موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر الفقه الإسلامي

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 26-07-2023, 01:06 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي الرخص الشرعية للمريض في الطهارة والصلاة والصيام والحج

الرخص الشرعية للمريض

في الطهارة والصلاة والصيام والحج


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:
فأقول وبالله التوفيق:
أولًا: الرخص التي تتعلق بالطهارة:
1- التيمم عند عدم القدرة على استعمال الماء في الطهارة الكبرى أو الصغرى.

المريض إذا خاف على نفسه الضرر، أو زيادة مرضه، أو تأخُّرَ شفائه، أو يحدث له ألمًا غير محتمل، إذا استعمل الماء في الطهارة الكبرى أو الصغرى - شُرِع له التيمم، سواء كان في الحضر أو في السفر.

لأن التيمم يجوز إذا خاف الإنسان ذهابَ شيء من ماله، أو ضررًا في نفسه من لصٍّ أو سَبُع، أو لم يجد الماء إلا بثمن زائد عن مثله، فلأن يجوز هنا من باب أولى، ولأن تُرِكَ استقبال القبلة أو القيام في الصلاة حال الخوف، فكذا هنا، ويُعرَف ذلك بإخبار الطبيب الثقة.

أما المريض أو الجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء؛ مثل: مَن به صداع، أو أمكنه استعمال الماء الحار، أو يكون به مرض لا يخاف من استعمال الماء معه محذورًا، فلا يجوز له التيمم لشيء من هذا؛ لأن إباحة التيمم لنفي الضرر ولا ضرر ها هنا.

وهذا العذر الطارئ جعل له الشرع الحنيف أحكامًا خاصة به، ذكرها الفقهاء في باب التيمم.

2- المسح على الجبيرة عند عدم القدرة على الغَسْلِ، أو المسح في الطهارة الكبرى أو الصغرى.

يُشرَع للمريض أن يمسح على الجبيرة أو اللُّفافة، عند تعذر الغسل للعضو المصاب؛ كمن أُصِيب بكسر أو جرح في عضو من أعضاء الطهارة، وكان هذا العضو عليه جبيرة من الجبس، أو القماش، ونحو ذلك.

وهذا في حالة إذا خشِيَ على نفسه من غسله زيادةَ المرض، أو تأخر الشفاء، أو حدوث ألم غير محتمل، أو يترتب على الغَسل حدوث مرض آخر، ونحو ذلك.

وهذا من باب التخفيف، ورفع الحرج، وإزالة المشقة عن المكلفين، وعدم لحوق الضرر بهم، وهذا من يسر الإسلام وسماحته.

وهذا العذر الطارئ جعل له الشرع الحنيف أحكامًا خاصة به أيضًا في باب المسح على الجبيرة.

مسألة: أحوال الجرح الذي يُمْسَحُ عليه:
الإنسان الذي به جرح لا يخلو حاله من الحالات الآتية:
الحالة الأولى: أن يكون الجرح مكشوفًا، ولا يضره الغَسل، فهذا يجب غسله.

الحالة الثانية: أن يكون الجرح مكشوفًا، ويضره الغَسل دون المسح، فهذا يجب مسحه.

الحالة الثالثة: أن يكون الجرح مكشوفًا، ويضره الغَسل والمسح، فحينئذٍ يشُدُّ عليه جبيرة، ويمسح عليها، فإن عجَز، تيمَّم له.

الحالة الرابعة: أن يكون الجرح مستورًا بجبس أو لزقة أو جبيرة ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يمسح على الساتر، ويغنيه عن الغَسل ولا يتيمم.

ثانيًا: الرخص التي تتعلق بالصلاة:
1- عدم استقبال القبلة عند العجز عن استقبالها، أو عدم وجود مَن يوجهه إليها.

يجب على المريض أن يصلي متوجهًا إلى القبلة، وفي حالة إذا عجز عن استقبالها، ولم يوجد من يوجهه إليها، فإنه يصلي على حسب حاله، ويتجه إلى أي جهة تسهل عليه.

