موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > ساحة مواضيع الرقية الشرعية والأمراض الروحية ( للمطالعة فقط ) > العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 12-09-2006, 11:45 PM   #1
معلومات العضو
أزف الرحيل
إشراقة إدارة متجددة

Thumbs up ( && بيان بالأدلة الشرعية الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية && ) !!!

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وعلى مَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ..


أما بعد :
فإنَّ مِمَّا أُهْمِلَ نقدُه والنظرُ فيه في وقتنا أخذ الْجُعْل على الرقية الشرعيـة لاَسِيَّما وأنه ظهر وكَـثُر حتى صار حرفةً لِكسب المال بغير حقّ ، كما أنَّ احتراف ذلك هوّن شأن العُصَاة وبغضهم مما لا قوام للدين إلا به ؛ فالراقي يرقي مَن هبَّ ودَبَّ لأنَّ مدارَ القضية على التكسُّب ، وإنَّ ذلك وإنِ اتُّخِذَ عادةً إلاَّ أنَّ الشَّرْعَ حاكم على عوائد الناس وجميع أمورهم .
ونَظراً لأَنَّ موضوعَ التكسُّب بالرقية الشرعية والتلاعب بها قد كثر في زماننا بصورة لَم يحصل لها مثيلٌ مِن قَبْل فقد جاء هذا الكتاب بحمد الله تعالى موضِّحاً خطورة ذلك ومُبيِّناً مظاهرَه وأسبابه وما يتعلق به من مواضيع ، وكاشفاً ما يدور حوله من شُبهات .
ولأَنَّ التكسُّب بالرُّقى ونحوها تكسُّب بذكر الله الذي هو القرآن وغيره فقد كان من المناسب بيان وجوب تعظيم واحترام ذكر الله تعالى وبيان بعض أسباب ومظاهِر الاستهانة به في زماننا مِمَّا كثر بصورة مخيفة لَمْ يحصل مثلها ولا مايُشابهها من قَبل ، وهذا هو موضوع القسم الثاني من الكتاب ؛ واللَّهَ نسأل أن ينفع به المسلمين ، وأن يجعله حُجَّةً لنا لا علينا يوم الدين ؛ والحمد لله ربِّ العالمين .




بيان بالأدلة الشرعية الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية:





◙ أحاديث ( اللديغ ) .. والجعالة على شرط الشفاء .
◙ الْمُحترفـون ! .
◙ القرآن والدين ليس حرفة للتكَسُّب ، وأخذ الأجرة على الرقية يورث تمني
مرض المسلمين .
◙ الخلوة بالنساء دون مَحْرَم .
◙ رُقية مَن ظاهره الفجور مِن علامات تلاعب الرقاة ( التجاريين ) بالدِّين .
◙ مِن علاماتِ الرُّقاةِ ( التجاريين ) عدم أمرِ المريضِ بالمعروفِ ونهيهِ عنِ المنكر .
◙ مَوَانع تأثيـر الرقى والأذكار .
◙ إقراراتٌ من كلام ( الجن ) و ( الشياطين ) تبين بعض العقوبات المعجلة على
الذنوب والمعاصي .
◙ مَقمَعَة الشيطان ! .
◙ كَلامٌ غير حضاري ! .
◙ الصَّرْع الأصغر والأكبر ! .
◙ رُقاة مِمَّن هَبَّ ودَبّ ! .
◙ قـُوُت الشيطان في القلب .
◙ حَلُّ السِّحْر بِسِحْرٍ مِثْلِهِ .



بسم الله الرحمن الرحيم

إِحْـذَرْ رُقـاةَ زَمَانِـنَـا إنْ يَطْـلُـبُـوا لَيْسَتْ تَـحِـلُّ لَهُـمْ وَأنْتَ تَظُـنُّـهَـا لاَ تُخْـدَعَـنَّ فَإِنَّـهُـمْ لَيْسُـوا عَـلَـى كَلاَّ وَلاَ الصَّحْـبِ الكِـرَامِ جَمِيـعِـهِـمْ مَـا قَـارِيءٌ جَـعَـلَ القِـرَاءَةَ حِـرْفَـةً لاَ يَسْتَحِـقُّ عَـلَـى القِرَاءَةِ دِرْهَـمـاً مَا هَؤُلاَءِ سِوَى التِّجَارَةِ يَمَّـمُـوا وَبِنَفْخَةٍ كَسَـبُوا الدَّرَاهِمَ دُونَمَا والدِّينُ لَيْسَ بِحِرْفَةٍ وَصِنَاعَـةٍ أَوْرَاقُهُمْ كَتَبُوا بِهَا وَتَعَلَّقَتْ وَتَـرَاهُمُـو فِي نَـفْـثِـهِـمْ وَهَدِيرِهِـمْ وَعيُونُـهُـمْ نَحْـوَ الْجُيُـوبِ تَوَجَّـهَـتْ وَدُعَاءُ بَعْضِهِمُو : « إلَهِي أَنْزِلَنْ فَيَزِيدَ مَالِـي إذْ سَـعَـيْـتُ بِجَـمْـعِـهِ مَـا حُـجَّـةٌ لِرُقَـاتِـنَـا إنْ جُـوُدِلُـوا مَـا فِـي ( اللَّدِيـغِ ) لَهُمْ دَلِيـلٌ ، إِنَّمَا البَـعْـضُ مُـغْـتَـرٌّ وَذَا تَـنْـبِـيهُـنَـا ظَنَّ الْحَدِيثَ مُسَوِّغـاً أَفْـعَالَـهُ كَلاَّ فَلَيْسَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةٌ أُنْظُـرْ كِـتَـاباً فِي ( الرُّقَـى ) تَـفْصِيلُـهُ وَالبَـعْضُ يَـرْقِـي كُلَّ مَـن يَـبْـذُل لَـهُ وَالْبَعْـضُ يَـخْـلُـو بِالنِّـسَـاءِ ، وَثَالِثٌ يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ( مُحَمَّدٍ ) . مِنْـكَ الدَّرَاهِـمَ حِـيـلَـةُ الْمُحْـتَـالِ حَـقـًّا لَهُـمْ فَـتَـجُـودُ بِالأمْـوَالِ هَـدْيِ الرَّسُـولِ بِـفَـاسِـدِ الأَحْـوَالِ حَـاشَـاهُـمُـو مِـنْ سَـيِّءِ الأَعْمَـالِ إلاَّ لِـيَرْبَـحَ وَهْوَ كَالْبَـطَّـالِ وَأَرَاكَ تُـعْطِيـهِ بِلاَ إِقْلاَلِ بِوَسِيـلَــةٍ كَوَسَـائِـلِ الأنـْذَالِ تَعَبٍ وَغَرُّوا سَائِرَ الْجُهَّالِ حَـتَّـى يُبَاع كَسَائِـرِ الأشْغَـالِ هِمَمُ الرُّقَاةِ بِصَـفْـقَـةِ الأَمْوَالِ يَـتَـرَّقَّـبُـونَ زِيَادَةً لِـنَـوَالِ يَجْـبُـونَ بِالـنَّـفَـثَـاتِ أَلْـفَ رِيَـالِ مَرَضـاً يَـعُـمُّ لَيَكْـثُـرُوا نُـزَّالِي بِوَسِيلَـةٍ هَانَـتْ عَـلَى أَمْـثَـالِـي » إلاَّ ( اللَّدِيـغُ ) وَخَـيْـبَــةُ الآمَــالِ هُوَ ضِدُّهُـمْ فِي سَائِرِ الأحْوَالِ لِيَتُوبَ عَمَّا سَاءَ مِنْ أَعْمَالِ وَأَحَقُّ أَجْرٍ رُقْيَةٌ بِالْمَالِ وَالظَّنُّ لَيْسَ مُسَوِّغَ الإِضْلاَلِ يَكْفِيكَ لَسْتَ بِحَاجَةٍ لِسُؤَالِ (1) لَوْ كَانَ شِرِّيـراً مِنَ الأنْذَالِ شَيطَـانُ خَـلْـوَتِـهِـمْ وَلَـيْسَ يُبَالِـي مـَادَامَ أَيّـَامٌ وَدَامَ لَـيَـالِـي . ....................................... المؤلـِّف ،،


أحاديـث اللديـغ .. والْـجَـعَـالـة عـلـى شَـرْط الـشـفـاء
إنَّ أعظمَ ما يحتج به مَن جعل ذلك له صنعةً ومَجْلبـةَ مـالٍ لا تَعَب فيه ولا نَصَبَ حديث قصـة " اللديـغ " الذي رُقي بسورة الفاتحـة فشُفـي ، ففي « الصحيحين » عن أبي سعيد الخدري  أن رهطاً من أصحاب رسول الله  انطلقوا في سفْرَةٍ سافروها حتى نزلوا بحيٍّ من أحياء العرب فاستضافوهم ، فأبَوْا أن يضيِّفوهم ، فلَدُغ سيِّد ذلك الحيِّ ، فسعَوْا له بكل شيء ، لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : " لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء " .
فأتوْهم فقالوا : " يا أيها الرهـط .. إنَّ سَيِّدنا لُدِغ فسعَيْنا له بكل شيء ، لا ينفعه شيء ، فهل عند أحد منكم شيء ؟! " .
فقال بعضهم : ( نعم ، واللهِ إني لَرَاقٍ ، ولكن واللهِ لقد استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلاً ) ، فصالحوهم على قطيعٍ من الغَنَم ، فانطلق فَجَعَل يتفل ويقرأ :  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  حتى لكأنما نَشِطَ من عِقَال ، فانطلق يمشي ما به قَلَبَة (1) ، قال : فأوْفوْهُم جُعلَهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله





 فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا ، فَقَدِموا على رسـولِ الله  فذكروا لـه ، فقال : ( وما يُدريك أنها رُقيـة ! ، أصَبتم ، اقسموا ، واضربوا لي معكم بسَهم ) (1) .
وأخرج البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نفراً من أصحاب النبي  مرُّوا بماءٍ فيهم لديغ أو سَلِيم ، فعرَض لهم رجلٌ من أهل المـاء ، فقال : " هل فيكم من راقٍ ، إن في الماء رجلاً لديغـاً أو سليماً ؟! " ، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ ، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابـه ، فكرهوا ذلك وقالوا : ( أخَـذْتَ على كتابِ اللهِ أجراً ! ) ، حتى قَدِموا " المدينـة " فقالوا : ( يا رسول الله .. أخَذَ على كتاب الله أجراً ! ) ، فقال رسول الله  : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) (2) .
وبعض الناس يفهم أن أخذ الأجر أو الْجُعل على إطلاقه ، وهذا خطأ ظاهـر ، قال شيخ الإسلام ابن تيميـة ~ لَمَّا ذَكَر قولـه  : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) ؛ قال : ( وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة ) انتهى (3) ، وقـال - أيضاً - : ( فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة ) انتهى (4) ، يعني أن الْجُعْل - وهو الأجرة - إنما هو على شرط

الْمُـحتـرفـون !
أمَّا ما يفعله المحترفون لهذا الأمر في وقتنا فهو خلاف ما تقدَّم بيانه ، فهم يأخذون الأجر على التلاوة ، سواء كان ذلك بمباشرة النَّفْثِ على المريض أو النفث في أدوية يُغالون في ثَمَنِها لأجل نفْثهم وقراءتهم فيها ، فيكون ما زاد على ثمنها الأصلي من أجل ذلك ! ، وقد يكتبون الرُّقَى في قراطيس يبيعونها على المريض بأثمانٍ باهظة ! ؛ وهذا كله وما شابهه لا تدل عليه قصة الحديثين حيث إنَّ الْجُعل يُدفع للراقي بعـد شفـاءِ المريض ، وهذا ظاهر هذه الأحاديث حيث جَرَت الرقية على مقتضى المشارطة على الشفاء ، فأين هذا من فعل هؤلاء الذين يأخذون المال دون شرط الشفاء ؟! ، ولو كانت ريالاً أو ريالين - مثلاً - لَهَانَ الْخَطْب ولكنها أموال باهظة يأخذونها بالباطل ! ؛ وسيأتِي - إن شاء الله تعالَى - بيان أنه لا يُشترط ثَمَن ولا على شرط الشفاء إلاَّ في مثل هذه الحالـة الاستثنائية ، ولذلك لا يُعهد عن الصحابـة  ولا العلماء بعدهم أخذ الأجرة على الرقية بهذه الكيفية التي يفعلها أهل الوقت .
وقد بلغني أن بعضهم يأخـذ ( خمسمائـة ) ريالٍ مقابل ورقة يكتبهـا لا تساوي رُبعَ ريال ! ، وبعضهم يصفّ أوانِي الْمَاء ، ثم ينفخ عليها نفْخةً ، ثم يبيعها بأغلى من ثمنها وكأنه عيسى - عليه السلام - الذي يُبرئ الأكْمَهَ


والأبرصَ - بإذن الله - ! .
وبعضهم قد جعَل لِمَحَلِّه بوَّاباً أجنبياً يأخذ ممن يريد الدخول على هذا الراقي خمسة ريالات ( رَسْم الدخول ! ) ، وهذا ليس أجرة الرقية ، فتلك شيء آخر ! .
وبعضهم يَنفُث في ماء مخلوط بزعفران ، ثم يأتي برزمة أوراق فَـيُدْخِل عُوداً في الزعفران ، فيخط في كل ورقة خطوطاً ليس فيها حرفاً واحداً ويضع الورقة في الظرف ويبيعها وتباع لـه ! ، بل وبعضهم يأتي بورقة طويلة بطول القامة ، ثُم يكتب فيها بعض الآيات ويسميها " البـَدن " ، ثم يجعل قيمتها ثمانمائة وخمسين ريالاً ! ؛ وهذا كله من أكل أموال الناس بالباطل تحيّـلاً بالدِّين بلا شرط على الشفـاء مُسَبَّق - كما في الحديثين المتقدِّمَين - ؛ فتأمَّل ! .


الـقـرآن والـدِّيـن لـيـس حـرفـة للتـكَـسُّـب
وأخـذ الأجـرة عـلى الـرقـيـة يـورث تـمـنـِّي مـرض المـسـلـمـيـن




وليعلم كل مَن جعل القرآن الكريم وعِلم الدِّين حِرْفَـةً له ومصدرَ رِزقٍ أنه مُخَالف لسلف هذه الأمة المقتدى بهم ، لأن قدوتهم في ذلك الأنبيـاء والمرسليـن - عليهم الصلاة والسلام - الذين أخبر الله عنهم أنهم لا يسألون الناس أجراً على تبليغ دين ربهـم ، ونُصْرَتِه ، ونفعهمُ الناسَ في ذلك ؛ حيث قال - سبحانه وبحمده - على لسان رسوله الكريم ( نـوح ) - عليه السـلام - :  وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ  (1) ، وقال - سبحانـه - على لسان ( هود ) - عليه السلام - :  يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْـراً إِنْ أَجْـرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُـونَ  (2) ، وقال على لسان ( صالح ) - عليه السلام - :  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ  (3) ، وكذلك قـال على لسان ( لـوط ) (4) و ( شعيب ) (5) - عليهما السلام - ؛


