موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر السيرة النبوية والأسوة المحمدية

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 24-04-2023, 10:19 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي سيرة الصحابي : زيد بن سهل الأنصاري ، لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي

الدرس 44/50 ، سيرة الصحابي : زيد بن سهل الأنصاري ، لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي .
تفريغ : الأستاذ هشام القدسي .
التدقيق اللغوي : الأستاذ غازي القدسي .
التنقيح النهائي : المهندس غسان السراقبي .

بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوة المؤمنون ، لا زلنا مع سير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ولا زلنا مع الدرس الرابع والأربعين من هذه الدروس ، وموضوع درس اليوم سيدنا زيد بن سهل ، أبو طلحة الأنصاري ، ولهذا الصحابي قصة بالغة ، بالغة التأثير ، قبل أن نقرأ تفاصيل حياة هذا الصحابي ، لا بد أن تعلموا أن المرأة في الإسلام لا تقل عن الرجل إطلاقاً ، وكلما ازداد الإنسان علماً تبين له أن المرأة من حيث التشريف والتكليف كالرجل تماماً ، وربما وهبها الله عز وجل من الأعمال الصالحة التي تفوق بها الرجال ، فهذا الصحابي الجليل كان أحد الصحابة الذين كان لهم باع طويل في الدعوة إلى الله ، هل تصدقون أن سبب هدايته إلى الله امرأة ، لا تعجبوا أن تروا بين رواد المساجد عدداً كبيراً منهم كانت النساء ؛ زوجات ، أو أمهات ، أو أخوات وراء هداية الرجال، فالمرأة كائن عظيم ، والإسلام كرَّمها ، والكفر دَنَّسها ، وجعلها سلعة ، فلو أردتَ أن تبيع طلاء أحذية تحتاج إلى صورة امرأة شبه عارية على العلبة ، كي تباع هذه السلعة ، والكفار جعلوها سلعة رخيصة ، بينما الإسلام جعلها كائناً عظيماً ، وعلى كلٍّ من ثنيات هذه القصة تبدو لكم ملامح عظمة المرأة.
عرف زيد بن سهل النجّاري ، صحابي اليوم المُكَنَّى بأبي طلحة ، أن الرميصاء بنت ملحان النجّارية المكناة بأم سليم قد غدت أيِّماً ، أي أصبحت بلا زوج ، وربنا عز وجل قال :

