السؤال
كانت أمي مريضة وذهبت إلى العديد من المستشفيات ولكن دون جدوى وأخيرا ذهبت إلى كاهن فطلب منها أن تغتسل بدم الماعز ، وبالفعل عملت أمي ما طلبه منها - جهلا بالحكم الشرعي - فهل علينا كفارة؟ وما هي؟ جزاكم الله خيرا .
الجواب
لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والمنجمين والسحرة وسائر المشعوذين ، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم؛ بل ذلك من أكبر الكبائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ليس منا من سحر أو سحر له أو تكهن أو تكهن له أو تطير أو تطير له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم رواه البزار بإسناد جيد .
أما الاغتسال بالدم فهذا منكر ظاهر ومحرم ، ولا يجوز التداوي بالنجاسات . لما - روى أبو داود رحمه الله في سننه عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام وقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة رضي الله عنها ، والواجب على أمك التوبة إلى الله سبحانه وعدم العودة إلى مثل ما فعلت ، ومن تاب صادقا تاب الله عليه ، لقول الله عز وجل : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ والتوبة الصادقة النصوح هي المشتملة على الندم على ما مضى من الذنب مع الإقلاع منه وتركه ، والعزم الصادق على عدم العودة له ، تعظيما لله ومحبة له سبحانه ، ورغبة في مرضاته وحذرا من عقابه ، وإن كانت المعصية تتعلق بحق المخلوق فلا بد في صحة التوبة من شرط رابع وهو : رد الحق إليه أو تحلله من ذلك ، والله المستعان .
السؤال
ما حكم الذهاب للسحرة والكهنة بقصد العلاج إذا كان مضطرا إلى ذلك؟
الجواب
ج : لا يجوز الذهاب إلى الكهان والسحرة والمشعوذين ولا سواهم ، بل يجب أن ينبه عليهم ويؤخذ على أيديهم ويمنعوا . لقوله صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة رواه مسلم ، وقال علي : " من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " صلى الله عليه وسلم . وسئل عن الكهان ، فقال : " لا تأتوهم " والكهان يدعون علم الغيب بواسطة شياطينهم ، فلا يجوز إتيان الكهان والعرافين ، ولا سؤالهم عن شيء ، بل يجب أن ينكر عليه ، وأن يؤدب حتى لا يعود لشيء من ذلك ، لكن يذهب إلى أهل الخير المعروفين بالرقية الشرعية فيرقونه .
السؤال
هل يجوز الذهاب إلى الكهان والعرافين والمشعوذين وسؤالهم والتداوي عندهم بالزيت ونحوه؟
الجواب
ج : لا يجوز الذهاب إلى العرافين والسحرة والمنجمين والكهنة ونحوهم ، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم ، ولا يجوز التداوي عندهم بزيت ولا غيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم وسؤالهم وعن تصديقهم؛ لأنهم يدعون علم الغيب ، ويكذبون على الناس ، ويدعونهم إلى أسباب الانحراف عن العقيدة .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام : ليس منا من سحر أو سحر له أو تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وفيما أباح الله من التداوي بالرقية الشرعية والأدوية المباحة عند المعروفين بحسن العقيدة والسيرة ما يكفي والحمد لله . والله ولي التوفيق .
السؤال
سمعنا أن من السحر الخداع ، كالذي يقوم بسحب السيارة بشعرة من شعره ، فهل الساحر يقوم بسحر أعين الجالسين معه فقط ، أم يتعدى سحره إلى أعين الحاضرين معه وغير الحاضرين؟ ذلك لأننا نشاهد في منازلنا وعبر شاشات التلفاز من يقوم بسحب
سيارة بشعره أو بفمه ، ونحن لم نكن بجواره حتى يسحر أعيننا فعلى أي شيء يدل ذلك؟ جزاكم الله خيرا .