للقاعدة المقررة: لا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة.

2- الصلاة جالسًا أو على حسب استطاعته، عند عدم القدرة على القيام في صلاة الفرض.

المريض إذا كان لا يستطيع القيام في الصلاة بالكلية، أو كان القيام يشق عليه مشقة عظيمة، أو يترتب عليه زيادة في المرض، أو تأخر شفائه، فإنه يصلي على حسب استطاعته جالسًا على الأرض، فإن لم يستطع فعلى جنبه، فإن لم يستطع فمستلقيًا على ظهره، ورجلاه إلى القبلة، فإن لم يستطع صلى على حسب حاله.

3- الإيماء بالرأس عند العجز عن الركوع أو السجود.

المريض إذا كان قادرًا على القيام في صلاة الفرض، لكنه يعجز عن الركوع أو السجود يلزمه أن يصلي قائمًا؛ لأن القيام لا يسقط عنه مع القدرة، ويلزمه حال قيامه أن يومئ برأسه عند موضع الركوع، ثم يجلس ويومئ بالسجود حال جلوسه بقدر ما يستطيع.

أما من عجز عن القيام، فإنه يصلي قاعدًا، فإن عجز عن الركوع والسجود، أومأ بهما، ويجعل السجود أخفض من الركوع، فإن عجز عن القعود، صلى على جنبه، فإن عجز عن ذلك، صلى مستلقيًا على ظهره، ورجلاه إلى القبلة ويومئ إيماء.

وفي حالة إذا كان المريض لا يستطيع الإيماء بالرأس في الصلاة، مع إمكانه أداء الأقوال، فإن الأقوال لا تسقط عنه على القول الراجح؛ لأنه قادر عليها، وإنما تسقط عنه الأفعال فقط؛ لأنها هي التي عجز عنها.

فإن عجز عن جميع الأقوال والأفعال، صلى بقلبه، ولا تسقط عنه الصلاة بأي حال من الأحوال، ما دام عقله ثابتًا باقيًا، فيجب عليه أن يستحضر النية في الأقوال والأفعال، وقد سبق بيان هذه المسألة.

4- ترك صلاة الجمعة والجماعة عند المشقة.
المريض إذا كان يستطيع الذهاب إلى المسجد، لزِمته صلاة الجماعة على القول الراجح، فيصلي قائمًا إن استطاع، وإلا صلى حسب قدرته مع الجماعة.

وإن لم يستطع الذهاب إلى المسجد، صلى جماعة في مكانه، فإن لم يستطع صلى منفردًا حسب حاله.

5- الجمع بين الصلاتين عند المشقة.
من الأحكام التي تتعلق بالجمع بين الصلاتين ما يلي:
الجمع لغة: هو الضم.

ومعناه في الاصطلاح هو: ضم إحدى الصلاتين التي شُرع الجمع بينهما إلى الأخرى في وقت إحداهما.

والمقصود بضم إحدى الصلاتين التي شرع الجمع بينهما هما: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وهذا ما دلت عليه السنة، وأجمع عليه العلماء.

وعليه فلا يُشرَع الجمع بين غيرهما من الصلوات، فلا جمعَ بين عصر ومغرب؛ لأن صلاة المغرب نوع يخالف نوع صلاة العصر، فإن صلاة العصر نهارية وصلاة المغرب ليلية، ولا بين عشاء وصبح؛ لأن وقتيهما منفصل بعضه عن بعض، ولا بين صبح وظهر.

الظهر والعصر يطلق عليهما الظهرين من باب التغليب، كما يُقال: القمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر.

وأيضًا المغرب والعشاء يطلق عليهما العشاءين من باب التغليب كالظهرين.

الجمع بين الصلاتين ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: جمع تقديم؛ وهو أن يصلي الظهر والعصر في وقت الظهر، والمغرب والعشاء في وقت المغرب.

