موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 08:49 AM   #41
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/242)

وحرم عليهن زيارة القبور سدا لذريعة الفتنة بهن أو منهن.
وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: « ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء » (1) وقول بعض الفقهاء إنه يستثنى من ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر صاحبيه رضي الله عنهما; قول بلا دليل، والصواب أن المنع يعم جميع القبور، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وحتى قبر صاحبيه رضي الله عنهما.. هذا هو المعتمد من حيث الدليل.
وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر صاحبيه، عليه الصلاة والسلام، لكن بدون شد الرحل فالسنة أن تزار القبور في البلد من دون شد الرحل، لا يسافر لأجل الزيارة، ولكن إذا كان في المدينة زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر صاحبيه، وزار البقيع ، والشهداء.
أما أن يشد الرحال من بعيد لأجل الزيارة فقط، فهذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى » (2) .
أما إذا شد الرحل إلى المسجد النبوي ، فإن الزيارة تدخل تبعا لذلك.
فإذا وصل المسجد صلى فيه ما تيسر، ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وزار قبر صاحبيه، ودعا له عليه الصلاة والسلام، وصلى وسلم عليه، عليه الصلاة والسلام، ثم سلم على الصديق رضي الله عنه ودعا له، ثم على الفاروق ودعا له. وهكذا السنة.
وهكذا في القبور الأخرى، فلو زار مثلا دمشق ، أو القاهرة ، أو الرياض ، أو أي بلد.. يستحب له زيارة القبور لما فيها من العظة.
__________
(1) صحيح البخاري النكاح (4808),صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2741),سنن الترمذي الأدب (2780),سنن ابن ماجه الفتن (3998),مسند أحمد بن حنبل (5/210).
(2) صحيح البخاري الجمعة (1132),صحيح مسلم الحج (1397),سنن النسائي المساجد (700),سنن أبو داود المناسك (2033),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409),مسند أحمد بن حنبل (2/234),سنن الدارمي الصلاة (1421).

(1/243)

والنبي عليه الصلاة والسلام قال: « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) فيزورها للذكرى، والعبرة، والدعاء للموتى، والترحم عليهم. وهذه هي السنة، من دون شد الرحل.
ولكن لا يزورهم لدعائهم من دون الله. فدعاؤهم من دون الله شرك بالله عز وجل.
فكونه يدعوهم، أو يستغيث بهم، أو يذبح لهم، أو يتقرب إليهم بشيء من العبادة، أو يطلب منهم المدد، فهذا لا يجوز، وهذا من الشرك بالله عز وجل، فكما أنه لا يجوز مع الأصنام، ومع الأشجار والأحجار، فهكذا لا يجوز مع الموتى.
فلا يدعو الصنم ولا يستجير به ولا يستغيث به، ولا الشجر، ولا الحجر، ولا الكوكب، وهكذا أصحاب القبور، لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم المدد.
بل هذا شرك بالله عز وجل، كما قال الله سبحانه: ** وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ** (2) [الجن: 18] وقال سبحانه: ** ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ** (3) ** إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ** (4) [فاطر : 13 ، 14] سبحانه وتعالى.
فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به سبحانه، لقوله سبحانه: ** ويوم القيامة يكفرون بشرككم ** (5) فجعل دعاءهم إياهم- أي: دعاء الموتى والاستغاثة بأصحاب القبور - شركا بالله عز وجل.
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(2) سورة الجن الآية 18
(3) سورة فاطر الآية 13
(4) سورة فاطر الآية 14
(5) سورة فاطر الآية 14

(1/244)

وهكذا قوله سبحانه ** ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ** (1) [المؤمنون: 117] فسمى دعاء غير الله كفرا، وحكم على أهله بأنهم كافرون وغير مفلحين فيجب على المسلم أن يحذر هذا، ويجب على العلماء أن يبينوا هذه الأمور، حتى يحذر الناس الشرك بالله.
وكثير من العامة إذا مر بقبور من يعظمهم استغاث بهم، وقال المدد المدد يا فلان، أو يا سيدي فلان. المدد. المدد. أغثني. انصرني. اشف مريضي، وهذا هو الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهذا إنما يطلب من الله عز وجل، لا من الموتى، ولا من الأصنام، ولا من الكواكب، وإنما يطلب من الله عز وجل.
أما الحي فإنه يطلب منه ما يقدر عليه، إذا كان حاضرا يسمع كلامه، أو عن طريق الكتابة، أو الهاتف، أو الإبراق، أو التلكس، أو ما أشبه ذلك من الأمور الحسية فيطلب منه ما يقدر عليه; تبرق له، أو تكتب له، أو تكلمه بالهاتف، وتقول: أقرضني كذا وكذا، أو ساعدني على عمارة بيتي، أو على إصلاح مزرعتي، فإذا كان بينك وبينه شيء من التعاون فلا بأس.
أما أن تطلب من الميت أو الحي ما لا يقدر عليه، أو الغائب بدون الآلات الحسية، فهذا شرك به سبحانه وتعالى؛ لأن دعاء الغائب من غير الآلات الحسية معناه اعتقاد أنه يعلم، وأنه يسمع دعاءك وإن بعدت، وهذا اعتقاد باطل، واعتقاد كفري ، من اعتقد أن غير الله يعلم الغيب فهذا كفر أكبر.
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 117

(1/245)

يقول الله جل وعلا: ** قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ** (1) [النمل: 65] أو تعتقد أن الله جعل له سرا في الكون، فيتصرف; يعطي من يشاء، ويحرم من يشاء. كما يظنه بعض الجهلة، فهذا أيضا شرك أكبر.
فالزيارة للموتى زيارة إحسان، وزيارة ترحم عليهم، وتذكر للآخرة، والاستعداد لها. تذكر أنك ميت كما ماتوا فتستعد للآخرة، وتدعو لإخوانك المسلمين الميتين، وتترحم عليهم، وتستغفر لهم. وهذه هي الفائدة من الزيارة; ففيها عظة وذكرى ودعاء للموتى.
كذلك لا يزور القبور من أجل أن يدعو عندها، فيجلس عندها ويدعو، أو من أجل الصدقة عندها، أو للقراءة عندها، فهذا غير مشروع، بل هذا من البدع.
لكن يزورها للسلام عليهم، والدعاء لهم، والترحم عليهم، ولهذا « كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (2) هكذا كان يعلمهم عليه الصلاة والسلام.
وكان إذا زار القبور هو عليه الصلاة والسلام، قال: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد » (3) هكذا جاء في حديث عائشة ما هذا معناه.
والمقصود أن الزيارة للقبور في الحقيقة إحسان للموتى، وطلب للمغفرة لهم، والرحمة لهم، وإحسان لنفسك لأنك تذكر بهذا
__________
(1) سورة النمل الآية 65
(2) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).
(3) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2039),مسند أحمد بن حنبل (6/221).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 08:55 AM   #42
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/246)

الآخرة، وتذكر الموت حتى تستعد للقاء الله عز وجل.
ولكن تكون هذه الزيارة كما تقدم بدون شد الرحل، بل تزور قبور أهل البلد التي أنت فيها، ويكون شد الرحل لغير ذلك، للمدينة يكون شد الرحل للمسجد، والصلاة فيه، والقراءة فيه، ونحو ذلك وإذا زار المسجد زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وسلم عليه وعلى صاحبيه، ويستحب له أن يزور البقيع كذلك، وقبور الشهداء، ويزور مسجد قباء ويصلي فيه أيضا كل هذا مشروع.
وهكذا إذا زار بعض البلاد الأخرى لتجارة، أو لصديق، أو لقريب، يستحب له أن يزور القبور حتى يدعو لأهلها، وحتى يترحم عليهم، وحتى يتذكر بهم الآخرة، وحتى يستعد لها، وحتى يتذكر الموت- هكذا بين أهل العلم، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والخلاصة أن زيارة القبور بالنسبة للنساء ممنوعة مطلقا وهذا هو الصواب لصحة الأحاديث بمنعهن وعدم الدليل على الاستثناء.

(1/247)

زيارة القبور تختص بالرجال دون النساء
س109: إذا خرجت النساء إلى زيارة المقابر مع ذي محرم، فهل في هذا شيء؟ وهل قول الله عز وجل: ** حتى زرتم المقابر ** (1) [التكاثر: 2] ، يخصص الزيارة للرجال فقط دون النساء. أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: الزيارة تختص بالرجال، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى النساء عن زيارة القبور، وعن اتباعهن الجنائز، وقد صح عنه عليه السلام أنه
__________
(1) سورة التكاثر الآية 2

(1/247)

لعن زائرات القبور، فليست للمرأة أن تزور القبور، ولا أن تتبع الجنائز إلى المقبرة. نعم تصلي على الميت مع الناس في المسجد أو في المصلى، أو في البيت، ولا بأس بذلك، أما الزيارة للمقابر أو الذهاب مع الناس للمقابر فلا يجوز لها ذلك، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم.
وأما قوله سبحانه وتعالى: ** ألهاكم التكاثر ** (1) ** حتى زرتم المقابر ** (2) [التكاثر: 1 ، 2] ، فهذا المراد به الموت، يعني حتى نقلتم إلى المقابر ميتين، وليس المراد الزيارة المعروفة، والمقصود تحذير الناس من أن يشتغلوا بالتكاثر حتى يموتوا، وسماها زيارة لأن الإنسان لا يقيم في القبر دائما، فهي زيارة ثم يخرج يوم القيامة إلى الجنة أو إلى النار.
فالمقابر ليست هي المحل الأخير ، بل المحل الأخير الجنة أو النار، فالموتى زاروا القبور وبقوا في القبور حتى البعث والنشور، فإذا كان يوم القيامة أخرجوا من قبورهم وحاسبهم الله وجازاهم على أعمالهم، فالمتقون إلى الجنة والكرامة، والكافرون للنار، والعصاة على خطر; قد يعفى عنهم فيدخلون الجنة، وقد يعاقبون على قدر معاصيهم ثم بعد المعاقبة وبعد التعذيب الذي يستحقونه يخرجهم الله من النار إلى الجنة- عند أهل السنة والجماعة.
فالحاصل أن قوله تعالى: ** ألهاكم التكاثر ** (3) ** حتى زرتم المقابر ** (4) [التكاثر: 1 ، 2] ليس المقصود به الزيارة المعروفة، بل المراد به هنا الموت، يعني ألهاكم التكاثر في الدنيا وحرصتم عليها حتى متم ونقلتم إلى القبور، لكن الله سماها زيارة لأنهم لا يبقون
__________
(1) سورة التكاثر الآية 1
(2) سورة التكاثر الآية 2
(3) سورة التكاثر الآية 1
(4) سورة التكاثر الآية 2

(1/248)

