✨✨✨✨✨✨
قال عمرو : فقلت يارسول الله ! إنّي رجل حمش الساقين . فقال :
( فقال ياعمرو ! إن الله عز وجل قد أحسن كلّ شيئ خلقَه .
ياعمرو ! وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفّه اليمنى تحت ركبة عمروا فقال : هذا موضع الإزار ، ثم رفعها ،
[ ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربعة الأولى ثم قال : ياعمروا ! هذا موضع الإزار ] ،
ثم رفعها ،
ثم وضعها تحت الثانية ، فقال : ياعمروا !
هذا موضع الإزار ) .
قال العلاّمة الألباني رحمه الله :
واعلم أن الأحاديث في موضع الإزار استباحا وإباحةً وتحريماً كثيرةٌ ، وبعضها في
« الصحيحين » ، وقد خرّج الكثير الطيّب منها الحافظ المنذري في « الترغيب والترهيب » ،
وليس هذا منه ، ومن الغريب أنّه لم يذكره الشيخ أحمد عبد الرحمن البنّا في هذا الباب من كتاب اللباس من « الفتح الرباني » ( 17 / 234 ) ،
ولاأدري إذا كان قد ذكره في مكان آخر منه ، والوقت لايتسع للتحقّق من ذلك ، ولكن إن كان أورده فكان عليه أن ينبّه على ذلك وأن يرشد إليه ، تسهيلا للمراجعة على الباحث . ثم أخبرني أحد إخواني أنّه أخرجه ( 17 / 294 ) .
وإنما آثرت تخريجه لأمرين :
الأول : أنّ فيه تحديدا علميا بديعا لموضع الإزار المشروع وغير المشروع ، لم أره في غيره من الأحاديث .
والآخر : أن فيه بيانا واضحا أنّ التفاوت الذي يرى في الناس بياضا وسوادا ، وطولا وقصرا ، وبدانة ونحولة ، وهذا أشْعَر ، وذلك أجْرَد ، وهذا ألْحـَـى ( عظيم اللحية ) وذاك كـَوْسَج ،
أو زلهب ( هو خفيف اللحية ) ،
وغير ذلك من الفوارق الخَلْقية أنّ كلّ ذلك من خلق الله حسن ،
فلا ينبغي للمسلم أن يحاول تغيير خلق الله
عز وجل ، إلا استحق اللّعن كما في حديث
( النامصات والمتَنمِّصات ، والواشمات والمستوشمات ، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن ) .
_ متفق عليه ،
ويأتي تخريجه بإذن الله رقم ( 2792 ) .
وكأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد تسلية عمروالأنصاري الذي أطال إزاره ليغطي حمش ساقيه بقوله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله قد أحسن كلّ شيئ خلقه ) .
وهذا مما يحمل المسلم على الرضا بقدر الله وقضائه في خلقه مهما بدا لبعض الناس ممن ضعف إيمانهم وتكاثف جهلهم أنّه غَيرُ حَسنٍ !
وهذا في الواقع مما يعطي قوّة للرأي القائل بأن المرأة إذا نبت لها لحية أنه لايجوز لها أنت تحلقها أو تنتفها ،
لأنّ الله قد أحسن كل شيئ خلقه .
ولاشك أنها حين تنتفها إنّما تفعل ذلك للحسن والتجمّل كما تفعل الواصلة لشعرها ،
فتستحق بذلك لعنة الله ،
والعياذ بالله تعالى .
وأما بالنسبة للإزار ، فالأحاديث صريحة في تحريم جَرِّه خيلاء، وأما بدونها فقد اختلفوا ،
فمنهم من حرَّمه أيضا ،
وهو الذي يدل عليه تدرّجه صلى الله عليه وسلم مع عمرو في بيان مواضع الإزار استحبابا وجوازا ،
ثم انتهاؤه به إلى فوق الكعبين ،
وقوله له : ( هذا موضع الإزار ) ، فإنّه ظاهر
أنّه لا جواز بعد ذلك ،
وإلا لم يُفِد التدرّج مع القول المذكور شيئا كما لايخفى .
ويزيده قوّة قوله صلى الله عليه وسلم :
( ماأسفل الكعبين في النّار )
_ رواه البخاري عن ابن عمر .
ويزيده قوّة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة المتقدم : « ......... ولا حق للكعبين في الإزار » .
قال أبو الحسن السندي في تعليقه عليه :
« والظاهر أنّ هذا هو التحديد ، وإن لم يكن هناك خُيَلاء .