وهكذا جميع رُسُل اللهِ تعالى - عليهم الصلاة والسلام - ، فهم لا يسألون الناس جُعـلاً ولا أجـراً على دعوتهم ونفعهم وإنقاذهم من النـار - بإذن الله - ، بل لا يرجون الثواب والأجر إلا من اللهِ أكرم الأكرمين - سبحانه وبحمده - .
وتأمل ما فعَلَه العبد الصالح ( حَبيب النجار ) حينما جاء من أقصى بلده يشتد في السعي نحو قومه يدعوهم إلى اتباع مَن لا يسألهم جُعلاً ولا أجراً - وهم رُسُل الله - حيث قال الله - تبارك وتعالى - عنه :  وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ۞ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ  (1) .
وقال ابن كثير ~ على قول الله تعالى :  أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  (2) ، قال : ( قال « الْحَسَن » " أجراً " ، وقـال « قتادة » " جُعْلاً " ،  فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ  أي أنت لا تسألهم أُجرةً ولا جُعْلاً ولا شيئـاً على دعوتك إياهم إلى الهـدى ، بل أنت في ذلك تحتسب عند الله جزيل ثوابه كما قال :  قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ  (3) ، وقال :  قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ  (4) ) انتهى (5) ؛ فهذه هي حال الأنبياء والمرسلين في خدمتهم الدِّين ودعوتهم إليه حيث لايبتغون على ذلك الأجرَ إلاَّ من الله - تعالى - ، لكن انظر اليوم إلى الدِّين وقد اتُّخِذ حِرفةً وتجارة في كل المجالات ، حيث أصبح طَلَب العلم والإمامة والأذان والرقيـة وغير ذلك من أكبر ما يتنافس فيه المتنافسون اليوم لطلب الدنيا والحصول على المال ! .
وقد جاء في الحديث الصحيح الوعيد الشديد فيمن طَلَب العلمَ للدنيا بأنه لَم يَجِد ريحَ الجنةِ يوم القيامة فضلاً عن أن يدخلها ! ، فَعَن « أبي هريرة »  أنَّ رسول الله  قـال : ( مَن تعلَّم عِلْماً مِمَّـا يُبتَغَى به وَجهُ اللهِ - عزَّ وَجَلَّ - لاَ يَتعلمه إلاَّ ليصِيبَ به عَرَضاً من الدنيا لَمْ يجد عُرْفَ الجنةِ يوم القيامة - يعني ريحها - ) (1) .
وكذلك الأذان حيث جاء النهيُ عن اتخـاذ مؤذناً يأخذ على أذانه أجراً ، فعَن « عثمان بن أبي العاص »  قال : قلت : " يا رسول الله .. علِّمني القرآنَ واجعلني إمامَ قومي " ؛ قال : فقال  : ( أنتَ إمامهم واقتدِ بأضعفهم ، واتَّخِذ مُؤَذِّناً لاَ يأخُذ على أذانه أجراً ) (2) .
وفي رواية أخرى عن « عثمان بن أبي العاص » أنه قال : ( إنَّ آخر ما عَهِد إلينا رسول الله  أنْ أتَّخِذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجْراً ) (1) .
فإذا كان هذا في الأذان فما بالك بالإمامة حيث هي أولى بالتحذير من أن يُتخذ عليها أجراً ! .
وقد قال أمير المؤمنين في الحديث « سفيان الثوري » (2) لرجل ضَرِير كان يجالسه فإذا كان شهر رمضان يخرج إلى " السَّواد " فيصلي بالناس ، فَـيُكْسَى ويُعْطَى ، فقال سُفيان : ( إذا كان يوم القيامة أُثِيبَ أهلُ القرآنِ مِن قراءتهم ، ويُقال لِمِثْل هذا : " قد تعجَّلت ثوابك في الدنيا " ) ، فقال : يا أبا عبد الله .. تقول لي هذا وأنا جليسك ؟! ، فقال « سفيان » : ( أخاف أن يقال لي يوم القيامة كان هذا جليسك أفَلاَ نَصَحتَه ؟! ) انتهى (3) .
إنَّ الفاسق وحتى الكافر إذا رأى مَن يتديَّن وقد اتخذ الدِّينَ بضاعةً وتجارةً
وحِرْفةً - كما هو حاصل اليوم في كل المجالات ؛ لكن الكلام هنا على التكسب بالرقى- فإنه يظن أنَّ هؤلاء يمثلون حقيقة الدين ، وأن السلف على هذه السيرة ؛ فقد يزهد فيه أو يقتدي بهؤلاء فيسلك طريقَ كَسْبِ الدنيا بالدين بلا عناءٍ كَمَا قال أبو سفيان « صالح بن مهران » ~ : ( وضَعوا مفاتيحَ الدنيا على الدنيا فلم تنفتح ، فوضعوا عليها مفاتيح الآخرة فانفتَحَت ! ) (1) .
وقد سُئل « عبدُ الله بن المبارك » عن سَفَلة الناس ؟! ، فقال : ( الذي يأكل بدِينِه ! ) (2) .
وقال « سفيان الثوري » ~ : ( إنَّ أقبحَ الرغبة أن تطلب الدنيا بعمل الآخرة ) انتهى (3) .
ولا شك أنه من الإساءة للدِّين وتشويه حُسْنِهِ وجَمَالِهِ أنْ يكون وسيلةً للتعـيُّش والكسُّب ، وإنما منَّ الله على عبادِهِ بإنزال هذا القرآن والحكمة غذاءً للقلوب ونعيماً للأرواح وليسعد المهتدي بذلك في الدنيا بالحياة الطبية ، قال تعالى :  فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  (4) ، وفي الآخرة رضوان الله والنعيم المقيم .
ومع هذا فأخْذ الأجرة على الرقية بشرط الشفاء يعني أن لا يأخذ شيئاً إلاَّ إذا شُفِيَ المريض أو المصروع ، ولا يكون ذلك حِرفةً وتكسُّباً - كما يُفعل في وقتنا - ، ولا بهذا التخليط والتلاعب الحاصل في كل بلد ، فهذا أهون .
فمثلاً لو أُعطي شيئاً بعد الشفاء بلا استشْراف نَفْس ولَم يكن قد اتخذ ذلك حرفةً ومصدرَ رِزقٍ فهذا شيءٌ آخر ، لكن الذي كَـثُر في وقتنا في كلّ بَلَدٍ مِمَّن هَبَّ ودَبَّ ليس كذلك ، فهذا التفصيل يزيل الإشكال .
ولَمَّا صارَت الرقية في زماننا حِرفةَ تكسُّبٍ كثُر الرقاة ممن لا ينتقدون أنفسهم وأنهم ليسوا بأهلٍ لذلك ، ولَم يكن يرقي في الماضي إلاَّ مَن هم أهل لذلك من أهل الدِّين والصَّلاح .
وهناك مَن يرقي ولا يأخذ على الرقية أجراً ولكنه لا يفرِّق فَرْقاً دينياً بين الْمُطِيع لله والعاصي ، فيسأل اللـهَ الشفاءَ للكلِّ ! ، مع أنَّ هذا يستعمل صحة بدنه بطاعة ربه ، والأخر يستعمل ذلك بطاعة الشيطان ؛ فهذه إعانة للعاصي على معصيته وإن لَم يشعر الراقي ، فأين المعاداة في الله ؟! .
وهذا التكسُّب والتحيُّل لَم يكن معروفاً إلاَّ في وقتنا هذا لَمَّا صار الدِّين حِرفةً في الصلاة والأذان والتعليم ، وغير ذلك ! .
مسألة مهمة حول أحاديث اللديغ ، وأخذ الأجرة على تغسيل الموتى :
ومعلومٌ أن المريضَ أو مَن يقوم عليه يتشبث بأيِّ شيء يظن فيه شفاءه فيبذل ما يُطلب منه ولو كان فقيراً ، وهذا هو الحاصل ، وقد نُزِعَت - والعياذ بالله - الرحمةُ والشفقةُ من قلوب بعضهم على المسلمين حتى إنه يتمنى أن تكثر الأمراض فيهم ليزداد ربحه ويفرح بكثرة الزبائن ! ، فتبين بما تقدم أنه على تقدير أخذ مقابل للرقية فيكون هذا عن مشارطة مُسَبَّقة على الشفاء ، فالأحاديث التي يحتجون بها حجة عليهم ، وقد تقدم ذكرها في أول الكتـاب ، وهي أحاديث « اللَّدِيغ » ، وإنما جعل الله ذلك للصحابة سبباً لأخذ حقهم من القِرَى الذي منعه هؤلاء اللئام ، فالأصل عدم أخذ أجرة على الرقية حتى مع حصول الشفاء - بإذن الله - ، لأن ذلك قُربة لله ، وهو من حق المسلم على أخيه المسلم ، فهو من أعمال البِرِّ كتغسيل الميت - مَثَـلاً - .
قال أبو طالب : سألتُ أبا عبد الله « يعني الإمام أحمد بن حنبل » عن الرجل يغسِّل الميت بِكِراء ؟! - أي بأُجْرَة - ، فقال : ( بِكراءٍ !! ) ، واستعظم ذلك ، قلتُ : يقول : " أنا فقير " ؛ فقال : ( هذا كَسْب سُوء ! ) ؛ قال ابن تيميه - معلقاً على ذلك - : ( وَوَجْه هذا أنَّ تغسيل الموتى من أعمال البِرِّ ، والتكسُّب بذلك يُورِث تَمَنِّي موت المسلمين ! ، فيشبه الاحتكار ) انتهى (1) .
فأخْذُ الأجرة على الرقية بشرط الشفاء هو من هذا الباب ، لأن التكسُّب بذلك يُورث تَمَنيِّ مرض المسلمين وصرْعِهم ، بل الرقية أعظم لأنها أخذ ثمن على القرآن والذكر ، وقد ورد النهي عن ذلك عموماً - كما تقدَّم ذِكرُ الأدلةِ في ذلك - ، وقد قال « مُطرف بن عبد الله » ~ : ( إنَّ أقبحَ ما طُلبت به الدنيا عمل الآخرة ) انتهى (2) .
وإذا كان أخذ الأجرِ على شَرْط الشفاء هكذا ، فكيف بما يُفعل اليوم من التكسُّب والمتاجرة دون شرط الشفاء ! .
أما الصحابة  فحاشاهم من مثل هذه الأفعال ولا بشرط الشفاء فضلاً عن مثل ما يُفعل في زماننا .
أمَّا قصة الرقية بالفاتحة على « اللديغ » فهي موضَّحة في الحديث حيث قال أحد الصحابة لَمَّا طلبوا منهم الرقية ، قال : ( نَعَم واللهِ إنِّي لأَرْقِي ، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا بِرَاقٍ حتى تجعلوا لنا جُعْلاً ) ، فصالَحُوهم على قطيعٍ من الغنم (1) .
فقوله : ( ولكن استضفناكم فلم تضيفونا ) يُبين عِلَّةَ أخْذِ الْجُعل ، ومعناه أنكم لِئام ولكن الله سَـيُخرج حقنا منكم بتسليط العقرب على سيدكم ؛ وقد ذكر ابن القيم ~ أنهم غير مسلمين ، أو أهلُ بُخلٍ ولُؤم (2) .
ففي القصة عِلَّة وسَبب أخْذِ الأجرة ؛ وفيها بيانُ شرط الشفاء حيث قال : ( فانطلق يمشي وما به قلَبَة ) ، قال : ( فأوْفَوْهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ) ؛ وفيها - أيضاً - أنه من الْمُتقرِّر عند الصحابة  أنـه لا تؤخذ أجرة على الرقية ، لذلك عَلَّلوُا أخذَ الأجرة بأنهم لَم يُضيفوهم .
يوضِّح ذلك - أيضاً - ما جاء في « الصحيحين » من حديث « عقبة بن عامر »  قال : قلتُ للنبي  : إنك تبعثنا فننْزِل بقومٍ فلا يُقْرُوننا - أيْ يُضيِّفوننا - ، فما ترى ؟! ؛ فقال لنا رسول الله  : ( إنْ نزلتم بقومٍ فأمَرُوا لكم بما ينبغي للضيف فاقْبَلوا ، فإن لَم يفعلوا فَخُذوا منهم حقَّ الضيف الذي ينبغي لهم ) (1) ؛ وقد أخرجه « أبو داود » (2) وقال : ( وهذه حُجة للرجُل يأخذ الشيءَ إذا كان له حَقاً ) انتهى ؛ فكل ما ورد في حديث الرقية الذي يحتج به أكَلَةُ أموالِ الناسِ بالباطل حجة عليهم .
فكيف يَحتجّ أهلُ الوقتِ على ما هو حجة عليهم ؟! ، ولذلك فلا يُعهد عن الصحابة  أخْذ الأجرة على الرقية ولا بشرط الشفاء غير هذه الحالة الاستثنائية ؛ فتأمَّل .
ولهذا فلم يكن أخذ الأجرة على الرقية حِرْفَـةً لهم ولا للتابعين ولا لِمَن يُعتدّ بهم من الأئمة والعلماء بعدهم ، وإنما المعروف عنهم أنهم يَرْقون مَن طلب منهم ذلك من إخوانهم الصالحين دون ثَمَن ، لأنَّ النبي  يقول في شأن الرقية : ( مَنِ استطاعَ منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) حيث أخرج مسلمٌ (3) وغيره (4) عن « جابر بن عبد الله »  قال : كان لي خال يرقى من العقرب ، فنهى رسول الله  عن الرُّقى ، قال : فأتاه ، فقال : يا رسول الله .. إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب ، فقال  : ( مَنِ استطاع منكم أنْ ينفعَ أخاه فليفعل ) .
وحيث إنه قد تبين أن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من الأئمة والعلماء لَم يكونوا يأخذون أجرةً على دينهم ونفعهم الناس اقتداءً منهم بأنبياء الله تعالى ورُسُله - عليهم الصلاة والسلام - ، فكذلك يجب على الرُّقاة المعالجين بكتاب الله - تعالى - وغيرهم أن لا يتاجروا بدِينه - سبحانه - ويشتروا به ثمناً قليلاً كما يفعله كثير منهم اليوم بالرقية على مَن هبَّ ودبَّ وأخْذ الأجرة على ذلك .
زيـادة توضيح وبيـان لِما تقـدم ذِكره من قول النبي  : ( إنَّ أحـقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) :
لقد قال النبي  ذلك حينما أخبره أولئك الصحابة  بِمَا جرى مِن مُشَارَطَتِهم للقوم على شِفاء سيِّدِهم ، وليس هذا مُطْلقاً ، بل هو بيانٌ لِهذا الحاصل بخصوصه .
ويوضِّح ذلك توقُّفُهم عن قسمة الْجُعْل وارتيابهم مِمَّا حصَل حيث قالوا لصاحبهم : ( أخَذْتَ على كتابِ الله أجْـراً ! ) ؛ فالْمُتقرِّر عندهم  أنه لا يُؤْخَذ على كتاب الله أجراً ، وإنما أخبرهم النبي  أنَّ ذلك حَلاَلٌ لهم بهذه المشارطة وحصول الشفاء ، وقد حصَل .
فهي إذاً مسألة عينية خاصَّة ، وإلا فلو كان ذلك عامًّا لفعَلَه الصحابة والسلف بل ولتنافسوا عليه لأنَّ صورةَ كلامِهِ  لو كانَ عامًّا مُطْلقاً لكان معناه الإغراء والمدح لأخْذِ الأجرة على كتاب الله تعالى ؛ ولو أخَذْنا بفهم البعض للحديث بأنه عامٌّ مُطلَق لأصبح كتاب الله - عزَّ وَجَلَّ- بضاعةً وحِرفةً للتكسُّب - والعياذ بالله - ، وهذا خِلاف ما أُنزل من أجله وهو أن يهتدي به الناس إلى الله تعالى والـدَّار الآخرة لأنه شِفـاء للقلوب بالقصد الأول ، وشفاءٌ - أيضاً - للأبدان بغير أجْرة ولا أثمان .
وقد تقدم بيان ذلك .
كَمَا تقدم قول النبي  لـ « عثمان بن أبي العاص »  : ( واتَّخِذ مؤذناً لاَ يأخذ على أذانه أجراً ) ، فإذا كانَ هذا في الأذان - وهو أقلُّ شأناً من القرآن - فما بَالُكَ بِشَنَاعة الْمُتَاجَرة بالقرآن وأخْذِ الأُجْرة عليه ؟! .
وإذا كان « الفُضَيل بن عِياض » ~ لَمَّا رأى من بعض التابعين كثرةَ تلاوة القرآن قال : ( إنَّما نزَل القرآن لِـيُعمل به فاتَّخذتم تلاوته عَمَلاً ) فقيل له : كيف العمل بـه ؟! ؛ فقال : ( لِيحلُّوا حلالَه ، ويُحرِّموا حرامه ، ويأتمروا بأوامره ، وينتهوا عن نواهيـه ، ويقفوا عند عجائبه ) انتهى (1) ، فهو ~ خاف انصراف الهِمَم إلى كثرة التلاوة مع التهاون بالعمـل ، فكيف إذاً لو رأى المحترفين بالقرآن في وقتِنا المتاجرين به ؟! .
ومُلخَّص المسألة أنَّ مَن جعَل قول النبي  : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) عامًّا مُطْلَقـاً فإنه مُخَالِف لِمُراد الله من إنزال القرآن ، ومُحتـال بالدِّين على الدنيـا ، وصارف مرادَ رسول الله  لِهَواهُ ومُـراده - والعياذ بالله - .