في القبور أبدا، بل هم زائرون سوف يخرجون من القبور يوم القيامة إلى الجنة أو النار، كما دلت عليه الآيات الكريمات، والأحاديث الصحيحة وأجمع عليه المسلمون، كما قال جل وعلا في كتابه العظيم: ** زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ** (1) [التغابن: 7] فالله يجمع الناس يوم القيامة ويبعثهم من قبورهم ثم يجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة الاستعداد لهذا اليوم، والحرص على الأعمال الصالحات حتى يسعد ويفوز بالنجاة يوم القيامة، وهذا واجب على كل مكلف من أهل الأرض من الجن والإنس، فيجب على جميع المكلفين من العرب والعجم والإنس والجن والكفار والمسلمين يجب عليهم أن يستعدوا لهذا اليوم، وأن يدخل الكفار في الإسلام، وأن يستقيموا عليه حتى يفوزوا بالنجاة يوم القيامة، والله المستعان.
__________
(1) سورة التغابن الآية 7

(1/249)

زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم
س110: تقول السائلة هل يجوز زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه للمرأة مع العلم أنني مكرهة، فقد دخلت مع والدة زوجي، وبعض النساء من الأقارب حيث ألحوا علي وأكثروا الكلام علي فخشيت الجدال في المسجد، والتشويش على المصلين فذهبت معهم لزيارة القبر، علما بأنها المرة الأولى والأخيرة؟ وهل علي كفارة لأنني أعلم الحديث المحرم لزيارة النساء؟

(1/249)

الجواب: زيارة النساء للقبور مسألة خلاف بين أهل العلم، منهم من أجازها ومنهم من منعها.
والصواب والأرجح من القولين أنها ممنوعة، وأنه لا يجوز للنساء زيارة القبور، لا قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ولا القبور الأخرى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ثبت هذا من حديث ابن عباس ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عن الجميع.
فلا يجوز للنساء على الصحيح زيارة القبور مطلقا، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، لكن إذا كانت المرأة في المسجد، أو في بيتها، فإنه يشرع لها أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتسلم عليه، في البيت أو في الطريق أو في المسجد كما يشرع ذلك للرجال لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تجعلوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم » (1) .
فالصلاة تبلغ النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان الإنسان. فصلاتك يا عبد الله وسلامك، وهكذا صلاتك يا أمة الله وسلامك كل ذلك يبلغه صلى الله عليه وسلم فلا حاجة إلى حضور المرأة عند قبره صلى الله عليه وسلم ، ولا في البقيع ، ولا في غيره من القبور، عملا بالأحاديث التي فيها النهي واللعن لزائرات القبور.
ومن وقع منها ذلك فعليها التوبة والاستغفار ويكفي، سواء وقع منها ذلك جهلا، أو أكرهها بعض أصحابها، فالتوبة والاستغفار كافيان في ذلك.
__________
(1) سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).

(1/250)

حديث: « لعن الله زائرات القبور » (1)
س111: سائلة تقول: ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: « لعن الله زائرات القبور » (2) فأرجو التوضيح هل يقصد به النساء جميعا، أم هناك نساء معينات؟ وكيف الحال عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وما هي الأدعية التي تقال عند زيارة القبور؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب: اختلف العلماء في زيارة النساء للقبور بعدما أجمعوا على سنيتها للرجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن زيارة القبور في أول الإسلام خشية الفتنة بالقبور; لأن الجاهلية كانت تعظم القبور، وربما عبدت بعض المقبورين من دون الله.
فنهاهم عن زيارة القبور حماية للتوحيد وسدا لذرائع الشرك، ثم أذن للرجال بالزيارة، قال عليه الصلاة والسلام: « كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة » (3) وفي رواية : « فإنها تذكركم الموت » (4) .
واختلف العلماء في النساء: هل دخلن في هذا أم لا ؟ على قولين لأهل العلم.
والصواب أنهن لا يدخلن في الرخصة، بل ينهين عن زيارة القبور لأنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم من عدة طرق أنه : « لعن زائرات القبور » (5) وفي لفظ : « زوارات القبور » (6) من حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عنهم، وفيها لعن زائرات القبور.
فالصواب أنهن لا يزرن القبور مطلقا.
هذا هو الأرجح من قولي العلماء، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يزرنه ولا
__________
(1) سنن الترمذي الصلاة (320),سنن النسائي الجنائز (2043),سنن أبو داود الجنائز (3236),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575),مسند أحمد بن حنبل (1/337).
(2) سنن الترمذي الصلاة (320),سنن النسائي الجنائز (2043),سنن أبو داود الجنائز (3236),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575),مسند أحمد بن حنبل (1/337).
(3) صحيح مسلم الجنائز (977),سنن الترمذي الجنائز (1054),سنن النسائي الجنائز (2033).
(4) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1572),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(5) سنن الترمذي الصلاة (320),سنن النسائي الجنائز (2043),سنن أبو داود الجنائز (3236),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575),مسند أحمد بن حنبل (1/337).
(6) سنن الترمذي الجنائز (1056),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1576).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 11:23 AM   #43
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/251)

يقفن عليه، ولكن يصلين على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان; في المسجد النبوي ، وفي الطريق، وفي بيوتهن، وفي البيت، في كل مكان، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: « لا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم » (1) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم حثنا ورغبنا في الصلاة عليه والسلام عليه، كما أمر الله بذلك في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: ** إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ** (2) [الأحزاب: 56] صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين.
فالمشروع للنساء الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان، كالرجال، ولا يشرع لهن زيارة القبور لا في بلدهن ولا في غير بلدهن. هذا هو المعتمد والأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة.
وإذا كانت المرأة في المدينة زائرة فإنها تصلي في المسجد مع الناس، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهي في المسجد فليس هناك حاجة إلى أن تذهب عند القبر وتصلي عليه، بل تصلي عليه في محلها وتسلم عليه، تقول: اللهم صل وسلم على رسول الله، عليك الصلاة والسلام يا رسول الله، ونحو ذلك.
ويكفي هذا والحمد لله احتياطا وبعدا عما حرم الله.
__________
(1) سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
(2) سورة الأحزاب الآية 56

(1/252)

س112: هل يشمل المنع قبور الأئمة أيضا؟ وما هو الدعاء الذي يقال عند زيارة القبور؟

(1/252)

الجواب : نعم، المنع يشمل قبور الأئمة وغيرهم، ويشمل قبور الناس جميعا; فلا يشرع للمرأة أن تزور القبور مطلقا ; لا قبر أبيها، ولا قبر أمها، ولا غير ذلك فجميع القبور تنهى المرأة عن زيارتها في بلدها وغيرها، وإنما الزيارة للرجال خاصة.
ولعل الحكمة في ذلك، والله أعلم، أنهن قليلات الصبر وقد يفتن بهن الرجال، فكان من حكمة الله أن منعهن من الزيارة حتى لا تكون القبور محل فتنة ولا محل نياحة وجزع وقلة الصبر، وبذلك رحم الله النساء وكفاهن ما قد يترتب على زيارتهن للقبور من الفتنة، بخلاف الرجال فإنهم أصبر وأقل خطرا إذا زاروا القبور من النساء، وفي زيارة القبور ذكرى للآخرة وذكرى للموت.
والمرأة في إمكانها أن تتذكر الموت بالصلاة على الجنائز في المساجد مع الناس، فالمرأة تصلي على الجنازة في المسجد وفي المصلى، وإنما المنهي عنه ذهابها إلى القبور واتباعها للجنائز إلى القبور، أما صلاتها على الجنازة في المسجد أو في المصلى فمشروع وفيه ذكرى ويغني عن ذهابها للقبور، وهكذا تتذكر الموت دائما وتجعله على البال وتتذكر الآخرة، وكل هذا يكفي بحمد الله في تذكر الآخرة والإعداد لها.
أما الدعاء فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية وربما زاد فقال: « اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد » (1) إذا
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2039).

(1/253)

زارهم، أو يقول: « يغفر الله لنا ولكم » (1) أو « غفر الله لنا ولكم » أو « رحمنا الله وإياكم » فكل هذا كلام طيب. .
__________
(1) سنن الترمذي الجنائز (1053).

(1/254)

فيمن تذهب والدتها إلى قبر أبيها كل خميس
س113: هذا سؤال من سائلة تقول: إن والدتي تذهب كل يوم خميس إلى قبر والدي فهل يجوز هذا أم لا؟
الجواب : الصحيح من أقوال العلماء أن الزيارة تختص بالرجال، وأن النساء لا يزرن القبور; لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، وكان أولا صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور مطلقا للرجال والنساء، ثم رخص للجميع عليه الصلاة والسلام، لما في زيارتها من ذكرى للآخرة؟ ولما في ذلك من الإحسان للموتى والدعاء لهم، ثم استقرت الشريعة على منع النساء وعلى شرعيتها للرجال، وقال عليه الصلاة والسلام: « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) وفي لفظ آخر « تذكركم الموت » (2) والزيارة فيها مصالح من تذكير الآخرة، وتذكير الموت، وزهد في الدنيا، والدعاء للأموات، والترحم عليهم، لكن هذا في حق الرجال.
وأما النساء فلا يزرن القبور وهذا هو الصحيح، وهو الصواب لا يزرن القبور للنهي الأخير ولعنه صلى الله عليه وسلم زائرات القبور; ولأن في زيارتهن خطرا لأنهن فتنة، فربما سبب ذلك فتنة للزوار من الرجال، وربما أيضا سبب ذلك أيضا فتنة لها هي لشدة جزعها وقلة صبرها إلا من رحم الله.
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(2) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1572),مسند أحمد بن حنبل (2/441).

(1/254)

فالمقصود أن الزيارة للقبور مختصة بالرجال دون النساء في أصح قولي العلماء. فلا ينبغي لأم السائلة أن تزور قبر أبيها ولا غيرها، بل تدعو له في بيتها وفي كل مكان، تدعو له بالمغفرة والرحمة إذا كان مات على الإسلام والحمد لله، ويكفي أن تدعو له بالرحمة والمغفرة وتتصدق عنه، وهذا كله طيب، أما أن تزور قبره فلا; لأن الرسول نهى النساء عن ذلك عليه الصلاة والسلام.

(1/255)

هل يشعر الميت بمن يزور قبره
س114: يقول السائل في رسالته: هل الميت يشعر بالذين يزورونه في المقبرة وهل الواجب الوقوف أمام القبر أم يكفي دخول المقبرة فقط؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب : الشعور من الميت بزائره : الله أعلم به، وقد قال بعض السلف بذلك، ولكن ليس عليه دليل واضح فيما أعلم، ولكن السنة معلومة في شرعية زيارة القبور وأن نسلم عليهم، فنقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين .
كل هذا مشروع، وأما كونه يشعر أو لا يشعر هذا يحتاج إلى دليل واضح -والله أعلم سبحانه وتعالى- ولكن لا يضرنا شعر أم لم يشعر، علينا أن نفعل السنة فيستحب لنا أن نزور القبور، وأن ندعو لهم ولو لم يشعروا بنا؛ لأن هذا أجر لنا وينفعهم، فدعاؤنا لهم ينفعهم، وزيارتنا تنفعنا لأن فيها أجرا، ولأن فيها ذكر الموت وذكر الآخرة فننتفع بها،

(1/255)

والميت ينتفع بذلك أيضا; بدعائنا له، واستغفارنا له، فينتفع الميت بذلك.
أما الوقوف على القبر ، فالأمر فيه واسع إن وقف على القبر فلا بأس، وإن وقف على حافة المقبرة وسلم كفى، فإذا وقف على طرف القبور وقال: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين . كفى هذا، وإن اتصل بقبر أبيه، أو قبر أخيه يكون أفضل وأتم، فكونه يصل إلى قبر أخيه أو أبيه أو قريبه، أو صديقه يقف عليه، ويقول السلام عليك يا فلان ورحمة الله وبركاته، غفر الله لك ورحمك الله، وضاعف حسناتك، ونحوها طيب، وهذا أفضل وأكمل.

