ولا شك وريب في أن الأصل أن قبر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم هو أولى قبور المؤمنين بالزيارة والسلام ولذلك فمن زار قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم فليحرص على التأدب بآداب الزيارة الشرعية بأن يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدب وصمت خفيض لا يرفع صوته ولا يحدث جلبة ولا يزاحم الناس فإن الله تعالى يقول: إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم [الحجرات:3]. ثم يسلم على صاحبي رسول الله ووزيريه صلى الله عليه وسلم وهما أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضى الله عنهما وأرضاهما, كل ذلك بعبارة موجزة بلا تطويل ولا تمطيط ولا مبالغة , ثم يتوجه إلى القبلة فيستقبلها فيدعو الله لنفسه ولغيره بما شاء وليحذر حينئذ من دعاء غير الله أو الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم أو عرض الحوائج إليه أو طلب الحوائج منه فإنها كما يفعله المبتدعة ومن تبعهم من الجهال, فإن هذا من أقبح ما يمكن أن يرتكب من سوء الأدب مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء لا يجوز إلا لله ولأنه لا يستغاث إلا بالله ولا تعرض الحوائج إلا على الله ولا تطلب إلا من الله كما علمنا بنفسه صلى الله عليه وسلم وكان مشفقا أشد الشفقة من أن يقع أحد من أمته في ذلك ولهذا دعا ربه صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد))(7)[7] ومقصوده صلى الله عليه وسلم هو ما يمكن أن يرتكبه الجهال عند قبره من دعائه والاستغاثة به وعرض الحوائج عليه أو طلب الحوائج منه فإن هذا من الشرك المحبط للعمل الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير وكان يغضب أشد الغضب إذا وقع أحد من أصحابه في ذلك ولو كان جاهلا بحكمه.