الكثير من المبادئ القيّمة اذ نحن ركزنا في استخدامها دون تمحيص ولا تمييز سرعان ما نصبح من ضحاياها.
إن نصيحة ( من جدّ وجد ) و ( كل من سار على الدرب وصل ) هي نصيحة لا بأس بها ان نحن القيناها على اطفالنا وتلاميذنا ليفهموا مبدأ الدأب والتواصل ومواصلة الدراسة ولنجنبهم اليأس والخمول.
ولكن التطرف فيها ، قد يعطينا نتيجة عكسية ، لأنها تعني بشكل غير مباشر ان مستقبل الفرد بيده،
اذ هو يستطيع ان يصنع نفسه حسب ما يشاء بحزمه وارادته وسعيه واجتهاده.
ويقرر من خبروا الحياة وواجهوا الواقع ، اننا قد نحرص على شيء ما ونذوب من أجله عزما وسعيا ثم نراه يبتعد عنا بقدر ما حرصنا عليه .....
ويقررون على الجانب الآخر ، أن هناك أهداف ندأب في سبيلها وما ان نهملها ونتغافلها ، حتى نجدها قد استلانت بين ايدينا ورضخت ،ومن المؤكد ان هذا يثير الدهشة كما يثير المرارة .
ان التأكيد على ان التطرف في السعي والكدح هو ما يجلب النجاح والتفوق ، قد لا يكون قويا عندما نرى كثيرا من الأشخاص ذوي الارادة والعزيمة الصلبة والمثابرين ليل نهار ، تخلفوا عن الركب بينما تقدم فيه من هم أقل منهم جهدا وأضعف ارادة ... ومن هنا جاءت النظرية المنتشرة بين الناس ( الحظ ) ، وسرعان ما يبدأ الشخص بوضع لومه على حظه الذي لم يقدمه على أقرانه ، وهنا مبدأ آخر الكثيرون هم من ضحاياه .
ما السر في ذلك ،
وما السر فيما يحدث احيانا ؟
كثيرون هم الاشخاص الذين يستطيعون التحدث بفصاحة فطرية قد يفقدونها اذا دخلوا المدرسة وتعلموا قواعد النحو وبدأوا في تطبيقها،
قد يتقن شخص ما لعبة رياضية بشكل تلقائي وما ان يتعلم الاصول والقواعد حتى يفقد هذه الموهبة .
قد يضع احدهم الخطط الناجعة لحياته والمدروسة بعمق ويحاول تنفيذها بدقة ثم يجد نفسه اضعف في معركة الحياة من اولئك الذين يسيرون على طبيعتهم.
إن التقصد والتعمد والتكلف والتعجل امور تؤدي الى الخطأ الكثير والصواب القليل ، والحريص المتكالب على شيء يفقده الكثير من معالم النجاح.
إن ديننا الذي أوصانا بعدم الإسراف في شيء كان يعطينا بين السطور خصائص النجاح الكامل ،
وبالطبع ليس هذا استصغار لقيمة الجهد واهمية السعي وأثر ذلك في نجاح الفرد وانما يجب ان يكون هناك تحديد ومجال لهذا الحرص لا ينبغي ان نتعداه .....
إننا وان ركزنا على الجهد والسعي عطّلنا آلية الاسترسال والانسياب الفكري والتي تعطي النجاح المميز ، من غير تكلف ولا حرص شديد ولا جهد كبير ....
هناك أمور تحتاج الى جهد وأمور أخرى تحتاج الى استرسال ، والسعيد هو من استطاع التفريق بين الأمرين ثم سلك الطريق المناسب في كل مقام.