جواب :
الساحر يسحر المشاهدين الذين يشهدون عمله ، وقد يكون هناك من يساعده في هذه العملية ولا يراه المشاهدون من الشياطين الذين يساعدونه ، فهم يروننا ولا نراهم ، وقد يكون سحر العين بما فعل من الشعوذة مثل من يخرج من جيبه أو فمه طائرا أو بيضة أو غير ذلك في أعين الناس ، والأمر بخلاف ذلك ، كما قال الله عز وجل في سحرة فرعون في سورة الأعراف : قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وقال في سورة طه : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى وقد يكون ذلك فيما يجره من الأثقال بشعرة أو شعرتين مما ساعده فيه الشياطين ، وهم لا يرون ، ولكنهم يجرونها معه ويساعدونه وهم لا يرون ، بل لهم طرق أخرى مكنهم الله منها بحيث لا نراهم ، وهم يفعلون الشيء الذي يساعد أولياءهم من الإنس ، كما قال الله سبحانه وتعالى : يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ نسأل الله العافية .
السؤال
السحر وأنواعه
الجواب
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فإن السحر من الجرائم العظيمة ، ومن أنواع الكفر ، ومما يبتلى به الناس قديما وحديثا في الأمم الماضية ، وفي الجاهلية ، وفي هذه الأمة ، وعلى حسب كثرة الجهل ، وقلة العلم ، وقلة الوازع الإيماني والسلطاني - يكثر أهل السحر والشعوذة ، وينتشرون في البلاد للطمع في أموال الناس والتلبيس عليهم ، ولأسباب أخرى ، وعندما يظهر العلم ويكثر الإيمان ، ويقوى السلطان الإسلامي يقل هؤلاء الخبثاء وينكمشون ، وينتقلون من بلاد إلى بلاد لالتماس المحل الذي يروج فيه باطلهم ، ويتمكنون فيه من الشعوذة والفساد .
وقد بين الكتاب والسنة أنواع السحر وحكمها .
فالسحر سمي سحرا . لأن أسبابه خفية ، ولأن السحرة يتعاطون أشياء خفية يتمكنون بها من التخييل على الناس والتلبيس عليهم ، والتزوير على عيونهم ، إدخال الضرر عليهم ، وسلب أموالهم إلى غير ذلك ، بطرق خفية لا يفطن لها في الأغلب ، ولهذا يسمى آخر الليل : سحرا . لأنه يكون في آخره عند غفلة الناس وقلة حركتهم ، ويقال للرئة : سحر . لأنها في داخل الجسم وخفية .
ومعناه في الشرع : ما يتعاطاه السحرة من التخييل والتلبيس الذي يعتقده المشاهد حقيقة وهو ليس بحقيقة ، كما قال الله سبحانه عن سحرة فرعون : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى
وقد يكون السحر من أشياء يفعلها السحرة مع عقد ينفثون فيها ، كما قال الله سبحانه : وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وقد يكون من أعمال أخرى يتوصلون إليها من طريق الشياطين فيعملون أعمالا قد تغير عقل الإنسان ، وقد تسبب مرضا له ، وقد تسبب تفريقا بينه وبين زوجته فتقبح عنده ، ويقبح منظرها فيكرهها ، وهكذا هي قد يعمل معها الساحر ما يبغض زوجها إليها ، وينفرها من زوجها ، وهو كفر صريح بنص القرآن ، حيث قال عز وجل : وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فأخبر سبحانه عن كفرهم بتعليمهم الناس السحر ، وقال بعدها : وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ثم قال سبحانه : فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني : هذا السحر وما يقع منه من الشر كله بقدر سابق بمشيئة الله ، فربنا جل وعلا لا يغلب ، ولا يقع في ملكه ما لا يريد ، بل لا يقع شيء في هذه الدنيا ولا في الآخرة إلا بقدر سابق؛ لحكمة بالغة شاءها سبحانه وتعالى ، فقد يبتلى هؤلاء بالسحر ، ويبتلى هؤلاء بالمرض ، ويبتلى هؤلاء بالقتل . . . إلى غير ذلك ، ولله الحكمة البالغة فيما يقضي ويقدر ، وفيما يشرعه سبحانه لعباده ، ولهذا قال سبحانه : وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني : بإذنه الكوني القدري لا بإذنه