قال خبراء إن الدول النامية قد تكون مسؤولة عن أكثر من نصف حالات الاصابة بالسرطان في العالم بحلول عام 2020 بينما ترتفع أعداد سكانها من المسنين.
وقال دونالد ماكسويل باركين وهو باحث بارز في جامعة أوكسفورد في بريطانيا إن آسيا التي يوجد بها أغلب حالات الاصابة بسرطان المعدة والكبد قد ترتفع بها نسب الاصابة لتصل إلى 58 في المائة من جميع حالات الاصابة بالسرطان في العالم بحلول عام 2020 وتصل إلى 65 في المائة بحلول عام 2050.
وقال باركين في منتدى لانسيت آسيا الطبي بسنغافورة إن “النمو السكاني سيزيد من عدد حالات الاصابة”. وأضاف أن عدد المسنين في آسيا من المتوقع أن يزيد أربعة أمثال بحلول عام 2050.
وقال الخبراء إن السرطان الذي كان يعد مرضا يصيب الدول الغنية زاد انتشاره في الدول النامية بسبب تدخين التبغ وتناول الكحوليات واتباع الأنظمة الغذائية غير الصحية وعدم ممارسة الرياضة.
وقال جاك فيرلاي مسؤول تحليل المعلومات في الوكالة الدولية لأبحاث مكافحة السرطان التابع لمنظمة الصحة العالمية إن عدم توفر التكنولوجيا اللازمة لعلاج السرطان في الدول النامية سيزيد من تدهور الوضع.
وأضاف أنه لا تتوفر تقنيات العلاج الاشعاعي في نحو 30 دولة إفريقية وآسيوية. وأوضح فيرلاي أن من المتوقع أن يتسبب التدخين في وفاة نحو مليار شخص في العالم في القرن الحادي والعشرين وهو عشرة أمثال عدد الوفيات بسبب التدخين في القرن العشرين. وقال إن “التدخين أهم أسباب الاصابة بالسرطان التي يمكن تجنبها في العالم وهناك حاجة إلى اتخاذ خطوات للحد من آثار التدخين فورا.
ويقدر الباحثون أن عدد المصابين بالسرطان سيرتفع بحيث يصل إلى أكثر من ضعفي ما هو عليه الآن في ال 25 سنة القادمة وأن الغالبية العظمى من الإصابات الجديدة ستكون في الدول النامية.
ويقول الدكتور بيتر بويل، مدير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن وكالته تقدر بأن “الفترة الممتدة بين العامين 2000 و2030 ستشهد ازدياد عدد الإصابات الجديدة بالسرطان التي سيتم تشخيصها سنوياً بحيث تصبح أكثر من ضعفي ما يُشخص منها سنوياً الآن، وإن الغالبية العظمى من الزيادة ستكون في الدول ذات الدخل المتدني والمتوسط”.
وأضاف في مؤتمر صحفي عقد مطلع ابريل/ نيسان في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أن “السرطان ما زال مشكلة ضخمة في الدول الغربية، ولكنه بدأ يصبح الآن مشكلة مطردة التفاقم في الدول التي تعاني من شح الموارد، وسوف يستمر ذلك. وسنشاهد زيادة كبيرة في مجمل عدد الإصابات” في الدول الأفقر.
وعزا بويل ذلك الارتفاع إلى ازدياد عدد السكان، وارتفاع معدل أعمارهم إذ أصبحوا يعيشون فترات أطول و”النجاح في تصدير العوامل التي تزيد من إمكانية إصابة المرء به”، كالتدخين، من الدول المتقدمة إلى الدول النامية.
وقال حول ذلك: “في هذا القرن سيموت ألف مليون نسمة نتيجة لتأثير التدخين فيهم”.
وأشار خبير السرطان الدولي إلى أن عدد الذين يقضي عليهم السرطان حالياً يزيد على مجمل عدد الذين تقضي عليهم أمراض السل والملاريا والإيدز مجتمعة.
