العمر وإن كان في حقيقته رحلة قصيرة..
إلا أنها مليئة بالأحداث والمفاجآت..!
تغص فيه أيامنا بجرعات الألم..
وتغرد أخرى على أغصان الفرح ..
وكما تتلاشى أطياف الطفولة المؤنسة .
ويبقى خيال الذكريات ..
كذلك تجف زهور ربيعه حين يأذن بالرحيل..
ويأتي الخريف فيذري مابقي على أغصانه
من ورق نال منه الشحوب ..
وما يليه من مواسم العمر الذاوية من أعوام ..
تمر كلها ، ولا تنتظر ..
تمضي للفناء ، ولا تقف..
إلا وقفة النهاية عند جسر العبور ..!
اصغي بلحظات الفجر المتفتحة ..إلى صوت أعماقك يهيب بك :
أن انتبهي ..!
فأيامك تتسرب من بين أنامل الزمن ..
وأنت في شاغل عنها ..!
معلقة بالبحث والجري المستمرين ..
لتقرير رغبات ومتطلبات لاتهدأ ، ولا تكف ، ولا تقنع
وأطماع كلما تحققت..تطلعت للمزيد ..
إن استمريت هكذا ..
ستصحين يوماً وقد جفّ رحيق العمر ..
وفاتتك أجمل مواسمه ..
مخلفة بقلبك الوحشة والوحدة والتحسر .
حياتك أثمن ماتملكين ..
فالتفتي إلى استغاثات أنفاسك المكممة في صدرك
وهي تستنجد الانطلاق
اصغي لصوتها المكتوم يناديك :
كفّي عن الجرى واللهاث ..
تروي ودعيني أستريح قليلاً بين أشواط السباق ..!
ارخي لي حبال الهدنة ..
لأتخفف من هذا التوتر والقلق..!
ألأجل حساباتك المادية وزيادة مكتسباتك الدنيوية ..
فقدت لذة الهدوء وتذوق معاني العيش الطيب والصفاء؟!
:
ثوب القناعة أجمل كساء فارتديه ..
وسيري بتؤدة وأناة موازنة بين خطوات طريقك ..
تسعدي ..!
أما الجري الدائم وراء المطامع فلن نكسب من ورائه ..
أكثر مماقُدِّر لك ..
فعلام اللهاث وكل شيء محسوب في علم الغيب ؟!
وعلام الهمّ إن فاتتنا أحدى مكاسب الحياة..؟!
أو خسرنا أحد معاركها ؟!
علام القلق أن نقص مالنا أو خابت بعض آمالنا ؟
ألسنا أحياء أصحاء ندبّ على وجه الأرض ؟!
أليست العافية والرضا أعظم المكاسب ؟!
فلننعم بلباس العافية ..
ولنعش أيامنا بالرضاء القلبي الذي يهبنا السعادة
ويذيقنا مريئاً طعم الهناء !
البعض يغفل عنه حقيقة الفناء ..
ويغيب عنه استحضار الموت للاتعاظ ..
فهو ينكبّ على الدنيا يعبّ منها
ويجمع من متاعها مايفيض على أضعاف حاجته
كأنه مخلد ..!
يعز عليه ضياع أتفه الأشياء ..
ينظر إلى من هو فوقه ويتحسر ..
ويغيظه أنه لايمتلك ما يملأعينيه
ويشبع رغباته من مال أو جاهٍ أو متاع
فتراه يعيش قلقاً متبرماً .. لايهدأ ولا يرتاح له بال !
تضيع أثمن أيامه وهو يجري لاهثاً خلف السراب
قرأت أنه في أحد الأيام..
وكان الوقت يتعثر بين الظلمة والفجر
جاء صياد إلى النهر .. فاصطدم في طريقه بكيس
مملؤ بالحجارة الصغيرة ..
كان ينتظر طلوع الشمس ليصطاد
فجلس بتكاسل وأخذ يرمي مافي الكيس في الماء
حجراً بعد حجر ويعد : واحد ..اثنان .....