الشرعي ، فالشرع يمنعهم من ذلك ويحرم عليهم ذلك ، لكن بالإذن القدري الذي مضى به علم الله وقدره السابق أنه يقع من فلان السحر ، ويقع من فلانة ، ويقع على فلان ، وعلى فلانة ، كما مضى قدره : بأن فلانا يصاب بقتل ، أو يصاب بمرض كذا ، ويموت في بلد كذا ، ويرزق كذا ، ويغتني أو يفتقر ، وكله بمشيئة الله وقدره سبحانه وتعالى ، كما قال جل وعلا : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وقال سبحانه : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فهذه الشرور التي قد تقع من السحرة ومن غيرهم ، لا تقع عن جهل من ربنا فهو العالم بكل شيء سبحانه وتعالى ، لا يخفى عليه خافية جل وعلا ، كما قال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال سبحانه : لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا فهو يعلم كل شيء ، ولا يقع في ملكه ما لا يريد سبحانه وتعالى ، ولكن له الحكمة البالغة ، والغايات المحمودة
فيما يقضي ويقدر مما يقع فيه الناس من عز وذل ، وإزالة ملك ، وإقامة ملك ، ومرض وصحة ، وسحر وغيره . وسائر الأمور التي تقع في العباد كلها عن مشيئة ، وعن قدر سابق . وهؤلاء السحرة قد يتعاطون أشياء تخييلية ، كما تقدم في قوله عز وجل : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى يخيل إلى الناظر أن هذه العصي ، وأن هذه الحبال حيات تسعى في الوادي ، وهي حبال وعصي ، لكن السحرة خيلوا للناس لما أظهروا أمام أعينهم من أشياء تعلموها تغير الحقائق على الناس بالنظر إلى أبصارهم ، قال سبحانه : يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى وقال تعالى في سورة الأعراف : قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وهي في الحقيقة تخيرت ، حبال وعصي ، ولكن تغير نظرهم إليها بسبب السحر فاعتقدوها حيات بسبب التلبيس الذي حصل من السحرة ، وتسميه بعض الناس : " تقمير " وهو : أن يعمل الساحر أشياء تجعل الإنسان لا يشعر بالحقيقة على ما هي عليه ، فيكون بصره لا يدرك الحقيقة فقد يؤخذ من حانوته أو منزله ما فيه ولا يشعر بذلك ، يعني : أنه لم يعرف الحقيقة ، فقد يرى الحجر دجاجة ، أو يرى الحجر بيضة ، أو ما أشبه ذلك . لأن الواقع تغير في عينيه . بسبب عمل الساحر وتلبيسه ، فسحرت عيناه ،
وجعل هناك من الأشياء التي يتعاطاها السحرة من المواد ما تجعل عينيه لا تريان الحقيقة على ما هي عليه ، هذا من السحر الذي سماه الله : عظيما في قوله جل وعلا في سورة الأعراف : فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
والصحيح عند أهل العلم : أن الساحر يقتل بغير استتابة . لعظم شره وفساده ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستتاب ، وأنهم كالكفرة الآخرين يستتابون ، ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم : أنه لا يستتاب . لأن شره عظيم ، ولأنه يخفي شره ، ويخفي كفره ، فقد يدعي أنه تائب وهو يكذب ، فيضر الناس ضررا عظيما فلهذا ذهب المحققون من أهل العلم إلى أن من عرف وثبت سحره يقتل ولو زعم أنه تائب ونادم ، فلا يصدق في قوله .
ولهذا ثبت عن عمر أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن يقتلوا كل من وجدوا من السحرة ، حتى يتقي شرهم ، قال أبو عثمان النهدي : (ففتلنا ثلاث سواحر) ، هكذا جاء في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة ، وهكذا صح عن حفصة أنها قتلت جارية لها ، لما علمت أنها تسحر قتلتها ، وهكذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه الصحابي الجليل لما رأى ساحرا يلعب برأسه - يقطع رأسه ويعيده ، يخيل على الناس بذلك - أتاه من جهة لا يعلمها فقتله ، وقال : (أعد رأسك إن كنت صادقا) .
