة – أمة محمد صلى الله عليه وسلم - فيها خير عظيم إلى قيام الساعة ، مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه عَبْدِاللَّهِ - رَضِي اللَّه عَنْه – أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ ) ( متفق عليه ) 0
ولتقديم الفائدة للقراء الأعزاء فأنقل لكم الحكم الشرعي المتعلق بهذه المسألة :
يقول العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - المفتي السابق في المملكة العربية السعودية والرئيس العام إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد : ( أما أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غيره فالصحيح أنه لا يفطر الصائم ، لكن إذا كثر فالأولى تأجيله إلى الليل ، فإن فعله في النهار فالأحوط القضاء تشبيهاً له بالحجامة ) ( فتاوى وتنبيهات ونصائح – ص 376 ) 0
سئل العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم سحب أو التبرع بالدم في نهار رمضان وهل هذا يفطر الصائم أم لا ؟
فأجاب – رحمه الله - : ( إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً ، لا يؤثر في بدنه ضعفاً ، فإنه لا يفطر بذلك ، سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرضأو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه 0
أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة ، يلحق البدن بها ضعف ؛ فإنه يفطر بذلك ، قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة أنها مفطرة للصائم ، وبناء على ذلك ، فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً ، كصوم رمضان إلا أن يكون هناك ضرورة ، فإنه في هذه الحال يتبرع به لدفع الضرورة ، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم ) ( فضائل رمضان – جمع عبدالرزاق حسن – السؤال الثاني ) 0
سئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم التبرع بالدم في نهار رمضان ؟
فأجاب – حفظه الله - : ( إذا تبرع بالدم فأخذ منه الكثير فإنه يبطل الصوم ، قياساً على الحجامة وذلك أن يجتذب منه دم من العروق لإنقاذ مريض أو للإحتفاظ بالدم للطوارئ ، فأما إن كان قليلاً فلا يفطر كالذي يؤخذ في الإبر والبراويز للتحليل والاختيار ) ( فتاوى الصائم – جمع أحمد المديفر – ص 41 ) 0
وسئل فضيلته هل يفطر من احتجم في نهار رمضان ، وهل يجوز له الاحتجام ؟
فأجاب – حفظه الله - : ( المختار أن الحجامة تفطر الصائم لقوله صلى الله عليه وسلم " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " " الحديث جاء عن عدد من الصحابة وأذكر هنا ما ورد ما رواه ثوبان وشداد في أصح الطرق ، وأخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الصوم " 0 فيفطر الحاجم الذي يمتص الدم ويختلط بريقه غالباً يفطر المحجوم لخروج هذا الدم الكثير من بدنه كما تفطر الحائض 00
والحجامة هي إخراج الدم الكثير بواسطة آلات الحجام سواء كان في الرأس أو الظهر أو غيرهما 0 وقد رخص بها كثير من العلماء ولكن الأولى المنع خروجاً من الخلاف ) ( فتاوى الصائم – جمع أحمد المديفر – ص 28 ، 29 ) 0
ومن هنا يتضح أن الأولى ترك التبرع لوقت الليل ، ومن تبرع في نهار رمضان فالأولى قضاء هذا اليوم كما بين العلماء الأجلاء 0
وإن كان هناك ضرورة للتبـرع فلا بأس أن يفعله الإنسان ، وبخاصة إن كان هناك خطر على حياة وصحة المريض المحتاج للدم ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني 0