إن القياس المنطقي كثيرا ما يؤدي بصاحبه الى القيام بمشاريع وسلوكيات لا تصلح له ...
فهو قد يلاحظ نجاح احدهم في أمر ما ، فيلجأ الى قياسه المعتاد ويفترض ان سينجح في نفس الموضوع
ان النجاح في امر ما يحدث بأسباب متعددة ومعقدة ، ولا ينجح القياس على شخص آخر ، لأن البشر يختلفون
وإن فرضنا ان فلانا اصلح من الآخر ، فهذا لا يعني بالضرورة نجاحه كالآخر في نفس المشروع !
إن لهذا القياس في الواقع ، اهمية في أمور كثيرة لا ننكرها ، ولكنه كأي سلاح ذو حدّين ، له ضرر بالغ في أمور أخرى ....
إن تقليد البائع الناجح مع زبائنه مثلا في تصرفاته وسلوكياته وحديثه ، قد لا ينعكس على المقلد بالنجاح ، بل قد يؤدي هذا الى الفشل الذريع ، لأن التعامل بسلاسة وبديهية له تأثيره في المقابلين ، اما اعتماد النظام الدقيق ، فقد يفوّت صفة هامة وهي العفوية في التعامل والمبادرة في الأعمال والحوافز الطيبة للسلوك ...ويجرّ الفشل بأذياله ...
قال نابوليون : انه لا يفكر في الخروج من مأزق قبل الدخول اليه
وقد يكون هذا صحيحا من ناحية ، ان مواجهة المأزق بشكل واقعي فعلي ، يفتّق أفكارا مذهلة حول سبل الخلاص في الذهن ، وكذلك قد يكون صحيحا من ناحية ان المبتلى بالتفكير النظامي قد يضيع كنز عظيم وهو لا زال يسترجع معلوماته وقياساته ليقرر ان كان سيأخذ بأمر او مشروع ما ...
ولكن ،، ولو قاس كل فرد على نفسه قول نابوليون ، فرمى نفسه في البحر وهو لا يعرف السباحة ، منتظرا ان يتفتق ذهنه عن حل ذرّي ، لكان نصيبه بلا شك ان يكون عشاءا للحيتان !
اننا يجب ان نبتعد عن القياس في اغلب امور واقعنا لأننا قد لا نصلح لما صلح له الآخرون ، ولا نناسب ما ناسب الآخرين.
وقد نجر الى أنفسنا الهزيمة والفشل بدل النجاح الذي نتوهمه
اننا بطريقة التفكير هذه نضع الأحجار في مجرى الماء ، ونعرقل سير أمورنا ، وقد نفقد الكثير من الميزات التي كان من الممكن ان تؤهلنا الى شيء أكثر نجاحا...
ان نجاح الآخرين لا يعني بالضرورة نجاحنا نحن وان حاولنا وضع أنفسنا في نفس الإطار واخضعناها لنفس التجارب..
فأسباب النجاح تعود في كثير من الامور الى اسباب بعيدة عن التفكير النظامي الدقيق المقياسي..
وهناك حقيقة ، أعتقد اننا يجب ان نعتقد بصحة جزء كبير منها ...
النجاح الذي يأتي عفو الخاطر ..هو الإبداع بعينه .
قيل ...
ما اباح الورد سرا للفراشات كي تقبله صباحا ومساءا ....
إنما في الورد شيء ..يجذب الأشياء دون جهد أوعناء ...