وسُمِّيَ جمع تقديم؛ لأنه يقدِّم الصلاة الثانية، فيصليها في وقت الصلاة الأولى.

القسم الثاني: جمع تأخير؛ وهو أن يصلي الظهر والعصر في وقت العصر، والمغرب والعشاء في وقت العشاء.

وسُمِّي جمع تأخير؛ لأنه يؤخر الصلاة الأولى عن وقتها، ويصليها في وقت الصلاة الثانية.

القول الراجح أن الجمع بين الصلاتين سنة إذا وُجِدَ سببه لوجهين:
الوجه الأول: أنه رخصة من رخص الله عز وجل، والله سبحانه يحب أن تُؤتَى رُخَصُه.

الوجه الثاني: أن فيه اقتداءً واتباعًا للرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يجمع بين الصلاتين عند وجود السبب المبيح للجمع.

الجمع بين الصلاتين شُرِع من أجل رفع المشقة والحرج عن المسلم، إذا شق عليه فعل كل صلاة في وقتها المحدد لها؛ أي: إذا عجز أو شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، فله الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء في وقت إحداهما، جمع تقديم، أو جمع تأخير، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده.

مسألة: القول الراجح أن الجمع الصوري الذي ذهب إليه بعض الفقهاء ليس عليه دليل من السنة، وهو من أضعف الأقوال؛ لأن الجمع بين الصلاتين رخصة، والمقصود منه الرأفة بالناس، والرفق بهم، والجمع الصوري فيه حرجٌ ومشقة.

فالإنسان يجلس ويترقب آخِرَ الوقت متى يخرج، حتى يفعل الصلاة، ثم بعد ذلك متى يدخل فيفعل الصلاة التالية، هذا فيه حرج ومشقة.

والمقصود بهذا الجمع الصوري الذي ذهب إليه بعض الفقهاء هو: تأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الصلاة الثانية في أول وقتها.

مثال ذلك: تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها؛ أي: في آخر جزء من وقتها، حتى إذا ما بقِيَ من الوقت إلا القدر الذي يُؤدَّى فيه الصلاة، ثم تقديم صلاة العصر في أول وقتها؛ أي: في أول جزء من وقتها، وهكذا يفعل في صلاة المغرب والعشاء.

وهذا في الواقع ليس بجمع في اصطلاح الشرع؛ لأن كل صلاة صُلِّيت في وقتها، ولكن تقاربتا في الأداء، فسماه الفقهاء بالجمع الصوري؛ لأن هذه الصورة تشبه الجمع بين الصلاتين، وهو في الحقيقة ليس بالجمع الذي تُقدَّم فيه الصلاة، أو تُؤخَّر عن وقتها إلى وقت الصلاة الأخرى، كما نصت على ذلك السنة.

من الأعذار التي تبيح الجمع بين الصلاتين ما يلي:
1- المرض الشديد الذي يشق معه فعل كل صلاة في وقتها؛ أي في حالة إذا شقَّ على المريض أداء الصلاة في وقتها، شُرِع له الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت إحداهما، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده برفع المشقة والحرج عنهم.

2- السفر المبيح للقصر، وسيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله.

لا تنحصر أسباب الجمع في المرض الشديد أو السفر، بل ذكرهما للتمثيل فقط للقاعدة العامة؛ وهي: (رفع المشقة والحرج)، أو (المشقة تجلب التيسير)؛ ولهذا يجوز الجمع بين الصلاتين للمستحاضة، ومَن به سَلس البول، أو انفلات ريح؛ لمشقة الوضوء لكل صلاة، ويجوز الجمع أيضًا لمن خاف على نفسه أو أهله أو ماله، ونحو ذلك، الضررَ.

وعليه فيُشْرَع الجمع، كلما دعت الحاجة إليه، وكان في تركه حرج ومشقة.

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر ولا سفر.

