إيـاك !  والـغـضـب !         
      فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين "رحمه الله"
: الحمد لله ، أحمده وأشكره ،  وأستعينه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن  محمدًا عبده ورسوله : أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ؛ فبلغ الرسالة ،  وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وترك الأمة على محجة بيضاء وطريق مستقيم لا  يزيغ عنه إلا هالك ؛ فصلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن  تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
أيها المسلمون : لقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال  له : أوصني يا رسول الله ! قال : ( لا تغضب فردد مرارًا ، قال : لا تغضب ) .  والغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، ولذلك تنتفخ أوداجه ويحمر  وجهه ، وتكبر عيناه وينتفش شعره ؛ كل ذلك من الغضب الذي ألقاه الشيطان في  قلبه حتى صار دمه يغلي . 
أيها المسلمون : إن الإنسان إذا غضب فينبغي له : أن يفعل الأسباب التي تمنع  مقتضيات الغضب ؛ فيتوضأ ، وإذا كان قائمًا فليجس ، وإذا كان جالسًا فليضجع  ، وإذا كان في مكان ؛ فلينصرف إلى غيره حتى يهدأ غضبه كما جاءت بذلك السنة  القولية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والسنة الإقرارية . 
وإن من المؤسف : أن من الناس من إذا غضب أدنى غضب على أهله طلق زوجته ،  وربما بت طلاقها ثم ذهب إلى أعتاب العلماء يسألهم ؛ فيسأل عالمًا بعد عالم ؛  فإذا أفتي بما لا يهواه ذهب إلى عالم آخر ، وهكذا يتتبع رخص العلماء بما  جناه هو على نفسه ، والذي ينبغي للعاقل : أن يملك نفسه عند الغضب كما أرشد  إلى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( ليس الشديد بالصرعة ؛  إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) . يعني : ليس القوي بالإنسان إذا  صارعه الناس صرعهم وغلبهم في المصارعة ، ولكن الشديد الذي يصرع نفسه  فيملكها عند الغضب ولا يحدث شيئا يكرهه بعد ذلك ؛ فالمسألة خطيرة جدًا في  هذا الأمر الذي يتسرع فيه هؤلاء الغاضبون فيطلقون نساءهم ، وربما يبتون  طلاقها فعليهم أن يملكوا أنفسهم ، وأن يكونوا أشداء أقوياء حتى تطمئن  نفوسهم ، والإنسان إذا مرن نفسه ملكها عند الغضب ، وعلت قوته عليها ؛ فإنه  سوف يكون ذلك طبيعة له ولا يغضب ، وإذا غضب لم ينفذ مقتضى غضبه . 
فاتقوا الله عباد الله ، وتحلوا بالأخلاق الفاضلة ، واجتنبوا الأخلاق  السيئة .