(1/256)

ليس من السنة أن يقرأ عند القبور ولا بين القبور
س115: يقول السائل في رسالته: روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من مر على المقابر وقرأ ** قل هو الله أحد ** (1) إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات هل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب : هذا الحديث لا أصل له عند أهل العلم، وهو من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي ليس لهذا سند صحيح، وليس من السنة أن يقرأ عند القبور ولا بين القبور، إنما السنة إذا زار القبور أن يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين أو: السلام عليكم أهل الديار من المسلمين
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1

(1/256)

والمؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية ، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، هذا هو السنة، أما أن يقرأ عليهم القرآن، أو بينهم القرآن، فهذا لا أصل له.

(1/257)

حكم البناء على القبور
س116: يقول السائل: ما حكم البناء على القبر؟ وما الحكم لو كان البناء مسجدا؟
الجواب : أما البناء على القبور فهو محرم، سواء كان مسجدا أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) فعلل اللعنة باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور وأنه لا يجوز اتخاذها مساجد؛ لأن اتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها; لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها دون الله واستغاثوا بها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (2) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذورا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه « نهى عن تجصيص القبور
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).

(1/257)

وعن القعود عليها، وعن البناء عليها » (1) ، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا، واتخاذ المساجد والقباب عليها كذلك; لأن ذلك من وسائل الشرك، إذا بني على القبر مسجد أو قبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به والدعاء لأصحاب القبور من دون الله عز وجل شرك بالله، كما هو الواقع في بلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد، وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها، ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم، ويتبركون بقبورهم، ويتمسحون بها.
كل هذا وقع بسبب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين » (2) وقال: « هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون » (3) يعني المتشددون الغالون.
والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد، ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه، وألا يبقى على القبور مساجد ولا قباب، بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، وكذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك كما تقدم، فلا تجوز فعلها.
بل الواجب إزالتها وهدمها لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة، ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها; لأن
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2028),سنن أبو داود الجنائز (3225),مسند أحمد بن حنبل (3/339).
(2) سنن ابن ماجه المناسك (3029),مسند أحمد بن حنبل (1/215).
(3) صحيح مسلم العلم (2670),سنن أبو داود السنة (4608),مسند أحمد بن حنبل (1/386).

(1/258)

هذا يجعلها مساجد تعبد من دون الله، أي يجعلها آلهة، ويجعلها أوثانا تعبد من دون الله; فلهذا شرع امتثال أمره بالزيارة فهي مستحبة، فشرع لنا أن نزورها للذكرى والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى؛ لأن البناء عليها من وسائل الشرك والفتنة بها.
وكذلك وضع القبور في المسجد لا يجوز، فبعض الناس إذا مات يدفن في المسجد، فهذا لا يجوز، وليس لأحد أن يدفن في المسجد بل يجب أن ينبش القبر، وينقل إلى المقبرة، فإذا دفن الميت بالمسجد فإنه ينبش وينقل إلى المقبرة، ولا يجوز بقاؤه في المساجد أبدا والواجب على أهل الإسلام أن لا يدفنوا في المساجد.

(1/259)

صلاة الجنازة على القبر عند زيارته
س117: هل يجوز أن أصلي على قبر أبي صلاة الجنازة عند زيارته طلبا للرحمة له؟ وهل إذا ورث الميت مصحفا ينال أجرا عند تلاوته أبنائه فيه؟
الجواب : إذا كنت قد صليت على أبيك مع الناس فلا حاجة إلى إعادة الصلاة، بل تزوره وتدعو له فقط، تأتي المقبرة وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم وتدعو لأبيك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) وكان النبي يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).

(1/259)

لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية هذه هي السنة.
فتسلم على أهل القبور وعلى أبيك، وتدعو له بالمغفرة والرحمة، ولا حاجة إلى الصلاة، هذا إذا كنت صليت عليه.
أما إذا كنت لم تصل عليه مع الناس فإنك تذهب إلى قبره وتصلي عليه في مدة شهر فأقل إذا كان مضى له شهر أو أقل، أما إذا طالت المدة فلا صلاة عند جمع من أهل العلم، والدعاء يكفي لأبيك والاستغفار له، والترحم عليه، والتصدق عنه بالمال، كل هذا ينفع الميت من أب وغيره.
وأما المصحف إذا خلفه الميت فهو ينفعه إذا وقفه- أي جعله وقفا- ينفعه أجره، كما لو وقف كتبا للعلم المفيد; علم الشرع، أو علم مباح ينتفع به الناس فإنه يؤجر على ذلك لأنه إعانة على خير، كما لو وقف أرضا أو بيتا أو دكانا يتصدق بغلته على الفقراء، أو تبرع للمساجد، كل هذا يؤجر عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له » (1) فالصدقات الجارية تنفع الميت إذا كان مسلما، وينفعه دعاء أولاده ودعاء غيرهم، وينفعه الوقف الذي يوقفه بعده في سبيل الخير من بيت أو أرض أو دكان أو نخيل، أو أشباه ذلك، فينتفع هو بهذا الوقف إذا انتفع به الناس; أكلوا من ثمرته وانتفعوا بثمرته، أو صرفت ثمرته في مساجد المسلمين لإصلاحها في فرشها أو عمارتها.
__________
(1) صحيح مسلم الوصية (1631),سنن الترمذي الأحكام (1376),سنن النسائي الوصايا (3651),سنن أبو داود الوصايا (2880),مسند أحمد بن حنبل (2/372),سنن الدارمي المقدمة (559).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 11:40 AM   #44
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/260)

بناء القبور فوق سطح الأرض
س 118: في مصر يبنون القبور فوق سطح الأرض، والأغنياء يبنون القبور، أما الفقراء فإنهم يدفنون في القبور القديمة، وكثيرا ما نشاهد أجسامهم من خلال القبور القديمة المهدمة، وأصبحت هذه عادة، وقد فكرت في بناء عدة قبور للفقراء في قريتي، ولكن ترددت؛ لأن السنة النبوية تحتم بدفن المسلم تحت التراب ، وأقنعت الناس جميعهم بذلك، ولكنهم لم يستجيبوا. فهل لي أن أبني قبورا للفقراء فوق سطح الأرض تمشيا مع العادة... أم لا تجوز هذه الحسنة؟ ولو بنيتها فهل لي أجر وثواب.. أرجو إفادتي؟
الجواب : السنة الحفر في الأرض للقبور، فيحفر فيها ويعمق فيها، هذا إذا كانت الأرض صالحة، فإذا كانت الأرض صالحة فالسنة أن يحفر فيها ويعمق الحفر إلى نصف الرجل يعني فوق العورة، ويجعل لحد يكون جهة القبلة يكون فيه الميت، هذه هي السنة.
لكن لو كانت الأرض رديئة لا تتماسك وضعيفة فلا بأس أن تضبط بالحجارة ونحوها، فيحفروا حفرا وتضبط بالحجر أو بالألواح حتى لا ينهدم، فلا بأس به عند الحاجة.
أما البناء فلا يجوز، ولكن يحفر لهم في الأرض ويضبط التراب بألواح أو بحجارة حتى يستقر التراب فوق ذلك، هذه هي السنة الدفن في الأرض لا بالبناء، أما البناء فلا يجوز لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه » (1) فإذا كنت تريد الإحسان إلى الناس فاحفر لهم حفرا مناسبة، وتحيي السنة
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2027),سنن أبو داود الجنائز (3225),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1563),مسند أحمد بن حنبل (3/339).

(1/261)

بذلك ولا توافقهم على ما أحدثوا من البناء، بل المؤمن يحيي السنة، ويدعو إليها، ويصبر على ما في ذلك من المشقة، هكذا ينبغي للمؤمن.
ومن البلايا التي وقعت الآن في الناس، البناء على القبور ، القبر يكون في الأرض ثم يبنى عليه قبة أو مسجد، هذا من البدع ومن المنكرات العظيمة، ومن وسائل الشرك، وهذا واقع في مصر وفي الشام والعراق وغير ذلك، وقد كان واقعا في مكة المكرمة وفي البقيع ، حتى غير الله ذلك على يد الحكومة السعودية، وأحسنت في ذلك جزاها الله خيرا لأنها أزالت البدع، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فنهى عن البناء على القبور وعن تجصيصها، وقال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) هذا هو الواجب على حكام المسلمين أن يمنعوا البناء على القبور، وأن يمنعوا اتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها، وألا يطاف بها، وألا تدعى من دون الله، وألا يستغاث بأهلها، كل هذا من المنكرات، لكن البناء من وسائل الشرك، أما الدعاء للميت والاستغاثة به وطلب المدد منه هذا هو الشرك الأكبر والعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، كما هو واقع في بعض البلاد، فالواجب الحذر وتحذير الناس منه.
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).

(1/262)

لا يجوز وضع البيوت في محل المقابر
س119: يقول السائل: أسكن في قرية على حافة جبل وبجوارنا من الجهة اليمانية جبل مرتفع ومن الجهة الغربية حافة جبل، ومن الجهة الشرقية كذلك ومدرجات زراعية تحيط بنا، وعندي قطعة أرض

(1/262)

بجوار مقبرة فعزمت على أن أبني لي بيتا لأن بيت والدي أصبح لا يسعنا، وبعد أن حفرت في نفس الأرض وطرحنا حجر الأساس للبيت، وجدنا قبورا، فقمنا بإخراج العظم ونقلها إلى محل آخر حيث يوجد عندنا في القرية خندق تحت جبل يوجد فيه رؤوس وأيادي وأرجل وأجزاء من أجسام بني آدم وضعت من قديم الزمان، ولا ندري هل عملنا هذا مشروع أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب : هذا العمل لا يجوز، فما دامت الأرض فيها قبور، فالواجب تركها، فهي تبع المقبرة ما دامت المقبرة بجوار الأرض المذكورة، فالواجب أن لا يتعرض لها، ولا ينبش القبور، وإذا حفر ووجد القبور يواسيها ويتركها، ولا يجوز للناس أن ينبشوا القبور، ويضعوا بيوتهم في محل القبور، فهذا تعد على محل الموتى وظلم للموتى لا يجوز.
قد يجوز بعض الأشياء إذا دعت الضرورة إليها مثل إذا دعت الحاجة إلى شارع ينفع المسلمين، واعترضه شيء من القبور، ولا حيلة في صرف الشارع فقد يجوز أخذ بعض المقبرة ونقل الرفات إلى محل آخر، إذا كانت الضرورة دعت إلى توسعة هذا الشارع للمسلمين، ولا حيلة في صرفه عن المقبرة، أما أن يأخذ الناس من المقبرة لتوسعة بيوتهم فهذا لا يجوز.

