الهالة الكهرومغناطيسية المحيطة بالقمح في القرآن
( مصدر الهالة الكهرومغناطيسية التي تحيط بسنبلة القمح , ذكر ذلك القرآن )
لقد أثبت العلم الحديث ومن خلال التصوير بكاميرا كيرليان Kirlian photography أن حبة القمح عندما تبدأ بالتنبيت وإخراج برعمها , فإن هالة من الموجات الكهرومغناطيسية تبدأ بالإحاطة بحبة القمح , تماما كما هي الهالة التي تحيط بالإنسان الحي المفعم بالطاقة , وكأن بعث الحياة في هذه الحبة التي أنبتها الله تعالى , قد بعث فيها طاقة عظيمة , استطعنا تصويرجزء منها , بتصوير الهالة الكهرومغناطيسية التي تحيط بالقمح المبرعم , أو عشب القمح الحي , والجدير بالذكر أن هذه الهالة غير موجودة حول حبوب القمح العادية المخزنة غير الموجودة في سنبلها , فمن أين تأتي هذه الطاقة ؟
من المعروف أن جزيء الماء قطبي , بمعنى أن الإلكترونات ( أو ما يعرف بالسحابة الإلكترونية ) تتوزع حول جزيء الماء الذي يتكون من ذرة أكسجين واحدة , وذرتي هيدروجين , وتتوزع هذه الإلكترونات بشكل غير متجانس بحيث تكون الإلكترونات في مكان ما حول الجزئ بشكل أكبر , وبالتالي تعتبرهذه النقطة القطب السالب , لأنها أكثر نقطة في الجزئ تحتوي على إلكترونات , وهذا يكون على حساب نقطة مقابلة في جزئ الماء والتي تفقد هذه الإلكترونات , فتكون بذلك القطب الموجب 0
ولنتذكر ما الكهرباء بالتعريف , فالكهرباء تتولد عندما تتحرك شحنات كهربائية في اتجاه معين , وأنا أؤكد هنا على كلمة تتحرك , فبدون هذه الحركة , وإذا بقيت الشحنات في محلها بدون حركة , فإنه لا تتولد كهرباء , أبدا , إذن فبدون حركة هذه الشحنات لا يمكن أن تتولد الكهرباء , وتذكروا هذه النقطة المهمة جدا ولا تنسوها أبدا 0
ولنتذكر أيضا قاعدة العالم فاراداي الذي يقول بأنه إذا مر تيار كهربائي في اتجاه معين ( أي إذا تحركت مجموعة من الشحنات في اتجاه معين ) , فإنه يتولد حوله مجال مغناطيسي دائري بشكل متعامد عليه , وبالفعل هذه هي الموجات الكهرومغناطيسية والتي تتولد حول الجسم إذا كان فيه أجسام مشحونة تتحرك فيه , فتولد بذلك كهرباء , فيتولد حولها مجال مغناطيسي حلقي دائري وهذا مايحدث مع ماء المطر , فالماء أصلا بطبيعته قطبي ( أي أن جزئ الماء يحمل شحنات موجبة وأخرى سالبة ), كما أن هذه القطبية تجعل جزئ الماء أفضل مذيب في الطبيعة , وهكذا فإن الماء الذي في السماء في الغيوم , يذيب كثيرا من العناصر الموجودة في الغلاف الغازي ويشكل بذلك الأحماض والقلويات والعناصر المشحونة , وما الحمض إلامركب فيه شحنات موجبة (بروتونات ) , وما القلوي إلا مركب فيه شحنات سالبة (إلكترونات ) , وكذلك هو الحال مع العناصر المشحونة الذائبة في الماء , ولذلك فعند نزول الماء من السماء على هيئة المطر فإنه يحتوي على شحناته القطبية أصلا , وعلى الأحماض والقلويات ذات الشحنة الموجبة والسالبة على الترتيب, وعلى العناصر المشحونة الذائبة والتي قد تحمل شحنة موجبة وقد تحمل شحنة سالبة , وحركة هذه الشحنات بنزول الماء من السماء تولد مجالا كهرومغناطيسيا يحيط بكل قطرة من قطرات الماء أثناء نزولها , وقد أكد القرآن الكريم على أهمية نزول الماء وصبه من السماء , وحركته هذه لتوليد هذه الطاقة الكهرومغناطيسية , وإنني أشدد هنا على كلمة حركته , فبدون هذه الحركة كما رأينا علميا لا يمكن توليد الطاقة الكهربائية ومن ثم لا يمكن توليد الطاقة المغناطيسية حولها بشكل موجات متعامدة عليها , ومن ثم لا يمكن توليد الموجات الكهرومغناطيسية أبدا , فقال تعالى :" أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا" (25) عبس
