بسم الله الرحمن الرحيم
العين في إصابتها تكون ابتداءً عند وجودها ، ولا يلزم من ذلك وجود التأثير الكلي في الضرر عند حصولها ، بل قد يكون التأثير تدرجاً في القوة حتى يحدث الهلاك بها ..
ومن الدلائل المنقولة في ذلك ما أخرجه الإمام أحمد – رحمه الله – وغيره في المسند عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه -قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجل بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالقًا ثُمَّ يتَرَدَّى مِنْه ) .
قال المناوي - رحمه الله - : قوله : ( " إن العين " أي : عين العائن من الإنسان أو الجان " لتولع " أي : تعلق " بالرجل " أي : الكامل في الرجولية ، فالمرأة ومن هو في سن الطفولة أولى " بإذن الله تعالى " أي : بتمكينه وإقداره " حتى يصعد حالقا " أي جبلا عاليا " ثم يتردى " أي يسقط " منه " لأن العائن إذا تكيفت نفسه بكيفية رديئة انبعثت من عينه قوة سمية تتصل به فتضره ، وقد خلق الله في الأرواح خواصا تؤثر في الأشباح (أي الأجسام) لا ينكرها عاقل ، ألا ترى الوجه كيف يحمر لرؤية من يحتشمه ويصفر لرؤية من يخافه وذلك بواسطة تأثير الأرواح ، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إليها وليست هي الفاعلة بل التأثير للروح فحسب ) ( فيض القدير - 2 / 376 ) 0
قلت : والمعنى المراد من الحديث : أن العين تلازم الإنسان ، ويكون تأثيرها ضرراً عليه في مراحل متتابعة .. فقد يصاب الإنسان بالعين ابتداءً ولا يشعر إلا باليسير من التغير لا يلقي له بالاً ، ثم بعد فترة من الزمن يكون حدوث التغير الملفت لنظره ؛ فيطلب الدواء من أماكن الاستشفاء والتطبب ظناً منه أنه معلول بعلة عضوية .. ثم إذا أراد الله تعالى له الشفاء يسر له الانتباه إلى الرقية الشرعية ، فيكون الشفاء بإذن الله سبحانه ..
وإذا أراد الله عز وجلَّ : إنفاذ قدره المحتوم على عبده أغفله عن حقيقة علته ، فيكون الموت المقدر بسببه لذلك الإنسان ..
يقول ابن القيم – رحمه الله - في كتابه بدائع الفوائد في تأثير العين وإمراضها ، وجهل البعض من المتطببه في تأثيرها : ( فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى عادى مضني على فراشه يقول طبيبه لا أعلم داءه ما هو ، فصدق ليس هذا الداء من علم الطبائع ، هذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون له ) أ.هـ.
والله أعلم .
وكتب محبكم : أبو عبد الرحمن اليوسف .