(1/263)

حكم المقام الموضوع في المسجد
س120: يقول السائل: عندنا مقام شيخ في المسجد، من قديم الزمان فقال بعض الناس: نهدمه، والبعض الآخر قال: نتركه فبماذا

(1/263)

تنصحوننا بارك الله فيكم؟
الجواب : إذا كان هذا المقام يتبرك به الجهال، أو يعتقدون فيه أنه يشفي مرضاهم، ويتمسحون بما أخذوا من ترابه، أو ما أشبه ذلك، فإنه يهدم لأنه من قواعد الشرك ومن أساسات الشرك، فيهدم.
أما إذا كان هذا المقام حجرة أو غرفة أو محل آخر لتدريس القرآن أو لتعليم العلم؟ فلا بأس بهذا إذا كان ليس فيه ما يسبب الشرك، لا تمسح ولا أخذ من ترابه، ولا غلو في الشيخ بدعائه من دون الله.
وإنما هو مقام بناه ليعلم فيه العلم أو ليقرأ فيه القرآن وليس فيه ما يسبب الشرك، وليس فيه ما يدعو إلى الغلو في الشيخ فهذا لا حرج فيه.
وهذه المقامات في الغالب كما بلغنا عنها أنها لا تخلو من الغلو، وأن الجهلة يقصدونها للتبرك بها والتمسح بها، أو دعاء الشيخ فيها، أو ما أشبه ذلك، فهذا منكر لا يجوز، ومتى كان المقام يفعل فيه ذلك وجب أن يزال كما أزال النبي صلى الله عليه وسلم العزى، واللات، ومناة، وأشباهها من مقامات المشركين وأوثانهم سدا لباب الشرك، وقضاء على أسباب الفتن.
وإذا كان في هذا المقام قبر فهذا أشد وأشد، فإذا كان فيه قبر فيجب أن يزال ويرفع من المسجد، ويجب أن ينبش وينقل إلى مقابر المسلمين ويسوى محله بالمسجد حتى يكون مصلى للمسلمين.
والقبر ينبش ويزال إذا كان القبر موضوعا في المسجد، أما إذا كان المسجد قد بني عليه من أجله فالمسجد يهدم ويزال وتبقى البقعة مدفنا للناس يدفنون فيها، والمسجد يزال ويبنى مسجد آخر لأهل الحي في محل ليس فيه قبور حتى لا تقع الفتنة.

(1/264)

حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور
س121: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور علما بأن القرية التي نحن فيها لا يوجد فيها مسجد إلا وفيه قبر؟ وما الحكم إذا تركت صلاة الجماعة أو الجمعة علما بأن هذه المساجد لا نستطيع إزالة هذه القبور منها لأنها تابعة لوزارة الأوقاف؟
الجواب : الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند القبور، ولعن اليهود والنصارى باتخاذهم المساجد على القبور، قال عليه الصلاة والسلام: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا » (1) خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين ، وقال عليه الصلاة والسلام: « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (2) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
وفي الصحيحين « عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » (3) .
فأخبر أنهم بهذا العمل هم شرار الخلق بكونهم يبنون على قبور الصالحين مساجد، ويصورون صورهم عليها، فهذا من عمل شرار الخلق.
فالواجب على حكام المسلمين، وعلى أعيان المسلمين التعاون في
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(3) صحيح البخاري الجنائز (1276),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528),سنن النسائي المساجد (704),مسند أحمد بن حنبل (6/51).

(1/265)

هذا الأمر، وألا يبنى مسجد على قبر، وألا يدفن ميت في مسجد، بل المقابر على حدة والمساجد على حدة، هذه سنة المسلمين، وهذا هو المشروع الذي بينه رسول الأمة عليه الصلاة والسلام.
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان والمسلمون يدفنون في البقيع في المدينة ، وكان مسجده صلى الله عليه وسلم ليس فيه قبور، ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول أدخل الوليد الحجرة في المسجد النبوي ، فظن بعض الناس لجهلهم أنه يجوز اتخاذ القبور في المساجد أو البناء عليها، وهذا جهل وخلاف لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وإنما دفن في بيته في بيت عائشة ، وهكذا دفن معه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعند التوسعة التي فعلها الوليد بن عبد الملك أدخل الحجرة برمتها في المسجد، فالرسول كلية دفن في بيت وهكذا صاحباه ولم يدفنوا في المسجد، فلا ينبغي لعاقل أن يحتج بهذا على ما فعله أولئك الذين غلطوا وخالفوا السنة فبنوا على القبور واتخذوا عليها المساجد، أو دفنوا في المساجد؟ كل هذا غلط ومنكر ووسيلة من وسائل الشرك ولا تجوز الصلاة في المساجد التي فيها القبور.
أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله أو أمامه وراء حائط من الأمام فلا يضر ذلك.
أما إذا كان في نفس المسجد فإنه لا يصلى في هذا المسجد، والواجب على الحكام - حكام المسلمين- أن ينظروا في الأمر; فإن كان المسجد هو الأخير أي هو الذي بني على القبر يهدم، وتكون القبور بارزة للمسلمين يدفن في الأرض التي فيها قبور، وتكون بارزة غير

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 11:43 AM   #45
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/266)

مصفوفة وغير مبني عليها حتى يدفن فيها المسلمون وحتى يزوروها ويدعوا لأهلها بالمغفرة والرحمة، والمساجد تبنى في محلات ليس فيها قبور.
أما إن كان القبر هو الأخير، والمسجد سابق فإن القبر ينبش منها ويخرج من المسجد رفاته ويوضع الرفات في المقبرة العامة.
يحفر للرفات حفرة ويوضع الرفات في الحفرة ويسوى ظاهرها بالقبر، وحتى يسلم المسجد من هذه القبور المحدثة فيه، وإذا نبشت القبور التي في المساجد ونقل رفاتها إلى المقابر العامة صلي في هذه المساجد والحمد لله، إذا كانت المساجد هي الأولى أي هي القديمة والقبر حادث، فإنه ينبش القبر ويؤخذ الرفات ويوضع في المقبرة العامة والحمد لله.
أما إذا كان القبر هو الأصل والمسجد بني عليه فهذا صرح العلماء بأنه يهدم؛ لأنه بنيان أسس على غير التقوى، فوجب أن يزال وأن تكون القبور خالية من المصليات، لا يصلى عندها ولا فيها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، نهى عن هذا، ولأن الصلاة عندها وسيلة للشرك، فالصلاة عندها وسيلة إلى أن تدعى من دون الله، وإلى أن يسجد لها وإلى أن يستغاث بها، فلهذا نهى النبي عن هذا عليه الصلاة والسلام، وسد الذرائع التي توصل إلى الشرك عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.

(1/267)

الصلاة في مسجد القرية الذي به ضريح
س122: يوجد في قريتنا مسجد، ويوجد في هذا المسجد ضريح يزعم أجدادنا أنه لأحد الأولياء، يطلقون عليه اسم الحبيب، والمسجد

(1/267)

يتكون من ثلاث غرف كبيرة في اتجاه العرض بالنسبة للقبلة، وهذا الضريح يوجد في الغرفة الأمامية ونحن نصلي في الوسطى، ولا يحجز بينها ويين التي فيها الضريح إلا جدار. فما حكم صلاتنا في هذا المسجد أفيدونا أفادكم الله
الجواب : بناء المساجد على القبور محرم ومنكر؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) متفق على صحته ، وقال صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (2) أخرجه مسلم في صحيحه .
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور واتخاذها مساجد، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيصها والقعود عليها والبناء عليها، فلا تجوز الصلاة في هذا المسجد، بل يجب أن يهدم إذا كان بني على القبر.
أما إن كان القبر أحدث في المسجد، والمسجد قديم والقبر أحدث فيه، فإنه يزال فينبش وينقل الرفات إلى المقبرة العامة في حفرة خاصة، ويسوى ظاهرها كسائر القبور، ويبقى المسجد على حاله يصلى فيه، لزوال المحذور.
س123: يقول السائل: إن هناك أناسا يقومون على مسجد فيه ضريح ويقبلون هذا الضريح، وينذرون له النذور، فإذا نصحناهم قالوا: إننا ملحدون وكفار وسوف يصيبنا سوء وعاهات بالرغم أننا ننصحهم باللجوء إلى الله عز وجل، وترك الاعتقاد بهذا الضريح، وقد لا يكون لنا
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).

(1/268)

قدرة على إزالة الضريح، أو هدم المسجد. فماذا نفعل بارك الله فيكم؟
الجواب : عليكم إنكار المنكر مثل ما فعلتم، فعليكم أن توضحوا لهم أن هذا منكر، وأن دعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له كل هذا من الشرك بالله وذلك أعظم من بناء المسجد على القبر، فكونهم يدعونه ويستغيثون به وينذرون له فهذا من المنكرات الشركية، وهذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى، وهذا يناقض قول لا إله إلا الله فإنه لا معبود حق إلا الله، وهو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، أما النذر للميت ودعاؤه والاستغاثة به أو بالأشجار، أو بالأحجار، أو بالأصنام، أو بالأنبياء، فكل هذا شرك أكبر، فيجب الحذر من هذا، ويجب أن تعادوهم في الله وتبينوا لهم أن هذا خطأ، وأنه منكر وشرك أكبر حتى يهتدوا إن شاء الله على أيديكم؛ لأن الحق واضح.
فعليكم أن تنذروهم بالأسلوب الحسن، والعبارات الحسنة، والرفق، وتوضحوا لهم أن هذا العمل منكر وشرك بالله عز وجل، وأن الواجب الانتقال عنه إلى مسجد آخر سليم من القبور، وما دام هذا المسجد لم يهدم، فإنه ينتقل عنه إلى أرض أخرى يبنى فيها مسجد يصلى فيه، أما هذا فإن هداهم الله وهدموه فهذا الواجب عليهم، يهدمونه ويبقى القبر كسائر القبور، وإن كان القبر هو الأخير فإنه ينبش القبر وتنقل الرفات إلى المقبرة العامة في حفرة خاصة يسوى ظاهرها كسائر القبور.

