السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وإياكِ ..بارك الله فيكِ أختي الحبيبة حكيمة
أسعدتني مداخلتكِ القيمة ، أحسن الله إليكِ ووفقكِ لكل خير
............
في المسائل الشرعية دائماً يؤخذ بالأولى والأحوط عندما تكون المسائل خلافية ..
أما بالنسبة للحديث فعليه إشكال
وهذا ما جاء حول الحديث و تخريجه ..
عن أنس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً" " .
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (351) .
قال السخاوي في " المقاصد الحسنة " (176) : حديث: اللَّهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ، وأنت إن شئت جعلت الحزن سهلاً .
العدني في مسنده من حديث بشر بن السَّري ، وابن حبان في صحيحه من حديث سهل بن حماد أبي عتاب الدلال ، والبيهقي ، ومن قبله الحاكم ، ومن طريقه الديلمي في مسنده من حديث عبد اللَّه بن موسى ، وابن السني في عمل اليوم والليلة ، والبيهقي في الدعوات من طريق أبي داود الطيالسي ، كلهم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه بهذا ، وكذا رواه القعني عن حماد بن سلمة ، لكنه لم يذكر أنساً ، ولفظه : وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً ، ولا يؤثر في وصله ، وكذا أورده الضياء في المختارة وصححه غيره .ا.هـ.
وصححه الحافظ ابن حجر كما في " الفتوحات الربانية " (4/25) ، العلامة الألباني في " الصحيحة " (2886) .
والحقيقة أن الحديث يحتاج إلى بحث أكثر ، وخاصة ما ذكره السخاوي من جهة الوصل والإرسال .
////////////////////
عن أنس – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :
(( اللهم لا سهل إلا ما جعلت سهلا , وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا )) .
الحديث صحيح :
أخرجه ابن السني في (( عمل اليوم و الليلة )) [ 351 ] , و الضياء في (( المختارة ))
[ 1683 ] .
من طريق محمود بن غيلان , نا أبو داود الطيالسي , نا حماد بن سلمة , عن ثابت , عن أنس به مثله .
و إسناده صحيح .
و أخرجه ابن حبان [ 974 ] , و الضياء في (( المختارة )) [ 1686] .
من طريق محمد بن المسيب بن إسحاق , قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل , قال حدثنا سهل بن حماد , قال حدثنا حماد به مثله .
و إسناده حسن .
و أخرجه محمد بن أبي عمر العدني في (( مسنده )) [ كما في (( العلل )) لابن أبي حاتم , و (( المقاصد الحسنة )) ] , و من طريقه الضياء في (( المختارة )) [ 1684 , 1685 ] .
عن بشر بن السري , عن حماد به مثله .
و إسناده صحيح .
وخالفهم عبد الله القعنبي فرواه عن حماد , عن ثابت أن النبي – صلى الله عليه و سلم – مرسل .
أخرجه ابن أبي حاتم في (( العلل )) [ 2 / ص193 ]
و رجح أبوحاتم أنه مرسل , و قال : كان بشر بن السري ثبتا ، فليته أن لا يكون أدخل علي ابن أبي عمر .
و الظاهر أن الخطاء من ( القعنبي ) لا كما قال أبوحاتم ؛ لأنه و إن كان ثقة فباقي الرواة عن ( حماد ) خالفوه فروه موصولا , و كلهم ثقات إلا ( سهل بن حماد ) قال الحافظ : صدوق .
و الله أعلم .
////////////////////
تخريج الحديث
هذا الحديث ذكره ابن أبي حاتم في المسألة رقم (2074) من كتاب العلل قال : (( وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه محمد بن أبي عمر العَدَنِي ، عن بِشْر بن السَّرِي، عن حَمَّاد بن سَلَمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : (( اللُّهُمَّ ! لاَ سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَ سَهْلاً ، وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الْحَزْنَ سَهْلاً )) ؟
قال أبي : هذا خطأ ، حدثناه القَعْنَبِي ، عن حَمَّاد ، عن ثابت : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. ولم يذكر أنس [ كذا في العلل وحقها (أنسًا)] ، وبلغني أن جعفر بن عبدالواحد لَقَّنَ القَعْنَبِي عن أنس ، ثم أُخْبِرَ بذلك فدعا عليه .
قال أبي : هو حَمَّاد ، عن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل. وكان بِشْر بن السَّرِي ثبت [ كذا في النسخ الخطية للعلل وحقها : ( ثبتًا )] ، فليته أن لا يكون أدخل على ابن أبي عمر)). انتهى كلام ابن أبي حاتم .