الـخـلـوة بالـنـسـاء دون مَـحْـرَم

وبعضُ هـؤلاءِ الرُّقـاة يَخلو بالمـرأة دُونَ مَحْـرَمٍ ، فهؤلاء يزيدون العِلّـَة ! .
ولقد أصبحنا نسمع عن بعضهم شيئاً مُخيفاً ، حيث ذُكِر لنا عن بعضهم بأنه يتلمَّس أثداء المرأة وحتى فرْجها بدعوى رقية الألَم وملاحقة الجانِّ ! ، بل إنَّ بعضَ النساء تتحدَّث بأن ذلك جرى معها وتشكو منه ؛ وهذا واللهِ مُنكَرٌ فظيع ، ومَن يفعله فلا شك في خُبثه وسوء طويته .
وقد جاء في « الصحيحين » عن « عبد الله بن عباس »  أنه سمع النبِيَّ  يخطب .. يقول : ( لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ إلاَّ ومعها ذو مَحْرم ، ولاَ تسافر المرأة إلاَّ مَع ذي مَحْـرَم ) ، فقام رجلٌ فقال : يا رسول الله .. إنَّ امرأتي خَرجَت حاجَّة ، وأني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال  : ( انطَلِق فَحُجَّ مع امرأتك ) (1) .
وفي « الصحيحين » - أيضاً - عن « عقبة بن عامر »  أنَّ رسول الله  قال : ( إياكُمْ والدخول على النسـاء ) ، فقال رجل من الأنصـار : يا رسول الله ، أفَرَأيت الحمو ؟! ) ، فقال النبي  : ( الحمو : الموت ! ) (1) ؛ قال « النـَّووي » : ( [ الحمُو ] قريب الزوْج كأخِيه وابنِ أخيهِ وابنِ عَمِّهِ ) انتهى (2) .
وذكَر ~ في معنى ذلك بـ ( أنَّ الخوفَ منه أكثر من غيـره ، والشرّ يُتوقع منه ، والفتنة أكثر ، لتمكُّنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنكر عليه بخلاف الأجنبِى ) انتهى (3) .
وكذلك الأمر بالنسبة للراقي فإنَّ الخوفَ منه أكثر من غيره ، والشرّ يُتوقع منه ، والفتنة أكثر ، لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنكَر عليه لأنه محل ثقة الناس كونه متديِّناً يرقي بكتاب الله - تعالى - .
وعلى ذلك فليحذر الراقي من الخلوة بالمرأة الأجنبية ، ولتحذر المرأة من ذلك ، وليحذر أهلها من أن يتركوها من غير مَحْرم عند الرجل الأجنبي مهما بلغ دِينه فإنَّ الشيطان  يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ  (4) ، ولا شيء عنده أفضل مِن أنْ يَخلو الرجلُ بامرأة من غير ذي محرم ، وقد جاء في الحديث الصحيح عن « عُمر بن الخطاب »  أنَّ رسول الله  قال : ( ولاَ يَخْلُوَنَّ أحدكم بامرأةٍ فإنَّ الشيطان ثالثهما ، ألاَ ومَن كانَ منكم تسوءُه سيئته أو تسرُّه حسنته فهو مؤمن ) (1) .
وقال « محمد بن يحي الكمال » : قلتُ لأبي عبد الله (2) : أرى الرجـلَ السُّوءِ مع المـرأة ؟! ، فقال : ( صِحْ بـه ! ) (3) .
وقد مَنَع أميرُ المؤمنين « عمر بن الخطاب »  النساء من المشي في طريق الرجال والاختلاط بهم في الطريق (4) .
وقال الإمام ابن القيم ~ : ( ولاَ رَيب أنَّ تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كلِّ بلية وشرّ ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة .
واختلاطُ الرجالِ بالنساءِ سببٌ لكثرة الفواحش والزنا ، وهو من أسباب الموت العامِّ والطَّوَاعيـن الْمُتصلة ، ولَمَّا اختلط البغايـا بعسكر « موسى » وفشَت فيهم الفاحشة أرسلَ الله عليهم الطاعون ، فمات في يوم واحد سبعون ألفاً ، - والقصة مشهورة في كتُب التفاسير (1) - .
فمِن أعظمِ أسبابِ الموت العـام كثرة الزِّنـا بسبب تمكين النسـاء من اختلاطهنَّ بالرجـال والمشي بينهم متبرجـاتٍ متجملاَّتٍ ، ولو علم أوليـاء الأمـر ما في ذلك من فساد الدنيـا والرعيـة قبل الدِّين لكانوا أشـدّ شيء مَنْعـاً لذلك ) (2) .

رُقـيـة مَـن ظـاهـره الـفـجـور
مِـن عـلامـاتِ تـلاعـبِ الـرقـاةِ التجـاريـيـن بـالـدِّيـن


وكثيِرٌ من أولئك الذين يرقون الناس في زماننا يسألون الله الشفاء لِمَن يأتي عندهم من مرضى الأبدان ممن ظاهره المعاصي ، ولَم يكن السلف يفعلون ذلك لأنهم يحبون في الله ويبغضون فيه ، وقد قال « يوسف بن أسباط » ~ : ( مَن دَعَا لظالِمٍ بطول البقاء فقد أحَبَّ أن يُعصى الله ! ) انتهى (1) ، وقاله - أيضاً - « سفيان الثوري » ~ (2) ، والسلف - رحمهم الله ورضي عنهم - إذ لَم يفعلوا ذلك لعلمهم بأن المعاداة تنفرط بالدعاء للفجرة بشفاء أبدانهم التي يعصون الله بها .
ولو كان أولئك الرُّقاة أهلَ نُصحٍ وشفقةٍ على المسلمين لبادروا الفاسقَ بالنصيحةِ بأن يقولوا لـه - حتى لو كان فيه أشدّ الأمراض ! - : " مرضُ قلبك أشدّ مِمَّا تعانِي من مرَض جسمك ، لأنه بقدْرِ معصيتك لربك يكون مرض قلبك ، وقد يكون ميتاً وأنت لا تشعر ، وليس معنى موته أو ضعفـه أنه لا يعمل عمله المعروف من حركتـه لانتشار الدم في الجسـم ، وإنما كما قال الله تعالى :  كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ  (1) ، وقال سبحانه :  فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ  (2) ، وقال تعالى :  فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ  (3) ، وقال تعالى :  أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا  (4) ، ونحو ذلك مما يبين أنَّ المرض الحقيقي هو مرض الذنوب الذي عاقبته النار وسخط الجبـار " ، وإذا نصحوه قالوا لـه : " اذهب الآن ، فإن عَلِمنا توبتَك حقيقةً مما أنت متلطخ فيه رقيناك ، والشفاء من الله ، ولا نريد منك شيئاً " .
وهذا مِن حَقِّ المسلم على إخوانه .
والفصل التالي يبين أهمية ذلك - إن شاء الله - :

مِـن عـلاَمـاتِ الـرُّقـاة الـتـجـاريِّـيـن عـدم أمـرِ
المـريـضِ بالمـعـروفِ ونـهْـيـهِ عـنِ المـنـكـر


وإنَّ مِن علاماتِ الرُّقاة التجاريين عدم نصيحة المريض وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حيث إنهم يخشَوْن ذَهَابَه عنهم فتبُور تجارتهم وتقِلّ مكاسِبُهم ! .
وتأمل كلامَ ابن عقيل ~ عن أهميـة الأمر بالمعـروف والنهي عن المنكر والتناصح حيث قال في كتابه ( الفنون ) : ( مِن أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديـان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح ، فهذا أشق ما تَحَمَّله الْمُكلَّف ; لأنه مقام الرسل , حيث يثقل صاحبه على الطِّباع وتنفر منه نفوس أهل اللَّذات , ويمقته أهلُ الخلاعـة , وهو إحياء للسُّنن , وإماتة للبدع (1) ) .
إلى أن قـال : ( لو سكت الْمُحِقُّون ونطق الْمُبطلـون لتعـوَّدَ النَّشْءُ ما شاهـدوا , وأنكروا ما لَم يشاهدوا , فمتى رام المتدين إحياء سُنة أنكرَها الناسُ وظنوها بدعة ! , ولقد رأينا ذلك ) انتهى (1) .
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لوْ لَم يتركه الناس :
وكثيرٌ من الناس اليوم حينما غَشَت المنكرات الأرض وصار بعضُها جُزءاً من حياة الناس حتى تبَلَّدت الأحاسيس بكثرة ملامستها غضوا الطَّرْف عن إنكارها بدعوى أنها بعيدة الزوال وأن الناس لن يتركوها ؛ وهذا خطأ فاحش ، قال شيخ الإسـلام ابن تيميـة ~ : ( ثُم لو فُرِض أنـَّا عَلِمْنـا أن الناس لا يتركون المنكر ولا يعترفون بأنه منكر لَم يكن ذلك مانعاً من إبلاغ الرسالة وبيان العلم ، بل ذلك لا يُسقط وجوبَ الإبلاغِ ولا وجوبَ الأمرِ والنهي في إحدى الروايتين عن « أحمد » وقول كَثِيرٍ من أهل العلم ) انتهى (2) .
وقد جاء عن « الحسن البصري » ~ أنه قال عند قول الله - تعالى - :  وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ  (3) ، قال : ( وكيف عَفَا عنهم وقد قُتِل منهم سَبعون ، وقُتِل عَمُّ رسُولِ اللهِ  وكُسِرَت رباعيتُه وشُجّ في وَجهِهِ  ، قال : ثم يقول : قال الله - عز وجل - : « قد عفوتُ عنكم إذْ عصيتموني أن لاَ أكونَ استأصلتكم ! » ) .
ثم يقول الحسَن : ( هؤلاء مع رسول الله  وفي سبيل الله غِضَابٌ لله يُقاتلون أعداءَ الله ، نُهُوا عن شيءٍ فَصَنعوه فوالله ما تُرِكُوا حتى غموا بهذا الغَمّ ، فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كلِّ كبيرةٍ ويركب كل داهيةٍ ويسحب عليها ثيابه ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم ! ) انتهى (1) .
أصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من تارك « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » ! :
وما يُؤَمِّن تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون شَرًّا من أهل المعاصي الظاهرة .
قال ابن القيم ~ : ( وقد غَرَّ إبليسُ أكثرَ الخلْـقِ بأنْ حَسَّن لَهُم القيـامَ بنوعٍ من الذِّكر ، والقراءة ، والصلاة ، والصيام ، والزهد في الدنيا ، والانقطاع ، وعطَّلوا هذه العبوديات (2) ؛ فلم يُحدِّثوا قلوبَهم بالقيام بها ؛ وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس ديناً ، فإن الدِّين هو القيام لله بما أمر به ، فتارِك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالاً عند الله ورسوله  من مرتكب المعاصي ، فإن ترْك الأمر أعظم من ارتكاب النهي ، من أكثر من ثلاثين وجهاً ذَكَرَها شيخُنا (1) ~ ) انتهى (2) .
وقال - أيضاً - : ( وليس الدِّين مجرد ترك المحرمات الظاهرة ، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الدَّينين لا يعبئون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس .
وأما الجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والنصحية لله ورسوله وعباده ، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه ؛ فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها وفضلاً عن أن يفعلوها .
وأقل الناس دِيناً وأمقتهم عند الله مَن تَرَك هذه الواجبات وإنْ زَهِد في الدنيا جميعِهَا ! ؛ وقَلَّ أنْ ترى منهم مَن يَحمَرّ وجهه ويُمَعِّره لله ويغضب لِحُرُماته ويبذل عرضه في نصر دينه ، وأصحاب الكبائر أحسَن حالاً عند الله مِن هؤلاء ! ) انتهى (3) .
قال الشيـخ « حمد بن عتيـق » ~ عند ذِكر كلام ابن القيم هـذا : ( إنَّ الْمُداهِـن الطالب رِضَا الخلْـق أخبث حـالاً من الزَّانِي والسَّارق والشَّـارب (4) ! ) انتهى (5) .
وقال ~ : ( وقد حَدَّث مَن لا يُتهم عن شيخ الإسـلام « محمّد بن عبد الوهاب » ~ أنه قال مرة : " أرى أناساً يجلسون في المسجد على مصاحفهم يقرؤون ويبكون ، فإذا رأوْا المعروفَ لَمْ يأمروا به ، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه ، وأرى أناساً يعكفون عندهم يقولون : [ هؤلاء لِحَى غَوَانِم ] وأنا أقول : إنهم لِحى فواين ! (1) " ؛ فقال السامع : [ أنا لا أقدر أقول : إنهم لِحَى فواين ! ] ، فقال الشيخ : " إنهم مِن العُمْيِ الـبُكْم ! " ) انتهى (2) .
وعن « مِسْعَر بن كدام » ~ أنه قال : بَلَغني أن الله - تعالى - أمر مَلَكاً من الملائكـة أن يخسف بقريـة فقال : " يا ربّ إنَّ فيهم فلاناً العابد الزاهد " ، فأوحى الله - عزَّ وَجَلَّ - إليـه : ( أنْ بِـهِ فابْـدَأ ، فإنه لَمْ يتمعَّرْ وَجهُهُ فِيَّ سَاعة قَط ! ) (3) .
وعن « جرير بن عبد الله البجَلي »  قال : قال رسـول الله  : ( ما مِنْ قومٍ يكون بين أظهرهم مَن يعمل بالمعاصي هُمْ أعزُّ منه وأمْنع لَم يُغيِّروا عليه إلا أصابهم الله - عزَّ وَجَلَّ - منه بعقاب ) أخرجه الإمام أحمد (4) .
وفي لفظِ أبي داود (5) مِن حديثِ « جَرِيرٍ » - أيضاً - أن النبي  قال : ( ما مِن رَجُلٍ يكون في قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي يقدِرون على أن يغيِّروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذابٍ من قبل أن يموتوا ) .
وقام أبو بكرٍ  ، فحَمِـدَ الله - عزَّ وَجل - وأثنى عليه ، ثم قال : « يا أيها الناس .. إنكم تقرؤون هذه الآية :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُـوا عَلَيْكُـمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  (1) ، وإنكم تضعونها على غير موضعها ، وإني سمعت رسول الله  يقول : ( إنَّ النـاسَ إذا رأوا المنكـرَ ولَمْ يُغَيروه أوشك الله - عزَّ وَجل - أنْ يعمهم بعقابه ) » أخرجه أحمد (2) وغيره (3) .
وجـاء عن عليّ بن أبي طالبٍ  أنه خَطَب في النـاس ، فحَمِد الله وأثنى عليه ، ثم قـال : ( يا أيها الناس .. إنما هلَكَ مَن كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولَم ينههم الربانيون والأحبار ، فلمَّا تمادوْا أخذتهم العقوبات ؛ فأْمُروا بالمعروف وانْهَوْا عن المنكر قبل أن ينـزل بكم الذي نزَل بهم ، واعلموا أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يَقطع رزقاً ولا يُقرب أجلاً ) انتهى (4) .
وقد جاء عن « عائشة » - رضي الله عنها- أنها قالت : ( غشيتكم السَّكْرتان : سَكْرَة حبِّ العيش ، وَسَكْرَة الجهل ؛ فعند ذلك لا تأمرون بمعروف ولا تنهون عن منكر ! ، والقائمون بالكتاب والسُّنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ) انتهى (1) .
وعن « مالك بن دينـار » ~ أنه قال : ( اصطلحنا على حُبِّ الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضاً ولا ينهى بعضنا بعضاً ، ولا يَذَرنا الله على هذا ؛ فليت شعري أيُّ عذاب ينْزِل ! ) انتهى (2) .
وقال ابنُ الـنَّحَّاس على قوله - تعالى - :  لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ  (3) ، قال : ( دلَّت الآية على أنَّ تاركَ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ كمُرتكبِه ! ، والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما قاله القرطبي (4) - ، وتاللهِ إنهم لَأَهلٌ لكلِّ توبيخٍ فأنى يَصلُح الناسُ والعلماء فاسدون ؟! ، أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنهـا ؟! ، أم كيف يرغب في الطاعـة والعلمـاء لا يأتونها ؟! ، أم كيف يتركون البدعَ والعلمـاءُ يرونها فلا ينكرونها ؟! - إلى أن قال - : وأما في زماننا هذا فقد قـيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لَم تساعد أقوالهم أفعالهـم ،  فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ  (1) ، فإذا نظَرنا إلى فسادِ الرعية وجدنا سببه فساد الملوك ، وإذا نظرْنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين ، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حبِّ المالِ والجاهِ وانتشارِ الصِّيِتِ ونَفَاذِ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال ) انتهى (2) .
وعن « أبي عبد الرحمن العمري » ~ أنه قال : ( إنَّ مِن غَفْلتك عن نفْسك إعراضك عن الله بأنْ ترى ما يُسخطه فتجاوزه ولا تأمرْ ولا تنهي خوفاً مِمَّن لا يَمْلِك ضَرًّا ولا نَفْعاً ) ؛ وَ ( مَن تَرَك الأمرَ بالمعروف والنهيَ عنِ المنكر مِن مَخَافةِ المخلوقين نُزِعت منه هيبةُ الطاعـةِ ، فلَو أمَرَ بعضَ ولَدِهِ أو بعضَ مواليهِ لاسْتخَفَّ به ! ) انتهى (3) .
وقال الإمام ابن القيم ~ : ( وأيُّ دِينٍ ، وأيُّ خير فيمن يرى محارم الله تُنتهك ، وحدوده تُضيَّع ، ودينه يُترك ، وسُنة رسوله  يُرغب عنها ؛ وهو بارِد القلب ، ساكت اللسان ، شيطان أخرس ، كما أنَّ المتكلم بالباطل شيطان ناطق ؛ وهل بَلِيَّة الدِّين إلا مِن هؤلاء الذين إذا سَلِمَتْ لَهُم مآكِلُهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى على الدِّين ! ، وخيارهم المتحزِّن الْمُتَلَمِّظ ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه ، في جاهه أو ماله ، بذَلَ وتبذَّل ، وجدَّ واجتهد ، واستعمل مراتبَ الإنكارِ الثلاثة بحسب وُسْعه ، وهؤلاء مَع سقوطهم من عيـن الله ومَقْت الله لهم ، قد بُلوا في الدنيـا بأعظم بليـةٍ تكون - وهم لا يشعرون - وهو موت القلوب ! ؛ فإن القلب كلما كانت حياته أتم ، كان غضبه لله ورسوله أقوى ، وانتصاره للدين أكمل ) انتهى (1) .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم ، والخطاب في ذلك من الرب - عزَّ وَجَل - ومن نبيه  عام لجميع المسلمين ، والموفَّق مَنِ استجاب لربه - تعالى - ولنبيه  .
فالْمُتعيِّن على المسلمين اليوم لدفع البلاء الذي نخشى أنها قد انعقدت أسبابه القيام بما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومع أنَّ في ذلك اندفاع العقوبات والبلاء عن المسلمين ففيه - أيضاً - استجلاب النعماء لهم التي هي على الحقيقة استعلاء الدِّين ونصره الذي تكفَّل به الولي النصير - سبحانه وبحمده - لِمن نصر دينه .
لقد كان المسلمون فيما مضى يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بصدق وعزيمة واهتمام ، ويدْعُـون إلى الله - تعالى - ، ويُخَوِّفون من حلول النقمات والعقوبات الدنيوية والأخرويـة ، مع أنه لا نسبة لِمُنكراتِ أزمانهم لِمَا نحن فيه اليوم ؛ لأن المجاهرة بالمنكرات في زماننا لَم يحدث لها نظير ، وشؤمها عظيمٌ خطير ، وقد قال رسول الله  : ( كل أُمَّتي مُعافَى إلاَّ الْمُجَاهِرِين ) (1) .
ومع ما غَشَى الأرضَ اليوم من ظُلُماتِ المنكراتِ إلاَّ أنه يجب أن لا نقنط ولا نيأس من ثمرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل لو امتثلنا أمر الله تعالى وقمنا بهذه الشعيرة العظيمة فكم من مُنكر سيزول ! ، وكم مِمَّن سوف يشارك ولم يكن له من قبل في هذا الأمر نصيب ! ، وذلك ببركة امتثال أمر الله - عزَّ وجل - بالقيام بذلك عَمَلاً إذْ لا يكفي الكلام في المساجد والملتقيات .
وإنه لاَ يَسعنا أمام الله إلا أن يكون هذا الأمر أكبر همنا لنستدعي بذلك رِضَى ربنا ؛ وإننا على يقين أنه لو قام قائمُ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر فستكون له - بإذن الله - نتائج باهرة وعواقب محمودة مِن دفع البلاء واستجلاب النعماء ، وإظهار الدين ، وتحريك القلوب والشعور بالعزة والكرامة التي أُنيطت بطاعة الله ورسوله  ، ولأنه سبحانه هو الشكور الْمُحسِن الْمَنَّان فإنه يصنع لأهل الدين ما لَم يكن بالحسبان ؛ وإننا بقيامنا بذلك نطفئ الحريق الذي أشعلته الذنوب ، وننقـذ - بإذن الله - الغريقَ الذي أحاطت به الخطوب والكروب ؛ فلْنراغم الشيطان متوكلين على الرحمن ، فهذا سبيل النجاة وبه إغاثة الهلكى بالرحمـة المهـداة ، وفيما وصَفْتُ الفرَج والْمَخْرج من هذه الظلمات - بإذن الله تعالى - مع ما يُرجى من لطف اللطيف وكرم الكريم مما يصنعه لعباده المؤمنين مما لا يخطر لهم على بال فهو بداية خير - بإذن الله - .
وأخيراً ، فهل وعَى الراقي أهميةَ هذه الشعيرة العظيمة وإهماله القيام بها ؟! ، وقد قال شيخ الإسلام : ( وهكذا السُّنة في مقارنة الظالمين والزناة وأهل البدع والفجور وسائر المعاصي لا ينبغي لأحدٍ أن يقارنهم ولا يخالطهم إلاَّ على وجهٍ يَسْلَمُ به من عذاب الله - عزَّ وَجَل- ، وأقلّ ذلك أن يكون مُنكِراً لِظُلمهم ، ماقتاً لَهُم ، شانئاً ما هم فيه بحسب الإمكان كما في الحديث : « مَن رَأى مِنكم منكراً فليغيِّره بيده ؛ فإنْ لَم يستَطِع فبلسانه ؛ فإنْ لَمْ يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » (1) ) انتهى (2) ؛ وتذكَّر ما جاء عن رسول الله  أنه قـال : ( إنَّ الله - عَزَّ وَجَلّ - ليسأل العبدَ يوم القيامة حتى يقول : « ما منَعَكَ إذا رأيتَ الْمُنكَرَ أن تُنكِره ؟! .. » ) الحديث (3) ؛ ولا تنسَ ما جاءَ عن رسول الله  أنه قال : ( إنَّ مِن أمتي قَوْماً يُعطَوْن مثل أجورِ أولِهِم ، يُنكرون المنكر ) (4) .
ولاَ يُوسوس لكَ الشيطانُ حتى تقول : " مَن أنا حتى أُنكر مُنكَراً أو آمُرَ بمعروف " ، بل الأمر كما قال أمير المؤمنين « عمر بن عبد العزيـز » : ( لو أنَّ المرءَ لَم يَعِظ أخاه حتى يحكم نفْسه ويكمل في الذي خلق له لعبادة ربه إذاً لَتَوَاكَلَ الناسُ بالخيرِ ، وإذاً يُرفع الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر ، واستحلت المحارم ، وقَلَّ الواعظون ، والساعون لله بالنصيحة في الأرض ) انتهى (1) .
وقال « سعيد بن جبير » و « مالك بن دينار » وغيرهم نحوَ ذلك (2) .
وَلَوْ لَمْ يعِظْ في النـَّاسِ مَنْ هَوَ مُذْنِبٌ فَمَنْ يَعِظِ العَاصِينَ بَعْدَ « مُحَمَّدِ » ! (3)
وانظر ما ذكره « شجاع بن الوليـد » ~ عن أمير المؤمنين في الحديث « سفيان الثوري » ~ (4) حيث يقول : ( كنتُ أحُجّ مـع « سفيان الثوري » فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهِباً وراجِعاً ! ) انتهى (5) ؛ فتأمَّل ، واتخذ من هؤلاء العلماء العاملين الصادقين أسْوةً حسنة .
نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف الْمُأتَمِرين به ، والناهين عن المنكر الْمُنتهين عنه .