أحب قرقعة اصطدام الحجر بالماء..
فواصل الرمي والعد ..
وبعد قليل توضح النهار ببزوغ الشمس..
واستنار الكون ..!
كان الصياد عندها قد رمى كل الحجارة..
ماعدا واحداً بقي يبرق في يديه
وحين أمعن النظر فيه لم يصدق عينيه !
كان يحمل ماسة؟!
لقد رمى كيساً كبيراً مملوءاً بالماس في النهر
فأخذ يبكي ويتحسر ..
كيف أضاع ثروة كبيرة في الظلام..!
وأشقاه ماضاع ..عن تذوق الفرحة بالذي بقي بين يديه..
:
الحياة كنز دفين ونحن نضيعها في الظلام
ونرمي أعوامنا الثمينة ..
كما ترمى حبات الماس في النهر..
دون ان نفطن ..!
لنخرج من جحور الحزن ..
ولنضع حداً لشكاوينا المزمنة
ولنأخذ من أيامنا ونعطيها ..
نتعب حيناً.. ونستريح لنعطي لأنفسنا حقها..
ونترك التبرم الدائم ونتبنى القناعة والرضا.
نحن بحاجة إلى رحلةٍ يقظة إلى أرضٍ نمرُّ بها :
بأطفال بلا أم يتلقفهم الحرمان ..
فنضمهم بأذرع الحنان ..
:
بجائعين بلا خبز..
فنطعمهم ..!
:
بمرضى بلا امل في الشفاء ..
فندعو لهم ، ونواسيهم ، ونشاركهم بأحاسيسنا ..
:
بمظلومين قابعين في غياهب السجون ..
فنسأل الله أن يفرج عنهم ويفك ضيقهم ..
:
لننظر إلى هؤلاء وغيرهم ..
لنعرف معنى الحاجة الحقيقية...!
وندرك مقدار المعاناة عند البشر ..
فنحمدالله وندرك أننا بخير..
وأننا محاطين بنعم الله وفضله..
فيزيد تقديرنا لقيمة الحياة .. ..
ويستقر في نفوسنا أن القناعة كنز لايفنى ..
وأيامنا أثمن من أن نهدرها..
واجمل لكي نعيشها بحق..!
فنتخفف من ممارسة ضغط الأعصاب
ونكف عن الشكوى التي لاتنتهي ..!
والحزن الذي يتوالد ويتكاثر في داخلنا
ودون أن ننتبه نجد أنفسنا في النهاية
غارقين في مستنقع الشقاء ..!
نحن نعيش مرة واحدة..!
فلنجعل لحياتنا معنى وقيمة كما أراد الله لنا..
لنستمتع بمباهجها الحلال دون إسراف ..
ونحوز منها دون جشع ..
ونعطي دون حساب الربح والخسارة
مادام العطاء يراد به وجه الله ..
فذلك مردوده الرضا الباطني والسعادة القلبية
لنزرع في الأرض ورده
وعلى الشفاه ابتسامة
وفي القلوب فرحة ..
ستكون حياتنا أجمل ..
وشمسنا أرق وأبهج ..
وقلوبنا أسلم وادفأ..
فقط لنتعلم كيف نعيش بقدر أقل من الطمع
وأكثر من القناعة
وأكرم في العطاء
هكذا ستكون أيامنا مثل النهر المتدفق
يغتني بالمطر
ويورث الأرض الخصب والنماء حيثما سار.
القناعة ، الطمع )،(الأخذ ، العطاء )
(الرضا ، السخط )، ( الاعتدال ، الاندفاع )
مسميات متضادة..
بعضها تؤثر على حياتنا سلباً وبعضها إيجاباً
شاركي برأي ..بتجربة ..
بقناعتك وإيمانك وتبنيك ..
أحد هذه الخيارات..
منقول للفائدة