والمقصود : أن السحرة شرهم عظيم . ولهذا يجب أن يقتلوا ، فولي الأمر إذا عرف أنهم سحرة ، وثبت لديه ذلك بالبينة الشرعية وجب عليه قتلهم . صيانة للمجتمع من شرهم وفسادهم . ومن أصيب بالسحر ليس له إن يتداوى بالسحر ، فإن الشر لا يزال بالشر ، والكفر لا يزال بالكفر ، وإنما يزال الشر بالخير . ولهذا لما سئل عليه الصلاة والسلام عن النشرة قال : هي من عمل الشيطان والنشرة المذكورة في الحديث : هي حل السحر عن المسحور بالسحر .
أما إن كان بالقرآن الكريم والأدوية المباحة والرقية الطيبة فهذا لا بأس به ، وأما بالسحر فلا يجوز كما تقدم . لأن السحر عبادة للشياطين ، فالساحر إنما يسحر ويعرف السحر بعد عبادته للشياطين ، وبعد خدمته للشياطين ، وتقربه إليهم بما يريدون ، وبعد ذلك يعلمونه ما يحصل به السحر ، لكن لا مانع والحمد لله من علاج المسحور بالقراءة وبالتعوذات الشرعية ، بالأدوية المباحة ، كما يعالج المريض من أنواع المرض من جهة الأطباء ، وليس من اللازم أن يشفى . لأنه ما كل مريض يشفى ، فقد يعالج المريض فيشفى إذا كان الأجل مؤخرا ، وقد لا يشفى ويموت في هذا المرض ، ولو عرض على أحذق الأطباء وأعلم الأطباء لأنه متى نزل الأجل لم ينفع الدواء ولا العلاج . لقول الله تعالى : وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا
وإنما ينفع الطب وينفع الدواء إذا لم يحضر الأجل وقدر الله للعبد الشفاء ، كذلك هذا الذي أصيب بالسحر قد . يكتب الله له الشفاء ، وقد لا يكتب له الشفاء . ابتلاء وامتحانا ، وقد يكون لأسباب أخرى الله يعلمها جل وعلا ، منها : أنه قد يكون الذي عالجه ليس عنده العلاج المناسب لهذا الداء ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل وقال عليه الصلاة والسلام : ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله 4 ومن العلاج الشرعي : أن يعالج السحر بالقراءة ، فالمسحور يقرأ عليه أعظم سورة في القرآن : وهي الفاتحة ، تكرر عليه ، فإذا قرأها القارئ الصالح المؤمن الذي يعرف أن كل شيء بقضاء الله وقدره ، وأنه سبحانه وتعالى مصرف الأمور ، وأنه متى قال للشيء : كن فإنه يكون ، فإذا صدرت القراءة عن إيمان ، وعن تقوى ، وعن إخلاص ، وكرر ذلك القارئ فقد يزول السحر ويشفى صاحبه بإذن الله ، وقد مر بعض الصحابة رضي الله عنهم على بادية قد لدغ شيخهم ، يعني : أميرهم ، وقد فعلوا كل شيء ولم ينفعه ، فقالوا لبعض الصحابة : هل فيكم من راق؟ قالوا : نعم . فقرأ عليه أحدهم سورة الفاتحة ، فقام كأنما نشط من عقال في الحال ، وعافاه الله من شر لدغة الحية . والنبي عليه الصلاة والسلام قال : لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا وقد رقى ورقي عليه الصلاة والسلام ، فالرقية فيها خير كثير ، وفيها نفع عظيم ، فإذا قرئ على المسحور بالفاتحة ، وبآية الكرسي ، وبقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، أو بغيرها من الآيات ، مع الدعوات الطيبة الواردة في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لما رقى بعض المرضى : اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما
يكرر ذلك ثلاث مرات أو أكثر ، ومثل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام رقاه صلى الله عليه وسلم بقوله بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك ثلاث مرات فهذه رقية عظيمة وثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشرع أن يرقى بها اللديغ والمسحور والمريض ، ولا بأس أن يرقى المريض والمسحور واللديغ بالدعوات الطيبة ، وإن لم تكن منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن فيها محذور شرعا . لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا وقد يعافي الله المريض والمسحور وغيرهما بغير الرقية وبغير أسباب من الإنسان؛ لأنه سبحانه هو القادر على كل شيء ، وله الحكمة البالغة في كل شيء ، وقد قال سبحانه في كتابه الكريم : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فله سبحانه الحمد والشكر على كل ما يقضيه ويقدره ، وله الحكمة البالغة في كل شيء عز وجل
وقد لا يشفى المريض . لأنه قد تم أجله وقدر موته بهذا المرض . ومما يستعمل في الرقية آيات السحر تقرأ في الماء ، وهي آيات السحر في الأعراف ، وهي قوله تعالى : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وفي يونس وهي قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ إلى قوله جل وعلا : وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ وكذلك آيات طه : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى إلى قوله سبحانه : وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى
وهذه الآيات مما ينفع الله بها في رقية السحر ، وإن قرأ القارئ هذه الآيات في الماء وقرأ معها سورة الفاتحة ، وآية الكرسي ، وبقل هو الله أحد ، والمعوذتين في ماء ثم صبه على من يظن أنه مسحور ، أو محبوس عن زوجته فإنه يشفى بإذن الله ، إن وضع في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر بعد دقها كان مناسبا ، كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في (فتح المجيد) عن بعض أهل العلم في باب (ما جاء في النشرة) .