شكل رقم (4) : إلى اليسار جزئ الماء القطبي , لاحظوا الشحنات الموجبة حول ذرات الهيدروجين والشحنات السالبة حول جزئ الأكسجين , في الوسط جزئ كلوريد الصوديوم حيث تتحد جزيئات الصوديوم الموجبة مع جزيئات الكلور السالبة , على اليمين ذوبان كلوريد الصوديوم في الماء , حيث نجد أن ذرة الكلور السالبة تحاط بجزيئات الماء بحيث يكون الطرف الموجب في هذه الجزيئات مواجها لذرة الكلور السالبة محققا بذلك استقرارها , وكذلك نجد أن ذرة الصوديوم الموجبة تحاط بجزيئات الماء بحيث يكون الطرف السالب في هذه الجزيئات مواجها لذرة الصوديوم الموجبة محققا بذلك استقرارها أيضا 0
وقال أيضا :" وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا" (14) النبأ , وثجاجا كما ورد في التفسير أي منصبا بكثرة , ولاحظوا هنا صيغة المبالغة التي ورد عليها المطر " ثجاجا" على وزن فعالا0
اهتزاز التربة والحركة البروانية في التربة
وهذه الطاقة الكهرومغناطيسية المحيطة بكل قطرة من قطرات الماء المنصب والمنهمر من السماء هي التي تنزل على حبيبات التربة غير المشحونة والميتة والتي ليس لها القدرة على إحداث أي تفاعل , وكيف لا وقد رأينا أن أي تفاعل حيوي في الدنيا يكون فيه اكتساب لشحنات أوفقدان لها , فكيف تستطيع العناصر الميتة الموجودة في التربة والتي لا شحنة لها أن تدخل في أي تفاعل حيوي يولد أي مظهر من مظاهر الحياة ؟
فتقوم قطرات المطر النازلة من السماء والمنصبة إنصبابا عظيما قويا ثجاجا بكثرة والتي يحاط بكل منها هالة من الموجات الكهرومغناطيسية , تقوم هذه القطرات بشحن عناصر التربة بعد أن تكون ميتة , لاطاقة فيها ولا شحنات , فتجعل هذه العناصر والصفائح المعدنية الموجودة في التربة , تشحن بشحنات موجبة , وأخرى تشحن بشحنات سالبة , فأما العناصر والحبيبات والصفائح المعدنية ذات الشحنات المتماثلة المتشابهة فإنها تتنافرمع بعضها البعض , وتتحرك مهتزة مبتعدة عن بعضها البعض , وأما العناصر والشحنات والحبيبات والصفيحات المعدنية ذات الشحنات المختلفة , فتتجاذب مع بعضها البعض , وتتحرك مهتزة مقتربة من بعضها البعض , وهذا ما أكده الله تعالى بقوله :" وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " (5) الحج0
كلمة بركة تحمل في معناها الطاقة
وقبل أن أوضح كيف تتولد طاقة القمح المبرعم على شكل هالة كهرومغناطيسية حوله , دعوني أبين معنى كلمة مبارك في القرآن , فالله تعالى اختص بعض الأماكن بطاقة عالية , أعلى من غيرها من الأماكن الأخرى , بالرغم من تشابه كل الأماكن من حيث احتواؤها على تراب وصخور وجبال ووديان وسهول ما الى ذلك 0
فانظروا إلى الطاقة الخاصة التي اختص الله تعالى بها المسجد الحرام في مكة " إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ " (96) آل عمران , وتأملوا معي هنا كلمة البركة
وقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطاقة الخاصة ( البركة ) في حديثه " عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ " رواه أحمد وابن ماجة 0
وبالفعل فالمتأمل لمكة يجد أن فيها حجارة وصخورا وجبالا مثلها مثل أي مكان آخر خلقه الله تعالى في الدنيا , فما الذي يجعل الصلاة في مسجدها الحرام بمائة ألف صلاة ؟
إنها البركة ( الطاقة الخاصة ) التي اختصها الله تعالى في المسجد الحرام , وهذه الطاقة مباشرة من الله الذي ليس كمثله شيء , وبالتالي فإننا وضمن قوانيننا الدنيوية , لا نستطيع أن نقيسها أو نعرفها أو نحيط بها , ولن نستطيع ذلك ما دمنا ضمن قوانين الحياة الدنيا
ومثلها البركة في المسجد الأقصى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (1) الإسراء 0