مَـوَانـع تـأثـيـر الـرُّقـى والأذكـار

وكذلك فإنَّ منَ الملاحظِ في وقتنا عند ذكر الرقى والأذكار والأوراد ونحو ذلك أن تُطلق دون ذكر مراعاة توفر الشروط وزوال الموانع الموجب للقبول والتأثير ، وعلى هذا رتَّبَ الشارع الثواب في الأذكار والفضائل ، كذلك الرُّقى ليس على مجرد : ( مَن قال : كذا فله كذا ) ، و ( من فعل كذا فله كذا ) ، بل رتب ذلك على القول والعمل الكامل .
قال ابن القيم ~ : ( وكلُّ قولٍ رَتَّبَ الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التـام .. كقوله  : « مَن قال في يومٍ " سُبحَانَ الله وبِحَمْدِه " مائة مرّة حُطّت عنه خطاياه - أو غُفِرت ذنوبه - ولو كانت مثل زَبَد البحر » (1) ، قال : وليس هذا مُرتباً على مجرّد قول اللسان ) انتهى (2) .
إنَّ مِن أعظم موانع تأثير الأذكار والأوراد والرُّقى ما طبق الأرض اليوم من الباطل والمنكرات .
فـ ( الصُّوَر ) مادة جذبٍ قويةٍ للشياطين ، وقد أَلِفَها الناسُ في كل شيء ، وفي كل مكان وبرَدَت قلوبهم عن الشعور بِحُرمتها الموجب لطمسها والمباعدة عنها ، لاسيما وقد هَوَّنَ شأنها مشايخ الوقت ، ولقد كان الواجب عليهم تعظيم حرمات الله - تعالى - لا تهوين أمرها ؛ وهذا شأن العلماء الصادقين .


إقـرارات مـن كـلام الـجـن والشـيـاطيـن تُـبـيِّـن بـعـض العقوبـات المـعـجـلـة عـلـى الـذنـوب والمـعـاصـي

وها هي بعض إقراراتٍ من كلام الجن والشياطين وهي تبين بعض العقوبات الْمُعجَّلة على المعاصي والذنوب ؛ فقد تكلم جنِّيٌّ فقال : ( الصُّوَر مغناطيس لنا ! ) (1) ، وهذا حاصِل في وقتنا .
وتكلَّم مرةً جِنِّيٌّ في مصروع فقال : ( أحسنُ موضعٍ لنا قصور الأفراح ، خصوصاً إذا تبرجت النساء فهُنَّ عندنا كـ " الْحُور العِينِ " عندكم ! ) .
وفي ( جِدّة ) كان هناك عرس في بعض القصور التي تسمى " قصور الأفراح " ، وقد دُعِي إليه بعضُ أقاربِ العروس ، فوافق أن يجيء هو وزوجته وبناته لكن بشرط أن لا يكون هناك غناء ولا رقص ، فأجابت أمُّ العروسِ لذلك ، ولَمَّا حضَرَ هو وأهله وجلسوا قليلاً اهتزَّت الأرض من هيَجان الرقص والغناء ! ، وفي الحال استدعى الرجل زوجَتَه وبناته وخرجوا ؛ لكن الذي حصَل أن العروس سقطت في بعض الدَّرَج ، فأصابتها حالة صعبة ! ، فذهبوا بها إلى مَن ينظر ما أصابها ، وفي صباح الغدِ سَألَتِ امرأةُ الرجل - الذي خرَج من القصر هو وإياها وبناته لَمَّا قام قائمُ الرقص والغناء - أمَّ العَروس عن حالِهَا ، فأخبَرَتْها بالذي أصابها من الدَّرَجَة ، فقالت لها المرأة : ( الذي أصاب ابنتك صرْع ، وقد رأيتُ ذلك في منامي بسبب الرقص والغناء ! ) انتهى .
فمن تعرَّض لِمَساخط ربه فلا يلوم إلا نفْسه إذا أصابه ما أصابه ! .
وهَلاَّ يخشى مَنِ استهان بالمحرَّمَات إذا وقع في المصائب أن يقال له :
فَنفْسَـكَ لُـمْ ولاَ تلُـمِ الْمَطَايَـا !
ومِمَّا وقَع - أيضاً - في وقتنا هذا أن امرأةً راقية صالحة في ( بريدة ) ترقي النساء المصروعات ، ولَمَّا تكلم جِنِّيٌّ في واحدةٍ منهن ذكر أنه خرج من امرأةٍ ودخـل بأخرى ، فسألته الراقيـة عن ذلك ، فقال : ( إنِّي طَلَعْتُ منها ) ، فقالت : « ولِمَاذا طلَعْتَ منها ؟! » ، فقال : ( لقد انتهيتُ منها حيث إنها ماتت وهذا مطلبي ! ) ، فقالت الراقية : « حسبي الله عليك (1) » ، وذَكَرَتْ له آية قتل النفْس ، فأجاب - متباعداً - : ( إنَّ هذه المرأة عندنا غير معصومة الدَّم ! ، والسبب أنها دائماً تشاهد المسلسلات وبيتها كله صُوَر ! ) ، ثم قال على صفةِ السخرية : ( إنها تذهب لِمَن يَقرأ عليها ولا تنتفع لأجل الصُّوَر ! ) ، ثم سألتْه الراقية : وماذا تفعل بكم الصور ؟! ، فقال : ( تَجْمَع الشياطين ! ) انتهى .
وعلى هذا فكم تجمع ( الجريدة ) الواحدة من شيطان ؟! ، بل كم تجمع من الشياطين صفحةٌ واحدة من صفحاتها حيث إنها منقوشة بالصُّوَر ؟! .
بل لقد صار كل خبر قرين صوَر ، ولَم يبقَ إلا الزنا إذا ذكروه صوّروه ! ، فَلْيَهْنِ مَنِ استهانوا بِحُرُمات الله قُرْبُ الشياطين منهم ! .
وقد حضر رجل عند قارئ يقرأ على بنت مصروعة ، فلما نطق الجني سأله الحاضر عن الصور ! ، فقال الجني : ( مع كل صورة شيطان ! ) ، فيا تُرى كم مع كل جريدة ومجلة من شيطان ؟! ، بل ومع كل درس باطل ؟! ، وإذا كان هذا في الصور وجذبها الشياطين وأنها مادة شيطانية فكيف بالأشرطة بلا استثناء ، والراديو بلا استثنـاء (1) ، والشاشـات بلا استثناء ، والدروس التي ليست من مشكاة ( محمـد )  ؟! ، ولا ريب أن مقارنة الشياطين لهذه المحدثات والخوارق وأشباهها مما دخل على المسلمين في زماننا من أعدائهم حاصلة بصورة خطيرة فظيعة شنيعة ، لكن كما يُقال :
مَا لِـجُـرْحٍ بِمَـيِّـتٍ إِيـلاَم ُ!
وقد ثبَت في الحديث أنَّ الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة (2) ، ومعنى ذلك أنه يكون مأوى للشياطين ، ومع هذا فليس المراد تَرْك الأذكار والأوراد مع وجود هذه المنكرات ، وإنما المراد التنبيه لذلك وأنه يضعف التأثير مع وجودها وقد لا يحصل الأثر عقوبةً لمرتكبها ! .
ولَمَّا قرأتْ راقيةٌ على بعض المصروعات قال الجني : ( اتركيني أردّ على الجوال ) ! .
وتكلم جنِّيٌّ على لسان مصروعه فقال : ( إذا اشتغل " التلفزيون " صِرْنا واحد فوقه ، وواحد عن يمينه ، وواحد عن يساره ، والباقي بين المشاهدين حتى لو حرَّك أحدُهم يدَه لَلَمَسْنا ) ! .
وقد قال رجلٌ للحسن البصري : ( أينام إبليس ؟! ) ، فقال : ( لَوْ نام لَوَجدنا راحة ) (1) .
قال ابن تيمية ~ : ( وإبليس وجنوده من الشياطين يشتهون الشَّرَّ ، ويلْتَذُّون به ، ويطلبونه ، ويحرصون عليه بمقتضى خُبث أنفسهم وإن كان مُوجباً لعذابهم وعذاب من يُغْوُونه ، كما قال إبليس :  فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۞ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ  (2) ) انتهى (3) .
وقرأ قارئٌ على بنتٍ صغيرة ، فنطق الجني وقال : ( نَحْن سبعة عشر شيطاناً ، دخلنا فيها إعجاباً بها لأنها فَتَنَتْنا بلبس " البنطلون " ! ) انتهى كلامه ، ولقد كثر لبس البنطلونات والثياب القصيرة في البنات والكبيرات ، وهو تشبُّه بالكفار ، قال « حَسَن بن صالح » ~ : سَمِعْتُ أنَّ الشيطـانَ قال للمرأة : ( أنتِ نصف جُنودي ، وأنتِ سهمي الذي أرمي به فلاَ أُخطئ ، وأنتِ موْضع سِرِّي ، وأنتِ رسولي في حاجتي !! ) انتهى (1) ، كذلك كَـثُر لبس الأولاد للبدلات وهو تشبه بالكفار ، وقد نهى النبي  عن التشبه بهم حيث قال  : ( مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم ) (2) ، وأن مِنْ عِلَلِ التشبه بهم ما ذكره شيخ الإسلام ~ بأن التشبه في الظاهر يدعو إلى المودة في الباطن ، وغير ذلك من العلل ، والتشبه بالكفار باللباس محرَّم لِمَا جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه قال : رأى رسول الله  عليّ ثوبين معصفرين ، فقال : ( إنَّ هذه مِن ثيابِ الكفار ، لا تلبسها ) رواه مسلم (3) وغيره (4) .
قال شيخ الإسلام ~ : ( وعَلَّلَ النهيَ عن لبسها بأنها من ثياب الكفار ) انتهى (5) .
وقال ~ : ( فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهةً ومشاكَلةً في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج ) انتهى (1) .
وقال : ( والمشاركة في الهَدْيِ الظاهر توجب - أيضاً - مناسبةً وائتلافاً وإن بَعُدَ الزمان والمكان فهذا أيضاً أمر محسوس ) انتهى (2) .
وقال : ( مشابهتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة ، بل في نفس الاعتقادات ) انتهى (3) .
وقال : ( المشابهة في الظاهر تورث نوعَ مودَّةٍ ومَحَبةٍ وموالاةٍ في الباطن ، كما أنَّ المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحِسّ والتجربة ) انتهى (4) .
وقال « ابن كثيـر » معلقاً على الحديث المتقـدم ( مَن تشبَّه بقوم فهو منهم ) ؛ قال ~ : ( فيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم ، وأفعالهم ، ولباسهم ، وأعيادهم ، وعباداتهم ؛ وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها ) انتهى (5) .
وقال الشيـخ « حمـود بن عبـد الله التويجـري » ~ في حديـث « عبد الله بن عمرو » - المتقدِّم - : ( وهذا الحديث الصحيح صريح في تحريم ثياب الكفار على المسلمين ، وفيه دليل على المنع من لبس البرنيطات وغيرها من ملابس أعداء الله تعالى كالاقتصار على لبس البنطلونات والقُمُص القصار وغير ذلك من زَيِّ أعداء الله تعالى وملابسهم لوجود عِلّه النهي فيها .
وفي غضب النبي  على «عبد الله بن عمرو » - رضي الله عنهما - وأَمْرُهُ بطرح ثَوْبَيْه في النارِ أبلَغ زَجْر عن مشابهة الكفار في زَيِّهم ولباسهم ، وكذلك في قوله  : « أأمُّك أمَرَتك بهذا » أبلغ ذم وتنفير عن التشبه بأعداء الله تعالى والتَّزَيِّي بزيهم ) انتهى (1) .
وكان ~ قد ذَكَر رواية « مسلم » حينما رأى رسـولُ الله  على « عبد الله بن عمرو » ثوبين مُعَصْفَريْن قال له : ( أأمك أمرتك بهذا ؟! ) ، فقال عبد الله : ( أغسلهمـا ) ، قال : ( بل أحْرِقْهُمـا ) (2) ؛ وذَكَر روايـة « النسائي » ~ : فغضب رسول الله  وقال : ( اذْهَب فاطرحهما عنك ) ، فقال عبد الله : أين يا رسول الله ؟! ، قال : ( في النار ) (3) .
وكلام « التويجري » - المتقدِّم - له أكثر من « ثلاثين » سنة وذلك في بدايات هذا الوباء والبلاء ، فانظر الآن كيف صَعُب التمْيِيز بين أكثر أولادِ المسلمين وبناتهم وبين أولاد وبنات الكفار ! ، والْمُحرَّمات والمعاصي مَجْلَبة ومادة جذبٍ لشياطين الجن والإنس ؛ لاَسِيَّما وأنَّ التشبه بالكفار باللباس يُشَكِّل ويُبيِّن العورات ، ويثير الشهوات في الأنفس المريضات .
وقد قرأ بعضُ القرَّاءِ على بعض المصروعين فتكلَّم الشياطين وقال أحدهم : ( إنه مرتاح لأن المرأة - الْمُتلبِّس بها - لا تقرأ القرآن ، لكنـه متحسِّر لعدم وجود التلفزيون بالبيت في مواضع مُتَيَسِّرة ! ) ، فقال الثاني : ( يا ليتني كنت مثلك ولو أنه في موضع منعـزل ! ) ، وبدأ يُعَدِّد ما يلقاه من أذى منها حيث يقول : ( تؤذيني بالوضوء ، فأنْهَاهَا ولا تمتثل ، وتؤذيني بالاستغفار ) ، ثم بكى وقال : ( تستغفر قبل أن تنام ، وتقوم قبل الفجر فتؤذيني بذلك ) انتهى .
وقال الشيطانُ الآخر : ( إنه متأذي من قراءة المسجِّل سورةَ البقرة ) ، فأجاب الأول بأنه كذِب حيث لا تؤذي كثيراً قراءة المسجل ، ثم قال : ( وإنما قاصمة الظهر قراءة الشخص نفْسه بيقين ! ، وتؤذيني المرأة - الْمُتلبِّس بها - بالصلاة ) انتهى .
وقد علَّقَتْ بعضُ النساء الناصحات تعليقاً على كلام الشيطان بالنسبة للصُّوَر والتشبُّه باللباس والبدلات حيث كانت حاضرة ، فنطق أحد الشياطين متحسراً أن صاحبته لا تُلَبِّس أولادَها بَدْلاَت ! .
ويتبين مما تقدم ويأتي - إن شاء الله تعالى - أنَّ مَن تهاون بالصُّوَر ، والخوارق الشيطانية الناطقـة والمرئيـة ، والفواحش ، والخمر ، والدخـان ، أو التشبه بالكفار باللباس وغيره ، ونحو ذلك مما يُسخط الله ويُباعدِ عن العبد الملائكـة - عليهم السلام - .. أنه بذلك مع الشياطين كَمَنْ ينثر قِطَعاً من الحديد على المغناطيس ويُريد منه تغيير طبيعته بأن لا يجذبها ! ، قال الله تعالى :  وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة  (1) ، ويُقال : " مَن أدخل يدَه في جُحُورِ الأفاعي لا يُنكِر اللَّسْع ! " .
وهذا الذي ذكرته من أمثلةٍ لكلام الجن والشياطين - حيث تُبيِّن بعض العقوبات المعجلة على المعاصي- حاصل بجملته عندنا في ( بريدة ) عند امرأة راقية صالحـة نعرفها وهي لا تأخـذ ثمناً على الرقيـة ، وقد اطَّلـعَتْ على ما ذكرناه هنا مما جرى عندهـا فأقرَّتـه ؛ ولسنا - وللهِ الحمد والمنة - بحاجة إلى كلام ( الجنِّ ) لأنـه لا يشكّ مسلم صادق أنَّ في معصية الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله  من الأضرار والمفاسد ما لا يحيط بعلمه إلا الله - سبحانه - ولوْ خفيَ ذلك على مَن زُيِّن له سوءُ عمَلِهِ ! .
وكل ما تقدم ذكره من إقرارات الجن والشياطين يبين أن مَن ضَيَّع نفْسَه في أودية الضلالة ومتاهات الغواية منشغل القلب عن ذِكر ربه وطاعته فإنه يفتح الأبواب على مصراعيها للشياطين لأذيته وإضلاله ! ؛ وبضدِّهِ مَن تَحَصَّن بطاعة ربه وذِكره .
وفي الحديث الصحيح أن الله - تبارك وتعالى - أمَر « يَحيَ بنَ زكريا » - عليهما السلام - بخمس كَلِمَات أن يعمل بِهِنّ ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بِهِنّ ، وفي آخرها قال : ( وآمُركُم بِذِكْرِ الله كثيراً ، فإنَّ مَثَل ذلك كَمَثَلِ رجُلٍ خرَج العدوُّ في أثَرِهِ سِرَاعاً حتى أتى على حِصن حصين فأحرز نفْسَه منهم ، كذلك العبد لا يُحْرِز نفْسَه من الشيطان إلاَّ بذكر الله ) (1) ، وذِكْرُ اللهِ - جلَّ جلاله - ليس مجرَّد قَولٍ باللسان بل يشمل الدِّين كله .
ولذا يقول أحدُ الرُّقَاةِ : ( جاءني رَجلٌ بزوجته وذَكَرَ لِي أنها تبغضه بغضاً شديداً ، وترتاح في عدم وجوده معها في البيت ، وقد تبين لي بعد سؤالها عن الأعراض أن لديها سِحر تفريق ، وحينما قرأت عليها نطَق الجني المتلبس بها ، فسألته عن ذلك فقال : " إني أحِبها ، ولا أعذِّبها ، ولكني أريد أن يبتعد عنها زوجهـا " ، وبعد جِـدَال معه لكي يخرج منها قلتُ له : « إذاً أُحْرِقك بالقرآن - بحوْلِ الله وقوتـه - » ، ثم قرأت عليهـا آيـاتٍ فصَرَخ ! ، فقلت لـه : « أتخـرُج ؟! » ، قال : " نعَم ، ولكن بِشَرط ! " ، فقلت : « ما هو ؟! » ، قال : " أخرج منها وأَدْخُل فيك أنت ! " ، فقلتُ : « لا بأس ، أخرج منها وادْخُل فِيَّ إنِ استطعتَ ! » ، فانتظر قليلاً ثم بكى ! ، فقلتُ : « ما يُبكيك ؟! » ، قال : " لا يستطيع أي جِنِّي أنْ يدخل فيك اليوم ! " ، فقلتُ : « وَلِمَ ؟! » ، قال : " لأنكَ قلتَ اليوم في الصَّباح : ** لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الْمُلْكُ وله الحمد ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير ** 100 مرة " ؛ فقلتُ : « صدَق رسول الله  القائل : [ مَن قَالَ ** لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الْمُلْكُ وله الحمد ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير ** في يومٍ " مائة مرة " كانت له عَدْل عَشْرِ رقاب ، وكُتِبَتْ له مائة حسنة ، ومُحِيَتْ عنه مائة سيئة ، وكانت له حِرْزاً من الشَّيطان يومَه ذلك حتى يُمْسي ، ولَمْ يأتِ أحدٌ بأفضل مِمَّا جاءَ به إلاَّ أحدٌ عَمِل أكثرَ من ذلك ] (1) » ؛ ثم قلتُ : « إذاً أُخْرُج منها » ، فخَرَج منها - والفضل لله - ) انتهى مختصراً (2) .
وقد ذكَر الإمامُ ابن القيم ~ في كتابه النفِيس ( الوابل الصَّـيِّب ) أنَّ في ذكر الله - تبارك وتعالى - ، وما فيه من الآثار العظيمة على العبد في دِينه ودنياه وآخرته - أكثر من ( مائة ) فائدة ، وقد ذَكَر منها في كتابه هذا أكثر من ( سبعين ) فائدة ! .


