بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى اله وصحبه
اعلموا يرحمكم الله ان صفات الله على قسمين صفات ذاتية وهي ما يستحق الله سبحانه ازلا وابدا وصفات فعلية وهي ما يستحقه الله فيما لا يزال دون الأزل والله لا ينفك عن صفاته الذاتية وافعاله الاختيارية
صفة الكلام لله صفة ذاتية باعتبار أن نوع الكلام في حق الله قديم ازلي ابدي وصفة فعلية أيضا لأن الله لم يزل متكلما اذا شاء فالله سبحانه يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء والله يتكلم بالصوت والحرف وكلامه وقوله قديم والله يتكلم بمشيئته وقدرته
والله يتكلم أزلا وأبدا كلام الله سبحانه لا ينقضي ولا ينتهي وجميع كلامه سبحانه لم يزل ولا يزال فلم يزل ولا يزال متكلما سبحانه وبحمده
ما زال الله بجميع أسمائه وصفاته أزليا قبل خلقه ولم تحدث له صفة كما لم يزل بها أزليا كذلك لا يزال عليها أبدا الله منزه ان تحدث صفة لم تكن فصفاته تعالى كلها قديمة ليس منها شيء مخلوق ولا حادث ولا محدث صفاته كذاته قديمة
بالنسبة لنصوص الصفات فمذهب أهل السنة أهل الحق الايمان بظاهرها وتفويض كيفتها أي حقيقتها الى الله مع تنزيه الله عن سمات المخلوقين وعن الحدوث ومشابهة المخلوقين ولا يزاد عليها شيء ونتوقف عن ما زاد عن ذلك
فنؤمنو ان الله تقوم به الصفات الفعلية الاختيارية وأن صفات الله الفعلية قديمة ومتعلقة بمشيئة الله فالله سبحانه لم يزل ولا يزال فعالا ويفعال الله الله ما يشاء ونؤمن بنصوص الصفات الصفات على ظاهرها مثل حديث النزول وحديث الضحك وآية الاستواء وآية المجيء وغيرها من نصوص الصفات ولا يزاد على النص شيئا بل يجب السكوت غما وراء ذلك
وكذلك نؤمن بأن كلام الله قديم والله يتكلم بمشيئته وقدرته ونؤمن بالنصوص التي فيها ان الله يتكلم على ظاهرها ولا يزاد على النص شيئا بل يجب السكوت عما ورادؤ ذلك وهذا هو الأسلم بل هو الواجب
مع ايماننا بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء ذاته في ذاته وصفاته وأفعاله وان صفاته كذاته قديمة وأنه تعالى لا تحله الحوادث
وقال الإمام الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) ما نصه
القول في الدلالة على أن الله عز وجل القديم الأول قبل كل شىء، وأنه هو المحدث كل شىء بقدرته تعالى ذكره فمن الدلالة على ذلك أنه لا شىء في العالم مشاهد إلا جسم أو قائم بجسم، وأنه لا جسم إلا مفترق أو مجتمع، وأنه لا مفترق منه إلا وهو موهوم فيه الائتلاف إلى غيره من أشكاله، ولا مجتمع منه إلا وهو موهوم فيه الافتراق، وأنه متى عدم أحدهما عدم الآخر معه، وأنه إذا اجتمع الجزءان
منه بعد الافتراق، فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد أن لم يكن،. وأن الافتراق إذا حدث فيهما بعد الاجتماع فمعلوم أن الافتراق فيهما حادث بعد أن لم يكن. وإذا كان الأمر فيما في العالم من شىء كذلك، وكان حكم ما لم يشاهد وما هو من جنس ما شاهدنا في معنى جسم أو قائم بجسم، وكان ما لم يخل من الحدث لا شك أنه محدث بتأليف مؤلف له إن كان مجتمعا، وتفريق مفرق له إن كان مفترقا, وكان معلوما بذلك أن جامع ذلك إن كان مجتمعا، ومفرقه إن كان مفترقا من لا يشبهه ومن لا يجوز عليه الاجتماع والافتراق وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات الذي لا يشبهه شىء، وهو على كل شىء قدير. فبين بما وصفنا أن بارىء الأشياء ومحدثها كان قبل كل شىء وأن الليل والنهار والزمان والساعات محدثات، وأن محدثها الذي يدبرها ويصرفها قبلها (3)، إذ كان من المحال أن يكون شىء يحدث شيئا إلا ومحدثه قبله، وأن في قوله تعالى ذكره (فَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17** وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18** وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19** وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {20**)(الغاشية)، لأبلغ الحجج وأدل الدلائل لمن فكر بعقل واعتبر بفهم على قدم بارئها، وحدوث كل ما جانسها، وأن لها خالقا لا يشبهها