(1/269)

حكم بناء القباب على القبور والتبرك بها
س124: يقول السائل: عندنا مقبرة كبيرة بها ثلاثة أضرحة، مبني عليها قباب كبيرة يقال إنها بنيت منذ مائتي عام، ومما يؤسف له أن هناك امرأة عجوزا تذهب لهذه الأضرحة بحجة أنهم أولياء وتقوم بتنظيفها ويذهب الناس إلى هذه الأضرحة فيذبحون لها وينذرون لها، وهناك آخرون يقولون يلزم هدم هذه القباب، وآخرون يقولون لا يجوز لنا هدمها لأنها قباب قديمة، وبنيت منذ فترة فلا نعرف وضعها .
وسؤالي: ما حكم مثل هذه الأعمال من خدمة المرأة لهذه الأضرحة والذبح عندها ووضع الأموال؟ ثم أين تذهب هذه الأموال؟ وأين تذهب الذبائح؟
الجواب: البناء على القبور أمر منكر لا يجوز اتخاذ قباب عليها، ولا اتخاذ المساجد عليها بل نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء عليها، بل لعن من فعل ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) وقال جابر رضي الله عنه « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها » (2) أخرجه مسلم في صحيحه وهكذا رواه النسائي ، والترمذي وغيرهما ، وفيه النهي عن الكتابة على القبور أيضا.
والحاصل أن البناء على القبور أمر منكر نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتخاذ المساجد عليها كذلك، لأنه وسيلة إلى الغلو فيها، وعبادتها من دون الله بالدعاء، أو الطواف، أو الاستغاثة بها، أو الذبح لها، كل هذا يقع من بعض الجهلة، وهذا من الشرك الأكبر. ومما تقدم يعلم أن طلب الحوائج من الموتى أو من الأصنام أو من
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2028),سنن أبو داود الجنائز (3225),مسند أحمد بن حنبل (3/339).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 11:48 AM   #46
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/270)

الأشجار والأحجار أو من الكواكب كله شرك بالله عز وجل، وهكذا الطواف على القبور منكر، والطواف يكون بالكعبة ، لا يطاف بالقبور فهذا منكر عظيم، بل شرك أكبر، إذا قصد به التقرب إلى صاحب القبر وهو شرك أكبر، وإذا ظن أنه قربة لله وأنه يتقرب إلى الله بهذا فهذه بدعة; الطواف من خصائص البيت العتيق الكعبة ، القبور لا يطاف بها أبدا هذا منكر وبدعة، وإذا كان فعله تقربا لصاحب القبر صار شركا أكبر وهكذا دعاء الميت، والاستغاثة بالميت، والنذر له والذبح له، كله من الشرك الأكبر.
فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك وعلى أعيان المسلمين منع هؤلاء من هذا العمل وعلى الحكام والأمراء أن يمنعوا الجهلة من هذا الشرك وهذا هو الواجب على حكام المسلمين؛ لأن الله جل وعلا أقامهم لمنع الأمة مما يضرها ولإلزامها بما أوجب الله عز وجل عليها وللنظر في مصالحها هذا واجب الحكام.
الحكام من الأمراء والملوك والسلاطين إنما شرعت ولايتهم ليقيموا أمر الله في أرض الله فعليهم أن ينفذوا أحكام الله، فعلى الأمير في القرية وعلى الحاكم في أي مكان وعلى السلطان ورئيس الجمهورية وعلى كل من له قدرة أن يساهم في هذا الخير، وذلك بإزالة هذه الأبنية والقباب والمساجد التي بنيت على القبور وأن تبقى القبور مكشوفة مثل القبور في البقيع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهدنا الآن في المدينة ، القبور مكشوفة ليس عليها بناء لا مسجد ولا حجرة ولا قبة ولا غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور واتخاذ مساجد عليها

(1/271)

وتجصيصها لأن هذا وسيلة إلى أن يغلى فيها وإلى أن تعبد مع الله.
وهكذا لا يهدى إليها نقود ولا ذبائح ولا ملابس ولا يوضع لها سدنة، وهذه العجوز التي تأتي القبر تمنع لا تأتي إلى هذه المقابر ولا تقوم بتنظيفها لأنها دعاية للشرك، ولكن تنصح ويبين لها حكم الله في ذلك حتى تعرف التوحيد وتتوب إلى الله من الشرك.
ولكن تسور القبور فإذا سورت أطراف المقبرة كلها بسور حتى لا تمتهن وحتى لا تتخذ طرقا للدواب فلا بأس أما البناء على القبر لتعظيمه أو إظهار شرفه وفضله فهذا كله منكر. لا يجوز البناء على القبور أبدا ويمنع وجود السدنة عند القبور لأخذ أموال الناس أو تضليل الناس ودعوتهم إلى الشرك ، كل هذا يجب منعه، وهذا واجب الحكام، وواجب الأعيان، وواجب أمراء البلاد أن يسعوا في هذا الخير وأن ينصحوا للعامة والجهال ويعلموهم، « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (1) ويعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أتاكم ما توعدون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد .
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).

(1/272)

حكم زيارة قبر النبي يونس عليه السلام
س125: تقول السائلة: ذكرتم في حلقات سابقة في هذا البرنامج عدم زيارة الأضرحة وأنها من الشرك بالله، فهل زيارة النبي يونس والنبي

(1/272)

جرجيس في نينوى تدخل ضمن ذلك؟ وهل الصلاة فيها غير جائزة؟
الجواب: زيارة القبور قسمان : زيارة شرعية، وزيارة بدعية شركية.
أما الزيارة الشرعية فهي مشروعة لقبور الصالحين والمسلمين جميعا وإذا عرف قبر من قبور الأنبياء كقبر نبينا صلى الله عليه وسلم تشرع له الزيارة من دون شد الرحل، فلا تشد الرحال للقبور، لا تشد إلا للمساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمسجد الأقصى، هؤلاء الثلاثة تشد لهم الرحال، أما القبور فلا تشد لها الرحال، لكن إذا كان الإنسان في البلد وقصدها زائرا فهذا سنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة وفي لفظ آخر تذكركم الموت » (1) وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
فإذا زار المسلم قبور المسلمين في بلده، ودعا لهم واستغفر لهم كان هذا قربة وطاعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية » (2) هكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يزور القبور بنفسه صلى الله عليه وسلم، ويدعو للموتى ويستغفر لهم ويقول: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أتاكم ما توعدون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد » (3) وفي لفظ يقول: « نسأل الله لنا ولكم العافية » (4) فعلى المؤمن أن يفعل مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور، ومثل ما علم أصحابه، يسلم عليهم، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويستغفر
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(2) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).
(3) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2039).
(4) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).

(1/273)

لهم، ويقول: « نسأل الله لنا ولكم العافية » (1) هذه هي الزيارة الشرعية.
وهكذا إذا زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ، إذا زار المسجد ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه ويدعو له، ويقول صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك، جزاك الله عن أمتك خيرا، وهكذا إذا زار قبور الصالحين في أي مكان; يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويستغفر لهم، ويسأل الله لهم العافية.
أما قبر يونس فلا يعلم أنه في نينوى ، وجميع قبور الأنبياء لا تعلم ولا تعرف، فدعوى أنه موجود في نينوى أو في غيرها أمر باطل لا أصل له، وقد ذكر العلماء أنه لا يوجد قبر معروف من قبور الأنبياء البتة إلا قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وإلا قبر الخليل في الخليل في المغارة المعروفة، هذا هو المعروف، أما قبور بقية الأنبياء فغير معروفة، لا يونس ولا غيره من الأنبياء والرسل، قبورهم الآن غير معلومة ، ومن ادعى أن قبر يونس موجود، أو فلان، أو فلان، فكله كذب لا صحة له، ولا نعلم نبيا يقال له جرجيس، ولا يعرف من الأنبياء من يسمى جرجيس فالمقصود أنه ليس هناك قبر نبي معروف غير قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة وغير قبر الخليل في بلد الخليل في المغارة المعروفة .
وهذه الزيارة الشرعية للرجال، أما النساء فلا يشرع لهن الزيارة على الصحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، فدل ذلك على أن النساء لا يزرن القبور، وإنما الزيارة للرجال خاصة في أصح قولي العلماء، لما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور، جاء هذا من حديث أبي هريرة ، ومن حديث حسان بن ثابت ،
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).

(1/274)

ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهم، فلا يشرع لهن الزيارة ولا تجوز لهن الزيارة.
ولكن يدعون للموتى المسلمين في بيوتهن وفي المساجد وفي كل مكان وإذا زاروا المدينة دعون للنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد أو في بيوتهن وصلين عليه وسلمن عليه في أي مكان عليه الصلاة والسلام، لقوله عليه الصلاة والسلام: « لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم » (1) عليه الصلاة والسلام، فإذا صلى عليه المؤمن والمؤمنة في أي مكان بلغ ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم : « إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام » (2) عليه الصلاة والسلام.
فمشروع لك أيتها السائلة أن تصلي عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان، وعلى بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأما زيارة هذا القبر الذي يقال له قبر يونس فلا أصل له، ثم النساء لا يزرن القبور على الصحيح، ولكن يدعون لموتى المسلمين، ويستغفرن لموتى المسلمين في أي مكان.
أما الزيارة البدعية فهي زيارة القبور، للصلاة عندها، أو القراءة عندها، أو الدعاء عندها، فهذه الزيارة من البدع لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (3) أما إن دعا أصحاب القبور، أو استغاث بهم، أو طلب منهم الشفاعة، فهذا هو الشرك الأكبر الذي كان يفعله المشركون حول القبور.
فالواجب الحذر من ذلك ونصيحة من يفعله، مع التوبة إلى الله من ذلك.
__________
(1) سنن أبو داود المناسك (2042),مسند أحمد بن حنبل (2/367).
(2) سنن النسائي السهو (1282),مسند أحمد بن حنبل (1/441),سنن الدارمي الرقاق (2774).
(3) صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/256).

