من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما وسع الخضر عليه السلام الخروج عن شريعة موسى عليه السلام
المراد بهذا الناقض:
يعتقد البعض أن بالإمكان الخروج عن شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومخالفته، والاستغناء عن متابعته في عموم أحواله أن بعضها، زاعمين أن في قصة الخضر عليه السلام حجة لهم1.
ولا ريب أن هذا الاعتقاد كفر مخرج عن الملة. يقول الشيخ موسى بن أحمد المقدسي: من اعتقد أن لأحد طريق إلى الله من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم، أو لا يجب عليه اتباعه، أو أن له أو لغيره خروجا عن اتباعه وأخذ ما بعث به، أو قال: أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أوقال: إن من الأولياء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريع موسى، أو أنغير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، فهو كافر"2.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من اعتقد أن أحدا من أولياء الله يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم كما كان الخضر مع موسى عليه السلام؛ فإنه يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه"3.
وقصة الخضر مع موسى قصها الله علينا4، وفيها: خرق الخضر للسفينة، وقتله للغلام، وإقامته للجدار. وقد زعم المحتجون بها أن الخضر خالف موسى عليه السلام وخرج عن شريعته، وعن الأمر والنهي الشرعيين. قالوا: وكذلك يسوغ لبعض الناس الخروج عن الشريعة النبوية كما ساغ للخضر الخروج عن متابعة موسى عليه السلام5.
ومزاعمهم هذه مردودة عليهم من وجوه6:
__________
1- إن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثا إلى الخضر، ولا كان على الخضر اتباعه؛ بل كان مبعوثا إلى قومه خاصة؛ إلى بني إسرائيل، والخضر عليه السلام ليس من بني إسرائيل. وموسى عليه السلام قصد الخضر للعلم منه، والأخذ عنه، وحين لقيه قال له: "أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا" 1. فلا يقاس عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله لجميع الثقلين؛ الجن والإنس، كما قال صلى الله عليه وسلم: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" 2.
ولا يعتبر صنيع الخضر عليه السلام خروجا على شريعة موسى عليه السلام، أما من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يطعه في كل ما أمر، أو ينته عما نهى عنه وزجر، فهو من أمته، ولا يجوز له مخالفته، فإن فعل، فهو خارج عن شريعته عليه الصلاة والسلام لا محالة.
2- إن قصة الخضر عليه السلام ليس فيها مخالفة للشريعة؛ بل ما فعله عليه السلام يباح في الشريعة إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر عليه السلام. ولهذا لما بين الخضر لموسى أسبابها، وافقه موسى عليه السلام على ذلك، ولو كان ما فعله الخضر مخالفا لشريعة موسى، لما وافقه بحال3.
أما هذا الذي يريد الخروج على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو مخالف لشريعة موسى، لما وافقه بحال3.
أما هذا الذي يريد الخروج على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو مخالف لشريعته. ويتضح ذلك في الوجه الثالث.
3- إن ما فعله الخضر عليه السلام كان عن وحي من الله عزوجل، وليس مجرد خيال أو إلهام. وهذا لا يمكن أن يكون لحد بعد رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بموته انقطع الوحي.
ومن ادعى حصوله كفر4.
إذا: لا يجوز الخروج على شريعة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بحال، ومن فعل ذلك، فهو كافر مرتد، وهو من اعظم الناس كفرا5