ويستحب أن يكرر قراءة السور الثلاث ، وهي : (قل هو الله أحد) ، و (قل أعوذ برب الفلق) ، و (قل أعوذ برب الناس) ثلاث مرات .
والمقصود : أن هذه الأدوية وما أشبهها هي مما يعالج به هذا البلاء : وهو السحر ، ويعالج به أيضا من حبر عن زوجته ، وقد جرب ذلك كثيرا فنفع الله به ، وقد يعالج بالفاتحة وحدها فيشفى ، وقد يعالج بقل هو الله أحد والمعوذتين وحدها ويشفى .
ومن المهم جدا أن يكون المعالج والمعالج عندهما إيمان صادق ، وعندهما ثقة بالله ، وعلم بأنه سبحانه مصرف الأمور ، وأنه متى شاء شيئا كان ، وإذا لم يشأ لم يكن سبحانه وتعالى ، فالأمر بيده جل وعلا ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فعند الإيمان وعند الصدق مع الله من القارئ والمقروء عليه يزول المرض بإذن الله وبسرعة ، وتنفع الأدوية الحسية والمعنوية .
نسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه ، إنه سميع قريب .
الواجب على كل من لديه علم من الكتاب والسنة أن يبلغ في بلاده ، وفي مجتمعه ، وفي أهله ، حتى يكون الناس على علم بهذه الأمور ، وحتى ينتشر العلم . ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا خطب الناس وذكرهم يقول : فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع ويقول : بلغوا عني ولو آية
فالواجب على من سمع من أهل العلم أن يبلغ الفائدة التي عقلها وفهمها ، وليحذر أن يبلغ ما لم يعقل وما لم يفهم . لأن بعض الناس قد يبلغ أشياء يغلط فيها فيكون كاذبا ومضرا بمن بلغ عنه وبالمبلغين ، فلا يجوز له التبليغ إلا عن علم ، وعن تحقق وبصيرة مما سمع حتى يبلغ كما سمع ، وكما علم ، من دون زيادة ومن دون نقص ، وإلا فليمسك حتى لا يكذب على من بلغ عنه ، وحتى لا يضر غيره . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
السؤال
جاءني رجل وقال لي : إن في بيتي ثعبانا وإنه يستطيع أن يخرجه وبالفعل : ذهب إلى إحدى الغرف وطرق بعصاه على جدارها فخرج له ثعبان عظيم كما أنه أخرج من بيت جاري عدة ثعابين ولا أدري هل هذا نوع من السحر أم أنها مزية يخص الله بها بعضا من عباده؟
الجواب
لا أعلم في هذا شيئا إن كان قد جرب إخراجه للثعابين لأنه يتكلم بدعاء يدعو به الله عز وجل ويسأل الله أن يخرجها ، أو عمل واضح ظاهر ليس فيه شبهة يفعله مع الثعابين حتى يخرجها من البيت ، أو من المزرعة ونحوها فلا حرج في ذلك .