(1/275)

حكم زيارة الأضرحة وتقبيلها
س126: هل زيارة الإمام أو السيد تعتبر ذنبا على الزائر إذا قبل الشباك أو باب الغرفة أو الضريح للإمام، وما الحكم في مثل قول الزائر: أنا دخيل عليك أن تنقذني من هذه القصة أو غير ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب : زيارة القبور سنة مؤكدة للرجال، إذا كان المقصود منها الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له، كما كان النبي يزور القبور صلى الله عليه وسلم ، وكان أصحابه يزورون القبور وقال لهم عليه الصلاة والسلام: « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) فالزيارة فيها خير عظيم ومصالح، تذكر الإنسان بالآخرة وبالموت ويدعو للأموات ويستغفر لهم ويترحم عليهم، هذه هي الزيارة الشرعية.
« وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية » (2) وفي حديث عائشة « يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (3) .
هذه هي الزيارة الشرعية، أما أن يدعو الميت أو يقول: أنا دخيلك أو اشفني من مرضي، أو خلصني من كذا، فهذا شرك أكبر وهذا لا يجوز، لا مع إمام، ولا مع سيد، لا مع نبي، ولا مع الإمام أبي حنيفة ، ولا غيرهم. لا يجوز أن يقال لأحد من الأموات: انصرني، أو اشف مريضي، أو رد غائبي، أو خلصني من هذه الكربة، لا يقول للميت أنا بجوارك أنا
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(2) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).
(3) سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 12:17 PM   #47
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/276)

في حسبك اغفر لي، هذا كله لا يجوز بل هو من الشرك الأكبر لأن هذه الأمور من خصائص الله سبحانه وتعالى، لا يقال للميت ولا للجماد كالصنم والشجر ولا للجن ولا للملائكة، بل هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، والذي يتعاطى هذا مع أصحاب القبور قد فعل الشرك الأكبر الذي حذر الله منه عباده، وأنزل الكتب في حقه، وأرسل الرسل لأجل ذلك، قال سبحانه وتعالى: ** كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ** (1) ** ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ** (2) هود: [1 ، 2] وقال سبحانه: ** فلا تدعوا مع الله أحدا ** (3) [الجن: 18] وقال عز وجل: ** ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ** (4) [النحل: 36] .
فالعبادة حق الله سبحانه وتعالى، فليس للعبد أن يطلب شفاء المرض أو رد الغائب، أو التخليص من الكرب من الأموات، أو من الأصنام، أو من الكواكب أو من الأشجار والأحجار، أو من الجن أو من الملائكة، كل هذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر.
وإنما الزيارة الشرعية مثل ما تقدم أن يزور القبور ويسلم عليهم ويقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وما أشبه ذلك، من الدعاء لهم والترحم عليهم. وأما تقبيل القبر أو تقبيل الشباك أو التمسح بالقبر، فكل هذا لا يجوز، والذي يقف عند القبر يسلم فقط. ويدعو للميت ويترحم عليه
__________
(1) سورة هود الآية 1
(2) سورة هود الآية 2
(3) سورة الجن الآية 18
(4) سورة النحل الآية 36

(1/277)

كما تقدم. ولا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها ولا القباب، كل هذا مما أحدثه الناس.
والرسول صلى الله عليه وسلم قال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) وقال: « ألا إن من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (2) وقال جابر رضي الله عنه: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها » (3) وتجصيص القبور، والبناء عليها، أو اتخاذها مساجد ، كله منكر لا يجوز، ومن أسباب الغلو فيها وعبادتها من دون الله، والواجب على الزائر أن يتقيد بالأمر الشرعي، وأن يبتعد عما حرم الله عليه، فيزورها كما زارها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له.
وأما دعاء الميت نفسه والاستغاثة به والنذر له أو الالتجاء إليه أو التعوذ به من كذا وكذا فهذا كله لا يجوز، وكله من الشرك.
وهكذا الجلوس عند القبر يدعو الله أو يصلي عند القبر هذا لا يجوز أيضا، بل يجب الحذر من ذلك؛ لأنه من وسائل الشرك، ولأن دعاء الميت شرك أكبر والاستغاثة به والاستشفاع به ونحو ذلك من الشرك الأكبر، والجلوس عنده للدعاء، أو الصلاة من البدع ومن وسائل الشرك. وهكذا البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها من البدع، وكله من وسائل الشرك والذرائع.
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(3) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2028),سنن أبو داود الجنائز (3225),مسند أحمد بن حنبل (3/339).

(1/278)

فالواجب على المسلمين أن يحذروا من ذلك، وأن يعيدوا القبور على حالها الأولى، ويزيلوا ما عليها من مساجد ومن قباب، وعليهم أن يتركوها كما كانت في عهد النبي وعهد أصحابه ظاهرة، تحت الشمس، ليس عليها قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية والسلامة.

(1/279)

زيارة قبور الأولياء
س127: تسأل السائلة عن قبور الأولياء وتقول: يوجد عندنا في العراق بدع، وهي أن بعض الناس يقصدون قبور أولياء الله والصالحين من مكان بعيد، وعند زيارة القبر يخلعون أحذيتهم، وهذه القبور مبني عليها ما يشبه المساجد وعند دخولهم يصلون ركعتين، وهي صلاة الزيارة ويقال إنها سنة. فهل هذا جائز أم لا؟ أفيدونا وفقكم الله لما فيه الخير وجزاكم الله عنا خيرا ؟
الجواب: هذا سؤال مهم وله شأن عظيم، وهو تعظيم القبور بالزيارة البدعية، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، هذه مسائل ذات أهمية، فينبغي أن يعلم أن الزيارة للقبور سنة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) ولكن ليس المقصود بالزيارة أن يدعى الميت، أو يستغاث به، أو يطلب منه المدد، أو يتمسح بالقبر، أو ما أشبه ذلك، بل المقصود من الزيارة ذكر الآخرة، وذكر الموت، والدعاء للميت والترحم عليه إن كان مسلما، هذا هو المقصود من الزيارة، ولهذا قال عليه الصلاة
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).

(1/279)

والسلام: « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » (1) وفي لفظ آخر: « تذكركم الموت » (2) .
فالسنة للزائر إذا زار أن يسلم على المقبورين، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية » (3) وفي لفظ آخر: « يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (4)
وكان يقول إذا زار البقيع : « اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد » (5) فالسنة إذا زار القبور هكذا، أن يسلم عليهم ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة والعافية، فهذا هو المشروع، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله، أو ليطلب منهم المدد، أو ليستغيث بهم، أو لينذر لهم، فهذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهذا من عمل الجاهلية; كأبي جهل وأصحابه عند القبور، فهذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر.
وهكذا الصلاة عند القبور لا تجوز، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (6) وقال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (7)
فلا تجوز الصلاة عند القبور، ولا العكوف عندها، ولا سؤال أهلها، ولا الاستغاثة بهم، ولا النذر لهم كما تقدم، ولما رأت أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما كنيسة في الحبشة ، وما فيها من الصور، أخبرتا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(2) صحيح مسلم الجنائز (976),سنن النسائي الجنائز (2034),سنن أبو داود الجنائز (3234),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1572),مسند أحمد بن حنبل (2/441).
(3) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).
(4) سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).
(5) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2039).
(6) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(7) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 12:21 PM   #48
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/280)

مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » (1) فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب تعظيمهم للقبور بالبناء عليها، واتخاذ الصور والمساجد عليها.
فالذي يفعله بعض الناس من اتخاذ المساجد على القبور ، أو اتخاذ القباب عليها، كل هذا منكر ومن وسائل الشرك بأهلها، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور المساجد، ولا القباب، ولا غيرها من الأبنية، بل تبقى ضاحية مكشوفة في الجبانة أي المقبرة، فيأتي إليها الزائر ويسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف، ولا تجوز الصلاة عندها، ولا بين القبور، ولا التمسح بالتراب، ولا الجلوس عندها للقراءة، أو الدعاء، كل هذا منكر، وإنما يسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم، وكما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه الصلاة والسلام.
والصلاة عند القبور من البدع، ومن وسائل الشرك أيضا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: « اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا » (2) فدل ذلك على أن القبور لا يصلى فيها، ولا يصلى عندها، إنما الصلاة في المساجد وفي البيوت، أما القبور فلا; لأن الصلاة عندها من وسائل الشرك، والعبادة لها من دون الله.
وهكذا البناء عليها، وهكذا اتخاذ المساجد عليها، وهكذا اتخاذ القباب عليها، وفرشها، وتطييبها، كل هذا من وسائل الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يفعله الناس الجهلة من هذا الشيء، كما في
__________
(1) صحيح البخاري الصلاة (424),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528),سنن النسائي المساجد (704),مسند أحمد بن حنبل (6/51).
(2) صحيح البخاري الصلاة (422),صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (777),سنن الترمذي الصلاة (451),سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1598),سنن أبو داود الصلاة (1448),مسند أحمد بن حنبل (2/16).

(1/281)

بلاد كثيرة حيث يعظمون القبور ويبنون عليها المساجد والقباب، وهذا من المنكرات العظيمة ومن وسائل الشرك، كما هو معلوم عند أهل العلم.
فوصيتي ونصيحتي للسائل أن يحذر هذا، فإذا زار القبور يزورها زيارة شرعية، يسلم عليهم ويدعو لهم إن كانوا مسلمين وينصرف، أما الصلاة في مسجد على القبر، أو بين القبور، فهذا منكر، كذلك الجلوس عندها للدعاء أو القراءة كذلك لا يجوز، وأما دعاؤها والاستغاثة بها والنذر لها، وطلب المدد منها كما يفعله الجهلة، فهذا هو الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر.
وكثير من المسلمين عندهم جهل كثير في هذه المسائل، فيفعلون ما يرون العامة يفعلونه عند القبور، ولا يعلمون أحكام الشرع في ذلك، والواجب على العلماء في كل البلاد أن يعلموا الناس، وأن يرشدوا الناس إلى سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، وأن يحذروهم من الشرك والبدع، هذا هو الواجب على أهل العلم في كل مكان.
ولكن بسبب قلة العلماء، وقلة أهل التحقيق كثر هذا الشر في بلدان كثيرة، وظنوه دينا وظنوه شيئا مشروعا، فصاروا يسارعون إليه يحسبون أنهم على هدى، وعلى حق في ذلك، وهذه مصيبة عظيمة يجب التنبيه عليها.
ويجب على كل مسلم أن يسأل عما أشكل عليه، وألا يتساهل بالأمور التي يرى عليها آباءه وأسلافه، بل عليه أن يسأل، فإن الكفار كان من عادتهم اتباع أسلافهم على غير بصيرة، كما حكى الله عنهم أنهم يقولون: ** إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ** (1) [الزخرف: 23] ، فلا ينبغي التأسي بالكفرة في ذلك، بل يجب على المسلم
__________
(1) سورة الزخرف الآية 23

(1/282)

أن يسأل أهل العلم إن كانوا عنده، أو يكتب إليهم في أي البلاد، ويسألهم عما أشكل عليه من أمور دينه حتى يكون على بصيرة، لأن الله تعالى قال: ** فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ** (1) [النحل: 43] .
فالواجب على أهل الإسلام إذا لم يكن عندهم علم أن يسألوا، وعلى كل إنسان ليس عنده علم أن يسأل عما أشكل عليه في أمور القبور، أو في أمور صلاته، أو في زكاته، أو في صيامه، أو في معاملاته، وفي كل شيء
__________
(1) سورة النحل الآية 43

(1/283)

الطواف بالقبور
س128: يقول السائل: كنت جالسا مع إخوة لي من أبناء وطني من صعيد مصر ، فقالوا لي: يوجد عندنا مقام لأبي الحسن الشاذلي من طاف به سبع مرات كانت له عمرة، ومن طاف به عشر مرات كان له حجة، ولا يلزمه الذهاب إلى مكة ، فقلت لهم: إن هذا الفعل كفر بل شرك -والعياذ بالله- فهل أنا مصيب؟ وبماذا تنصحون من ينخدع بذلك؟
الجواب: نعم قد أحسنت، لا يجوز الطواف بالقبور، لا بقبر أبي الحسن الشاذلي ، ولا بقبر البدوي ، ولا بقبر الحسين ، ولا بالسيدة زينب ، ولا بالسيدة نفيسة ولا بقبر من هو أفضل منهم، لأن الطواف عبادة لله وإنما يكون بالكعبة خاصة، ولا يجوز الطواف بغير الكعبة أبدا، وإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو بمقامه يتقرب إليه بالطواف، صار شركا أكبر، وليس هو يقوم مقام حجة، ولا مقام عمرة، بل هو كفر وضلال، ومنكر عظيم، وفيه إثم عظيم.

