هذا فصل مستل من سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة "كتاب الأسماء والصفات" المجلد السادس للشيخ شادي بن محمد بن سالم آل نعمان:
(صفة القرب)
[897] باب إثبات صفة القرب لله عزوجل
وإثبات قيام الأفعال الاختيارية بذاته تعالى
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ص قال: «قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني, والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة, ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً, ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً, وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول».
(صحيح لغيره).
[قال الإمام الألباني]:
قلت: فيه دلالة ظاهرة على أن لله قُرباً يقوم به، بفعله القائم بنفسه.وهذا مذهب السلف وأئمة الحديث والسنة، خلافاً للكُلَّابية وغيرهم ممن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته تعالى، ومن ذلك نزوله تعالى إلى السماء الدنيا .انظر " مجموع الفتاوى لابن تيمية" (5/ 240-250) ومنه دنوه عشية عرفة، وكل ذلك خاص بالمؤمنين، فراجع كلامه فإنه هام جداً .
"التعليق على الترغيب والترهيب" (3/1144).
[898] باب منه
سؤال: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾(البقرة:186)، هل نثبت منها صفة القرب لله سبحانه وتعالى؟
الشيخ: طبعاً، هذا ثابت.
مداخلة: هل معنى الحديث: «أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد»هو نفس المعنى؟
الشيخ: لا، هذا قرب من العبد إلى الرب.
مداخلة: وذاك قرب الله من العبد، فما هو معنى هذا القرب شيخنا؟
الشيخ: رجعنا لموضوع الكيف مع أن المعنى واضح، لكن تكييفه..
مداخلة: لو قال قائل لهذه الآية وهذا الحديث: الآية تختلف عن الحديث بمعنى، أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتقرب من العبد، والحديث أن العبد يتقرب من الله، لكن المعنى في هذا الحديث وهذه الآية أن الله سبحانه وتعالى يستجيب لعبده إذا دعاه، فهو بذلك قريب منه، هل هذا يصح في الآية والحديث؟
الشيخ: إذا كان المقصود بهذا التفسير للآية تفسير القرب بالاستجابة، فأنا أقول: لا يكفي هذا، هذا جزء من التفسير، وذاك القرب الإلهي يستلزم الاستجابة، لكن ليس هو كل شيء.
مداخلة: إذاً: كباقي الصفات نثبت القرب الذي يليق به.
الشيخ: هو هذا.نعم.
"الهدى والنور" (67/50: 17: 00)
[899] باب منه
يا شيخنا ...القرب الوارد في قوله ص: «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ...».
الشيخ: بذاته بذاته يليق بجلاله وكماله..
"الهدى والنور" (564/39: 55: 00)
[900] باب إثبات صفة التقرب وغيرها لله تعالى
وبيان خطأ من تأولها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص: «يقول الله أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا ذكرني, فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي, وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم, وإن تقرَّب إلي شبراً تقرَّبت إليه ذراعاً, وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً, وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».
(صحيح).
[قال الإمام]:
قلت: اشتهر عند المتأخرين من علماء الكلام – خلافاً للسلف – تأويل هذه الصفات المذكورة في هذا الحديث من (النفس) و(التقرب) و...وما ذلك إلا لضيق عطنهم، وكثرة تأثرهم بشبهات المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء والبدع فلا يكاد أحدهم يطرق سمعه هذه الصفات إلا كان السابق إلى قلوبهم أنها كصفات المخلوقات، فيقعون في التشبيه، ثم يفرون منه إلى التأويل ابتغاء التنزيه بزعمهم، ولو أنهم تلقوها حين سماعها مستحضرين قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ لما ركنوا إلى التأويل، ولآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى، شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي السمع والبصر وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهته للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا لاستراحوا وأراحوا، ولنجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته، فاللهم هداك.وراجع إن شئت التوسع في هذا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى .
"التعليق على الترغيب والترهيب" (2/610).
(صفة الدنو)
[901] باب إثبات صفة الدنو لله تعالى
[قال رسول الله ص]:
« ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟».
[قال الإمام]:
وقع "الحديث" في " الترغيب " ...بلفظ:
" ليدنو يتجلى " بهذه الزيادة: " يتجلى " ...وهي زيادة منكرة لا أصل لها أيضا في شيء من طرق الحديث ورواياته ...و هذا الخطأ عندي أسوأ من الذي قبله لأنه مُغَيِّر لمعنى الحديث، لأنه تفسير للدنو بالتجلي، وهذا إنما يجري على قاعدة الخلف وعلماء الكلام في تأويل أحاديث الصفات، خلافا لطريقة السلف رضي الله عنهم، كما خالفوهم في تأويل أحاديث نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا( ) بأن المعنى نزول رحمته .
وهذا كله مخالف لما كان عليه السلف من تفسير النصوص على ظاهرها دون تأويل أو تشبيه كما قال تعالى: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾(الشورى: 11)، فنزوله نزول حقيقي يليق بجلاله لا يشبه نزول المخلوقين، وكذلك دنوه عز وجل دنو حقيقي يليق بعظمته، وخاص بعباده المتقربين
إليه بطاعته، ووقوفهم بعرفة تلبيةً لدعوته عز وجل .فهذا هو مذهب السلف في النزول والدنو، فكن على علم بذلك حتى لا تنحرف مع المنحرفين عن مذهبهم، وتجد تفصيل هذا الإجمال وتحقيق القول فيه في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وبخاصة منها ". مجموعة الفتاوى "، فراجع مثلاً (ج 5/464 - 478) .وقد أورد الحديث على الصواب فيها (ص 373) واستدل به على نزوله تعالى بذاته عشية عرفة، وبحديث جابر المشار إليه آنفاً .
"الصحيحة"(6/1/106، 108-109).
[902] باب منه
عن عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ».
[قال الإمام]:
القول في دنوه تعالى كالقول في نزوله وسائر صفاته، يجب الإيمان
بها وتصديقها بدون تشبيه، ولا تعطيل أو تأويل، كما جرى عليه السلف رضي
الله عنهم.
"مختصر صحيح مسلم"(ص172).
[903] باب هل تُفَسَّر صفة الدنو بالتجلي؟
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ص قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة, وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء؟».
(صحيح)
[قال الإمام]:
[في] الأصل والمخطوطة: (ليدنو يتجلى)، والصواب ما أثبتناه، وزيادة (يتجلى) زيادة منكرة لا أصل لها في شيء من روايات الحديث كما حققته في "الصحيحة"(2551)، ومن الظاهر أن مقصود من أدرجها في الحديث تفسيره بها، وهذا خلاف ما عليه السلف أن الدنو صفة حقيقة لله تعالى كالنزول، فهو ينزل كما يشاء، ويدنو من خلقه كما يشاء، لا يشبه نزوله ودنوه نزول المخلوقات ودنوهم، كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «شرح حديث النزول» وغيره.
"التعليق على الترغيب والترهيب" (1/497).
" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (5/466) : ((وأما دنوه وتقربه من بعض عباده ؛ فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه ، ومجيئه يوم القيامة ، ونزوله ، واستواءه على العرش ، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث ، والنقل عنهم بذلك متواتر)).اهـ.