أما إذا كان يتهم بالشعوذة أو السحر أو طاعة الجن واستخدامهم فهذا يمنع ولا يستعان به في هذه الأشياء أما إن كان عمله بارزا ظاهرا فيدعو الله أمامهم ويقول : " اللهم أخرجهن اللهم اكفنا شرهن " . . . إلخ من الكلمات التي يعقل منها أنه لا محذور في كلامه ولا يرى الناس منه شيئا يخالف ذلك فلا بأس بذلك لأن الله قد يعين بعض الناس في مثل هذه الأمور بدعائه لله فلا مانع من ذلك إلا أن يرى منه شيء يدل على الريبة فيمنع .
السؤال
سحر الزوجة للزوج
الجواب
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم . . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : وصلني كتابكم المؤرخ ( بدون ) وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الإفادة عما أصابكم عندما أردت جماع زوجتك الجديدة وعن ذهابك للشيخ وما أفتاك به وعما عملته الزوجة القديمة من العمل الذي كان سبب لمنعك من جماع زوجتك الجديدة وسؤالك عن الحكم في ذلك كان معلوما .
والجواب :
إذا كانت الزوجة القديمة قد أقرت بهذا العمل أو ثبت عليها ذلك بالبينة فقد فعلت منكرا عظيما بل كفرا وضلالا؛ لأن عملها هذا هو السحر المحرم ، والساحر كافر كما قال الله سبحانه : وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ فهذه الآية الكريمة تدل على أن السحر كفر وأن الساحر كافر والسحرة يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأن من مقاصدهم التفريق بين المرء وزوجه وأنه لا خلاق لهم عند الله يوم القيامة - يعني لا حظ لهم في النجاة - وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : اجتنبوا السبع الموبقات قيل وما هن يا رسول الله ؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات أما الشيخ الذي أعطاك الدواء فالظاهر أنه ساحر كالمرأة؛ لأنه لا يطلع على أعمال السحر إلا السحرة وهو أيضا من العرافين والكهنة المعروفين بادعاء الغيب في كثير من الأمور ، والواجب على المسلم أن يحذرهم وألا يصدّقهم فيما يدّعون من الغيب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه وقال صلى الله عليه وسلم أيضا : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فالواجب عليك التوبة والندم على ما قد حصل منك وإخبار رئيس الهيئة ورئيس المحكمة بالشيخ المذكور وزوجتك القديمة حتى تعمل المحكمة والهيئة ما يردعهم ، وإذا عرض لك مثل هذا الحادث فاسأل علماء الشرع حتى يخبروك بالعلاج الشرعي ، وإذا كان الذي أصابك قد زال فالحمد لله وإلا فأخبرنا حتى نخبرك بالعلاج الشرعي رزقنا الله وإياك الفقه في الدين والثبات عليه والسلامة مما يخالفه إنه جواد كريم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السؤال
هناك فئة من الناس يعالجون بالطب الشعبي على حسب كلامهم وحينما أتيت إلى أحدهم قال لي : اكتب اسمك واسم والدتك ثم راجعنا غدا وحينما يراجعهم الشخص يقولون له : إنك مصاب بكذا وكذا وعلاجك كذا وكذا؟ ويقول أحدهم : إنه يستعمل كلام الله في العلاج ، فما رأيكم في مثل هؤلاء وما حكم الذهاب إليهم؟ .
الجواب
من كان يعمل هذا الأمر في علاجه فهو دليل على أنه يستخدم الجن ويدعي علم المغيبات ، فلا يجوز العلاج عنده؟ لا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجنس من الناس : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه .
وثبت عنه في عدة أحاديث النهي عن إتيان الكهان والعرافين والسحرة والنهي عن سؤالهم وتصديقهم ، وقال : من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على
محمد وكل من يدعي علم الغيب باستعمال ضرب الحصى أو الودع أو التخطيط في الأرض أو سؤال المريض عن أسمه واسم أمه أو اسم أقاربه فكل ذلك دليل على أنه من العرافين والكهان الذين نهى النبي عن سؤالهم وتصديقهم .