(1/283)

فإن كان طاف يحسب أنه مشروع، ويطوف لله لا لأجل أبي الحسن فهذا يكون بدعة ومنكرا، وإذا كان طوافه من أجل أبي الحسن ومن أجل التقرب إليه فهو شرك أكبر -والعياذ بالله- وهكذا دعاؤه والاستغاثة بأبي الحسن الشاذلي ، أو النذر له، أو الذبح له، كله كفر أكبر -نعوذ بالله- وكذلك الحلف بأبي الحسن ، وكذلك الحلف بالنبي ، أو بالحسن ، أو بالحسين ، أو بفاطمة ، أو بالكعبة ، أو بالأمانة، أو الحلف بحياة فلان أو شرفه كله لا يجوز لأن الحلف بغير الله ممنوع وهو شرك أصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت » (1) . ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « من حلف بغير الله فقد كفر » (2) وفي لفظ: « فقد أشرك » وفي لفظ آخر: « فقد كفر أو أشرك » (3) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « من حلف بالأمانة فليس منا » (4) ولقوله صلى الله عليه وسلم: « لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون » (5)
فالحلف يكون بالله وحده; لأنه تعظيم لا يليق إلا بالله وحده، فالحلف بغير الله من الشرك الأصغر وقد يكون أكبر إذا حصل في قلبه من التعظيم للمخلوق ما هو من جنس تعظيم الله يكون كفرا أكبر، فالدعاء والاستغاثة بالأموات، والذبح لهم، والنذر لهم، والتوكل عليهم، أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب، أو يتصرفون في الكون، أو يعلمون ما في نفوس أصحابهم، والداعين لهم، والطائفين بقبورهم، كل هذا شرك أكبر -نعوذ بالله من ذلك- فالغيب لا يعلمه إلا الله; لا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، وإنما يعلمون من الغيب ما علمهم الله إياه،
__________
(1) صحيح البخاري الشهادات (2533),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/7),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341).
(2) صحيح البخاري الأدب (5757),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1535),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/125),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341).
(3) سنن الترمذي النذور والأيمان (1535).
(4) سنن أبو داود الأيمان والنذور (3253),مسند أحمد بن حنبل (5/352).
(5) صحيح البخاري المناقب (3624),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/76),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341).

(1/284)

ويقول الله سبحانه وتعالى: ** قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ** (1) [النمل: 65] .
فمن زعم أن شيخه يعلم الغيب ، أو يعلم ما في نفس زائره، أو ما في قلب زائره فهذا كفر أكبر-والعياذ بالله- فالغيب لله وحده سبحانه وتعالى، وكذلك إذا عكف على القبر يطلب فضل صاحب القبر، ويطلب أن يثيبه أو يدخله الجنة بالجلوس عند قبره، أو بالقراءة عند قبره، أو بالاستغاثة به أو نذره له، أو صلاته عنده، أو نحو ذلك، فهذا كفر أكبر.
فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يحذر الشرك كله وأنواعه. والقبور إنما تؤتي للزيارة، يزورها المؤمن للدعاء لهم، والترحم عليهم، فيقول: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية » (2) وهكذا.
أما أن يدعوهم مع الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يتقرب إليهم بالذبائح بالبقر، أو بالإبل، أو بالغنم، أو بالدجاج فكل هذا كفر أكبر -والعياذ بالله- فالواجب الحذر والواجب التفقه في الدين، المسلم عليه أن يتفقه في دينه حتى لا يقع في الشرك والمعاصي.
وعلماء السوء علماء ضلالة يضلون الناس ويغشونهم، فالواجب على علماء الحق أن يتقوا الله وأن يعلموا الناس من طريق الخطب والمواعظ وحلقات العلم، ومن طريق الإذاعة، ومن طريق الكتابة والصحافة، ومن طريق التلفاز، يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم إلى
__________
(1) سورة النمل الآية 65
(2) سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).

(1/285)

الحق حتى لا يعبدوا الأموات، ولا يستغيثوا بهم، وحتى لا يطوفوا بقبورهم، وحتى لا يتمسحوا بها، وحتى لا ينذروا لها وحتى لا يقعوا بالمعاصي.
والقبور تزار للذكرى; لذكر الآخرة، وذكر الموت، وللدعاء للميت والترحم عليه كما تقدم، أما أن يطاف بقبره أو يدعى من دون الله أو يستغاث به، أو يجلس عنده للصلاة، فهذا لا يجوز، والجلوس عند قبره للصلاة عنده أو للقراءة عنده بدعة، وإذا كان يصلي له كان كفرا أكبر، فإن صلى لله وقرأ لله يطلب الثواب من الله، ولكن يرى أن القبور محل جلوس لهذه العبادات صار بدعة فالقبور ليست محل جلوس للصلاة أو للقراءة، ولكنها تزار للدعاء للأموات، والترحم عليهم، مثلما زارهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (1) وكان إذا زار البقيع يقول: « اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد » (2) ويترحم عليهم، وهذه هي الزيارة الشرعية، فيجب الحذر مما حرم الله مما أحدثه عباد القبور، وأحدثه الجهال، مما يضر ولا ينفع بل يوقع أصحابه في الشرك الأكبر -ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
__________
(1) سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).
(2) صحيح مسلم الجنائز (974),سنن النسائي الجنائز (2039).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 12:25 PM   #49
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/286)

اهتمام مشايخ الصوفية بالقباب والأضرحة
س129: يقول السائل: عندنا من مشايخ الصوفية من يهتم بصنع القباب والأضرحة، والناس يعتقدون فيهم الصلاح والبركة، فإن كان

(1/286)

هذا الأمر غير مشروع فما هي نصيحتكم لهم، وهم قدوة في نظر السواد الأعظم من الناس. أفيدونا بارك الله فيكم؟
الجواب: النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يعلموا الناس ذلك، وأن يحذروا إتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك، فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم، وإنما الدين ما يؤخذ عن كتاب الله وعن سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وعما أجمع عليه أهل العلم، من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، الدين هكذا يؤخذ لا عن تقليد زيد وعمرو.
وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه لا يجوز البناء على القبور ، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا اتخاذ القباب، ولا أي بناء، كل ذلك محرم بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا.
وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة ، وما فيها من الصور، فقال عليه الصلاة والسلام: « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » (1)
فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق، وهكذا من يتخذ عليها الصور لأنها دعاية للشرك؛
__________
(1) صحيح البخاري الصلاة (424),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528),سنن النسائي المساجد (704),مسند أحمد بن حنبل (6/51).

(1/287)

لأن العامة إذا رأوا عليها المساجد والقباب عظموا المدفونين، واستغاثوا بهم، ونذروا لهم، ودعوهم من دون الله، وطلبوا منهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر.
وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، الذي خرجه مسلم في الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه: « إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (1) هكذا رواه مسلم في الصحيح .
فدل ذلك على فضل الصديق رضي الله عنه ، وأنه أفضل الصحابة وخيرهم، وأنه لو ساغ للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ خليلا لاتخذه خليلا رضي الله عنه، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه سبحانه وتعالى، فإن الخلة أعلى المحبة.
وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وعلى ذم من فعل ذلك من جهات ثلاث:
الأولى: ذمه من فعل ذلك.
الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: « فلا تتخذوا القبور مساجد » (2)
الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: « فإني أنهاكم عن ذلك » (3)
فحذر من البناء على القبور من هذه الجهات الثلاث، بقوله صلى الله عليه وسلم: « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد » (4) ثم قال: « ألا فلا تتخذوا القبور مساجد » (5) يعني لا تتأسوا بهم، فإني أنهاكم عن ذلك- وهذا تحذير صريح من البناء على القبور واتخاذها
__________
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(3) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(4) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(5) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).

(1/288)

مساجد، والعلة والحكمة في ذلك ما قاله أهل العلم أنه وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، وإلى عبادة أهل القبور، وصرف الدعاء، والنذور، والاستغاثة، والذبائح لهم، وطلب المدد منهم والعون، كما هو الواقع الآن في بلدان كثيرة عند السائل في السودان ، وفي مصر ، وفي الشام ، والعراق .
وفي بلدان كثيرة، يأتي الرجل العامي الجاهل يقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلب المدد والعون والغوث، كما يقع عند قبر البدوي ، والحسين ، والسيدة نفيسة ، وزينب ، وغيرها في مصر ، وكما يقع عندكم في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وعند قبور أهل البقيع ، وعند قبر خديجة في مكة ، وقبور أخرى، يقع هذا من الجهال فهم يحتاجون إلى تبصير، وإلى بيان، وإلى عناية من أهل العلم، فالواجب على أهل العلم جميعا سواء كانوا من المنسوبين إلى التصوف أو غيرهم، فالواجب على علماء الشريعة جميعا أن يتقوا الله، وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم، وأن يحذروهم من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها أو القباب، أو غير ذلك من أنواع البناء، وأن يحذروهم من دعاء الموتى، والاستغاثة بالموتى ، فالدعاء عبادة لله وحده، لأن الله سبحانه يقول: ** فلا تدعوا مع الله أحدا ** (1) [الجن: 18] ، ويقول سبحانه: ** ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين ** (2) [يونس: 106] ، يعني المشركين، ويقول صلى الله عليه وسلم: « الدعاء هو العبادة » (3) .
__________
(1) سورة الجن الآية 18
(2) سورة يونس الآية 106
(3) سنن الترمذي تفسير القرآن (2969),سنن ابن ماجه الدعاء (3828).

