لا شك في أن أحدكم قد سمع أو رأى أحد المجانين  يسير في شارع ما أو في طريق يتأرجح أو يترنم حر التصرفات 
و الكل يفسح له الطريق إما تعاطفا معه أو -و هذا في الغالب -خوفا من أن يلحقهم منه الأذى 
فقد رفع الله عنه القلم و كان للناس أن يرفعوا عليه و على أمثاله أقلامهم و أيديهم و حتى بعض ممتلكاتهم 
فقد يخطف من أحدهم كيسا أو طعاما أو حتى بعض النقود و لا يسعى لاسترجاعها منه لأنه مجنون غلب على عقله 
و لكن هل تعلمون أن بعض الناس أصبحوا يمتهنون الجنون و يحترفونه لأغرض أخرى 
و على كل حال فإن الخوف من المجانين وارد منا جميعا و قد يتهم من تجرأ على مجاراتهم هو أيضا  بالجنون 
أحيلكم لحادثتين وقعتا لي مع المجانين عافاكم الله من ابتلاني به و فضلكم على كثير ممن خلق تفضيلا 
القصة الأولى: 
كنت ذات يوم أسير أنا و أختي التي تكبرني في طريقنا إلى المدرسة طلبت منها مرافقتي 
فقررتْ أن تسبقني ريثما أعود من المكتبة التي ذهبت إليها مستعجلة لشراء بعض الأدوات 
و ما إن خرجت من باب المكتبة و سرت بخطوات حتى وجدت أختي لم تبتعد كثيرا عن المكان إلا بمسافة قليلة 
وجدتها قابعة في مكانها لا تتحرك و أمامها طفل لا يكبرنا كثيرا يحدثها و هو يتراقص و يتمايل ..
و فأمعت النظر فإذا به يضربها على رأسها فأخذت حجرا و قذفته به من بعيد سبقتها صرخة قوية صدرت مني 
و أخذت أركض لأصل إليها لنجدتها و ما إن رأني حتى فر هاربا 
سألت أختي عن الحدث و من يكون 
فقالت لي : مجنون طلب مني نقودا فقلت له لا أملك نقودا يا أخي فضربني على رأسي 
فقلت لها: و لماذا لم تدفعيه بعيدا و تخيفيه أو تبتعدي أنت عنه ؟
فقالت : و هل أقوى على دفع مجنون ؟!!! إنه مجنوووون 
فقلت : و تبفي هكذا مستسلمة للأمر ؟؟
قالت : أفضل من الفرار فيجري ورائي فلا يعلم الناس من المجنون أنا أم هو 
قلت : لا أظن أنه مجنونا بل يتظاهر بالجنون و يخيف البنات ليأخذ منهن النقود 
ثم أصبحت أمازحها فأردد مقالتها بصوت حزين (لا أملك نقودا يا أخي )
فغضبت مني و قالت إنتبهي فقد يبتليك الله بمجنون ذات يوم و لا تستطيعين رده 
هناك التزمت الصمت و أحسست بالخوف من مقالتها 
و قدر الله أن يبتليني الله ذات يوم برجل مجنون قوي البنية طويل القامة 
فماذا حدث يا ترى 
سنعود كالعادة لكتابة القصة الثانية