مَـقـمَـعَـة الـشـيـطـان



وقد ذَكَر ابن القيم ~ أن ذِكرَ الله - عَزَّ وَجَل - ( هو مَقْمعة الشيطانِ التي يُقمع بها كما يُقمع الْمُفسد والشرِّير بالمقامع التي تردعه من سياطٍ وحديد وعُصِيٍّ ونحوها .
فذِكْرُ الله يقمع الشيطانَ ويُؤلِمُه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي مَن يُضرب بها ، ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلاً ضئيلاً مُضْنى مِمَّا يعذبه ويقمعه به من ذكر الله وطاعته ، وفي أثَرٍ عن بعض السلف أن المؤمن ينضي شيطانه كما ينضي الرجل بعيره في السفر لأنه كلما اعترضه صَبَّ عليه سياط الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة ، فشيطانه معه في عذابٍ شديدٍ ، ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحةٍ ودَعَةٍ ، ولهذا يكون قوياًّ عاتياً شديداً .
فمن لَم يُعذِّب شيطانه في هذه الدار بذكر الله - تعالى - وتوحيده واستغفاره وطاعته عذَّبَه شيطانه في الآخرة بعذاب النار ، فلا بد لكلِّ أحدٍ أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه ) انتهى (1) .
ومما يُبين مقارنة الشياطين للكتب والدروس التي تحتوي على علومٍ تفسد دينَ المسلـم ، ومقارنتها - أيضاً - للكتب والدروس التي تحتوي على علوم الدين وهي مخلوطة بالصور وبالعلوم التي ليست من علوم الدين ؛ مِمَّا يبين ذلك أن رجلاً في ( الشِّقَّة ) - وهي قرية تقع شمال غرب ( بريدة ) - قرأ على بنتٍ مصروعة ، فتكلم الجني الذي فيها ، فسأله الراقي : من أين أنت ؟! ، فقـال : ( أنَا من بلاد الشام ) ، فقال له : ما الذي جاء بك هنا ؟! ، فقال الجني : ( إننا قد أتينا برفقة فلان من أهل « بريدة » حيث أتى معه بكتب من الشام وجئنا برفقته ! ) .
فتابَعَ الراقي القراءةَ حتى طلَبَ الجني الخروجَ وعاهدهُ أنْ يخرج ولا يضرها ولا يعود إليها ، فخرج وذهب أهل البنت بابنتهم وقد شفاها الله - تعالى - بخروج الجني .
ثم إنَّ الراقي رَكِبَ حِمَاره وأتى من وقته إلى الشيخ « عمر بن محمد بن سليم » ~ ببريده وأخبره بالذي حصل ، فبعَثَ الشيخ إلى الرجل - القادم من الشام - يطلب منه الكتب التي جاء بها من الشام ، فبعَث بها إلى الشيخ كما هي حيث كان هذا أوان وصوله من الشام ، ولَم ينظر ما فيها وقد يكون لا يعلم ما فيها ، فقرأ الشيخ منها ، وإذا هي إلحاد ومخرفة فأحْرَقَها .
هذه القصـة جرَت منذ حوالـي سبعيـن سنة حيث إنَّ الشيخ « عُمَر ابن سليم » ~ توفي سنة ( 1362هـ ) (1) ، وشاهِدُ الحادثة مرافقة الْجِنِّي لهذه الكتب لأن الباطل بأنواعه وأجناسه مادَّة جذب للشياطين ، وبالعكس الملائكة - عليهم السلام - .
وقد امتلأت الأرضُ اليوم من المواد الشيطانية ، حتى المساجد أُهِينَتْ حُرْمتُها بإدخال الصور والجوالات وغير ذلك ! ، فإلى الله المشتكى .
وليس بَعْدَ أن تُجعل فيها آلاتُ التصوير شيء ! ، وهذا - واللهِ - عظيمٌ وعظيم ، وخطيِرٌ خطير ، نعوذ بالله من موجبات سَخَطه ، قال « أبو إدريس الخوْلاَني » ~ : ( لأَنْ أرى في جانب المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها أحبّ إِلَيَّ مِن أنْ أرى فيه بِدعةً لا أستطيع تغييرها ) انتهى (1) ؛ فتأمَّل !


كَـلامٌ غـيـر حـضـاري !


قد يقول بعض المخذولين : « هذا كلام غير حضاري ! » ، فيقال له : حضارتك هذه تَمسَّك بها لتكون عُدّتكم في الشدائـد وعند الموت وحين لقاء الله تعالى ! ؛ والجدَل مع هذا الصِّـنْفِ عقيم ، والحمد لله الذي عافانـا مِمَّا ابتلاهم به .. وفضَّلنا على كثيرٍ ممن خلَق تفضيلاً .
وإنما أَحَبَّ هؤلاء الباطل وكرهوا الحق لفسادهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميـة ~ : ( والإنسـان إذا فَسَدَتْ نفْسُـه أو مزاجه يشتهي ما يضره ويلتذّ به ، بل يعشق ذلك عشقاً يُفسد عقله ودينه وخُلُقه وبدنه وماله ! ) انتهى (1) .


الـصَّـرْع الأصـغـر والأكـبـر !

