(أهداف ومقاصد رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: **لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ{ سورة آل عمران 164 هذه المنة التي امتن الله بها على عباده أكبر المنن وأجلها وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي جمع جميع المحاسن الموجودة في الرسل ومن كماله العظيم هذه الآثار التي جعلها الله نتيجة رسالته التي بها كمال للمؤمنين وعلمًا وعملا وآدابًا وأخلاقًا وبها زال عنهم كل شر وضرر فبعثه الله من أنفسهم وأنفسهم وقبيلتهم يعرفون نسبه أشرف الأنساب وصدقه وأمانته وكماله الذي فاق به الأولين والآخرين ناصحًا لهم مشفقًا عليها حريصًا على هدايتهم ورشدهم وصلاحهم وفلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة (يتلو عليهم آياته) فيعلمهم ألفاظها ويشرح لهم معانيها ويدعوهم إلى العمل بها «ويزكيهم» يطهرهم من الشرك والمعاصي ورذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية وسائر الخصال الذميمة ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويحثهم على الأخلاق الجميلة (ويعلمهم الكتاب والحكمة) أي القرآن والسنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. فبالقرآن والسنة كمل الله للرسول ولأمته الدين وبهما حصل العلم بأصول الدين وفروعه؛ وبهما حصلت جميع العلوم النافعة وما يترتب عليها من الخيرات وزوال الشرور؛ وبهما حصل العلم اليقيني بجميع الحقائق النافعة؛ وبهما حصلت الهداية والصلاح للبشر فمحمد صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم المعلم لهذين الأمرين الذين تتفجر منهما ينابيع العلوم كلها فعلم صلى الله عليه وسلم أمته الكتاب والحكمة وأوقفهم على حِكَم الأحكام وأسرارها فكانت حياته كلها أقواله وأفعاله وتقريراته وهديه وأخلاقه الظاهرة والباطنة وسيرته الكاملة المتنوعة في كل فن من الفنون تعليمًا منه لأمته وشرحًا للكتاب والحكمة فجمع لهم بين تعليم الأحكام الأصولية والفرعية وما به تدرك وتنال والطرق التي تفضي إليها عقلا ونقلا وتفكيرًا وتدبرًا واستخراجًا للعلوم الكونية من مظانها وينابيعها ويبين لهم فوائد ذلك كله وثمراته وشرح لهم الصراط المستقيم -اعتقاداته وأخلاقه وأعماله وما لسالكه عند الله من الخير العاجل والآجل وما على المنحرف عنه من العقاب والضرر العاجل والآجل، وكان الناس قبل مجيء هذا النبي r وبعثته في غي وضلال وفي جهل وظلمات وفي فقر وفاقة وفي تفرق كلمة واختلاف وجهات فهدى الله به من الضلالة وعلم به من الجهالة وأرشد به من الغي وجمع به بعد الفرقة وأغنى به بعد العيلة وكثر به بعد القلة وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا#
غلفًا وبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله جهاده حتى أتاه اليقين من ربه فأكمل به الدين وأتم به النعمة فخرج الناس بتعليماته وهدايته من جميع الضلالات وانجالت عنهم الشرور المتنوعة والجهالات وتم لهم النور الكامل وانقشعت عنهم الظلمات فيا لها نعمة ما أعظمها وأجلها ومنة ما أكبرها وأكملها لا يقدر قدرها ولا يحصى شكرها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ما يستفاد من هذه الآية الكريمة:
1- منة الله الكبرى ونعمته العظمى ببعثة هذا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكونه من جنس أمته بحيث يتمكنون من مخاطبته.
2- أنه صلى الله عليه وسلم بلغ عن ربه رسالته وأدى أمانته ونصح أمته وعلمهم القرآن والسنة ألفاظهما ومعانيهما ودعاهم إلى العمل بهما وبين لهم أحكامهما وحكمهما.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم هدى أمته ودعاهم إلى ما فيه رشدهم وسعادتهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم.
4- أنه صلى الله عليه وسلم طهر أمته من ضلال الجاهلية وعقائدهم وأخلاقهم وأدناسهم التي كانوا ملتبسين بها.
5- وجوب شكر الله تعالى على هذه المنة الكبرى والنعمة العظمى باللسان والقلب والجوارح وذلك بالإيمان بهذا النبي صلى الله عليه وسلم وتصديق خبره وطاعة أمره واجتناب نهيه والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين ونسأل الله تعالى أن يمن علينا بالتمسك بسنته والاهتداء بهديه وأن يرزقنا شفاعته ويسقينا من حوضه ويحشرنا في زمرته إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلوات الله وسلامه على خير خلقه وأنبيائه نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.#
المنجيات والمهلكات لعبد الله بن جار الله