والإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن الله عالم كل ما يكون جملة وتفصيلا بعلم سابق لقوله تعالى:
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ** [الحج: 70] .
الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء لقوله تعالى:
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا** [الحديد: 22] .
أي: نخلق الخليقة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة". رواه مسلم56.
الثالث: أنه لا يكون شيء في السموات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه وهم يسألون وما وقع من ذلك فإنه مطابق لعلمه السابق ولما كتبه في اللوح المحفوظ لقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ** [القمر: 49] .
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً** [الأنعام: 125] .
فأثبت وقوع الهداية والضلال بإرادته.
الرابع: أن كل شيء في السموات والأرض مخلوق لله تعالى لا خالق غيره ولا رب سواه لقوله تعالى:
{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً** [الفرقان: 2] .
وقال على لسان إبراهيم:
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون** [الصافات: 96]
.
تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين
فصل القضاء والقدر