فتبين إذا أن القديم بارىء الأشياء وصانعها هو أي وقبل الزمان والمكان وغيرهما من المخلوقات. ومن ضرورة العقل أن يكون خالق الزمان والمكان والجهة لا يجري عليه زمان ولا ينحل في الأماكن بعد خلقه الزمان والمكان والجهة، لأن التغير من صفات المخلوقات فتنبه. . الواحد الذي كان قبل كل شىء، وهو الكائن بعد كل شىء، والأول قبل كل شىء، والآخر بعد كل شىء، وأنه كان ولا وقت ولا زمان ولا ليل ولا نهار، ولا ظلمة ولا نور ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، وأن كل شىء سواه محدث مدبر مصنوع، انفرد بخلق جميعه بغير شريك ولا معين ولا ظهير، سبحانه من قادر قاهر اهـ. تاريخ الطبري
وقال ابن الزاغوني الحنبلي في كتابه "الإيضاح في أصول الدين" (ص ٣٧٧
( لو كان كلام الله مخلوقا لم يخل أن يكون مخلوقا في محل أو لا في محل فإن كان في محل
فلا يخلو أن يكون محله ذات الباري أو ذاتا غير ذاته مخلوقة ومحال أن يكون خلقه تعالى في
ذاته لأن ذلك يوجب كون ذاته تعالى محلا للحوادث وهذا محال اتفقت الأمة قاطبة
على إحالته ) اه
وقد حكى ابن الزاغوني والقاضي أبو يعلى وغيرهما الإجما ع على امتناع قيام الحوادث به تعالى كما في درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية
-وقال عماد الدين الواسطي في كتابه في الاستواء والصفات ص ٢٠
( فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيز وهو سبحانه في قدمه متره عن المحل
والحيز فيستحيل شرعا وعقلا عند حدوث العالم أن يحل فيه أو يختلط به لأن القديم لا
يحل في الحادث وليس هو محلا للحوادث فلزم أن يكون بائنا عنه ) اه
وقال أيضا : ( والرب سبحانه وتعالى كما كان قدمه وأزليته وفردانيته لم يحدث له في
ذاته ولا في صفاته ما لم يكن في قدمه وأزليته فهو الآن كما كان ) اه
: ١٠ -وعنه أخذ مرعي الكرمي فقال في أقاويل الثقات ص ٩٣
( وقالوا ( أهل ا لسنة ) إنه سبحانه أوجد الأكوان في محل وحيز وهو سبحانه في قدمه
متره عن المحل والحيز فيستحيل شرعا وعقلا عند حدوث العالم أن يحل فيه أو يختلط به
لأن القديم لا يحل في الحادث وليس هو محلا للحوادث )اه
وقال ابن حمدان في نهاية المبتدئين ص ٣٠
( وأنه تعالى ليس بجوهر ولا عرض ولا جسم ولا تحله الحوادث ولا يحل في حادث ولا
ينحصر فيه بل هو بائن من خلقه
وقال الإمام محمد ابن بلبان الدمشقي الحنبلي (ت ١٠٨٣
في مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات: (.. ويجب الجزم بأنه سبحانه
وتعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض، (لا تحله الحوادث ولا يحل في حادث ولا
ينحصر فيه ) اه
ليس معنى تنزيه الله عما سبق نفي صفاته سبحانه بل يجب اثبات صفاته سبحانه فنومن بعلوه عز وجل وأنه فوق سبع سموات على العرش استوى بلا تحديد ولا تكييف ونؤمن بجميع الصفات الخبرية كاليدين والوجه وغيرها من صفات الله على أنها ليست جوارح ولا أعضاء ولا أدوات ونؤمن بصفات الله الفعلية كأنه يجيء يوم القيامة وينزل الى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة فيقول هل من سائل فأعطيه وأنه يتكلم بكلام قديم يسمع من شاء من خلقه وأنه صفة ذات لأنه لازم لذات لا يخلو من وقت وصفة فعل لأنه يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء فلم يزل متكلما اذا شاء سبحانه فيجب الإيمان بصفات الله الواردة كلها بلا تفريق ونفوض حقيقتها الى الله تعالى مع تنزيه الله عن الجسمية والتشبيه والنقائص والحدوث لأنما لا يخلو من حادث فهو حادث فالله لا تحله الحوادث بل صفاته كلها أزلية أأبدية كما سبق بيانه
أنصحكم رحمنا الله وآياكم أن تقرؤوا هذتين الكتابين
لوامع الأنوار البهية
ولوائح الأفكار السنية
كلامهما للإمام السفاريني الحنبلي رحمه الله وهما كتابان مهمان فيهما عقيدة صحيحة سلفية انصحكم أن تقرءوهما وتلتزموا بالعقيدة التي فيهما جزاكم الله خيرا
أسال التوفيق والسداد لنا ولكم ولجميع المسلمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وآله