بسم الله الرحمن الرحيم
ولدي حبيب يا أعز الناس
أكتبها لك بمداد قلبي وأضع فيها عصارة تجربتي وخبرتي..
فأرجو أن تلقي لها بالا وتعطيها من وقتك لتقرأها، ليس بعينك بل بقلبك وفكرك ومشاعرك...
فلن تجد أحرص من والديك عليك، ولا أصدق وأنصح منهما لك، فلا تتردد في قبول نصحهما وتوجيههما.
ولدي حبيبي يا أعز الناس:
ثقتي بك غير محدودة..
وقناعتي بقدرتك على مواجهة التحديات كبيرة، فلا تخيب أملي ورجائي فيك، كن كما عرفتك، تخاف الله
وتراقبه وتغار على محارمك..
وتذكر وعدك الذي وعدتني إياه بمراقبة الله
وخوف الله في وفي أخواتك وأمك - وزوجتك وبناتك لا حقا - واعلم أنك ذاهب للفائدة والتعلم وتطوير ذاتك، فلا تكن رحلتك هذه مهلكتك وملقية بك في الهاوية.
ولدي حبيبي يا أعز الناس
- لأول مرة تتغرب لوحدك وتنأى بكلك عن والديك وأهلك لتزور ديارا لم تعرف منها إلا اسمها،
فأنت غريب فيها، وكما قال الأولون:
"الغريب أعمى وإن كان مبصرا"
فعليك بتوخي الحذر والحيطة في كل شيء ولا تثق بأحد أبداً، وإن كان أقرب الناس إليك.
- الصلاة الصلاة الصلاة..
فهي عمود الدين، وباب الإسلام، والناهية عن الفحشاء والمنكر. فعليك بالصلاة في أوقاتها وأديها مع الجماعة في بيت الله - ما أمكن ذلك - أدها بحضور قلب وخشوع جوارح
أدها بتفكر وتأمل وتدبر لما تقرأ فيها من آيات وذكر حكيم، أدعُ الله في سجودك بالثبات، وأن يلهمك رشدك وسداد أمرك.
- كتاب الله الذي لا يضل من تمسك به؛ كلام ربنا العزيز الحكيم الذي
(لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)
فاجعل لك منه يومياً نصيبا مفروضا...
تتجول فيه بين وعده ووعيده، بين جميل قصصه، وحكمة تنزيله؛ فهو شفاء لما في الصدور، وموعظة للمتقين...
نصيبك منه يومياً ما بين 5 – 10 دقائق لا يقل عن ذلك.
- تقوى الله ومراقبته في السر والعلن
فالله هو المطلع عليك في سرك وجهرك، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب
- إياك ومدخل الشيطان الرجيم في عبارة:
(أجرّب لأتعرف، وأنا واثق من نفسي!!!)
فهو مدخل كبير وعظيم الخطر، وآثاره وخيمة فالتجربة ستكون - ولا شك - لذيذة وجميلة، ليس لأن المعصية كذلك..
بل لأن الشيطان يزينها ويجملها لتقع فيها...
فإياك إياك وحبائل الشيطان، وكلما وسوس لك بذلك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم
وقل: اخسأ عدو الله، واعمل بعدها عملاً صالحا يقربك إلى ربك، كصلاة أو صدقة أو زيارة أخ لك في الله تتعرف عليه.
- إياك والوحدة
فالوحدة مدخل خطير من مداخل الشيطان، فسيظل يوسوس ويوسوس لك حتى تقع في المحظور
فاشغل نفسك دائما بالصحبة الصالحة، وكن معهم معظم وقتك.
- ابتعد عن الفتن ومثيرات الشهوة في المواقع التي تزورها...
أو أي مكان تتردد عليه، فالإنسان ضعيف، وللشهوة غلبة، فلا تتعرض لجبروت الشهوة وقوتها
ولا تتحداها بأن تدخل في اختبار ربما تخسر فيه الشيء الكثير.
- إذا – لا سمح الله – وقعت في شيء من الذنب، فلا تيئس من روح الله،
أو تفقد الثقة في نفسك، بل اتبع الحسنة السيئة تمحها، وقم مباشرة بعمل صالح، واستعد ثقتك بنفسك
وبقدرتك على المواجهة والتحدي، فأنت بطل صنديد قوي شجاع، قادر على المواجهة بإذن الله.
- اجعل لسانك رطباً بذكر
الله في كل وقت، وعلى أي حال؛ تسبيح وتحميدٌ وتكبيرٌ واستغفارٌ، وصلاةٌ وسلامٌ على النبي الكريم، فإن الشيطان لا يأتي لقلب مشغول بذكر الله.
أخيرا وليس آخراً:
عليك بالدعاء، فالدعاء سلاح نافذ قوي، سيما في أوقات الإجابة، ادع لنفسك بالثبات والصبر والفوز والنجاح.
فأنت في اختبار حقيقي لمواجهة الحياة، ولا أظنك إلا ناجحاً متميزا متفوقا بكل المقاييس.
أستودعُ الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك، أستودعك من لا تضيع عنده الوديعة، أستودعك عند الحي القيوم
وأسأله أن يردك لنا سالما، معافى في دينك وبدنك وعقلك وروحك.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
الداعي لك دائما بالثبات والتوفيق والنجاح
والدك