لولا إثبات الصّفات لتعطّلت العبادة. فإنّ معرفة الله تعالى تدعو إلى محبّته وخشيته، وخوفه ورجائه، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله، إلاّ بمعرفة أسمائه الحسنى، والتفقّه في فهم معانيها:
- فإذا آمن العبد بصفات ربّه الدالّة على سعة علمة وإحاطته كصفات العلم والسّمع والبصر والمعيّة وغيرها أورثه ذلك كلّه الخوف منه تعالى وتعظيمه.
- وإذا آمن بصفة السّمع علم أنّ الله يسمعه فلا يقول إلاّ خيرا، وإذا آمن بصفة البصر والنّظر والعين والرّؤية علم أنّ الله يراه فلا يفعل إلاّ خيرا.. فما بالك بعبد يعلم أنّ الله يسمعه ويراه، وأنّه مطّلع على سرّه ونجواه ؟!
- وإذا آمن العبد بصفات الله كاللّطف، والرّحمة، والعفو، والمغفرة، والتّوب، والسّتر فإنّه لا ييأس من روح الله، كما أنّه إذا آمن بصفة الغضب والمقت والأسف واللّعن والسّخط والكره لم يأمن مكر الله تعالى، وحينئذ يعبد العبد ربّه على جناحي الخوف والرّجاء، وهما جناحا طائر السّلامة.
- وإذا آمن العبد بصفات الله الدالّة على قهره وقدرته وجبروته وهيمنته وسلطانه علم أنّ الله ما كان ليُعجزه شيء أبدا، فيحسن الظنّ به، ويعلم أنّه ما من شيء إلاّ ومن ورائه حكمة، لذلك يحسن بنا أن نتذكّر هذه الصّفات في أيّام محنتنا، وساعات كربتنا، حتى نحسِن الظنّ بربّنا، وأنّه تعالى عند وعده ولكنّ العبد ليس عند شرطه.
- وإذا آمن العبد بصفات الله تعالى وأسمائه استصغر نفسه واحتقرها أمام كلّ صفة، فلا ينازع الله تعالى في صفات الهيمنة والتكبّر والجبروت، وإذا تأمّل صفة الغِنى وتمام الملك والعطاء استصغر نفسه أمامها فيظلّ مفتقرا إلى مولاه، لا معبود بحقّ سواه.
- وإذا آمن العبد بصفة العزّة والغلبة والقوّة علم أنّ عزّته من عزّة الله فلا يخضع لأحد ولا يخنع لمخلوق