وقال مدير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان إن وباء نقص المناعة المكتسبة/الإيدز أدى إلى ازدياد وضع التقارير عن الأحوال الصحية والتبليغ عن الإصابة بالأمراض في الدول النامية، مما مكن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان من جمع معلومات أفضل حول السرطان في الأعوام القليلة الماضية.
ومضى إلى القول إن أكثر أنواع السرطان شيوعاً، أو النوع الذي يحتل المرتبة الثانية من حيث الشيوع في كل بقعة من بقاع العالم، هو سرطان الثدي. أما أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال في إفريقيا فهو كابوزي الورم اللحمي (ىَُِّفثصفٍُكْفَّ َّ)، المرتبط بشكل مباشر بوباء نقص المناعة المكتسبة/الإيدز المتفشي هناك.
وتقوم الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التي تم إنشاؤها في العام ،1965 بتنسيق وإجراء الأبحاث المتعلقة بأسباب إصابة البشر بالسرطان ووضع الاستراتيجيات العلمية للسيطرة على مرض السرطان. وتقوم الوكالة، التي تشكل جزءاً من منظمة الصحة العالمية، وهي وكالة الأمم المتحدة المختصة بالقضايا الصحية، بالأبحاث الوبائية والمختبرية أيضا.
وقال بويل إنه يمكن الحيلولة دون نسبة كبيرة من الإصابات بالسرطان. ويتعين على أوساط الصحة الدولية التوصل إلى سبل لوقف انتشاره علاوة على ضمان توفر مرافق العلاج الملائمة.
وأردف: “يجب على المجتمع الدولي، منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، زيادة الوعي بالمشكلة وزيادة توفير الوقاية من السرطان وتوفير العناية الطبية للمصابين بالسرطان في الكثير من أنحاء العالم. يجب علينا أن نزيد نشاطنا، وبالتالي، إنفاقنا على (مكافحة) السرطان”.
واستطرد مدير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان قائلا: “علينا الآن، بعد أن أصبحنا ندرك عالمية انتشار السرطان بشكل أفضل، أن ندرس الكيفية التي سنعالج بها هذه القضايا بأسلوب استراتيجي مبرمج لا بأسلوب رمي البذور في كل مكان على أمل أن تنمو بعض النباتات في مكان ما”.
ومضى إلى القول إن الوسط المختص بالسيطرة على السرطان كان يعاني كونه متنوعاً جداً وغير محكم الترابط، ويكاد يكون معدوم التنسيق. وقد أصبح الآن بحاجة إلى قيادة.
وقال مدير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان إنه ليس من المحتم أن تكون زيادة الموارد المخصصة للسرطان على حساب برامج أخرى، كبرامج مكافحة نقص المناعة المكتسبة/الإيدز.
وأضاف: “لقد وجدنا المال للإنفاق على (أبحاث ومعالجة) الإيدز. والسرطان وازدياد انتشار السرطان أمر يستحق نفس الاستجابة”.
وأشار، على سبيل المثال، إلى أن العلاج بالأشعة يشكل حالياً الركيزة الأساسية في معالجة المصابين بالسرطان. ويتلقى نصف المصابين بالسرطان في الغرب دورة كاملة من عدد محدد من جلسات العلاج بالأشعة في حين يتلقى ربعهم دورتين منها. إلا أن هناك 30 دولة في العالم لا تملك أي منها مجرد آلة واحدة للعلاج بالأشعة.
وقال إن “إفريقيا لا تملك من آلات المعالجة بالأشعة إلا ما يكفي لسدّ خُمس احتياجات القارة الإفريقية”.
وخلص مدير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان إلى القول: “لقد أصبحت بيانات المعلومات متوفرة لدينا الآن وبدأنا نتفحص المشكلة بعناية، وأصبحنا ندرك أن هناك الكثير من العمل الأساسي الذي ينبغي القيام به وينبغي تنظيمه على المستوى العالمي لا تركه لتقوم به كل دولة بمفردها بشكل مستقل”.