ولِـيُعلم أن أمثال أولئك الناعقين بما يسمونها ( الحضارة ) وأمثالهم هم الصرعى ، وأن بهم الصرع الأعظم كما قال ابن القيم ~ : ( ولو كُشِفَ الغطاءُ لرأيتَ أكثرَ النفوسِ البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسْرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصَّرْع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلاَّ عند المفارقة والمعاينة ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة - وبالله المستعان - ) انتهى .
ثم ذكَرَ عِلاجَ هذا الصَّرْع ، وسوف أنقله - إن شاء الله تعالى- لأنه عظيم الفائدة ، ولعلنا نتنبَّه ولا نظن أنَّ الصرعَ فقط لِمَن نسميهم مصروعين ، بل إن بعض هؤلاء يكون مصاباً بذلك وفيه دِين وخير ، فعاقبته بصبره على مصيبته خير عاقبة ، وفي قصة المرأة التي تُصْرع وتتكشف عِبْرة وتصديقـاً لِمَا ذكَـرْت ، ففي « الصحيحين » من حديث « عطاء بن أبي رباح » قال : قـال « ابنُ عباس » : ألا أُرِيك امرأةً من أهل الجنة ؟! ، قلتُ : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتَتِ النبي  فقالت : " إِنِّي أُصرع وإني أتكَشَّف فادع الله لي " ، فقال : ( إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولكِ الجنة ، وإن شئتِ دَعَوْتُ الله لَكِ أنْ يعافيكِ ) ، فقالت : " أصبِر " ، ثم قالت : " فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكَشَّف " ، فدعا لَهَا (1) .
أما الصَّرعى حَقِيقَةً فقد بَيَّن أمرَهم ابنُ القيم ~ ، وإذا كان يقول هذا القول في وقته فكيف لو رأى ما نحن فيه ؟! ، ربما قال لنا : ( أنتم مصروعين بِجِنٍّ مصروعين !! ) ، ومعلومٌ أن للجن شياطين مُسَلَّطة عليهم كما هي مُسَلَّطة على الإنس .
وإليك كلامه فتأملـه -  وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُـون  (1) - ، ونحن ليسَت ما تُسمى ( الحضارة ) دِيننا حتى نُخَوَّف بمخالفتها ! ، وإنما دِيننا الإسلام .
قال ~ : ( أما جَهَلة الأطباء وسَقَطهم وسفلتهم ومَن يعتقد بالزندقة فضيلة ، فأولئك يُنكرون صَرْعَ الأرواح ولاَ يُقِرُّون بأنها تؤثّر في بدن المصروع ، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسّ والوجود شَاهِدٌ بِه ) .
ثم ذَكَرَ أن مِنَ المعالجين لهذا الصرع من يكتفي بقوله : « أُخرج منه » ، أو يقول : « بسم الله » ، أو يقول : « لا حول ولا قوة إلا بالله » ، والنبي  كان يقول : « أُخْرُج عدو الله ، أنا رسول الله » .
ثم قال : ( وشاهدت شيخَنا « يعني شيخ الإسلام ابن تيميه ~ » يُرسل إلى المصروع مَن يُخاطب الرُّوحَ التي فيه ويقول : قال لكِ الشيخ : « أُخرجي ، فإنَّ هذا لا يحلّ لَكِ » ، فيفيق المصروع .
ورُبَّما خاطَبَها بنفْسه ، وربما كانت الرُّوح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحس بألَم .
وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً ، وكان كثيراً ما يقرأ في أذن المصروع :  أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ  (1) .
وحدثني أنه قرأها في أذن المصروع فقالت الروح : « نعم » ، ومَدَّ بها صوته قال : فأخذتُ له عصا وضربته بها في عروق عُنقه حتى تخلّت يدايَ من الضرب ، ولم يشكّ الحاضرون بأنه يموت لذلك الضرب ، ففي أثناء الضرب قالت : « أنا أحبـه » ، فقلت لها : هو لا يُحبكِ ، قالت : « أنا أريد أنْ أحج به » ، فقلت لها : هو لا يريد أن يَحُـجَّ معكِ ، فقالت : « أنا أدعـه كرامة لك » ، قال : قلت : لاَ ، ولكن طاعة لله ولرسوله  (2) ، قالت : « فأنا أخرج منه » ، قال : فقعد المصروع يلتفت يَمِنياً وشِمالاً ! .. وقال : [ ما جاء بي إلى حضرة الشيخ ؟! ] ، قالوا : وهذا الضرب كله - يعني ألم تشعر به ؟! - فقال : [ وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ؟! ] ، ولَم يشعر بأنه وقع به ضرب البتّة .
وكان يُعالِج بآية الكرسي ، وكان يأمر بكثرة قراءة المصروع ومَن يعالجه بها وبقراءة المعوِّذتين .
وبالجملة .. فهذا النوع من الصَّرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل الحظِّ من العلم والعقل والمعرفة ) انتهى (1) .
أقول : كثيرون في زماننا - لا كثَّرهم الله - ينكرون ذلك ويسخرون منه ، وذلك من بعض بركات علوم الكفرة التي غرقوا في لُجج بحارها ! ، وما فُتحت عليهم في هذا الزمان الدجَّالي إلا لِهَوانِهِم على خالقهم ، ولأن عقولَهم غير قابلة لِتَلَقِّي موروث الصادق المصدوق  ، ولذلك يحتقرون المؤمنين وَهُمُ الأراذل الأسافل ! .
الصـرع الأكـبـر :
ثم قال ابن القيم ~ بعد الكلام السابق مبيناً الصرع الذي يظن صاحبه أنه أعقل الناس وأكملهم مع أنَّ فيه الصرع الأكبر ، وقد ملأ هذا الصنف الأرض اليوم ! .
قال : ( ولَوْ كُشِف الغطاء لرأيتَ أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة وهي في أسْرِها وقبضتها ، تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة - أي عند فراق الدنيا ومعاينة الآخرة - ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة - وبالله المستعان - ) انتهى (2) .
وحيث قد تقدم بيانه ~ لعلاج الصرع الأصغر والأهون ، فتأمل الآن بيانه وإرشاده لعلاج الصرع الأكبر ، ولا ريب أن غفْلتنا عن هذا الأمر العظيم وترك معالجته لا تدل دلالتها إلا على استحكام هذا الصرع فينا مع فساد شعورنا به ! .
عـلاج الصـرع الأكـبـر :
قال ابن القيم ~ : ( وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمان بما جاءت به الرسل ، وأن تكون الجنة والنار نصب عينه وقِبْلَةَ قلبه ، ويستحضر أهل الدنيا وحلول الْمَثُلاَت والآفات بهم ، ووقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر وهم صرعى لا يفيقون ؛ وما أشَدّ هذا الصرع ، ولكن لَمَّا عمَّت البلية به بحيث لا يُرى إلاَّ مصروعاً لَمْ يصِر مستغرَبـاً ولاَ مستنكَراً ، بل صار لكثرةِ المصروعين عين المستنكَر المستغرَب خلافه (1) .
فإذا أراد الله بعبدٍ خيراً أفـاق من هذه الصَّرْعَـة ونَظَر إلى أبناء الدنيا مصروعين حَولَه يميناً وشمالاً على اختلاف طبقاتهم ، فمنهم من أطبق به الجنون ، ومنهم مَن يُفيق أحياناً قليلة ويعود إلى جنونه ، ومنهم مَن يُفيق مرةً ويُجَنّ أخرى ، فإذا أفـاق عَمِلَ عَمَلَ أهل الإفاقـة والعقل ، ثم يُعـاوده الصرع فيقع في التخبيط ) انتهى (2) ؛ وهذا ليس بخارجٍ عن موضوعنا ، ففيه موعظة بليغة وفتحُ بابٍ للتفكُّرِ السليم .


رُقـاة مِـمَّـن هَـبَّ ودَبّ !


وفي زماننا هذا يَقرأ على المرضى والمصروعين مَن هَبَّ وَدَبّ ! ، وهذا خلافُ ما كان في الماضي حيث لا يتولى ذلك إلا الصُّلَحَاء .
وبعضُ الجهال إذا رأى الراقي يُخاطب الجني الذي في المصروع يَظن أن هذا لَم يحصل إلا لِعُظْمِ شأنِ هذا الراقي ! ، وليس الشأنُ في كلام الجني على لسان المصروع ، فقد يتكلم ويزيد في أذاه ، وإنما الشأن أن يخرج ولا يعود ، وهذا نادرٌ حصولُه ، والمراد أن الجهال يُعظِّمون الراقي لأجلِ مُجَرَّد محاورته للجني ، وكثيِرٌ من الجن في المصروعين يَسخرون بالراقي ويتلاعبون به .
عن « الأعمش » ~ قال : حدثنا رجلٌ كان يُكَلِّم الْجِـنّ ، قالـوا : ( ليس علينا أشد مِمَّن يتَّبِع السُّنة ، وأما أصحابُ الأهواءِ فإنا نلعبُ بهم لَعِباً ! ) انتهى (1) .
وأخيراً ؛ فَلْـيُعلم أنَّ المراد مِمَّا تقدم التنبيه والنصيحة ، ولعل مَن أخطأ أن يعود إلى رُشده ، لأنَّ كثيراً من رُقاة زماننا بحاجة إلى مَن يَرْقِيهِم ! .
وكل ما تقدَّم من الكلام هو في شأن الرقية الشرعية النَّقية ، أمَّا الرقية بالسحر والشعوذة ونحو ذلك فشيء آخر وسيأتي الكلام عليه قريباً إن شاء الله .
ثم تأمل فضل الله - عزَّ وَجَل - ورحمته ، فليس كل الجن عصاة لربهم ، ويكفي في بيـان ذلك ما ذكره الله - سبحانه وبحمده - في سورة ( الجن ) ، لكن ها هنا قصة فيها عَجَب ، وهو مِنَّـة الله - عَزَّ وَجَل- على إنسي بدعوة جِنِّي كان له مُضِلاً فصَار هادياً بفضل الله - تعالى - .
فقد كان ( خُنافر بن التوأم الحميري ) قد أُوتي بسْطة في الْجِسم وسَعَة في المال ، وكان عاتياً .
فلمَّا وفدت وفودُ اليمَن على النبيِّ  ، وظهر الإسلام ؛ أغارَ « خُنافِر » على إبِلٍ لِـ « مُرَاد » فاكْتَسَحَها ، وخرَجَ بأهله ومالِهِ ولَحِق بالشِّحْر (1) ، فحَالَف « جودان بن يحيى الغرضمي » - وكان سيداً منيعاً - ، ونزَل بِوَادٍ من أودية الشِّحْر - مُخْصِبٌ كثير الشجَر من الأيك والعرين - .
قال « خُنافِر » : ( وكان رَئيِّي (2) في الجاهلية لا يكاد يتغيَّب عني ، فلمَّا شاعَ الإسلامُ فقدته مُدَّةً طويلة وسَاءني ذلك ، واسمه « شِصَارٌ » ؛ فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائم إذ هوى هَوِيَّ العُقاب فقال : خنافر ؟! .
قلت : نعم ؟! ؛ فقال : إسمع ، أقل ؛ قلت : قل ، أسمع ؛ فقال : عِـهْ تغنم ، لكلِّ مُدَّةٍ نهاية ، وكل ذي أمد إلى غاية ، قلت : أجل .
فقال : كلُّ دولةٍ إلى أجَل ، ثم يُتاح لَهَا حِوَل ؛ أُنتسِخَتِ النِّحَل ، ورجعت إلى حقائقها الملل، إنك سَجِير (1) موصول ، والنصح لك مبذول ، وإني آنست بأرض الشام نَفَراً من « آل الفدام » (2) ، حُكَّاماً على الحكام ، يَذْبرون (3) ذا رَوْنق من الكلام ، ليس بالشعر المؤلَّف ، ولا السجع المتكلَّف ؛ فأصغيتُ فزُجرت ، فعاودت فظُلِفت (4) .
فقلتُ : بِمَ تُهينمُون (5) وإلاَم تَعْتزُون ؟! ؛ قالوا : [ خِطَابٌ كُـبَّار ، جاء من عنـد الْمَلِك الجبار ، فاسمع يا « شِصار » عن أصدق الأخبار ، واسلك أوضح الآثار ، تَنْجُ من أُوَارِ النار ] ؛ فقلت : وما هذا الكلام ؟! ؛ قالوا : [ فرقان بين الكفر والإيمان ، رسُولٌ من مُضَر ، من أهل المدر ، أُبْـتُعِث فَظَهَر ، فجاء بقولٍ قدْ بَهَر ، وأوْضَح نهجاً قد دثر ، فيه مواعظ لِمَن اعتَبَر ، ومَعَاذ لِمَن ازدجر ، أُلِّف بالآيِ الكُبَر ] .
قلت : ومَنْ هذا المبعوث من " مُضَر " ؟! ؛ قالوا : [ " أحمد " خير البشر ، فإنْ آمَنْتَ أُعطيتَ الشَّـبْر (6) ، وإنْ خالَفْتَ أُصْلِيتَ سَقَر ] .
فآمنتُ يا « خُنافِر » ، وأقبلتُ إليك أبادر ، فجانِب كلَّ كافـر ، وشايع كلَّ مؤمنٍ طاهـر ، وإلاَّ فهو الفراق لا عَن تَلاَق ! .
قلتُ : مِن أينَ أبغي هذا الدِّين ؟! ؛ قال : من ذات الأَحَرَّيْن (1) ، والنَّفَر الميامين ، أهل الماء والطين ؛ قلت : أوضِح ! ؛ قال : إلحق بـ " يثرب " ذات النخل ، والحرَّة ذات النعل ، فهناك أهل الطَّوْل والفضل ، والمواساة والبذل .
ثُمَّ امَّلَسَ (2) عني ؛ فَبِتُّ مذعوراً أراعي الصباح ، فلمَّا بَرَق لي النور امتيطت راحلتي ، وآذنت (3) عبدي ، واحتملت أهلي حتى ورَدْتُ " الجوف " ، فرددتُ الإبلَ على أربابِهَا ، فحُولَهَا وسِقَابَها (4) ، وأقبلتُ أريد " صنعاء " ، فأصَبتُ بِهَا « مُعَاذَ بنَ جبل » أميراً لرسولِ الله  ، فبايعته على الإسلام وعلَّمَني سُوَراً من القرآن ، فَمَنَّ الله عَلَيَّ بالهدى بعد الضلالة ، والعلم بعد الجهالة ؛ وقلتُ في ذلك :
ألَـمْ تـَرَ أنَّ اللـهَ عَـادَ بِفَـضْـلِـهِ
فَأَنْقَذَ مِنْ لَفْـحِ الْجَحِيـمِ « خُنَافِـرَا »
وَكَشَّـفَ لِي عَـنْ حَجْمَتَـيَّ عَمَاهُمَـا
وَأوْضَحَ لِـي نَهْجِـي وَقَـدْ كَـانَ دَاثِرَا
دَعَانِـي « شِصَارٌ » لِلَّتِـي لَوْ رَفَضْـتُهَا
لأُصْلِيتُ جَمْراً مِنْ لَظَى الْهُوبِ وَاهِـرَا (1)
فأصْبَحْتُ وَالإِسْـلاَمُ حَشْـوُ جَوَانِحِـي
وَجَانَبْتُ مَـنْ أمْسَى عَـنِ الْحَـقِّ نَافِـرَا
وَكَـانَ مُضِلِّـي مَـنْ هُـدِيتُ بِرُشْـدِهِ
فَلِلَّـهِ مُـغْـوٍ عَـادَ بِالـرُّشْـدِ آمِـرَا
فَمَـنْ مُبْلِـغٌ فِتْيَـانَ قَوْمِـي أَلُوكَـةً (2)
بِأنِّـيَ مِنْ أقْـتَـالِ مَـنْ كَـانَ كَافِـرَا
عَلَيْكُـمْ سَـوَاءَ القَصْـدِ لاَ فَـلَّ حَدّكُمْ
فَقَدْ أَصْبَحَ الإِسْـلاَمُ لِلْكُفْـرِ قَاهِـرَا (3)

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 12-09-2006, 11:47 PM   #2
معلومات العضو
أزف الرحيل
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

قـُوُت الـشـيـطـانِ فـي الـقـلـب

ولقد كثُر وشاع الكلام عن السِّحر والسَّحَرة والمشعوذين في هذه الديار ، وكثُرت الإصابات بذلك من الصرع ، وما يُسمى بـ ( الأمراض النفسية ) ، وغير ذلك ؛ مِمَّا لَمْ يكن يُعرف منذ حوالي ( سِتِّين ) سَنَةٍ إلا ما لا يكاد يُذكر ! .
ولَمَّا تحوَّل المسلمون منذ ذلك الوقت هذا التحوُّل المبعد لهم عن دينهم ، وهو بجملته التشَـبُّه بالكفار في كل شيء ، حيث أدخلوا الخوارق الشيطانية الممثِّلَةِ للصُّوَر والأصوات والغناء ، وغير ذلك في بيوتهم ؛ ورَبَّوْا أولادَهم وبناتهم على غير هدْيِ نبيهم  في التعليم والعمل ؛ ومَلأَتِ الأجانبُ البلدانَ من رجال ونساء .. فلذلك حَلَّتِ العقوبات الدنيوية من الصَّرْع والأمراض والسحر من خدَمٍ وخادمات وغيرهم ! .
وليس العجَب من هذا فنحن نستحقه وأعظم منه بما كسبت أيدينا لأننا غيَّرنا وبدَّلنا ، وإنما العجَب أنه لا أحد يتحصَّن منه ويحاذره ويُحذِّر منه برفع أسبابه وموجباته وجواذبه ودواعيه ليحصل شفاء القلب والبدن بإذن الله تعالى .
وكأنَّ ما سار عليه أكثر الناس في هذا الزمان لا خَلَل فيه ولا ضرَر ، ولا تَعَرُّضَ فيه للخطَر ! .
وكأنه لا بدَّ لكَ أن تُسايِرهم ولو أوْردُوكَ مواردَ الْهَلَكَة ! .
إنَّ أنفعَ عِلاَجٍ لِهَذه الأمراضِ الحادثةِ هُوَ التوبةُ الصادقة بخروج الإنسان مما دخَل فيه من هذه الظلُماتِ المخالِفة لِهَديِ المسلمين ، الدخيلة عليهم من الكفَرة كما دخَل فيها ، وبمباعدتها كما اقترب منها ، وببغضها وإنكارها كما أحَبَّها وألِفَها ، وأما مَن أحاط نفْسَه بقُوتِ الشيطانِ وجَواذبِهِ فلاَ يلومنَّ إلاَّ نَفْسَه ! .
وإليك البرهان العقلي على ما تقدَّم :
قال الإمام ابن القيم ~ في كلامـه على لَمَّةِ الْمَلَك ولَمَّةِ الشيطـان : ( والشيطان يَلِمُّ بالقلب لِمَا كان هناك من جواذب تجذبـه ، وهي نوعـان : " صفات ، وإرادات " ؛ فإذا كانت الجواذب صفات قَوِيَ سلطانه هناك ، واستفحل أمره ، ووجد موْطِناً ومَقَرًّا ، فتأتي الأذكار والدعوات والتعوذات كحديث النفس لا تدفع سلطان الشيطان ، لأن مركبه صفة لازمة ، فإذا قَلَع العبد تلك الصفات وعَمِل على التطهُّر منها والاغتسال بقي للشيطان بالقلب خَطَرَات ووساوس ولَمَّات من غير استقرار ، وذلك يُضعفه ويُقَوِّي لَمَّةَ الْمَلَك ، فتأتي الأذكارُ والدعواتُ والتعوذاتُ فتدفعه بأسهل شيء .
وإذا أرَدتَ لذلك مِثالاً مُطابِقاً فَمَثله مثل كلبٍ جائعٍ شديدِ الجوع ، وبينك وبينه لَحْمٌ أو خُبْزٌ وهو يتأمَّلَك ويراك لا تقاومه ، وهو يقرب منك ، فأنت تزجره وتصيح عليه ، وهو يَأْبَى إلاَّ التَّحَوُّم عليك والغارة على ما بين يديك .
فالأذكار بِمنْزِلة الصِّياحِ عليه والزجر له ، ولكن معلومه ومراده عندك وقد قربته عليك ؛ فإذا لَم يكن بين يديك شيء يصلح له وقد تأملك فرآك أقوى منه فإنك تزجره وتصيح عليه فيذهب ؛ وكذلك القلب الخالي من قُوُتِ الشيطان ينْزَجِر بمجرد الذِّكْر ، وأما القلب الذي فيه تلك الصفات - التي هي مركبه وموطنه - فيقع الذِّكر في حواشيه وجوانبه ولا يقوى على إخراج العدو منه ) انتهى(1) .
وقد بيَّنتُ لك قُوتَ الشيطانِ فيما تقدم - والحمد لله - ، وأعيد هنا كلامَ شيخ الإسلام ابن تيمية لأنَّ المثال السابق كالشرح له :
قال ~ : ( وإبليس وجنوده من الشياطين يشتهون الشَّرَّ ، ويلْتَذُّون به ، ويطلبونه ، ويحرصون عليه بمقتضى خُبث أنفسهم وإن كان مُوجباً لعذابهم وعذاب من يُغْوُونـه ، كما قال إبليس :  فَبِعِزَّتِـكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۞ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ  (2) ) انتهى (3) .
فالمكانُ الذي فيه ما يُسخِط الله تَقرُبُ منه الشياطين ، وتحرص عليه ، وتشتهيه ، وتلتذُّ به كحرص الكلبِ الجائعِ على اللَّحم والخبز ونحوهِ ؛ فتأمل ! .


حَـلُّ الـسِّـحْـرِ بـسِـحْـرٍ مِـثـلِـه




وحيثُ قد تبينَ ما هو قُوُتُ الشيطان الذي يجذبه ويقربه إلى قلب العبد وأنه المعاصي فإنَّ من أعظم قوته وأشهاه له أن ينصرف قلب العبد عن خالقه بتوجُّه إرادته إلى ساحِرٍ نَجِسٍ مُوَالٍ للشيطان ليحلّ عنه السِّحْرَ ونحوه .
وليعلم مَن فَعَل ذلك أنَّ الثمَن هوَ دِينه ، وأنه لَم تتحرك نيته وإرادته بالتوجُّه إلى السَّاحر إلاَّ لفساد اعتقاده وظَـنِّه بالله ظَنَّ سوء ، وإلاَّ فَلو صَدَق الله وعَلِمَ أنَّ الأمرَ كلَّه له - سبحانه - وأنَّ السَّحَرَة وشياطينهم تضُرُّ ولا تنفع لَمَا استقرَّت في قلبه إرادةُ ذلك فَضْلاً أن يفعله لورود النهي الأكيد عن ذلك ، وأنه مِن عَمَلِ الشيطان ، وحرام فِعْله حيث إنه لا يحصل إلا بالتقرب إلى الشيطان وَعَمَلِ أوْ قَوْلِ ما يُرضيه من السَّاحر ، وَمِمَّن يأتِي إليه .
أما الساحر فلم يحصل له السِّحر إلا بالكفر ، وأما مَن يأتيه لِحَل السحر فإنما أَتاه لإدباره وإعراضه عن ربه وما شَرَع له من الرقية بالقرآن والأذكار والدعاء ، ومن الأدوية المباحة إلى عدو الله الساحر الخبيث الكافر ، مع علمه أنه شيطانُ إنسٍ يتقرب إلى شيطان جِنّ ، فأي خير يُرجى بهذا الْمَسْلَك ؟! ؛ فلينظر مَن أتى الساحر بِمَن تعلَّق قلبه في الشِّفَاء ! ، فقد قال رسول الله  : ( ومَن تعلق شيئاً وُكِل إليه ) (1) ؛ قال الشيخ « عبد الرحمن بن حسَن آل الشيخ » ~ : ( أَيْ مَن تعلَّق قلبه شيئاً بحيث يعتمد عليه ويرجوه وَكَله الله إلى ذلك الشيء ) انتهى (2) .
إنَّ الذين يذهبون إلى السحرة يرجون نفعهم إنما يزدادون سوءاً ، ولو ندَر وحصل بعض النفع فهو كنفع الخمر بل أشَدّ ، وحسْبك أنه نفعٌ للبَدَن بفساد الدِّين ، وذلك خسران مبيـن ، وأنَّى لهم النفـع والله - عزَّ وجل - يقـول :  وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى  (3) ! ، فهذا خبر بشمول الضرر ! .
والتحذير هنا لِمَن قد يغتر بفتاوى قومٍ لَم يتقوا الله في المسلمين فيفتحون لهم أبواب الضلالة بفتاويهم الضالة حيث يُهَوِّنون عليهم حلَّ السحر بإتيان الساحر وهو ( الـنُّشْرة ) التي هي حل السحر بسحر مثله .
والساحر مادته شيطانيـة ، ويكفي مَن أتـاه من الخسران أنه استعان بالشيطان مُعْرِضاً عن ربه الرحمن .
وحَسْبُ مَن أتى الساحر أنه أتى مَن نفى الله عنه وعن عمله الفلاح في قوله - تعالى- :  وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى  ؛ فأيُّ خيرٍ يرجى وأيُّ شَرٍّ يُتقى بعد هذا ؟! .
وقد بوَّب الشيخ « محمد بن عبد الوهاب » ~ في كتابـه ( التوحيد ) لهذه المسألة باباً خاصاً عنوانه : ( باب ما جاء في " النُّشْرَة " ) ، وذَكَر حديث « جابر بن عبد الله »  أنَّ رسول الله  سُئل عن النشرة ، فقال : ( هي مِن عَمَل الشيطان ) (1) .
وقال : ( ورُوِيَ عن الْحَسَن " البصري " أنه قال : " لا يَحِل السِّحر إلاَّ سَاحِر" ) .
وقال : قال ابن القيم : ( " النشرة " حَلُّ السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُور ، وهي نوعان : أحدهما : حل بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان ، " وعليه يحمل قول الحسَـن - يعني : أنه لا يحل السحر إلاَّ ساحر - " .
فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب ، فيبطل عمله عن المسحور .
والثاني : النشرة بالرقيـة والتعوُّذَات والأدويـة والدعوات المباحة فهـذا جائز ) انتهى (2) .
وفي ( فتح المجيـد (3) ) قال الشارح ~ : ( والحاصل أنَّ ما كان منه بالسِّحْر فيَحْرُم ، وما كان بالقرآن والدعوات والأدوية المباحة فجائز ، والله أعلم ) انتهى .
وقد جاء عن النبي  أنه قال : ( فلاَ تأتوا الكُهَّان ) (1) ، وقال رسول الله  : ( مَن أتى كاهناً فصدَّقه بِمَا يقول فقد كَفَر بِمَا أُنْزِل على محمد  ) (2) ، والساحر أخبث من الكاهن .
وقد قال « عبد الله بن مسعود »  : ( مَن أتى كاهناً أوْ ساحراً فَصَدَّقه بِمَا يقول فَقَد كَفَر بِمَا أُنزِل على " محمد "  ) (3) .
فالْحَذَر الْحَذَر مِن هذا الخطر ، فلا يجوز إتيان الساحر للرقية ، وقد بين الرسول  أنَّ الله لَم يجعل شفاء أمته فيما حرَّم عليها ، والسِّحر مُحَرَّم بالإجماع ؛ وقد قال النبي  : ( ولا تَدَاوَوْا بِحرام ) (4) .
قال ابن القيم ~ : ( وهنا سِرٌّ لطيف في كون الْمُحَرَّمَات لا يُستشفى بها ، فإنَّ شَرْطَ الشفاءِ بالدواء تلقِّيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء ، فإن النافع هو المبارك وأنفع الأشياء أبركها ، والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حلَّ ، ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مِمَّا يَحُول بينه وبين اعتقاد بَرَكَتِها ومنفعتها وبين حُسْنِ ظنه بها ، وتلقى طبعه لها بالقبول ، بل كلما كان العبد أعظم إيماناً كان أكره لها وأسوأ اعتقاداً فيها ، وطبعه أكره شيء لها ؛ فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء إلا أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة ، وهذا ينافي الإيمان ، فلا يتناولها المؤمن قط إلا على وجـه داء ) انتهى (1) .
قوله ~ : ( فإذا تناوَلَهَا في هذه الحال كانت داءً له لا دواء ) يعني في حال حضور إيمان العبد واعتقاده كُفْر الساحر وشُؤْمه ونفي الفلاح عَمَّا يأتيه فتزداد العِلَّة بإتيانه .
وقوله : ( إلاَّ أنْ يزول اعتقاد الْخُبْث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة ، وهذا ينافي الإيمان ) يعني أنْ يعتقد في الساحر أنه مبارك وطيِّب ولا ضَرَر في إتيانه ، فهذا معنى قوله : ( وهذا ينافي الإيمان ) ، وهما أمران أحلاهما مُرّ - والعياذ بالله - ، ويا ويل مَن أباح إتيان السَّحَرة ، قال الله - تعالى - :  لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ  (2) .
وإنه لا يُستبعد مع هذه الفتاوى الضالة الْمُضِلّة أنْ يَرُوَّج احتراف السحر للرقية ، ويكثر السحرة ، ويروج تعلُّم السِّحْر وتعليمه والمجاهرة بذلك كلِّه ! .
أمَّا ما يـذكر عن « سعيد بن المسيب » ~ من قولـه : ( لا بأس به ) - يعني النشرة - فحاشاه أن يُريد به النشرة السِّحْرية الْمُحَرَّمة ، وإنَّما أراد ~ بالنشرة الرقية الشرعية ، وسميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامَرَه من الـداء ، أي : يُزال ويكشف (1) .
أما قول « عائشة » - رضي الله عنها - لرسول الله  : " يا رسول الله .. هَلاَّ تَنشَّـرْت ؟! " فقد أجابَها # بِما هو حجة على الْمُبطلين حيث قال  : ( أمَا واللهِ فقد شَفَانِي ، وأكْرَه أنْ أُثير على أَحَدٍ مِن الناس شَرًّا ) (2) .
فالْمُجِيزُ إتيانِ السَّحَرَةَ للنشرة يفتح على الناسِ شَرًّا بنصِّ قول الرسول  ؛ وعائشة - رضي الله عنها - ليست مُشَرِّعَة ولَم تكن تعلم حرمة ذلك ، فبين لَهَا النبِيُّ  أنَّ ذلك يفتح على الناس شَرًّا .
والعَجَب أنْ يستدل - أيضاً - مَن يُجيز الـنُّشْرة السِّحْرية بقوله : ( وإن كانوا يقصدون  وَلاَ يُفْلِحُ  بمعنى أنه لن ينجح في العلاج وحلِّ السِّحْر ، فنقول لهم : القـرآن يُكَذَّب هذا المعنى الذي يقولون بـه ، فالله - عَزَّ وَجَل - يقول :  فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ  (3) ، فيحصل منهم التفريق والواقع يؤكد أن السحرة ينجحون في حله ؛ وبالتالي لا يمكن أن نفسر تلك الآية بأن الساحر لا ينجح في حل السحر لأن هذا مصادم للقرآن وللواقع ) انتهى .
ويقال له : بل أنت بتَسْميتك التفريق بين المرء وزوجه وحلّ ذلك نجاحاً مصادمٌ للقرآن حيث قال - تعالى - :  وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  (1) ، فَبَيَّن - تعالى - أنهم يضرون ولا ينفعون ، وإنما نفعهم بحل السحر كما أثبت - سبحانه - أنَّ للخمر نفْع ، كذلك فقد نفى الله عنهم الفلاح - كما تقدم - ، فإثبات ضررهم ونفي نفعهم ونفي الفلاح عنهم وعما يأتونه يكفي بعضه لِمَن أهَمَّه دينه للجزم بحرمة ذلك وعدم جوازه بِحَال .
والنجاح الْمَزعوم في ذلك أعظم حُرمَةً وخبثاً وقُبحاً من انتفاع البَدَن بالخمر ، لأنَّ التوجه إلى الساحر بهذا القصد يترتب عليه فساد الاعتقاد بخلاف الخمر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على ما تغلِبُ مفسدتُه على مصلحته ؛ قال ~ : ( أمَّا إذا غَلَبَتْ مفسدته فإنه لا يكون مشروعاً بل مَحْظُوراً ، وإنْ حصَل به بعض الفائدة ؛ ومن هذا الباب تحريم السِّحر مع ما لَه من التأثير وقضاء بعض الحاجات ) انتهى (2) .
أنظر قوله : ( وإنْ حصَل به بعض الفائدة ) وقوله : ( مع مَالَه من التأثير وقضاء بعض الحاجات ) ! ؛ وقال ~ : ( والسِّحْر مُحرَّم بالكتاب والسُّنة والإجماع ) (1) ؛ وقال : ( ومعلومٌ بالاضطرار من دِين الإسلام أنَّ السِّحر من أعظم الْمُحَرَّمات ) انتهى (2) .
وليعلم مَن يذهب إلى السَّحرة لِحَلِّ السِّحر أنه يُقرُّ السَّحرة على كفرهم ، بل ويعينهم على ذلك لأنهم كما قال شيخ الإسلام : ( والشيطان هو نفْسه خبيث ، فإذا تقرَّب صاحب العزائم والأقسام وكَتَبَ الرَّوْحانيات السِّحْرية وأمثال ذلك إليهم بِمَا يُحبونه من الكفر والشرك صارَ ذلك كالرِّشوة والبِرْطِيل لهم ، فيقضون بعضَ أغراضـه كَمَن يُعطي غيرَه مالاً ليقتل له مَن يُريد قَتْلـه أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة .
ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلامَ الله بالنجاسة ، وقد يقْلبون كلام الله - عز وجل - إمَّا حروف " الفاتحة " وإمَّا حروف " قل هو الله أحد " وإما غيرهما ، إمَّا دم وإما غيره ، وإما بغير نجاسة ، أو يكتبون غير ذلك مِمَّا يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك ، فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم ) انتهى (3) .
فلينظُرْ مَن يذهب إلى السَّحَرة لِحَلِّ السحر ما سوف يدخل فيه مِن الظّلُمَات التي لن ينجيه منها مَن أفتاه ! .
أمَّا قول مَن أفتى بجواز الذهابِ للسَّحَرة لِحَلِّ السِّحْر : ( والذين يأمرون الناس بالاقتصار على الرقية يُخالفون ما فعله الرسول من استخراج السِّحر وحلِّه ) فيقال له : ما أفقهك ! ، وهل استخرج الرسول  السحر بإتيان الساحر أو بإتيان الوحي إليه ؟! ، فكيف يستدل بهذا ؟! ، والرسول  قال : ( وأكره أنْ أُثير على أحدٍ من الناس شَـرًّا ) ، فالْمُحتَجُّ بالنجاح المزعوم بإتيان الساحر أقبح من المحتج بنفع الجسم بالخمر - كما تقدَّم - ، وقد فَتَح على الناس شراً ولن ينفعهم عند الله ؛ لكن إذا علِم المسحور بما رُبِط له من عُقَدٍ أو نحوها مِن مَخَارِق مَن سحَرَه فيحلّها بَحَرْقها أو إتلافها دون واسطة السَّاحر فهذا شيء آخر ولا بأس به .
ثم قد يُقال : ( قد يدَّعي مدَّعٍ الاضطرار باللجوء للساحر ) ، فالجواب : أنَّ ذلك باطل ، ولا ضرورة تُلجئ إليه إلاَّ لِمَن أيِسَ من رَوْح الله وظَنَّ بالله السوء ، وأن الاستشفاء بكلامه وذكره ودعائـه وما جعله الله سبباً للشفاء من العلاجات الطبيعيـة غير المحظورة لا ينفع ولا يفيد ، وإنما الشفاء والعافية عند الساحر ، وقد قال رسول الله  : ( إن الله لَم يَجعل شِفَاءكم في حرام ) (1) .
وبالجملة فقد تبين ما في هذا الأمر العظيم والخطر الجسيم من مخالفة الخالق الكريم ورسوله  الشفيق الرحيم ، وما يترتب على ذلك من فساد العقيدة ، فالحذَر من مُوجِبَات الخطَر وجالبات الضَّرَر .
ولا شكَّ أنَّ مَن لَم يَهُـون ويَرْخُص عليه دِينه لو ضُمِن له الشفـاء عند الساحر - الرِّجْس ، النَّجِِس ، عدوِّ ربه - فإنه لا يأتيه لِعِلْمه أن شفاء بدنه عنده ثَمَن لفساد دينه ! ، كيف وهؤلاء السحرة الأخابث يزيدون العلَّة ! ، كيف وهو لَم يُعدم من الطُّرُق الشرعية السليمة لشفائه كما تقدم بيانه - ولله الحمد والمنة - .
قال « عبد الله بن مسعود »  : ( إنكم تَرَوْنَ الكافرَ مِن أصَحِّ الناس جِسماً وأمرضهم قَلْباً ، وتلْقَوْن المؤمن من أصَحِّ الناس قلباً وأمرضهم جِسْماً ! ، وأيْمُ اللهِ لو مَرِضَت قلوبُكم وصَحَّت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الْجُعلان ! ) انتهى (1) ؛ فتأمَّل هذا الأثر حقَّ التأمل .
والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا به .

