مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ
الآية 4 سورة الأحزاب
تفسير ابن كثير
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُقَال لَهُ ذُو الْقَلْبَيْنِ وَأَنَّهُ كَانَ يَزْعُم أَنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ كُلّ مِنْهُمَا بِعَقْلٍ وَافِر فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة رَدًّا عَلَيْهِ . هَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَسَن حَدَّثَنَا زُهَيْر عَنْ قَابُوس يَعْنِي اِبْن أَبِي ظَبْيَان قَالَ إِنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُصَلِّي فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَلَا تَرَوْنَ لَهُ قَلْبَيْنِ قَلْبًا مَعَكُمْ وَقَلْبًا مَعَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ عَنْ صَاعِد الْحَرَّانِيّ عَنْ عَبْد بْن حُمَيْد وَعَنْ أَحْمَد بْن يُونُس كِلَاهُمَا عَنْ زُهَيْر وَهُوَ اِبْن مُعَاوِيَة بِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا حَدِيث حَسَن وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث زُهَيْر
تفسير الجلالين
مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه" رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ الْكُفَّار إنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ يَعْقِل بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَفَضْل مِنْ عَقْل مُحَمَّد.
تفسير الطبري
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُرَاد مِنْ قَوْل اللَّه ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ تَكْذِيبَ قَوْم مِنْ أَهْل النِّفَاق , وَصَفُوا نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ ذُو قَلْبَيْنِ , فَنَفَى اللَّه ذَلِكَ عَنْ نَبِيّه , وَكَذَّبَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21576 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن نُفَيْل , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , عَنْ قَابُوس بْن أَبِي ظَبْيَان أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ , قَالَ : قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ : قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَصَلَّى , فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ : إِنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ , قَلْبًا مَعَكُمْ , وَقَلْبًا مَعَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21577 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** قَالَ : كَانَ رَجُل مِنْ قُرَيْش يُسَمَّى مِنْ دِهْيِهِ ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِي شَأْنه . 21578 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** قَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْر , قَالَ : إِنَّ فِي جَوْفِي قَلْبَيْنِ , أَعْقِل بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَفْضَل مِنْ عَقْل مُحَمَّد " وَكَذَبَ " . 21579 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** قَالَ قَتَادَة : كَانَ رَجُل عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21580 - قَالَ قَتَادَة : وَكَانَ الْحَسَن يَقُول : كَانَ رَجُل يَقُول : لِي نَفْس تَأْمُرنِي , وَنَفْس تَنْهَانِي , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ. 21581 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَ رَجُل يُسَمَّى ذَا الْقَلْبَيْنِ , فَنَزَلَتْ ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ زَيْد بْن حَارِثَة مِنْ أَجْل أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبَنَّاهُ , فَضَرَبَ اللَّه بِذَلِكَ مَثَلًا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21582 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , فِي قَوْله : ** مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه ** قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْد بْن حَارِثَة , ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا يَقُول : لَيْسَ ابْن رَجُل آخَر ابْنك . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ تَكْذِيب مِنَ اللَّه تَعَالَى قَوْل مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي جَوْفه قَلْبَانِ يَعْقِل بِهِمَا , عَلَى النَّحْو الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْن عَبَّاس وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ تَكْذِيبًا مِنَ اللَّه لِمَنْ وَصَفَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَأَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِمَنْ سَمَّى الْقُرَشِيّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ سُمِّيَ ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دِهْيِهِ , وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَهُوَ نَفْي مِنَ اللَّه عَنْ خَلْقه مِنْ الرِّجَال أَنْ يَكُونُوا بِتِلْكَ الصِّفَة.
تفسير القرطبي