ولما سُئل ابن عباس رضي الله عنهما عن سبب ذلك قال: ((أراد أن لا يُحرِج أمته))؛ أي: ألَّا يلحقها حرج في عدم الجمع، ومن هنا نأخذ أنه متى لحق المكلَّف حرج في ترك الجمع، جاز له أن يجمع.

القول الراجح أن من يُباح له الجمع، الأفضل له أن يفعل الأرفق به، في جمع التقديم، أو جمع التأخير، فإن كان جمع التقديم أرفق به، قدَّم، وإن كان جمع التأخير أرفق به، أخَّر؛ وذلك لأن الجمع إنما شُرِع رفقًا بالمكلف، فما كان أرفق فهو أفضل.

السنة عند الجمع هي أن يقيم للصلاة الأولى فيصليها، ثم يقيم مباشرة للصلاة الثانية، ويجوز الفصل بينهما لعارض من وضوء ونحوه.

مسائل تتعلق بجمع التقديم:
القول الراجح أن نية الجمع لا تشترط عند الإحرام بالصلاة الأولى، فله أن ينوي الجمع، ولو بعد السلام من الصلاة الأولى؛ لاستمرار السبب الذي من أجله شُرِع له الجمع.

مثال ذلك: لو أن الإنسان كان مريضًا، وغابت الشمس، ثم شرع في صلاة المغرب بدون نية الجمع، لكن في أثناء الصلاة طرأ عليه أن يجمع، يجوز له ذلك على القول الراجح، فيصلي بعدها صلاة العشاء جمع تقديم.

الترتيب بين الصلاتين المجموعتين شرطٌ لصحة الجمع، وذلك بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية، فيصلي الظهر أولًا ثم العصر، ويصلي المغرب أولًا ثم العشاء، فلو صلى الثانية قبل الأولى، لم يصح؛ لأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات، فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه.

ولكن لو نسِيَ الإنسان، أو جهل، أو حضر قومًا يصلون العشاء، وهو قد نوى جمع التأخير، ثم صلى معهم العشاء ثم المغرب، فهل يسقط الترتيب في هذه الأحوال أو لا يسقط؟

القول الراجح أنه لا يسقط.

وبناء على هذا؛ لو أن الإنسان قدم الثانية على الأولى سهوًا أو جهلًا، أو لإدراك الجماعة، أو لغير ذلك من الأسباب، فإن الجمع لا يصح.

مثال ذلك: رجل كان ناويًا جمعَ تأخير، ثم دخل المسجد ووجد ناسًا يصلون العشاء، فدخل معهم بنية العشاء، ولما انتهى من العشاء صلى المغرب، نقول: صلاة العشاء لا تصح؛ لأنه قدَّمها على المغرب، والترتيب شرط، فيصلي العشاء مرة ثانية، والمغرب صحيحة، ومعنى قولنا: لا تصح؛ أي: لا تصح فرضًا تبرأ به الذمة، ولكنها تكون نفلًا يُثاب عليه.

القول الراجح أن الموالاة لا تشترط في الجمع بين الصلاتين المجموعتين تقديمًا، كما أن الموالاة لا تشترط بالجمع بينهما تأخيرًا.

ومعنى الموالاة ألَّا يُفصَل بينهما بزمن طويل عرفًا.

فإن طال الفصل بينهما في وقت إحداهما لا يبطل الجمع؛ لأن معنى الجمع هو الضم بالوقت؛ أي: ضم وقت الثانية للأولى، بحيث يكون الوقتان وقتًا واحدًا عند العذر، وليس ضم الفعل.

فلو أن الرجل صلى الظهر وهو مسافر بدون أن ينوي الجمع، ولو كان مقيمًا ثم بدا له أن يسافر قبل العصر، فإنه يجمع إذا سافر، ولو طال الفصل.

لا يشترط وجود العذر المبيح للجمع عند افتتاح الصلاة الأولى، بل إذا صلى الأولى، ثم طرأ عليه عذر بعد فراغه منها، جاز له الجمع.