[سورة النور]
الأيامى كلمة مطلقة ، تشمل الذكور والنساء ، أي مخلوق من بني البشر ليس له زوج أو زوجة فهو أيِّم ، والأمر الإلهي متوجِّهٌ إلى أولي الأمر أولاً ، وإلى أولياء الأمور ثانياً ، وإلى الأطراف المعنية بالزواج ثالثاً، والزواج سنة .
فزيد بن سهل النجاري المكنى بأبي طلحة ، حينما علم أن الرميصاء بنت ملحان النجارية المكناة بأم سليم قد غدت أيِّماً بعد أن توفي زوجها استطار فرحاً بهذا الخبر ، وفرح فرحاً لا حدود له ، حتى استخفه الفرح ، ولا غرو فقد كانت أم سليم سيدة حصاناً رزاناً ، راجحة العقل ، مكتملة الصفات ، وما أجمل أن يجتمع في المرأة كمالُ الخَلق ، مع كمال الخُلق ، مع رجاحة العقل ، يبدو أن أم سليم كانت كذلك ، راجحة العقل ، كاملة الخَلق ، كاملة الخُلق ، فلما أصبحت أيماً استطار عقل أبي طلحة فرحاً بهذا الخبر ، فعزم أن يبادر إلى خطبتها قبل أن يسبقه أحد ممن يطمحون إلى أمثالها من النساء .. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ *
[رواه مسلم]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ *
[أخرجه النسائي]
الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، ليس في النساء درجة الوسط إما أنها جنة، وإما أنها نار ، فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لَا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ *
[رواه أبو داود والنسائي]
المودة في الزوجة شيء لا يقدَّر بثمن ، والولود تنجب لك أولاداً هم ثمرة هذا اللقاء .
على كل يبدو أن كمال هذه المرأة رجاحة عقلها ، وكمال خلقها وكمال خُلقها ، حينما علم أنها أصبحت أيماً استطار فرحاً وانطلق يسابق الآخرين على خطبتها ، وكان أبو طلحة على ثقة من أن أم سليم لن تؤثر عليه أحداً من طالبيها ، يبدو أنه في مستواها ، كمال في الخَلق والخُلق وشهامة ومروءة وشجاعة ، وكرم ، وحسب ونسب ـ لكن تعليق بين قوسين لو أن الإنسان جاءته امرأة كأمِّ سُلَيْم ربما قعد عن طلب الحق ، لأن المرأة الكاملة مشغلة ، فيطمئن إليها ، وتطمئن إليه فيكسلان ، فالمرأة الوسط أيضاً نعمة ، فعلى المسلم ذكرا كان أم أنثى أنْ ينطلق إلى التعليم ، وإلى طلب العلم ، وإلى العمل الصالح ، وكل إنسان له حالة خاصة .
وكان هو أيضاً رجلاً مكتمَل الرجولة ، مرموقَ المنزلة ، طائل الثروة ، غنيًّا .. مكانة على رجولة على غنى ، وهو إلى ذلك فارس بني النجار وأحد رماة يثرب المعدودين ، مقاتل فارس رامٍ ثري ، رجل بكل معنى الكلمة مكانته عليّة ، شيء جميل ، هو في أعلى الصفات وطمع بامرأة في أعلى الصفات ، مضى أبو طلحة إلى بيت أم سليم ، يبدو أن الحياة كانت بسيطة ، وهو في بعض طريقه تذكّر أن أم سليم قد سمعت من كلام هذا الداعية المكيّ مصعب بن عمير ، فآمنت بمحمد ، واتبعت دينه ، لكنه ما لبث أن قال في نفسه : وماذا في ذلك ، ليس ثمة مشكلة ، ألم يكن زوجها قد توفي عنها مشركًا مستمسكاً بدين آبائه ، وعلى عبادة الأصنام ، نائياً بجانبه عن محمد ودعوته ، وهو خارج هذا الاهتمام ، وخارج هذا النشاط .. بلغ أبو طلحة منزل أم سليم ، واستأذن عليها ، فأذنتْ له ، وكان ابنها أنس حاضراً، فعرض نفسه عليها مباشرة .
بالمناسبة ، القرآن علّمنا ، كما أن المرأة تُخطَب فالشاب يُخطَب ، قال له :

[سورة القصص]
عندنا عادات بعيدة عن جوهر الإسلام ، هل يُعقَل أنْ يعرض الأبُ ابنته على رجل للزواج ، معنى ذلك أنّ فيها علة كبيرة ، ولعلها ، ولعلها ، فإذا وجدت شابًا مؤمنًا كفؤًا لابنتك، يا بني أنا عندي ابنة مناسبة لك ، هذه ما فيها غضاضة ، ترى الحياء الحياء الحياء، وبقيت هذه الفتاة عانساً ، شيء صعب أن تتجاوز فتاة سن الثلاثين ، بلا زوج ، مصيرها عند أحد إخوتها تحت سيطرة زوجة أخيها ، قال تعالى :

[سورة النور]
هل يوجد أب على وجه الأرض فيه ذرة إيمان يدفع ابنته للزنا ، مستحيل ، فلمن هذه الآية إذن ؟ أليست للمؤمنين ، أليس الله يخاطب بها المؤمنين؟ نعم .. أيوجد مؤمن على وجه الأرض يُكرِه فتاته على الزنا ، القرآن أراد بهذه الآية أن الأب الذي يضع العراقيل أمام الخاطب يسأله : عندك بيت ؟ والله عندي بيت صغير ، لا ، بل نريد بيتًا واسعًا ، الله يرضى عليك ، وفي الشام قريبًا منَّا ، وعقَّدْتَ الأمور ، وعرقلتَ الزواج ، فقد أكرهتَ ابنتَك على الزنا ، وأنت لا تشعر ، وأيقظتَ فيها جانب الشهوة ، وأنت لا تشعر ، كل أب يضع العراقيل أمام زواج ابنته يبعث فيها جانب الشهوة ، وهو لا يدري ، وكأنه يدفعها من طرف خفيٍّ إلى الزنا.
أنت مثلاً إذا كان عندك صانع تعطيه ألف ليرة في هذا الزمان ، وهو يرى أن دخلك كبير ، ومحلك ضخم ، وبضاعة ، واستيراد وتصدير ، وكأنك تدفعه إلى أن يسرق منك مالاً من وراء ظهرك ، وتدفعه دفعاً لأنك لم تكفه ، فأنت السبب ، لا يصحُّ عند أبٍ عاقل أنْ يضع عراقيل أمام زواج ابنته .
أيها الإخوة الأمر صار في زماننا صعبًا عسيرًا ، يجب أن تقبل ببيت خارج دمشق ، وبيت مؤلف من غرفة واحدة وإذا كان أبوه وأمه وحدهما في البيت فاقبلْ بغرفة عند أبيه وأمه ، وعلِّم ابنتك أن يكون عندها حسن سياسة ، لأنّ أي شيء مزعج في الزواج أخف من أن تبقى ابنتك بلا زواج .. واللهِ عشرات بل مئات الفتيات الطاهرات العفيفات المستقيمات نتيجةَ تعنُّت آبائهن ووضع العراقيل أمام الخُطَّاب ، ولشموخ أنف آبائهن ، ولعرقلة الأمور ، ولمظاهر زائفة ، فمجتمعنا الإسلامي قتلته المظاهر ، حتى صرنا على مشارف فساد أخلاقي شديد ، بل حتى السفاح حل محل النكاح ، فالآباء عليهم أن يساعدوا خطاب بناتهم في أي شيء ، وهذه ابنتك مثل ابنك فلماذا هذه العنصرية ؟ كما أمَّنتَ لابنك بيتًا فأَمِّنْ لابنتك بيتًا، وزوجها شاب مؤمن ، فليس من الغلط إذا ساعدت زوج ابنتك ، هذه أشياء نعيشها جميعاً ، انتبهوا أيها الإخوة ، الذي عنده بنات لا يضع عراقيل أبداً ، ما دام هناك مسكن شرعي ، ليس فيه اختلاط ، وليس فيه فساد فيجب أن تبادر إلى قبول هذا الزوج ، ما دام مؤمنًا مستقيمًا، وله مسكن شرعي ، فادفعها إليه ، ولا تجعل من ابنتك سلعة تغتني بها .
ماذا قالت هذه الفتاة العاقلة الرزان الحصان ، مكتملة الأخلاق مكتملة الخلق ؟ قالت : إن مثلك يا أبا طلحة لا يُرَدُّ ، لكنني لن أتزوجك وأنت رجل كافر ، أيْ أنت من حيث الصفات ممتاز ، شهم ، شجاع ، فارس ، لك مكانة علية في قومك هذا كله كلام طيب .. إن مثلك لا يُرد ، ولكنني لن أتزوجك وأنت رجل كافر ، فظن أبو طلحة أن أم سليم تتعلل عليه بذلك ، وأنها قد آثرت عليه رجلاً آخر أكثر منه مالاً أو أعز ونفراً ، فقدْ أساء ظنًّا حين اعتقد أنّ خاطبًا أغنى منه قد سبقه إلى أم سليم ، فتعللت بموضوع الكفر كي تنسحب منه ، وتتزوج ذلك الأغنى .
فقال : والله ، ما هذا الذي يمنعك مني يا أم سليم قالت ما الذي يمنعني إذاً ؟ قال : الأصفر والأبيض ، الذهب والفضة ، هذا سوء ظن محض .
قالت : الذهب والفضة !!.
قال : نعم .
قالت : بل إني أشهدك يا أبا طلحة ، وأشهد الله ورسوله أنك إن أسلمتَ رضيتُ بك زوجاً من غير ذهب ولا فضة ، وجعلتُ إسلامك لي مهراً .. فما دمتَ تقول : إنني آثرتُ عليك رجلاً أغنى منك ، فأنا أشهِد الله ، وأشهِدك أنك إذا أسلمتَ فلن آخذ منك شيئًا ، مهري هو إسلامك ، هكذا كان الصحابة .
أنا أقول لكم هذه الكلمات : لو أن الإسلام الذي نحن عليه هو الذي كان على عهد النبي، واللِه الذي لا إله إلا هو ما خرج الإسلام من مكة المكرمة إلى المدينة ، ولمَا وصل إلى مشارق الأرض ومغاربها إلا بعدما أظهر الصحابة الكرام من المواقف البطولية ما يعجز عن إدراكه البشر .
قالت : له أشهد الله ، وأشهدك يا أبا طلحة ، أنك إن أسلمت لا آخذ منك شيئاً لا أصفر ولا أبيض ، وأن مهري هو إسلامك .
وما إن سمع أبو طلحة كلام أم سُليم حتى صرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من نفيس الخشب وخص به نفسه كما يفعل السادة من قومه .. عنده صنم من خشب محفور مرتب هو إلهه ، لكن أم سليم أرادت أن تطرق الحديد وهو ما زال حامياً ، فقالت له : ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض ..
قال : بلى ، قالت : أفلا تشعر بالخجل ، وأنت تعبد جذع شجرة جعلت بعضه لك إلهاً ، بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقوداً به يصطلي ، فأنت جعلته صنماً تعبده من دون الله ، وغيرك جعله حطباً يصطلي به في الشتاء إنك إن أسلمت يا أبا طلحة رضيت بك زوجاً ولا أريد منك صداقاً غير الإسلام .
قال لها : ومن لي بالإسلام ؟ قالت : أنا لك به ، قال وكيف ؟ قالت : تنطق بكلمة الحق ، فتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، ثم تمضي إلى بيتك ، وتحطم صنمك ، فانطلقتْ أسارير أبي طلحة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله .. ثم تزوج مِن أمّ سليم ، فكان المسلمون يقولون : ما سمعنا بمهر قط كان أكرمَ من مهر أم سليم ، فقد جعلت صداقها الإسلام .
بالمناسبة أعظم النساء بركة أقلهن مهراً ، وأعظم النساء بركة أقلهن مؤونة .
سيدنا أبو طلحة صار مسلماً بسبب أم سليم .. مناقشة ذكية وعاقلة ، والدليل هو اتهمها أنها تبحث عن الأبيض والأصفر ، فقالت : أُشهِدُ الله أنك إنْ أسلمتَ لا أبتغي منك شيئاً ، إسلامك صداقي .
ومنذ ذلك التاريخ انضوى أبو طلحة تحت لواء الإسلام ، ووضع طاقاته الفذة كلها في خدمة الإسلام .
خطب شابٌ بنت عالم اسمها وصال ، قال : يا بني ، هذه مهرها أنْ تلازم دروسنا ، قال له : لك ما تشاء ، وهو جالس في الدرس كان عقله عند خطيبته ، ثم يبدو أنه انتبه للدروس ، وهذا شيء راع رائق ، وفي الدرس الثاني انسجم ، وفي الدرس الثالث ذاب ، وفي الرابع انطلق ، وفي الخامس اصطلح مع الله ، وفي السادس بدأ يرقى ، ونسي المخطوبة ، فأرسلتْ له : يا فلان أين العهد أن تتزوجني ؟ فقال لها : يا وصال كنتِ سببَ الاتصال .
أحياناً الإنسان يهتدي على يد زوجته ، أو على يد أخته ، أو على يد امرأة عظيمة من ذوات قرابته ، ليس في هذا عار ، الإنسان عليه أن يصل إلى الله من أي طريق ، أبو طلحة سبب إسلامه أم سليم ، كان معجباً بها ، وكان مهرها كان إسلامها ، فأسلم .
كما قال الإمام الغزالي ( طلبنا العلم لغير الله ، فأبى العلم إلا أن يكون لله)) .
أحياناً يأتي الإنسانُ إلى المسجد ـ هي قصة تتكرر كثيراً ـ لهدف آخر غير طلب العلم ، هدفه ليس له علاقة بطلب العلم إطلاقاً ، يسمع فيستفيد ثم يعلق به حبل الوصال .
لقدْ جاء لهدف ، وانتهى إلى هدف آخر .
سيدنا أبو طلحة قال : كان أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله وسلم ، ومعه زوجه أم سليم ، وكان أحد النقباء الاثني عشر الذين أمَّرهم النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة على مسلمي يثرب .
وكان من الخواص ، بايع رسول الله ثم أمَّره عليهم .
ثم إنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازيه كلها ، وأبلى فيها أشرف البلاء وأعزه ، لكن أعظم أيام أبي طلحة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو يوم أحد .
ويا أيها الإخوة الكرام ، الحقيقة أسعد إنسان هو الذي له مع النبي عليه الصلاة والسلام موقف ، فإن لم يكن مع النبي فمع أصحابه ، فإنْ لم يكن فمع التابعين ، وإنْ لم يكن فمع الدعاة إلى الله ، ومع أهل الحق ، والمغزى أنْ يكون الإنسان جنديًّا للحق ، وألاّ يكون في خندق الباطل معاديًا لأهل الحق ، وهذه القصة التي أمامكم شيء لا يصدق .
أحب أبو طلحة النبي صلى الله عليه وسلم حباً خالط شغاف قلبه ، وجرى مجرى الدم في عروقه ، فكان لا يشبع من النظر إليه .. ليس من السهل أن تلتقي بنبي عظيم ، ليس من السهل أن تقتبس من أنواره ، من حكمه ، من أحواله ، من علمه .
كان لا يشبع هذا الصحابي الجليل من النظر إليه ، ولا يرتوي من الاستماع إلى عذب حديثه ، وكان إذا بقي معه جثا بين يديه وقال نفسي لنفسك الفداء ، ووجهي لوجهك الوقاء ، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنفذ إليه المشركون من كل جانب فكسروا رباعيته ، أيْ سنه التي بين الثنية والناب ، وشجُّوا جبينه ، وجرحوا شفته ، وأسالوا الدم على وجهه ، النبي صلى الله عليه وسلم تحمَّل وقال : أوذيت وما أوذي أحد مثلي ، وخفت وما خاف أحد مثلي ، ومضى عليَّ ثلاثون يوماً لم يدخل جوفي إلا ما يواري إبطَ بلال .
النبي أسوة لنا ، تحمل كل أنواع المتاعب ، تحمل الأذى تحمل الفقر تحمل الخروج من الوطن ، تحمل الخوف ، فهو بشر ، ولأنه جرت عليه كل خصائص البشر كان سيد البشر ، لولا أنه جرت عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر .
فالنبي قدوة لنا ، وإذا تحملتَ شيئًا مِنَ المتاعب في الدعوة إلى الله ، وتحملت معارضة، وتحملت فجوًار ، ونقد لاذِعًا أحياناً ، لك خصوم ، هم أعداء لله عز وجل ، أرادوا إطفاء نور الله فاستهدفوك ، قال تعالى :

[سورة آل عمران]
لما رأى أبو طلحة أن المسلمين انكشفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه كُسرت ثنيته ، وجرحت وجنته ، وسال الدم على جبهته ، انتصب أبو طلحة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم كالطود الشامخ ، بينما وقف النبي عليه الصلاة والسلام خلفه يتترس به ، ثم وَتَرَ أبو طلحة قوسه التي لا تُفل ، وركّب عليها سهامه التي لا تخطئ ، وجعل يذود بها عن رسول الله ، ويرمي جنود المشركين واحداً إثر واحد ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتطاول من خلف أبي طلحة ليرى مواقع سهامه ، فكان أبو طلحة رضي الله عنه يردُّه خوفاً عليه ، ويقول له : بأبي أنت وأمي لا تشرف عليهم فيصيبوك ، إنّ نحري دون نحرك ، وصدري دون صدرك ، جُعِلتُ فداك يا رسول الله .
يا إخوان الإسلام حب ، فإذا فُقِدَ الحب لم يبق في المرء إسلام ، وهذا الدين فيه جانب علمي ، وجانب انفعالي ، فمن دون حب .. كمركبة بلا محرك ، هي ممتازة ، وطلاؤها جيد، وتلمع ، ولكن لا محرك لها ، فالذي يحركك إلى الله عز وجل هو الحبّ ، والحب ثمنه الطاعة ؛ وقد صدق أبو العتاهية في قوله :
***
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محالٌ في القياس بديعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب يطيعُ
***
هذه بطولة ، إنسان يقف كالطود أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله صدري دون صدرك ، ونحري دون نحرك ، جعلت فداك يا رسول الله .
بصراحة أقول لكم : إذا لم تحبّ المؤمنين فهذه واللهِ مشكلة مستعصية .. المنافقون يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. فيكفي أن يصلك خبر أن فلانًا المؤمن أصابه مكروه ، يكفي أن ترتاح نفسُك فتكون منافقًا ، ولمجرد أن ترتاح لخبرٍ مفاده أن مؤمناً قد ابتلاه الله بمصيبة والله الذي لا إله إلا هو ضع نفسك مع المنافقين ولا تخف ، لأنّ علامة إيمانك أن تحب المؤمنين ، وأن تتمنى لهم كل الحب ، تتمنى عزهم ، تتمنى أن يكونوا أقوياء، تتمنى أن ينتصروا ، فهذا الذي يتمنى أن يكون العكس هو في خندق المنافقين وهو لا يدري .
فهل يهون عليك أن يهان المؤمن ؟ وأن يفتقر المؤمن ، وأن ينكشف ، وأن يذل في حضرتك ، وأنت قادر على نصره وتبقى ساكتاً ؟! .. واللهِ لست بمؤمن .
وكان الرجل من جند المسلمين يمر بالنبي عليه الصلاة والسلام هارباً ومعه الجعبة من السهام، فينادي عليه النبي ويقول له : انترْ سهامك لأبي طلحة .
بالمناسبة قد تسأل : أيعقل أن يخذل الله الصحابة ، وفيهم النبي عليه الصلاة والسلام ؟ .. ممكن ، بل لقد حصل ذلك ، قال أحكمُ الحاكمين :