قَالَ مُجَاهِد : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دَهَائِهِ , وَكَانَ يَقُول : إِنَّ لِي فِي جَوْفِي قَلْبَيْنِ , أَعْقِلُ بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْل مُحَمَّد . قَالَ : وَكَانَ مِنْ فِهْر . الْوَاحِدِيّ وَالْقُشَيْرِيّ وَغَيْرهمَا : نَزَلَتْ فِي جَمِيل بْن مَعْمَر الْفِهْرِيّ , وَكَانَ رَجُلًا حَافِظًا لَمَّا يَسْمَع . فَقَالَتْ قُرَيْش : مَا يَحْفَظ هَذِهِ الْأَشْيَاء إِلَّا وَلَهُ قَلْبَانِ . وَكَانَ يَقُول : لِي قَلْبَانِ أَعْقِلُ بِهِمَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْل مُحَمَّد . فَلَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْم بَدْر وَمَعَهُمْ جَمِيل بْن مَعْمَر , رَآهُ أَبُو سُفْيَان فِي الْعِير وَهُوَ مُعَلِّق إِحْدَى نَعْلَيْهِ فِي يَده وَالْأُخْرَى فِي رِجْله ; فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : مَا حَال النَّاس ؟ قَالَ اِنْهَزَمُوا . قَالَ : فَمَا بَال إِحْدَى نَعْلَيْك فِي يَدك وَالْأُخْرَى فِي رِجْلك ؟ قَالَ : مَا شَعَرْت إِلَّا أَنَّهُمَا فِي رِجْلَيَّ ; فَعَرَفُوا يَوْمئِذٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ قَلْبَانِ لَمَّا نَسِيَ نَعْله فِي يَده . وَقَالَ السُّهَيْلِيّ : كَانَ جَمِيل بْن مَعْمَر الْجُمَحِيّ , وَهُوَ اِبْن مَعْمَر بْن حَبِيب بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جُمَح , وَاسْم جُمَح : تَيْم ; وَكَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ فَنَزَلَتْ فِيهِ الْآيَة , وَفِيهِ يَقُول الشَّاعِر : وَكَيْف ثَوَائِي بِالْمَدِينَةِ بَعْد مَا قَضَى وَطَرًا مِنْهَا جَمِيل بْن مَعْمَر قُلْت : كَذَا قَالُوا جَمِيل بْن مَعْمَر . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ : جَمِيل بْن أَسَد الْفِهْرِيّ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : سَبَبهَا أَنَّ بَعْض الْمُنَافِقِينَ قَالَ : إِنَّ مُحَمَّدًا لَهُ قَلْبَانِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي شَيْء فَنَزَعَ فِي غَيْره نَزْعَة ثُمَّ عَادَ إِلَى شَأْنه الْأَوَّل ; فَقَالُوا ذَلِكَ عَنْهُ فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن خَطَل . وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن حِبَّان : نَزَلَ ذَلِكَ تَمْثِيلًا فِي زَيْد بْن حَارِثَة لَمَّا تَبَنَّاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَالْمَعْنَى : كَمَا لَا يَكُون لِرَجُلٍ قَلْبَانِ كَذَلِكَ لَا يَكُون وَلَد وَاحِد لِرَجُلَيْنِ . قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا قَوْل ضَعِيف لَا يَصِحّ فِي اللُّغَة , وَهُوَ مِنْ مُنْقَطِعَات الزُّهْرِيّ , رَوَاهُ مَعْمَر عَنْهُ . وَقِيلَ : هُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُظَاهِرِ ; أَيْ كَمَا لَا يَكُون لِلرَّجُلِ قَلْبَانِ كَذَلِكَ لَا تَكُون اِمْرَأَة الْمُظَاهِر أُمّه حَتَّى تَكُون لَهُ أُمَّانِ . وَقِيلَ : كَانَ الْوَاحِد مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَقُول : لِي قَلْب يَأْمُرنِي بِكَذَا , وَقَلْب يَأْمُرنِي بِكَذَا ; فَالْمُنَافِق ذُو قَلْبَيْنِ ; فَالْمَقْصُود رَدّ النِّفَاق . وَقِيلَ : لَا يَجْتَمِع الْكُفْر وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي قَلْب , كَمَا لَا يَجْتَمِع قَلْبَانِ فِي جَوْف ; فَالْمَعْنَى : لَا يَجْتَمِع اِعْتِقَادَانِ مُتَغَايِرَانِ فِي قَلْب . وَيَظْهَر مِنْ الْآيَة بِجُمْلَتِهَا نَفْي أَشْيَاء كَانَتْ الْعَرَب تَعْتَقِدهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْت , وَإِعْلَام بِحَقِيقَةِ الْأَمْر , وَاَللَّه أَعْلَمُ .
الْقَلْب بَضْعَة صَغِيرَة عَلَى هَيْئَة الصَّنَوْبَرَة , خَلَقَهَا اللَّه تَعَالَى فِي الْآدَمِيّ وَجَعَلَهَا مَحَلًّا لِلْعِلْمِ , فَيُحْصِي بِهِ الْعَبْد مِنْ الْعُلُوم مَا لَا يَسَع فِي أَسْفَار , يَكْتُبهُ اللَّه تَعَالَى فِيهِ بِالْخَطِّ الْإِلَهِيّ , وَيَضْبِطهُ فِيهِ بِالْحِفْظِ الرَّبَّانِيّ , حَتَّى يُحْصِيَهُ وَلَا يَنْسَى مِنْهُ شَيْئًا . وَهُوَ بَيْن لَمَّتَيْنِ : لَمَّة مِنْ الْمَلَك , وَلَمَّة مِنْ الشَّيْطَان ; كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ ; وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " . وَهُوَ مَحَلّ الْخَطَرَات وَالْوَسَاوِس وَمَكَان الْكُفْر وَالْإِيمَان , وَمَوْضِع الْإِصْرَار وَالْإِنَابَة , وَمَجْرَى الِانْزِعَاج وَالطُّمَأْنِينَة . وَالْمَعْنَى فِي الْآيَة : أَنَّهُ لَا يَجْتَمِع فِي الْقَلْب الْكُفْر وَالْإِيمَان , وَالْهُدَى وَالضَّلَال , وَالْإِنَابَة وَالْإِصْرَار , وَهَذَا نَفْي لِكُلِّ مَا تَوَهَّمَهُ أَحَد فِي ذَلِكَ مِنْ حَقِيقَة أَوْ مَجَاز , وَاَللَّه أَعْلَمُ .
أَعْلَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ لَا أَحَدَ بِقَلْبَيْنِ , وَيَكُون فِي هَذَا طَعْن عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرهمْ ; أَيْ إِنَّمَا هُوَ قَلْب وَاحِد , فَإِمَّا فِيهِ إِيمَان وَإِمَّا فِيهِ كُفْر ; لِأَنَّ دَرَجَة النِّفَاق كَأَنَّهَا مُتَوَسِّطَة , فَنَفَاهَا اللَّه تَعَالَى وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَلْب وَاحِد . وَعَلَى هَذَا النَّحْو يَسْتَشْهِد الْإِنْسَان بِهَذِهِ الْآيَة , مَتَى نَسِيَ شَيْئًا أَوْ وَهِمَ . يَقُول عَلَى جِهَة الِاعْتِذَار : مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه .