زمان............. كانت الطبيعة أحلى !
فالغابة الجميلة.... تفقد جمالها شيئا فشيئا ، تحت ضغط البناء المتزايد.....
والانهار والبحار...... تلوثت بالمخلفات الكيماوية والمخلفات الذرية ...
والهواء ..تلوث بآلاف الاطنان من الغبار السام الذي تبثه المصانع وعادم السيارات...
ازدحام، واختناق في كل مكان......!!
أصبح التنفس ثقيلا ممرضا.... وكأننا ننتزع الاوكسجين انتزاعا من هواء ملوث بأدخنة الكبريت ، واكاسيد الكربون والغبار الذري.....
مخلفات تسرع بالانسان الى الامراض المختلفة ، وتسرع بالامراض المختلفة الى الانسان .....
فأصبح انسان اليوم يخطو الى الشيخوخة المبكرة وهو شاحب الوجه ، لاهث الانفاس.. بعد ان حرص كل الحرص على تدمير صحته نهائيا فأصبحت السيجارة لا تفارقه.
اختفت النسمات العليلة التي عرفها اجدادنا ... أيام العصور الزراعية.
ثم فرحنا وغنينا وطربنا....
لاننا سنحتفظ بخيرات الارض لانفسنا ، دون ان تنافسنا بها الحشرات الاخرى ،
بما اكتشف الانسان من وسائل لابادتها ، مع الحشرات النافعة ايضا....
ووسائل اخرى لتهجينها...... فأصبح الطعام ملوثا..........
وتوزع التلوث على جميع الكائنات الحية.....توزعت السموم على الجميع !
ثم اخترع الانسان ( التلوث السمعي ).... ماكنات ، ومكبرات صوت ، وابواق السيارات وغيرها من الضوضاء ووسائل الازعاج . ..
أشياء تفتك بعقل الانسان السوي وترسله الى أقرب مصح للأمراض العقلية والنفسية ...
أو تمزق طبلة اذنه في أحسن الظروف !!
دخلنا عصر التلوث... بكافة أشكاله والوانه وانواعه واسبابه....
وكما زرعت بذور التلوث في الهواء والارض والماء ..... ،
تلوثت ايضا المفاهيم والمسميات..... تلوثت الفطرة السليمة .... تلوثت الاخلاق.
فأصبحت ( الرجعية العصرية ) تعني ( الحرية والحضارة ) !!!،
فها هي المرأة العصرية ، تترجم معنى التقدمية والحضارة والانوثة ..
عبر مجموعة من ( اقلام روج وكحل وباروكة ، واظافر مخضبة ورموش اصطناعية ، وملابس شفافة تزينها فتحات في كل مكان ! و.....و.........! )
هذه المرأة ...... تفلسف ( الحضارة ) ، بسقوط الحجاب ، كما سقط حياؤها.
والمضحك بالموضوع ان هذه المرأة المصطنعة ، تطل برأسها من خلال التلفاز والاذاعة والجرائد والمجلات...
لتملأ رؤوس الجميع وتدافع عن نفسها بأنها ظلمت وان المرأة ليست ...... سلعة.....!!
كيف ؟ وهي من أثبت هذه التسمية على نفسها ! بطريقة لبسها ، وطريقة كلامها ، وطريقة تصرفاتها!!
هؤلاء أثبتن ، ان جداتنا القديمات قد فهمن الحضارة أكثر مما فعلته نساء اليوم، فكان مفهوم المرأة لدى نساء الجيل القديم مقترن ( بالدين والعقل والرحمة والمودة )
ومن رحمة الله بنا ، ان ( مفهوم المرأة العصرية ) بهذا الشكل ، لم ينتشر عند كافة النساء والفتيات اليوم، فلا زالت فئه منهن تفهم ما معنى الحضارة والرقي... والحمد لله.
وها هو التلوث يغزو القيم والمبادئ لدى أبناء جيلنا.....