وقد حدد الرسول صلى الله عليه وسم مقدار الطاقة الخاصة ( البركة ) الموجودة في المسجد الأقصى في حديثه " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجَمَّعُ فِيهِ بِخَمْسِ مِائَةِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِي بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ " رواه ابن ماجة 0
وكذلك اختص الله بعض الأشخاص بطاقة عالية خاصة , لا تتعلق بوجودهم في مكان محدد مثل المسجد الحرام أو المسجد الاقصى كما هو الحال مع عامة الناس ذوي الطاقة العادية , بل هم ذوو طاقة عالية مباركة أينما كانوا , فها هو عيسى بن مريم يقول " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ " (31) مريم 0
وقد تكون هذه البركة والطاقة التي اختصه الله تعالى بها , هي التي كان عيسى بن مريم يبرئ الأكمه والأبرص , ويحيي الموتى من خلالها بإذن الله تعالى , الذي وهبه إياها 0
من هذه الأمثلة الحية نستطيع أن نقول أن جزءا من كلمة مبارك في القرآن الكريم تعني الطاقة العالية الإضافية المباركة , ومن هنا نعود إلى طاقة القمح , والتي تتولد من نزول الماء ذي القطبية من السماء والحامل للشحنات المختلفة , وانصبابه بشكل ثجاج قوي يؤدي إلى توليد طاقة كهرومغناطيسية عظيمة حول كل قطرة من قطرات المطر, تم اكتشافها حديثا , وقد يكون هذا هو المعنى الذي يقصده الله تعالى بقوله " وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا "(9) سورة ق , أي في هذا الماء البركة والطاقة , وقد يكون في ذلك الإشارة إلى الطاقة الكهرومغناطيسية التي تحيط بكل قطرة من قطرات الماء, والله تعالى أعلم 0
هذا الماء المبارك ذوالطاقة العالية المتولدة بانصبابه الثجاج , هو الذي يهز الأرض والتربة وعناصرها وحبيباتها وصفائحها المعدنية , وكل ما فيها , بطاقته الكهرومغناطيسية , وهو الذي تستمد منه حبة القمح , ومن العناصر التي يشحنها في التراب هذه الطاقة , ألم نر أن حبة القمح فيها من كل عناصر التراب النادرة والوفيرة على حد سواء , وبنسبة تشبه نسبة وجودها في التراب وفي جسم الإنسان , أليس الماء هو الذي يشحن كل هذه العناصر بشحنات موجبة وسالبة , وذلك بما يحتويه من خاصية قطبية ؟
إذن فبعد شحن حبيبات التربة واهتزازها عند نزول الماء المبارك عليها ذي الطاقة الكهرومغناطيسية , فإن عناصر التربة المشحونة تبدأ بعملية التفاعلات الحيوية , التفاعلات التي تدخلها داخل حبة القمح وتساهم في تشكيل هذه الحبة وإنباتها وبرعمتها ونموها 0
أليست التفاعلات الحيوية كلها , بل أي تفاعل كيميائي في الكون , ماهو إلا فقدا ن أو اكتساب للشحنات الكهربائية ؟
أليس نمو برعم القمح , وإنباته , ناجم عن تفاعلات حيوية كيميائية تتم داخل الحبة نفسها , وهي لا تبدأ إلا بعد أن تشحن عناصر الحبة , بعد أن كانت ميتة لا شحنات فيها , والتي تقوم بعد شحنها باكتساب أوفقدان هذه الشحنات , أي انها تقوم بتنفيذ التفاعلات الحيوية الكيميائية بداخلها , محققة بذلك التفاعلات الحيوية اللازمة لتحقيق النمو , وأن كل هذه العملية المتكاملة لا تتم إلا بوجود الماء ذو الخاصية القطبية , مما يفسر قوله تعالى " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " (30) الانبياء 0
فتاملوا قول الله تعالى في الآيات التالية , لتعلموا أن جزءا من طاقة القمح المبرعم الكهرومغناطيسية هو آت من الطاقة الكهرومغناطيسية المباركة والتي أضفاها الله تعالى في الماء وخصائصه القطبية :
قال تعالى " أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) عبس0
وقال أيضا :" وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) النبأ
وقال أيضا " وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ"(9) سورة ق , والله تعالى أحكم وأعلم
د. جميل القدسي الدويك
منقول