[سورة التوبة]
أنا أقول لكم دائماً : في حياتك يومان أيها الأخ ؛ يوم كيوم بدر ، ويوم كيوم حنين ، فإذا قلت : أنا مفتقر إلى الله ، يا رب إني ضعيف فقوِّ في رضاك ضعفي ، اللهم إني تبرأتُ من حولي وقوتي ، والتجأتُ إلى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين .. إذا كنت مفتقراً إلى الله تولاك الله ، ونصرك الله ، وأيدك الله ، ووفقك ، وحفظك .. وإن قلت : أنا عندي مال وفير ، عندي تجارب كثيرة متراكمة ، عندي خبرات واسعة ، أنا أجعل خصومي في قبضتي ، إذا قلت : أنا تخلّى الله عنك ووكَّلك إلى نفسك ، وإذا افتقرتَ إليه يتولاك وينصرك .
يوم بدر .. قال تعالى :

[سورة آل عمران]

[سورة التوبة]
بعملك ، باختصاصك ، بدراستك ، بتجارتك ، بصناعتك بزراعتك بوظيفتك ، بعلاقاتك ، بعلاقاتك في البيت خارج البيت ، ومع مَن هم أعلى منك ، ومع مَن هم أدنى منك ، تقول : أنا يتخلى الله عنك ، تقول : أنا فقير إلى الله يتولاك ، هذه نصيحة أزجيها لكم .
علمياً أنت بين حالين ، حال الافتقار ومع الافتقار التولي ، يتولى الله أمرك ،

[البقرة ، الآية 257]
فإذا قلت : أنا تخلى ، ومن اتكل على نفسه أوكله الله لها ، تفضل ، وجرِّب باختصاصك ، قل: أنا أفهم الموضوع .. فترتكب حماقة ما بعدها حماقة .
أنا مختص بهذا الموضوع فهناك المهلَكة ، أساساً هناك أربع كلمات مهلكات ( أنا ونحن ولي وعندي ) ؛ أمَّا (أنا) فقد قالها إبليس :

[سورة الأعراف]
فأهلكه الله .
أمّا (نحن) فقالها قوم بلقيس :

[سورة النمل ، الآية 33]
فظفر بهم سليمان مسلمين .
وأمّا (عندي) فقالها فرعون :

[سورة الزخرف]
فأهلكه الله غرقًا .
وقالها قارون :