لأن الموالاة لا تشترط على القول الراجح؛ وذلك لأن العذر المبيح للجمع إذا وُجِدَ، جعل الوقتين وقتًا واحدًا، فاندمج وقت الثانية في وقت الأولى، وصار فعل الأولى في أول الوقت، والثانية في آخر الوقت لا بأس به؛ وبناء على هذا يكون الشرط وجود العذر فقط، فإذا وُجِدَ العذر، جاز الجمع، سواء كان العذر مرضًا، أو سفرًا، أو مطرًا، أو ريحًا شديدة باردة، أو غير ذلك مما يكون في ترك الجمع معه مشقة.

يشترط أن يكون العذر موجودًا عند افتتاح الثانية، والسلام من الأولى؛ لأن افتتاح الثانية هو محل الجمع؛ أي: الذي حصل به الجمع.

لا يشترط أن يكون العذر موجودًا إلى انتهاء الثانية؛ مثال ذلك: لو أن الإنسان جمع لمرض، وفي أثناء الصلاة الثانية ارتفع عنه المرض، فإن الجمع لا يبطل؛ لأنه لا يشترط استمرار العذر إلى الفراغ من الثانية.

القول الراجح أن صلاة الجمعة لا يصح أن يُجمَع إليها صلاة العصر؛ وذلك لأن الجمعة صلاة منفردة مستقلة في شروطها وهيئتها، وأركانها وثوابها أيضًا، ولأن السنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، ولم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع العصر إلى الجمعة أبدًا، فلا يصح أن تُقاس الجمعة على الظهر.

ولكن لو قال قائل: أنا أريد أن أنوي الجمعة ظهرًا؛ لأني مسافر، وصلاة الظهر في حقي ركعتان يعني على قدر الجمعة؟

فنقول: القول الراجح أن نية الإمام والمأموم لا يضر الاختلاف بينهما، فإنه يصح، ولكننا نقول: لا تنوِها ظهرًا؛ لأنك إذا نويتها ظهرًا، حرمت نفسك أجر الجمعة، وأجر الجمعة أكبر بكثير من أجر الظهر، فكيف تحرم نفسك أجر الجمعة من أجل الجمع؟ والأمر يسير: اترك العصر حتى يدخل وقتها، ثم صلِّها.

مسائل تتعلق بجمع التأخير:
إذا أراد الإنسان أن يجمع جمع تأخير يُشترط له أن ينوي الجمع في وقت الأولى، فإن أخَّر الأولى بغير نية الجمع، حتى خرج وقتها، أثِمَ، وتكون قضاءً؛ لخلوِّ وقتها عن الفعل.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدد الصلوات في أوقات معينة، فلا يجوز أن تؤخر الصلاة الأولى عن وقتها إلا بنية الجمع؛ حيث وُجِدَ سببه، فلا بد من نية الجمع قبل خروج وقت الأولى.

ويُشترط أيضًا أن توجد هذه النية قبل أن يَضِيق عن فعلها.

أي: يُشترط أن تكون هذه النية فيما بين دخول الوقت إلى أن يبقى مقدار ما يكفي لإدراك صلاة الفريضة.

لأن تأخير الصلاة حتى يضيق وقتها عن الفعل محرم، والجمع رخصة، والرخص لا تُستباح بالمحرَّم.

مثال: إذا أراد أن يجمع الظهر مع العصر جمع تأخير يُشترط هنا لجواز جمع التأخير أن ينوِيَ الجمع في وقت الأولى؛ وهي الظهر، وأن تكون نية الجمع قبل أن يضيق وقتها.

فلو أن رجلًا سيجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير، ولم ينوِ الجمع، فلما بقِيَ على خروج وقت الظهر خمس دقائق، نوى الجمع، فهذا لا يصح؛ لأن هذا الوقت لا يكفي للصلاة.

أو أن رجلًا مسافرًا مضى عليه الوقت، فلما بقِيَ عليه من الوقت ما يضيق عن فعل صلاة الظهر مثلًا، نوى جمع الظهر إلى العصر، فلا تصح هذه النية؛ لأنه يحرم تأخير الصلاة حتى يضيق الوقت؛ لأن الواجب هو أن يصلي الصلاة كلها في الوقت.

فنقول: صلِّ الآن صلاة الظهر حسب ما أدركت من وقتها، فإن أدركت منها أقل من ركعة، فاستغفر الله عن التأخير، وإن أدركت منها ركعة كاملة، فقد أدركتها على القول الراجح، ثم سيدخل وقت الصلاة الثانية وهي العصر، فصلِّها، ولكن لا على أنه جمع، بل على أنه أداء في أول الوقت.

يُشترط الترتيب بين الصلاتين المجموعتين؛ أي: تؤدى الصلاة الأولى قبل الثانية كما سبق.

القول الراجح أن الموالاة بين الصلاتين المجموعتين ليست بشرط كما سبق.

يُشترط لجمع التأخير أن يستمر العذر إلى دخول وقت الثانية، فإن لم يستمر العذر، فلا يجوز الجمع، بل يجب أداء الصلاة الأولى قبل دخول وقت الثانية، إن زال العذر؛ وذلك لأن الصلاة لها وقت محدد، فلا يجوز أن تؤخَّر الصلاة الأولى إلى الثانية إلا بنية الجمع، إذا وُجِدَ سببه، فمتى زال السبب، رجع الحكم للأصل، وهو عدم الجمع.

مثاله: رجل مسافر نوى جمع التأخير، ولكنه قَدِم إلى بلده قبل خروج وقت الأولى، فلا يجوز له أن يجمع الأولى إلى الثانية؛ لأن العذر انقطع وزال، فيجب أن يصليها في وقتها.

وهذه مسألة تشكل على كثير من الناس، فكثير منهم ينوي جمع التأخير، ويَقْدَم بلده قبل أن يخرج وقت الأولى، فلا يصليها؛ لأنه نوى الجمع؛ وهذا خطأ، بل الواجب أن يصليها في وقتها، فإذا دخل وقت الثانية، صلاها، إلا أن يكون مجهدًا يشق عليه انتظار دخول الثانية؛ لاحتياجه إلى النوم مثلًا، فيجوز له الجمع حينئذٍ للمشقة لا للسفر.

ولكن هل يصليها أربعًا أو يصليها ركعتين؟
الجواب: يصليها أربعًا؛ لأن عِلة السفر قد زالت.

المسافر إذا نوى جمع التأخير، وخرج وقت الأولى وهو في السفر، وقَدِم البلد في وقت الثانية، فله الجمع؛ لأنه سوف يصلي الأولى ثم يصلي الثانية، لكنه يصلي الصلاة تامة بدون قصر؛ لأنه انتهى مُبيح القصر؛ وهو السفر.

لا يُشترط لصحة الجمع اتحاد نية الإمام والمأموم على القول الراجح.

وبناء على هذا؛ لو أراد أن يجمع وصلى الظهر خلف إمام، والعصر خلف إمام آخر، فلا بأس، كذلك لو كان المسافر إمامًا، وجمع بين الظهر والعصر مثلًا، فصلى الظهر بمأموم، والعصر بمأموم آخر، فلا بأس أيضًا، كذلك لو صلى الصلاة الأولى خلف مسافر جَمَعَ الصلاة، والثانية خلف من لم يجمع، صحَّ ذلك، كذلك لو جمع وصلى الظهر منفردًا، ثم حضر في جماعة، وصلى معهم العصر جماعة، فلا بأس.

ثالثًا: الرخص التي تتعلق بالصيام:
الإفطار في نهار رمضان.

أجمع العلماء على أن المرض في الجملة عذر يبيح الفِطر في نهار رمضان، والخلاف بينهم في تحديد طبيعة المرض المبيح للفطر، والقول الراجح أن المرض المبيح هو كل مرض يزيد بالصوم، أو يُخشى تأخر الشفاء معه، أو يشق على المريض مشقة شديدة بسببه.