(1/289)

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله » (1) فالميت قد انقطع عمله عن الناس، فهو في حاجة أن يدعى له ويستغفر له وإلى أن يترحم عليه، لا أن يدعى من دون الله; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له » (2) فكيف يدعى من دون الله؟! وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار، والأحجار، وهكذا القمر والشمس والكواكب، كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها، وهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء، وإن كانوا صالحين، هكذا الملائكة، والجن، لا يدعون مع الله; والله سبحانه يقول: ** ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ** (3) آل عمران: 180 ، فجعل اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا بالدعاء والاستغاثة كفرا، والله لا يأمر به سبحانه وتعالى.
وفي حديث جابر عند مسلم ، يقول رضي الله عنه: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها » (4) وذلك لأنها وسيلة إلى الشرك، فالبناء عليها، والتجصيص والكسوة، والقباب كل هذا وسيلة إلى تعظيمها، والغلو فيها، ودعاء أهلها، أما القعود عليها فهو امتهان لا يجوز، فلا يقعد عليها فهي محترمة لا تمتهن، فلا يقعد عليها، ولا يبول عليها ولا يتغوط عليها، ولا يستند إليها، ولا يطؤها، فهذا ممنوع احتراما للمسلم.
والمسلم حيا وميتا محترم، لا يجوز أن يداس قبره، ولا تكسر عظامه، ولا يقعد على قبره، ولا يبال عليه، ولا أن توضع عليه القمائم،
__________
(1) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2516),مسند أحمد بن حنبل (1/303).
(2) صحيح مسلم الوصية (1631),سنن الترمذي الأحكام (1376),سنن النسائي الوصايا (3651),سنن أبو داود الوصايا (2880),مسند أحمد بن حنبل (2/372),سنن الدارمي المقدمة (559).
(3) سورة آل عمران الآية 80
(4) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2028),سنن أبو داود الجنائز (3225),مسند أحمد بن حنبل (3/339).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 12:49 PM   #50
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/290)

كل هذا ممنوع، فالميت المسلم لا يمتهن ولا يدعى من دون الله; لا يغالى فيه فيدعى من دون الله، ولا يمتهن ويداس وتوضع عليه القمائم والأبوال والقاذورات، لا هذا ولا ذاك، فالشريعة جاءت بالوسط; جاءت باحترام القبور، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، وزيارتهم للدعاء لهم، والاستغفار لهم، ونهت عن إيذائهم بالقاذورات وبالقمائم وبالبول وبالقعود عليهم، إلى غير ذلك.
ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها » (1) لا يجوز أن تجعل قبلة ولا أن يقعد عليها فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين; بين تحريم الغلو في أهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم، والنذر لهم ، ونحو ذلك، وهذا من الشرك الأكبر، وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم، أو الوطء عليها والاستناد إليها، أو وضع القاذورات عليها، كل هذا ممنوع، وبهذا يعلم المؤمن، ويعلم طالب الحق، أن الشريعة جاءت بالوسط; لا بالشرك ولا بالإيذاء والامتهان، فالنبي والرجل الصالح يدعى له، ويستغفر له، ويسلم عليه عند زيارته، أما أن يدعى من دون الله فلا، فلا يقال: يا سيدى المدد المدد، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أعني على كذا، فهذا يطلب من الله، ولا يمتهن فتوضع القمامة على قبره، أو يوطأ عليه، أو يداس عليه، لا هذا ولا ذاك.
أما الحي فلا بأس أن يتعاون معه; لأن له عملا فيما يجوز شرعا من الأسباب الحسية، كما قال تعالى: ** فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ** (2) [القصص: 15] ،
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (972),سنن الترمذي الجنائز (1050),سنن النسائي القبلة (760),سنن أبو داود الجنائز (3229),مسند أحمد بن حنبل (4/135).
(2) سورة القصص الآية 15

(1/291)

في قصة موسى، فإن موسى حي وهو المستغاث به، فاستغاثه الإسرائيلي على الذي من عدوه وهو القبطي، وهكذا الإنسان مع إخوانه، ومع أقاربه، يتعاونون في مزارعهم، وفي إصلاح بيوتهم، وفي إصلاح سياراتهم، وفي أشياء أخرى من حاجاتهم يتعاونون بالأسباب الحسية المقدورة، فلا بأس، وهكذا من طريق الهاتف ( التليفون)، من طريق المكاتبة، من طريق الإبراق والتليكس، كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة.
لكن ما يتعلق بالعبادة فلا، فلا يقال للحي أو الميت: اشف مريضي، أو رد غائبي، لاعتقاد أن له سرا في ذلك، ولا يقال: انصرنا على عدونا، أي بسره، أما طلب النصر من الحي القادر الحاضر بالأسباب الحسية كالسلاح والقرض فلا بأس.
كذلك يأتي الطبيب يطلب منه العلاج لا بأس، أما أن يقول: اشفني; لأنه يعتقد فيه سرا، كما هو مشهور عند الصوفية وغيرهم، فهذا كفر; لأن الإنسان ما يستطيع أن يتصرف في الكون، إنما في الأمور الحسية، والطبيب يتصرف في الأمور الحسية كالأدوية.
كذلك الإنسان القادر الحي يتصرف في الأسباب الحسية، يعينك بيده، يقف معك، يعطيك مالا كقرض، أو مساعدة تبني بها، أو يعطيك قطع غيار لسيارتك، أو يساعدك بالشفاعة لدى من يعينك، فهذه أمور حسية ولا بأس بها، ولا تدخل في عبادة الأموات، والاستغاثة بالأموات، ونحو ذلك.
وكثير من دعاة الشرك يشبهون بهذه الأمور، وهذه أمور واضحة

(1/292)

بينة، لا تشتبه إلا على من هو من أجهل الناس، فالتعاون مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة، وسؤال الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم أمر ممنوع ومعلوم عند أهل العلم وأنه شرك أكبر بإجماع أهل العلم، ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة، والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب كذلك منكر معلوم عند أهل العلم، جاءت الشريعة بالنهي عنه، فلا يجوز أن يلتبس هذا على أهل العلم.
فالواجب على أهل العلم مرة أخرى- أن يتقوا الله أينما كانوا، وأن ينصحوا لعباد لله وأن يعلموهم شريعة الله، وألا يجاملوا في ذلك زيدا ولا عمرا ، بل يعلمون الأمير والصغير والكبير، ويحذرون الجميع مما حرم الله، ويرشدونهم إلى ما شرع الله، هذا هو الواجب على أهل العلم أينما كانوا، من طريق الكلام الشفهي، ومن طريق الكتابة، ومن طريق التأليف، ومن طريق الخطابة في الجمع وغيرها، ومن طريق الهاتف، ومن طريق التليكس من أي الطرق التي وجدت الآن، يستعان بها على تبليغ دعوة الله، وعلى نصح عباد الله. نسأل الله للجميع الهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(1/293)

حكم الإقامة لأيام عند المقام المبني على القبر
س130: يقول السائل: يوجد في بلدتنا رجل صالح متوفى، وقد بني له مقام على قبره، وله عادة عندنا في كل عام، نذهب مع الناس إليه رجالا ونساء، ويقيمون عنده ثلاثة أيام بالمدح والتهاليل والأذكار،

(1/293)

وغير ذلك من الأوصاف المعروفة. فنرجو من سماحة الشيخ التوجيه والإرشاد. جزاكم الله خيرا؟
الجواب : هذا العمل لا يجوز، بل هو من البدع التي أحدثها الناس، فلا يجوز أن يقام على قبره بناء; سواء سمي مقاما، أو سمي قبة، أو سمي غير ذلك، وكانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة مكشوفة ليس عليها بناء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر وأن يجصص، وقال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (1) متفق على صحته .
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه » (2) .
فالبناء على القبور منكر، وهكذا تجصيصها; ووضع الزينات عليها، أو الستور، كله منكر وهو وسيلة إلى الشرك، فلا يجوز، وكذلك وضع القباب أو الستور، أو المساجد عليها أو السرج.
وهكذا زيارتها على الوجه الذي ذكره السائل; كالجلوس عندها، والتهاليل، وأكل الطعام، والتمسح بالقبر، أو الدعاء عند القبر، أو الصلاة عند القبر ، كل هذا منكر، وكله بدعة. فلا يجوز.
إنما المشروع زيارة القبور ، وأن يزورها ويدعو لهم ثم ينصرف، فيمر على القبور ويقول: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (3) وما أشبهه من الدعوات.
هذا هو المشروع الذي علمه النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام،
__________
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/121),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2027),سنن أبو داود الجنائز (3225),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1563),مسند أحمد بن حنبل (3/339).
(3) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).

(1/294)

حيث كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية » (1) وفي حديث عائشة رضي الله عنها: « يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » (2) وحديث ابن عباس : « السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر » (3) .
هذا هو المشروع، وأما الإقامة عند القبر للأكل والشرب، أو للتهاليل، أو للصلاة، أو لقراءة القرآن ; فكل هذا منكر. بل الصواب أن يسلموا ويذهبوا، ويدعوا للميت، ويترحموا عليه، أما اتخاذه محل دعاء، أو محل قراءة، أو محل طواف، أو محل تهاليل، أو محل أكل يوم أو يومين- فهذا ليس له أصل، وهذا بدعة ومن وسائل الشرك. فيجب الحذر من ذلك، ويجب ترك ذلك.
__________
(1) صحيح مسلم الجنائز (975),سنن النسائي الجنائز (2040),سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547),مسند أحمد بن حنبل (5/353).
(2) سنن النسائي الجنائز (2037),مسند أحمد بن حنبل (6/221).
(3) سنن الترمذي الجنائز (1053).

(1/295)

تعظيم قبر جد النبي صلى الله عليه وسلم
س131: يقول السائل: يوجد في فلسطين قبر جد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم على ما يقال وهذا القبر موجود داخل مسجد، وهو مبنى قديم لعله من عهد دولة المماليك ، ويعتبر الناس هذا المسجد أثريا، ويعزونه ويعظمونه، وبعضهم يعتبره محلا للتبرك، فقام بعض الشباب الصالحين بهدم هذا القبر درءا للمفسدة، ومنعا لاجتماع الرجال والنساء عنده، وتقديم الشموع والنقود، فأنكر عليهم كثير من المنتسبين للدين ذلك، وقالوا: إن هؤلاء منحرفون ويبغضون النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفون جماعة المسلمين، ومما زاد الطين بلة ما صدر عن دار إفتاء

(1/295)

بلد عربي مجاور قالوا: إن الذين هدموا قبر هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم خارجون عن الإسلام.
فنرجو من سماحتكم بيان حكم ذلك؟ وهل لجد النبي صلى الله عليه وسلم حق علينا أن نقول له: سيدنا، أو أن نعظم قبره، أو ما شابه ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب : هؤلاء الذين هدموه وأحسنوا إلى الناس بإزالة هذه الفتنة مأجورون; لأن جد النبي صلى الله عليه وسلم مات في الجاهلية، فجد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم مات على الجاهلية ليس بمسلم، وهكذا عبد المطلب ، وهكذا أبو النبي عبد الله ، كلهم ماتوا في الجاهلية، فليس لأحد أن يعظمهم، ولا أن يقول لهم: سيدنا فلان؛ لأنهم ماتوا في الجاهلية على دين الكفرة، على دين الضالين، وأحسن أحوالهم أن يكونوا من أهل الفترة، أمرهم إلى الله عز وجل يوم القيامة إذا كانت ما بلغتهم الدعوة -دعوة الأنبياء الماضين-.
فعلى كل حال هم ماتوا في الجاهلية، وماتوا على أعمال الجاهلية، فليس لهم حق في أن يعظموا ولا أن يدعى على قبورهم، أو تعظم قبورهم، أو يقال سيدنا فلان; هاشم أو غيره، كل هذا لا يجوز، ولا يجوز تعظيم قبره لو عرف، مع أنه لا يعرف قبره، لكن لو عرف لم يجز تعظيمه، لا بالشموع، ولا بالبناء عليه، ولا بغير ذلك، حتى لو كان مسلما، فكيف وهو مات على الجاهلية.
وإذا قال بعض الناس إن هؤلاء أخطئوا، أو أنهم يبغضون النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا جهل من قائله، بل الذي يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان صاحب القبر مسلما، وهدم البناء على القبور مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ومما يحبه الرسول عليه الصلاة

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 01:13 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com