[سورة القصص ، الآية 78]
فخسَفَ الله عز وجل به وبداره الأرضَ .
دقق بين الافتقار وبين الاستغناء ، يستغني يُتخلّى عنه ، يفتقر يُتَوَلَّى .
***
مالي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك فقري أدفعُ
مالي سوى قرعي لبابك حيلة فإذا رددت فأي باب أقرعُ
***
كان عليه الصلاة والسلام يقول لمن انكشف عنه : انثر سهامك بين يدي أبي طلحة ، ولا تمضِ بها هارباً ، وما زال أبو طلحة ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كسر ثلاثة أقواس وقتل ما شاء أن يقتل من جنود المشركين ..
ثم انجلت المعركة وسلّم اللهُ نبيه وصانه بصونه ، وكما كان أبو طلحة جواداً بنفسه في سبيل الله في ساعات البأس ، فقد كان أكثر جوداً بماله في مواقف البذل ، استمعوا لهذه القصة؛
كان له بستان من نخيل وأعناب لم تعرف يثرب بستاناً أعظم منه شجراً ولا أطيب ثمراً ولا أعذب ماءً .
ترى شخصًا عنده مزرعة ، ولدينا مزارع جميلة جداً ، مداخل ، أشجار ، نباتات زينة ، ورود ، أشتال ، أصص ، عرائش ، كروم ، أشجار مثمرة ، مسبح ، يعني من هذا القبيل تقريباً .
قلت لكم في بداية القصة : إن أبا طلحة كان ثريًا ، وعنده مزرعة من أجمل مزارع المدينة ، جاء وصفها في كتب السيرة ، كان له بستان من نخيل وأعناب لم تعرف يثرب بستاناً أعظم منه شجراً ، ولا أطيب ثمراً ، ولا أعذب ماءً ، وفيما كان أبو طلحة يصلي تحت أفيائه الظليلة ، أثار انتباهه طائر غريب ، أخضر اللون أحمر المنقار ، مخضب الرجلين نظر إليه وقد جعل يتواثب على أفنان الأشجار طرباً مغرداً متراقصاً فأعجبه منظره ، وسبّح بفكره معه ، وما لبث أن رجع إلى نفسه فإذا هو لا يذكر كم ركعة صلى ، قد تجد في أثناء الصلاة شخصًا يرفع أصبعه .. يقرأ التشهد ، وهو واقف ، سارح في موضوعات ليس لها علاقة بالصلاة إطلاقًا ..
حينما شعر أن هذا الطائر الصغير الجميل المغرد الذي يتراقص على أغصان الأشجار شَغَلَه عن صلاته ، فما ذكر كم صلى .. ركعتين أم ثلاثًا ، ما إن فرغ من صلاته حتى غدا على النبي عليه الصلاة والسلام ، شكا له نفسه التي صرفها البستان وشجره الوارف ، وطيره المغرِّد عن الصلاة ، ثم قال : اشهدْ يا رسول الله أني جعلتُ هذا البستان صدقةً لله تعالى ..
لأنه شغله عن الصلاة ، وهذا البستان الذي بمقاييس اليوم ثمنه ملايين ، يقال لك : بيعت مزرعة بمائة وستة وخمسين مليونًا ، قال هذا كله صدقة لله ، لأنه شغله عن صلاته .
ماذا قال سيدنا سعد ؟ قال : " ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس ، ما صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها .. " .
فضعْه يا رسول الله حيث يحب الله ورسوله ، هذا لك تصرف به أنت .
عاش أبو طلحة حياته صائماً مجاهداً ، ومات كذلك صائماً مجاهداً فقد أُثِر عنه أنه بقي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحواً من ثلاثين عاماً صائماً لم يفطر ، إلا في أيام الأعياد حيث يحرم الصيام وأنه امتدت به الحياة حتى غدا شيخاً فانياً ، لكن شيخوخته لم تحل دونه ودون مواصلة الجهاد في سبيل الله ، والضرب في فجاج الأرض إعلاءً لكلمته وإعزازاً لدينه ، من ذلك ؛ أن المسلمين عزموا على عزوة في البحر في خلافة عثمان .. غزوة في بحر .. هؤلاء البداة رعاة الشاة ، صاروا قادة للأمم ، صار لهم أسطول يغزون به الجزر في عهد عثمان بن عفان .
فأخذ أبو طلحة يعدّ نفسه للخروج مع جيش المسلمين المُبْخِر ، فقال له أبناؤه ، وكان شيخاً فانياً : يرحمك الله يا أبانا ، لقد صرت شيخاً كبيراً ، ولقد غزوتَ مع رسول الله ومع أبي بكر ومع عمر كثيراً ، فهلاّ ركنت إلى الراحة ، وتركتنا نغزو عنك ؟ .. بماذا أجابهم الشيخ الفاني وهو يطلب الجهاد في البحر ؟ قال : إن الله عز وجل يقول :

[سورة التوبة]
ما معنى ثقالاً ؟ .. المعنى الدقيق ؛ الإنسان وهو صغير خفيف ، طفل عمره خمس سنوات تراه يقفز مثل الكرة ، يصعد على الدرج خمسة خمسة ، ينزل عشرة عشرة ، وهو خفيف ، لكن في الخمسينات لم يعد خفيفًا ، يصعد أربعة طوابق فيهلث ، صار ثقيلَ الحركة ، فالله بماذا أمرنا ؟ قال :