قلت ( أبو الحسن مقيد هذه السطور ) : وهذا الحديث على بساطة تخريجه إلا أنه موضع إشكال ، نسوق التخريج ثم نبين الإشكال:
التخريج :
مدار هذا الحديث على حماد بن سلمة عن ثابت. وقد اختلف على حماد في هذا الحديث:
فرواه بشر بن السري وعبيد الله بن موسى العبسي ، وأبو داود الطيالسي ، وسهل بن حماد أبو عتاب الدلال عنه عن ثابت عن أنس به مسندًا .
أما رواية بشر: فرواها عنه ابن أبي عمر العدني في مسنده[كما في المقاصد الحسنة رقم (176)] ومن طريقه أخرجه أبو حاتم الرازي هنا في العلل ومن طريق أبي حاتم أخرجه الضياء المقدسي في المختارة (5/63 رقم 1685) ، وأخرجه في (5/62 رقم 1684) من طريق إسحاق بن أحمد بن نافع ( كلاهما : أبو حاتم وإسحاق ) عن ابن أبي عمر العدني به .
وأما رواية عبيد الله بن موسى فقد أشار إليها البيهقي في الدعوات الكبير عقب رواية الطيالسي التالية ، وذكرها السخاوي في" المقاصد " وعزاها إلى الحاكم والبيهقي ومن طريقه الديلمي في مسنده . ولم أقف على سند هذه الرواية في المستدرك ولا غيره .
وأما رواية أبي داود الطيالسي: فأخرجها ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (352) قال : حدثنا محمد بن هارون بن المجدر. والبيهقي في الدعوات الكبير (235) من طريق تمتام . والضياء المقدسي في المختارة (5/62 رقم 1683) من طريق العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي ثلاثتهم ( محمد بن هارون ، وتمتام ، والعباس ) عن محمود بن غيلان قال : حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا حماد بن سلمة به .
ومحمد بن هارون المجدر ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (3/357) فقال : (( كان ثقه ... وكان يعرف بالانحراف عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه)) .
وقال الذهبي في العبر (2/160) : (( وكان معروفا بالانحراف عن علي )) .
وقال في السير (14/436) : (( وثقه الخطيب ، وقيل كان فيه انحراف بين عن الإمام علي ينقم أمورًا )) .
قلت : والنصب بدعة خفيفة لا ترد الرواية بها ، طالما لم ينقل عنه سب لعلي ولا لأحد من السلف .
وقد تابعه تمتام واسمه محمد بن غالب بن حرب ، ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (3/144) فقال : (( كان كثير الحديث صدوقًا حافظًا )).
والعباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي وهو ثقة ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/61) وقال: (( كان ثقة ثبتًا حجة يذكر بالصلاح والعبادة روى عنه عبد الله بن محمد البغوي ويحيى بن محمد بن صاعد والقاضي المحاملي وابن مخلد وأبو علي الصفار وأبو عمرو بن السماك وأحمد بن سلمان النجاد وأبو سهل بن زياد وجماعة سواهم يطول)) .
وقد رووه جميعًا عن محمود بن غيلان وهو ثقة وثقه أحمد والنسائي وغيرهما من رجال التهذيب.
وأما رواية سهل بن حماد: فأخرجها ابن حبان في صحيحه (974) ومن طريقه الضياء في المختارة (5/63 رقم 1686) قال ابن حبان : أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل قال حدثنا سهل بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة به .
وقال الضياء : (( فهؤلاء ثلاثة رووه عن حماد مرفوعًا، ورواه القعنبي عن حماد عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا )) .
فسندها حسن : محمد بن المسيب بن إسحاق هو : الأرغياني ، عابد صالح ، وشيخه محمد بن عبد الله ، قال النسائي : لا بأس به . وقال ابن حجر في التقريب : صدوق . وقد توبعا .
وقد خالف هؤلاء جميعًا عبد الله بن مسلمة القعنبي فرواه عن حماد بن سلمة ، عن ثابت مرسلا لم يذكر فيه أنسًا .
رواه عنه على هذا الوجه أبو حاتم الرازي في العلل كما أشرنا إليه هنا.
وتابع أبا حاتم عليه أبو بكر محمد بن صالح روايته أخرجها المحاملي في الدعاء (46) .
وتمتام روايته أخرجها البيهقي في الدعوات الكبير (234) .
وخالفهم محمد بن علي بن ميمون ، فرواه عن القعنبي ، عن حماد ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعًا . أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (2/276) .
ومحمد بن علي بن ميمون ، هو أبو العباس الرقي العطار . ثقة وثقه النسائي وقال الحاكم : أمام أهل الجزيرة في عصره ثقة مأمون .
وأغلب الظن عندي أن القعنبي لم يحفظ هذا الحديث فإن أبا حاتم قد ذكر أن جعفر بن عبد الواحد قد لقنه في هذا الحديث ذكر أنس فلما أخبر بذلك دعا عليه وهذا يعني أنه لم يحفظ الحديث ، وإلا لم يقبل التلقين .