فالواجب الحذر منهم ومن سؤالهم ومن العلاج عندهم وإن زعموا أنهم يعالجون بالقرآن لأن من عادة أهل الباطل التدليس والخداع فلا يجوز تصديقهم فيما يقولون والواجب على من عرف أحدا منهم أن يرفع أمره إلى ولاة الأمر من القضاة والأمراء ومراكز الهيئات في كل بلد حتى يحكم عليهم بحكم الله وحتى يسلم المسلمون من شرهم وفسادهم وأكلهم أموال الناس بالباطل .
والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
السؤال
ما هي الآيات التي تدفع السحر ؟
الجواب
من أسباب دفع السحر والسلامة منه المحافظة على الأذكار والأدعية والتعوذات اللاتي سبق ذكرها في جواب السؤال الذي قبل هذا . . ومن أسباب رفع السحر إذا وقع أن يقرأ الفاتحة وآية الكرسي ، و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين ، ويكرر هذه السور الثلاث ثلاثا مع النفث على نفسه ، أو في ماء يشرب منه ، ويغتسل بباقيه .
ومما ينفع في ذلك أيضا ، قراءة آيات السحر من سورة الأعراف ويونس وطه ، وذلك كله من أسباب الشفاء . وآيات الأعراف هي قوله تعالى : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ
وأما الآيات التي في سورة يونس فهي قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ
وأما الآيات التي في سورة طه فهي قوله تعالى : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى وهذا العلاج أيضا ينفع من حبس الرجل عن امرأته ، كما ينفع بإذن الله في رفع السحر والسلامة من شره ، فلله الحمد والشكر على ذلك
السؤال
التعلق بالنجوم والأبراج والطالع
الجواب
الحمد لله ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
: فقد اطلعت على مقال نشر في بعض الصحف يتضمن تمجيد بعض أعمال الجاهلية والفخر بها والدعوة إليها ، مثل التعلق بالنجوم والأبراج والحظ والطالع ، فرأيت أن من الواجب التنبيه على ما تضمنه المقال من الباطل ، فأقول : إن ما يسمى بعلم النجوم والحظ والطالع من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان أنها من الشرك لما فيها من التعلق بغير الله تعالى واعتقاد النصر والنفع في غيره ، وتصديق العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب زورا وبهتانا ، ويعبثون بعقول السذج والأغرار من الناس ليبتزوا أموالهم ويغيروا عقائدهم ، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد " رواه أبو داود وإسناده صحيح ، وللنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه " وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى وأن من تعلق بشيء من أقوال الكهان أو العرافين وكل إليهم وحرم من عون الله ومدده . .
وقد ذكر مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما " وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " أخرجه أهل السنن الأربع ، وعن عمران بن حصين مرفوعا : " ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " رواه البزار بإسناد جيد ، قال ابن القيم رحمه الله : ( من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفا وعرافا .
والمقصود من هذا : معرفة أن من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وإما مشارك له في المعنى فيلحق به ، وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف ومنه ما هو من الشياطين . ويكون بالفال والزجر والطيرة والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة والسحر ونحو هذا من علوم الجاهلية
. ونعني بالجاهلية كل ما ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين ودهرية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن هذه علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل صلى الله عليهم وسلم ، وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهنا وعرافا وما في معناهما فمن أتاهم أو صدقهم بما يقولون لحقه الوعيد .
وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام ، فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه ، وادعوا أنهم أولياء لله وأن ذلك كرامة ) انتهى المقصود نقله من كلام ابن القيم رحمه الله . وقد ظهر من أقواله صلى الله عليه وسلم ومن تقريرات الأئمة من العلماء وفقهاء هذه الأمة ، أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية ، ومن المنكرات التي حرمها الله ورسوله ، وأنها من أعمال الجاهلية وعلومهم الباطلة التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها ، أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها ، أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به ، قال تعالى : قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره ، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور ، مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها ، ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظا على دينه وعقيدته ، والله المسئول أن يرزقنا والمسلمين الفقه في دينه والعمل بشريعته ، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وخاتم رسله محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين .
المفتي : عبد العزيز بن عبد الله بن باز