[سورة التوبة ، الآية 41]
أنت شاب وأنت شيخ وأنت كبير في السن .. قال : إن الله عز وجل يقول

[سورة التوبة ، الآية 41]
فهو قد استنفرنا جميعاً ، شيوخاً وشباناً ، لم يحدد سناً ، ثم أبى إلا أن يخرج .
وبينما كان الشيخ المعمر أبو طلحة على ظهر السفينة مع جند المسلمين في وسط البحر، مرض مرضاً شديداً فارق على أثره الحياة فطفق المسلمون يبحثون له عن جزيرة ليدفنوه فيها، فلم يعثروا على مبتغاهم إلا بعد سبعة أيام ، وأبو طلحة مسجى بينهم لم يتغير فيه شيء كأنه نائم ، وفي عرض البحر ، بعيداً عن الأهل والوطن ، نائياً عن العشير والسكن ، دُفن أبو طلحة في إحدى الجزر .
مَن سببه ؟ أم سليم ، فالموقف البطولي كان حينما خطبها ، قالت له لن أتزوجك لأنك كافر ، قال لها : إنما آثرتِ الأبيض والأصفر ، جاءك رجلٌ أغنى مني ، قالت له : لا والله ، لو أسلمتَ لقبلتك من دون مهر ، وإسلامك مهري .. أثبتت له حسن النية ، أعجب بها فأسلم من أجلها .
هل تصدقون أيها الإخوة أن هذا البطل العظيم ، الذي وقف هذا الموقف العظيم أمام النبي عليه الصلاة والسلام ، وبذل ماله الكثير وجاهد وهو شيخ فانٍ ، كل أعماله في صحيفة امرأته، التي دفعته إلى أن يسلم ، فالمرأة لها مكانة عظيمة عند الله .
مرة ثانية ، المرأة كالرجل في التشريف والتكليف ، وقد تفوقُ الرجل

[سورة الحجرات ، الآية 13]
ربوا بناتكم أيها الإخوة على طاعة الله ، علموهن القرآن الكريم ، علموهن أحكام الفقه ، علموهن حب النبي عليه الصلاة والسلام ، فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك ، وأعلم نفسي - لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات ، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربينا لكم أموالكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها ، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته ، يعدل ذلك كله .
[أخرجه البيهقي]
الذي عنده ابنتان فأحسن تربيتهما ، قال النبي الكريم : فأنا كفيله في الجنة ، قالوا واحدة قال واحدة " .
فالذي عنده بنت فهي ثروة كبيرة ، هذه الفتاة إذا تزوجت رجلاً مؤمناً وأسست أسرة مسلمة ، كل خيرات هذه الأسرة الإيمانية في صحيفة الأب .
والذي عنده فتاة يعلمها القرآن ، يعلمها حب النبي عليه الصلاة والسلام ، يعلمها أمر دينها ، يعرفها بالله عز وجل ، حتى إذا كانت زوجة ، كانت زوجة صالحة ، ولعل هذه المرأة تكون سبباً لرقي زوجها وأولاها ، وكل إنسان يحتقر المرأة جاهلي ، عنصري ، بعيد عن روح الإسلام .
النبي الكريم كرم المرأة ، قال : " أكرموا النساء ، فوالله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم ، ولا يغلبهن إلاّ لئيم ، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً " .
هذه القصة محورها أن امرأة مسلمة بطلة ، كانت وراء زوجها الذي أصبح من أكابر صحابة رسول الله ، هذه امرأة ، هذه واحدة كألف رجل ، أو ألف امرأة ، وأحيانًا ترى ألفًا كأفٍّ .. ألف امرأة لا يقيم الُله لهن وزناً ، لا شأن لهن عند الله عز وجل .
كل تفكير في أن المرأة دون الرجل تفكير جاهلي ، تفكير غبي ، تفكير أساسه العنصرية، المرأة كالرجل في التكليف والتشريف ، وربما فاقت الرجل ، لا ترَ أنّ ابنتك غير ابنك ، فقد تكون ابنتك أرقى من ابنك ، فعلِّمها ، لأن الزوجة الصالحة لا تُقدر بثمن .

والحمد لله رب العالمين
***


الكتاب: سيرة خمسين صحابي
المؤلف: الدكتور محمد راتب النابسلي
المصدر: الشاملة الذهبية

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 12:26 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com