كان هذا هو التخريج فأين الإشكال ؟
أقول ـ وبالله التوفيق ـ :
(( هذا الحديث مداره على حماد بن سلمة يرويه عن ثابت ، وهو من أوثق الناس فيه فاحتمال أن يهم حماد في هذا الحديث أو ينسى احتمال بعيد .
لكن اختلف عليه الناس في روايته فرواه بشر بن السري وأبو داود الطيالسي وعبيد الله بن موسى وسهل بن حماد فقالوا : عن حماد عن ثابت عن أنس مرفوعًا .
وخالفهم عبد الله بن مسلمة القعنبي فقال : عن حماد عن ثابت مرسلا دون ذكر أنس ))
وحق هذا الإسناد أن يحكم فيه من النظرة الأولى لرواية من أسنده وذكر فيه أنس . لكن عكر على ذلك ترجيح الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي لرواية الإرسال وهذا هو موضع الإشكال .
والذي يبدو لي أن لترجيح أبي حاتم للرواية المرسلة تخريجات ثلاث :
الأول : أن يكون أبو حاتم ممن يحكم للمرسل على المسند مطلقًا. وهذا غير صحيح عن أبي حاتم فإنه في مواضع كثيرة من العلل يحكم للأحفظ وإن كان مسندًا ومن ذلك ما جاء في المسألة رقم (2266) قال أبو محمد [ عبد الرحمن بن أبي حاتم ]: (( سألتُ أبي عن حديثٍ رواه حَمَّاد بن زيد ، عن يونس وأيوب، عن محمد ، عن أبي هريرة؛ قال: ((إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ )) ؟
قال أبي : رواه حَمَّاد بن سلمة ، عن أيوب ويونس ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي r .
قلت لأبي : فأيهما الصحيح ؟ موقوف أو مسند ؟
قال : المسند أصحُّ)). انتهى كلام ابن أبي حاتم .
قلت : (( لم يحكم أبو حاتم لحماد بن سلمة لأنه أحفظ عنده من حماد بن زيد ، ولكن توبع حماد بن سلمة على رفعه ؛ فقد رواه مسلم (2616) من طريق سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة به مرفوعًا .
ورواه (2616)، هو وأحمد (2/256) من طريق عبدالله بن عون ، عن ابن سيرين به مرفوعًا أيضًا .
وصوب الدارقطني أيضًا هذا المسند في العلل (1841) .
وأمثال هذا كثير عند أبي حاتم في العلل مما يدل على أنه ليس من مذهبه ترجيح المرسل على المسند مطلقًا وأن الحكم عنده للأحفظ .
التخريج الثاني : أن يكون أبو حاتم لم يقف إلا على رواية ابن أبي عمر العدني ، وقد قال فيه : (( فيه غفلة )) فقضى لرواية القعنبي عليه .
وهذا بعيد في سعة حفظ أبي حاتم أن يكون هناك رواية عن الطيالسي وعن عبيد الله بن موسى كلاهما عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا . فيكون الحديث بهذا الإسناد ولا يقف عليه أبو حاتم ، نفس العالم بقدر أئمة الحديث المتقدمين ترفض هذا ، دون مغالة أو ادعاء عصمة ، بل من بديهيات هذا العلم عندي أن يكون هؤلاء الأئمة من أمثال أحمد وابن معين والبخاري ومسلم وأبو زرعة وأبي حاتم قد حفظوا أحاديث الكبار من أمثال ثابت وحماد بن سلم وأحاديث الطيالسي ومن هم في طبقة هؤلاء من الحفظ والاتقان .
التخريج الثالث : أن تكون الروايات الأخرى ( رواية الطيالسي ، وعبيد الله بن موسى ، وأبي عتاب ) كلها ناتجة عن أخطاء الرواة المتأخرين وإلا فكيف لنا أن نفسر أن تكون هذه الروايات موجودة عن هؤلاء الحفاظ بهذه الأسانيد ولا يخرجها أحد من أصحاب الكتب المعروفة ، وهذا إذا انضم إلى إعلال أبي حاتم للحديث وتقديمه للمرسل حجة قوية تركن النفس إليها في تضعيف هذا الحديث )) .
ملحوظة : أورد الشيخ ناصر الألباني هذا الحديث في الصحيحة برقم (2886) وأورد طرقه المسندة ، ولم يشر إلى إعلال أبي حاتم له فلا أدري هل ذلك بسبب أنه لم يقف عليه ، أو أنه وقف عليه ولم يوافق منهج الشيخ رحمه الله في الحكم على الحديث ، فإن الشيخ كثيرًا ما يقف على إعلالات لأبي حاتم وللدارقطني ، ويحكم بخلافها ، لأنها لا توافق منهجه في التصحيح . والعلم عند الله .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصدر / ملتقى أهل الحديث