"لا توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة !"
وما ذلك إلا لأنّها أمر ذوقي وجداني شعوري، فهي التدفق العاطفي للقلب تعلقا بالمحبوب،
أو كما قال الجنيد في رسمه (ميل القلوب)،
وحيث يميل القلب فإنه لا يجد مشقة في السير، بل إنّما يجد متعة وراحة كما في قول النبي *ﷺ* :
((جعلت قرة عيني في الصلاة))[١] ،
وإنما "قرة العين" كناية عما تسكن إليه النفس، ويطمئن إليه القلب، من أعز ما يحبه الإنسان، كالأبناء والأزواج،
ولذلك قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ** [طه:40]،
وقال سبحانه في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا** [الفرقان:74].
فإذا فقدت النفس قرة العين قلقت وفزعت، تماما كما يحصل للثكلى إذ تفقد ولدها !
فلا قرار لعينها بعد ذلك ولا سكن لقلبها !
هكذا كانت الصلاة عند الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، قرة عين لا يجد راحته إلا في ظلالها، ولا يجد سكينته إلا بين
أحضانها !
[1]: رواه أحمد والنسائي والحاكم، والبيهقي في السنن، والخطيب في التاريخ.
📘جمالية الدين، 🖌د. فريد الأنصاري رحمه الله، 📄ص 140-141