ففي هذه الحالة يُباح للمريض الفِطر في نهار رمضان، ويجب عليه القضاء إذا كان المرض يُرجى شفاؤه، أما إذا كان المرض لا يرجى شفاؤه، وكان الصيام يشق عليه مشقة شديدة في جميع فصول السنة، فلا يجب عليه إلا أن يُطْعِمَ عن كل يوم مسكينًا.

رابعًا: الرخص التي تتعلق بالحج:
1- التوكيل في رمي الجمرات في الحج.

رمي الجمرات نسك واجب من مناسك الحج، يجب على الحاج أن يفعله بنفسه، لكن إذا احتاج أن يُوكِلَ غيره، جاز له ذلك، كأن يعجز الحاج عن المجيء إلى أماكن الرمي لمرضٍ، أو ضعف في بدنه، أو يكون أعمى يشق عليه الرمي مشقة شديدة، أو امرأة حاملًا تخشى على نفسها وما في بطنها، ففي هذه الحال يجوز التوكيل للضرورة؛ لأنه ورد عن الصحابة رضي الله عنه أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، وعن النساء؛ لعجزهم عن الرمي عن أنفسهم.

ويجوز للموكل أن يجمع الحَصَى ويعطيها للوكيل، ويجوز للوكيل أن يجمعها بنفسه ويرمي عن الموكل نيابة عنه، كل ذلك جائز.

ويبدأ الوكيل بالرمي عن نفسه، ثم عن موكله، ويجوز أن يرمي عن نفسه، ثم عن موكله في موقف واحد، فيرمي الجمرة الأولى بسبعٍ عن نفسه، ثم بسبع عن موكله، وهكذا الثانية والثالثة، كما يفيده ظاهر ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يرمون عن الصبيان وعن النساء في موقف واحد؛ إذ لو كانوا يكملون الثلاث عن أنفسهم، ثم يرجعون من أولها عن الصبيان، لنُقِل ذلك.

أما في حالة إذا كان الحاج قادرًا على أن يرمي بنفسه، فلا يجوز التوكيل، ولا يُجْزِئ الرمي عنه، ويلزمه دم بدلَ ترك الرمي.

2- فعل بعض المحظورات في الحج أو العمرة.
لا يجوز للحاج أو المعتمر فعل محظور من محظورات الحج أو العمرة عمدًا من غير عذر، ومن ارتكب شيئًا منها عامدًا من غير عذر، فعليه الفدية مع الإثم، أما من احتاج لفعل شيء منها لعذر يبيح له ذلك، فهذا ليس عليه إثم، ولكن عليه الفدية.

أما من فعل شيئًا منها ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا، فلا شيء عليه على القول الراجح؛ لأن هذه الأمور مما يرتفع بها التكليف.

وعليه فيرخص للحاج أو المعتمر أن يتداوى بشيء يلزم معه فعل شيء من محظورات الإحرام؛ كحلق الشعر، أو تغطية الرأس لمرض ونحوه، أو لبس القميص لدفع البرد الذي يخشى منه الضرر، ولا يأثم بذلك، ولكن تلزمه الفدية.

وهي على التخيير: إما ذبح رأس من الضأن أو الماعز يجزئ في الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كعب بن عجرة رضي الله عنه بحلق رأسه وأن يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع؛ وذلك بسبب ما يؤذيه من القمل ونحوه الذي كان في رأسه.

أخي الحبيب:
أكتفي بهذا القدر، وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافيًا كافيًا في توضيح المراد، وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل.

وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ أو زللٍ، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، والله الموفِّق، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 26-07-2023, 06:01 PM   #2
معلومات العضو
رشيد التلمساني
مراقب عام و مشرف الساحات الإسلامية

افتراضي

بارك الله فيك وأثابك

 

 

 

 


 

توقيع  رشيد التلمساني
 لا حول و لا قوة إلا بالله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 04:09 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com