نعم إذا انضم إلى الخيلاء اشْتدّ الأمر ،
وبدونه الأمر أخفّ » .
قلت : نعم ، ولكن مع التحريم أيضا لما سبق .
ويقوّيه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن للنساء أن يُرْخين ذُيولهنّ ثمّ أذن لهنّ أن يزدن شبراً لكي لاتنكشف أقدامهنّ بريح أو غيرها ،
لم يأذن لهن أن يَزدن على ذلك ، إذ لا فائدة من وراء ذلك ،
فالرجال أولى بالمنع من الزيادة .
استفدتُ هذا من الحافظ ابن حجر رحمه الله
في « الفتح » .
وجملت القول : إنّ إطالة الثوب إلى ماتحت الكعبين لايجوز للرجال ،
فإذا اقترن مع ذلك قصد الخيلاء اشتد الإثم ،
فمن مصائب الشباب المسلم اليوم إطالة سرواله
( البنطلون ) إلى ماتحت الكعبين ،
لاسيّما ما كان منه من جنس ( الشرلستون ) !
فإنّه مع هذه الآفة التي فيه ،
فهو عريض جداً عند الكعبين وضيّق جداً عند الفخذين والإليتين ،
مما يصف العورة ويُجَسّمها ،
وتراهم يقفون بين يدي الله يصلّون
وهم شبه عراة !
فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ومن العجيب أنّ بعضهم ممن هو على شيئ من الثقافة الإسلامية يحاول أن يستدل على جواز إطالة المذكورة بقول أبي بكر لمٌا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( من جَرّ ثوبَه خُيلاء
لم ينظر الله إليه يوم القيمة ) : يارسول الله !
إنّ أحد شقي إزاري يسترخي
إلاّ أن أتعاهد ذلك منه ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لستَ ممن يصنعه خيلاء ) .
_ أخرجه البخاري وغيره كأحمد ،
وزاد في رواية : ( يسترخي أحيانا ) ،
_ وذدلك رواه البيهقي في « شعب الإيمان »
( 2 / 221 / 2 ) .
قلت : فالحديث صريح في أنّ أبا بكر
رضي الله عنه لم يكن يُطيل ثوبه ،
بل فيه أنه كان يَسْتَرخي بغير قَصدٍ منه ،
وأنّه مع ذلك كان يتعاهده ،
فيسترخي على الرّغم من ذلك أحيانا .
قال الحافظ ( 10 / 217 ) عقب رواية أحمد :
« فكأنّ شدّه كان ينحلّ إذا تحرك بمَشْيٍ أو غيره بغير اختياره ،
فإذا كان محافظا عليه لايسترخي ،
لأنه كلما كاد يسترخي شدّه » .
ثم ذكر أنّ في بعض الروايات أنّه كان نحيفاً .
قلت :
فهل يجوز الإستدلال بهذا والفرق ظاهرٌ كالشمس بين ما كان يقع من أبي بكر بغير قصد ،
وبين من يجعل ثوبه مسبلاً دائما قصدا !
نسأل الله العصمة من الهوى .
وإنّما تكلمتُ عن إطالة البنطلون والسروال ،
لطروّ هذه الشبهة على بعض الشباب ،
وأما إطالة بعض المشايخ أذيال جُبَبِهِم
خاصّة في مصر،
وإطالة الأمراء في بعض البلاد العربية لأعبئتهم فأمر ظاهر نَكارَتُه .
نسأل الله السلامة والهداية .
كتبتُ هذا لعلّ فيمن طرأت عليه الشبهة السابقة كان مخلصا ،
فحينما تتجلى له الحقيقة يُبادر إلى الإنتهاء عن تلك الآفة كما انتهى ذلك الشلب الذي كان عليه حلّة صنعانية يجرّها سبلاً .
فقال له ابن عمر رضي الله عنه يافتى هلمّ !
قال : ماحاجتك يا أبا عبد الرحمن ؟
قال : ويحك أتحبّ
أن ينظر الله إليك يوم القيامة ؟
قال : سبحان الله !
ومايمنعني ألاّ أحب ذلك ؟
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : ( لا ينظر الله ...... ) .
فلم يُرَ ذلك الشاب إلا مُشمّرا حتى مات .
_ رواه البيهقي بسند صحيح،
ورواه أحمد ( 2 / 65 ) من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه دون قوله : ( فلم يُر ... ) .
_ سلسلة الأحاديث الصّحيحة للألباني
( م 6 ق 1 ص 405 - 411 )
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