فما أكثر عشرة دنانير عندما يأخذها الى المسجد ، وما أصغرها حين يأخذها الى السوق.!
وما أطول ساعة في طاعة الله ، ولكن ما أسرعها في لعب كرة قدم، أو في ألعاب الكمبيوتر،أو عند مشاهدة فيلم سينمائي !
وكم هو مجهد قراءة جزء من القرآن الكريم ،وكم هو سهل قراءة رواية مختارة حوالى 500 صفحة. !
ويظهر التلوث الفكري عند أغلبهم .... الذين يصدقون بسهولة ما تقوله المجلات والصحف ونشرات الاخبار ..... ولكنهم يتساءلون عن ما يقوله القرآن الكريم.!
ويتقبلون ، ويتبعون ، أحدث أساليب الحياة .. ويفهمون الاشاعات والاغنيات ويكررونها بسهولة،
ويديرون ظهورهم لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويستصعبون فهم وحفظ آيات القرآن وأحاديث الرسول.!
يحدثونك بالساعات عن هزليات روميو وجولييت ، ويذوبون وهم يتحدثون عن قصص حب لا تنتهي....
ويسبحون وهم يتحدثون عن جمال هذه ، وسحر تلك....
وعندما تحدثهم عن حب الله ، يشيحون بوجوههم وكأنك تزعجهم ....!!
وعندما تحدثهم عن جمال وروعة وبهاء ما خلق الله...... فكأنك تنبههم من حلم جميل !!!!
يبكون على فراق او هجر حبيب او موته او مرضه...... ولا يبكون على خطاياهم !!!!
ان الانسان المؤمن الحكيم يجاهد نفسه امام كل مغريات ومفاتن الدنيا ليستنهض اشرف ما فيه
( لقد خلقنا الانسان في كبد ) البلد : 4
ويعلم ان حرمانه من أي حب ....لا يساوي حرمانه من حب الله .
وان غضب الله عليه ....لا يماثله أي غضب.
ويعلم جيدا ان هؤلاء :
( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر : 67
ويفهم ويعي ..ان هؤلاء ......
يحومون حول الحياة المادية الصرفة كأنها ( صنم هذا العصر ) ،
وفتن الحياة لديهم هي المحبوب الاول والمقصود الاول والشاغل الاول...
هذه الحمى التي لن تقود أصحابها الا الى .... الهلاك
فما زرعوا الا الهواء ... وما حصدوا الا الهواء.. وما تنوروا الا بالظلمة... وما تبردوا الا بالنار
لقد فشلوا بالتحكم بأنفسهم ، مثلما فشلوا بالتحكم بشهواتهم....من كثرة إعراضهم عن منهج الله... وغفلتهم عن الآخرة ،وعن ما خلقوا من أجله،
وكأنهم لم يخلقوا للعبادة، وإنما خلقوا للدنيا وشهواتها،
فإنهم إن فكروا ...فللدنيا ،
وإن أحبوا... فللدنيا،
وإن عملوا فللدنيا،
فيها يتخاصمون.. ومن أجلها يتقاتلون.. وبسببها يتهاونون و يتركون كثيرأ من أوامر ربهم،
كل شيء في حياتهم له مكان !
للوظيفة مكان، للرياضة مكان، للتجارة مكان للرحلات مكان، للأفلام والمسلسلات
وللأغاني مكان، للنوم مكان، للأكل والشرب مكان،
كل شيء له مكان إلا... القرآن وأوامر الدين،
تجد الواحد منهم ما أعقله وأذكاه في أمور دنياه،
لكن هذا العاقل المسكين لم يستفد من عقله فيما ينفعه في أُخراه،
ولم يقده عقله إلى أبسط أمر وهو طريق الهداية والاستقامة على دين الله الذي فيه سعادته في الدنيا والآخرة،
وهذا هو والله ......................غاية الحرمان
( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) الانبياء : 1
(انا انذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) النبأ:40