بيان تعظيم ذكر الله

● بيان فداحة الاستهانة بذِكر الله تعالى .
● ذكر آيات قرآنية في تعظيم الله تعالى ، وبيان عظمته سبحانه وبحمده .
◙ ذِكرُ أمثلة تبين فظاعة ما يحصل في وقتنا من الاستهانة بذِكْر الله تعالى .
● الْحَثُّ على حَمْل ورَفْع الأوراق و ( الجرائد ) الْمُتَسَاقطة في الطُّرقات وغيرها
لِكَونِها لا تخلو في الغالب من ذِكْرِ الله تعالى وأسمائِهِ الحسنى .
● ذِكرُ بعض قصص السلف في تعظيمهم واحترامهم ذِكرَ الله عزَّ وجل .
◙ التعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة يورث الاستهانة بِذِكر الله تعالى .
● ذِكر بعض الآثار والقصص حول عواقب التعلق بالدنيا .
● ذِكر مَشْهد من مشاهد زيـارة اللهِ ملِك الملـوك - جلَّ جلاله - في الجنـة
- الذي استهان بذِكْره كثير من الناس اليوم - .
● ذِكر بعض أقوال السلف في التحذير من النار ، وذكر بعض ما يجري لهم من
خشية الملك الجبار .


بـيـانُ وجـوبِ تـعـظـيـمِ واحـتـرامِ ذِكْـرِ اللهِ - عَـزَّ وَجَـل



حيث قد تبين - مِمَّا تقدم - بشاعة ما يحصل في زماننا من اتخاذ الرقية الشرعية حِرفةً وتجارة ؛ فإن ذلك دون شك من إهانة ذكر الله تعالى ، حيث إنَّ التعيش بكتابه الكريم - الذي هو أعظم الذِّكر - وطلب الأجْرة عليه من أعظم الإهانـة له ، ولهذا فإنه من المناسب هنا بيـان وجوب تعظيمِ واحترامِ ذِكْرِ اللهِ - عزَّ وَجَل - .
وقد تبين مِمَّا تقدم أن الشياطين يقوى تأثيرها وحضورها حيث وُجِدَت معاصي الله ورسولـه  ، وأنه تَوفَّر لَها في وَقتِنا ما ليس في غيره ، فما الظَّنُ بقربِهَا وفرحها وقوتِها عند إهانة أسمـاء الله - عزَّ وجَلَّ - ، وإهانة كلامه وكلام رسوله  ؟! .
إنَّ هذا لا يحتاج كثير كلامٍ لبيانه ، بل يكفي ذِكره ! .
ولقد انفرد وقتنـا وتَميَّز بلا منازع ولا منافس بذلك ! ، إذْ لا يُعهد من حين أهبط الله ( آدم ) - عليه السلام - إلى الأرض أن تُهان وتُمتَهن أسماء الله بل وكلامه وكلام رسوله  كما يحصل في زماننا !! .
نَعَم ، لو قيل : ( لَم تكثر وتتوفر الكتابة في مثل وقتنا حيث صارت الكتب والدروس والصحف والجرائد والأوراق في كل مكان ) ، فهذا ظاهر ، لكن مع هذا لم يحصل عدم الاكتراث والمبالاة والتمعُّر لذلك مثل ما حصل في وقتنا ، وإنها - واللهِ - مصيبة عظيمة ! ؛ ففي " المزابل " ومع ما يُستقذر وفي الطرق ترى الجرائد وغيرها مما فيه آيات وأحاديث وأسماء الله وهي في غاية الامتهان ، مع خلطها بالصور المحرمة والباطل ، وقَلَّ أن تجد من يراعي ذلك ويهتم به .
وانظر ما فعل « عبد الملك بن مروان » من تعظيم اسم الله - تعالى - ، حيث وقع منه ( فِلْـسٌ ) في بئرٍ قَـذِرَة ، فاكْتَرَى عليه بثلاثة عشر ديناراً حتى أخرجه منهـا ، فقيل لـه في ذلك ؟! ، فقال : إنه كان عليه اسم الله - عزَّ وجل - (1) .
وتأمل الآن ما جاء في هذا الحديث القدسي ، فعن « عُميرِ بنِ عبدِ اللهِ » قال : خَطَبنا « عليُّ بنُ أبي طالب »  على مِنبر " الكوفة " ، قال : كنتُ إذا سَكَتُّ عن رسول الله  أبتدئني ، وإنْ سألته عن الخير أنبئني ، وإنه حدثني عن ربه ، قال : قال الربُّ - عزَّ وَجَل - : ( وعِزَّتِي ، وجلاَلِي ، وارتفاعي فوق عَرْشي ؛ ما مِن أهل قريـةٍ ولا بيتٍ كانوا على ما كَرِهتُ من معصيتي ، ثم تحوَّلوا عنها إلى ما أحببتُ من طاعتي ؛ إلاَّ تحوَّلتُ لهم عمَّا يكرهون من عذابِي إِلَى ما يُحِبُّون مِن رحْمَتِي ) (2) .
قال « محمد بن الدينوري » : سمعت « بِشْرَ بنَ الحارثِ » وسُئل : ما كان بدءُ أمْرِك ، لأنَّ اسمك بين الناس كأنه اسم نبي ؟! ، قال : ( هذا من فَضْل الله ، وما أقول لكم ؟! ..كنت رجلاً عيّاراً (1) صاحب عصبية ، فَجُزْتُ يوماً ، فإذا أنا بقرطاس في الطريق ، فرفعته فإذا فيه :  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  ، فمَسَحته وجعلته في جيبي ، وكان عندي درهمان ما كنت أملك غيرهما ، فذهَبْتُ إلى العطَّارين ، فاشتريت بهما غالية (2) ومَسَحْته في القرطاس ، فَنمْتُ تلك الليلـة ، فرأيتُ في المنام كأن قائلاً يقول : " يا بشر بن الحارث ؛ رَفَعْتَ اسْمَنا عن الطريق وطـيَّبته ، لأُطَـيِّبَنَّ اسْمَك في الدنيا والآخرة " ، ثم كان ما كان ! ) انتهى (3) .
وإنما حصل لـ « بِشْرِ بنِ الحارث » ما حصل لأنه قام بقلبه من تعظيم ربه وحُبِّهِ ما كان سبب فضْلِ الله عليه ، فإن الجزاءَ من جنس العمل ،  وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ  (4) .


أمـثـلـة تُـبـيِّـن فـظـاعـةَ مـا يَـحـصـُل فـي وقـتِـنَـا
مِـنَ الاسـتـهـانـةِ بـذِكـر اللهِ تـعـالـى ثم انظر إلى الحاصل في زماننا من إهانـة أسماء الله - عزَّ وَجَل - وذِكره ، وإنه لشيءٌ مُخيف ! .
وقد تقدَّم الكلام على أنَّ مِن أعظم الاستهانة بذِكْر الله - تعالى - ودِينِه هو التكسُّب به واتخاذه حِرفة وتجارة كما يحصل اليوم من التكسُّب بالرُّقى وغيرها من أمور الدِّين مِمَّا لَم يحصل له في كثرته والتنافس فيه مثيل من قَبْل ! ، وقد ذَكَرْنا بعضَ ما جاء في الكتاب والسُّنة والآثار من ذَمِّ التكسُّب بالدِّين والنهي عن ذلك (1) ، لكن الكلام هنا على الاستهانة الحسية المشاهَدَة بذِكْر الله - تعالى - وأسمائـه - عزَّ وَجلَّ - ..
● فمن ذلك ما يَحصل في الدُّشوش والتلفاز والراديو والجوَّالات ونحوها من الإهانة البليغة لكلامِ الله وذِكْرِه - تعالى - حيث يُخلط مع الضلال والهذَيَان ومزامير الشيطان ، وبعضهم يجعل بعض الآيات القرآنية نغمة لجوَّاله ! ، وكلّ هذا إهانة لكلام الله - عزَّ وجل - .
● وها هي أكياس " الإسْمِنت " مكتوب عليها اسم الله ( العزيز ) وتُهان تحت الأقدام من بداية تعمير هذه العمارات الحادثة وحتى النهاية ! .
● وفي بعض المراكب والبيوت يُشرب الدخانُ الخبيث المنتن الْمُحرَّم ونحوه من الخبائث والمصحفُ بقرب الشارب ! ، كذلك الكتب والأوراق التي فيها اسم ملك الملوك العظيم الجليل - سبحانه - ، وكل هذا يحصل لقلّة المبالاة .
● ومن ذلك غير ما تقدم استعمال ( الجريدة ) سُفْرة للأكل وهذا فظيع وليس لـ ( الجريدة ) احترام وإنما الشأن بذكر الله فيها ؛ كذلك الذين يصبغون السيارات والْمَحَلاَّت ونحوها يُهينون ( الجرائد ) بجعلها حائل عن وصول أصباغهم للزجاج ونحوه ، وهذا الامتهان دليل خسران .
● وبعض البائعين يجعل ( الجريدة ) لُفَافـة لـ ( الكراث ) ، وغير ذلك مما لا يليق أن تعامل به آيات الله وذِكْرِه .
● كذلك أوراق ( التقويم ) - الذي يُسَمَّى ( الرزنامة ) - حيث يُكتب فيها الآيات والأحاديث وذِكْر الله وتُهان بِرَمْيها حيث ولَّت ! .
تنبيه : وهذه التقاويم بدعة وتشبه بأهل الكتاب لمخالفتها قوله  : ( إنا أُمَّـة أمية لا نَكتب ولا نَحْسِب ، الشهر هكذا وهكذا ، يعني مرةً تسعة وعشرين ومرةً ثلاثين ) (1) ، قال شيخ الإسلام تعليقاً على ذلك في « مجموع الفتاوى (2) » : ( هوَ خَبَرٌ تضمَّن نهياً ، فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي الأمة الوسط أمية لا تكتب ولا تحسب ، فمَن كَتب أو حَسب لَم يكن من هذه الأمة في هذا الْحُكم ، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة ، فيكون قد فعل ما ليس من دينها ، والخروج عنها مُحَرَّم منهي عنه ، فيكون الكتاب والحساب المذكوران مُحَرَّمَيْن منهيًّا عنهما ) انتهى (1) .
والمراد بالكتاب والحساب هنا حِساب السنين والشهور مُسَبَّقاً دون الاعتماد على الأهِلَّـةِ في أحايينها كما يُعمل عليه اليوم في التقاويـم ؛ وهو مَنْهيٌّ عنه .
● ومن أمثلةِ ما يحصل في وقتنا من الاستهانة بذكر الله تعالى ما يفعله كثيِرٌ من الصبيان حيث يُعلِّقون حقائبهم خلْفَ ظهورهم مع أن فيها الآيات والأحاديث والذِّكْر ، مع خلْط ذلك بالصور والعلوم الدخِيلة ، وهذه إهانات بليغة .
● بل يقول لنا أحد الإخوان بأنه شاهد بعينه ووقف بنفْسه على بعض طلاب المدارس وهم يَلُفُّون بسَجَّاداتٍ دُروسَهم وفيها آيات وأحاديث وغير ذلك من ذكر الله تعالى ، وإذا أراد الواحد منهم الجلوسَ على الأرض جَلَس على تلك السجادة وهي ملفوفة بما يحتوي على ذكر الله - جل جلاله - ، وهذا - واللهِ - أمرٌ خطير وفي غاية الإهانة لذكر الله ! .
● وآخر ما بلغني من إهانة ذِكر الله - تعالى - وأنا أكتب هذا الكتاب أن ( لا إله إلاَّ الله ، محمد رسول الله ) مكتوبة على ( الكُرَة ) - التي تُركَل بالأقدام - ! .
وهذا غاية في السُّخرية والإهانة ولوْ لَمْ يُلعب بها ، أما اللَّعِب بِهَا وضَرْبِها بالأرجل - وهي بتلك الحال - فلا شَكَّ أنه رِدة ، وقد قال تعالى :  اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً  (1) .
وكل ما تقدم ذِكرُه إنما هو مجرد أمثلة لإهانة ذكر الله في وقتنا مِمَّا لَمْ يَحصل له مَثِيلٌ من قَبـْل ! ، وبعض الناس قد لا يبالي بذلك ..  وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (2) ؟! .
الاستهانة بذِكر الله تعالى ثَمَرة ضعف الإيمان بـه ، وعدم معرفته ، والجهل بعظمته :
وما الاستهانة بذكر الله - جَلَّ وعَـلاَ - إلاَّ ثمرة لضعف الإيمان به وعدم معرفته والجهل بعظمته مِمَّا يُورث عدم توقيره وقَدْره حقَّ قدره ، واللَّهُ - سبحانه وبحمده - يقول :  مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً  (3) ، وقال - تبارك وتعالى - :  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُـونَ  (4) ، وقال - جلَّ جلاله - :  وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِـرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ  (5) .
ولَمَّا قال « موسى » - عليه السلام - :  رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقـاً ..  (1) ، قال « ابن عباس » - رضي الله عنهما - : ( مَرَّت به الملائكـة - وقد صعِق - فقالت : [ يا بن النساءِ الْحُيَّضِ ! .. لقد سألْتَ ربَّكَ أمْـراً عظيمـاً ! ] انتهى (2) ؛ فالملائكة الكرام - عليهم السلام - لِقُربهم من ربِّهِم وعِلْمِهِم بعظمته - جلَّ جلالُه - تعاظموا طلَب « موسى » - عليه السلام - الذي لا يُمكن لأحدٍ في الدنيا أن يقدر عليه لِضَعْفِ البَشَر في الدنيا ، ويوضح هذا المعنى اندِكاكُ الجبل وصَعْـق « موسى » - عليه السلام - ، فتأمل ذلك .
وإنَّ مِن عَلاَماتِ الإيمانِ بالله - جلَّ وعَلاَ - وتعظيمِهِ وإجلالِهِ وتوقيرِهِ عدم الاستهانة بذِكْره ، والإنكار على مَن يستهين بذلك ، وحَمْـل الأوراق التي لا تخلو عادةً من ذِكره إذا وُجِدَت ساقطة على الأرض ومُهَانة في الشوارع والزبائل ؛ وتعظيمُ اللهِ وذِكْرِه من علاماتِ توفيق الله لعبده .

الـتـعـلُّـق بـالـدُّنـيـا والـغَـفْـلَـة عَـن الآخِـرَةِ يُـورِثُ الاسْـتـِهَـانَـةَ بـذِكْـرِ اللهِ تـَعَـالَـى



وهذه - واللهِ - هي الحقيقة ، فإنَّ التعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة من أعظم ما يورث الاستهانة بذكر الله - تعالى - ، ولاَ أعظم مما هو حاصل في زماننا من التعلق الشديد بالدنيا والغفلة عن الآخرة مع المعاصي الأخرى ، وهذا هو سِرّ تفرد زماننـا بما لَم يحصل لـه مثيل من قَبلُ أبداً في الاستهانـة بذكر الله - عزَّ وَجَل - .
وإذا كان الأمر كذلك فتأمَّل ما قال الحافظ عَلَم الدين « البرزالي » ، وقد حكى عن الشيخ « عبد الكافِي » أنه : ( شهِدَ مَرَّةً جِنَازةً ، فإذا عَبْدٌ أسود معنا ، فلمَّا صَلَّى الناسُ لَمْ يُصَلِّ ، فَلَمَّا حَضَرْنا الدَّفن نَظَرَ إليَّ وقال : " أنا عَمَله ، ثُمَّ ألقى نفْسه في قبر ذلك الميت " ، قال : فنظرتُ فلم أرَ شيئاً ! ) انتهى (1) .
وهذا - واللهِ - مِمَّا يُخيف ، لأنَّ أعمال العبد تُصَوَّر له إمَّا سارَّة وإمَّا مُحْزِنَة ، قال ابن تيمية ~ : ( وقد جاء في أحاديث حِسَانٍ أنَّ العملَ الصالِح يُصَوَّر لصاحبـه صورةً حسَنـةً ، والسَّيئ صورةً قبيحـة يُنعَّم بِهـا صاحبُها أوْ يُعذَّب ، وجاء مخصوصاً ببعض الأعمال مثل " القـرآن " وغيره ، وذلك في البرزخ وفي عرَصَاتِ القيامة ) انتهى (1) ؛ فهل من مُعتَبِر ..  أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (2) ؟! .
وبعكس ذلك تأمَّل قصةَ « يزيد بن هارون » ~ ، وما أثمره له توقيره لربه وذِكْره بتعلُّمِـه وتعليمه والعمل بـه ، فعَن « حَوْثرة بن محمد المنقري البصْري » قال : ( رأيتُ « يزيدَ بنَ هارون الواسطي » في المنام بعد موته بأربع ليالٍ ، فقلتُ : ما فعل الله بك ؟! ؛ قال : " تقبل الله مني الحسَنَات ، وتجاوز عني السَّيئات ، وَوَهَبَ لِي التَّبِعَات " .
قلتُ : وما كان بعد ذلك ؟! ؛ قـال : " وهل يكون من الكريم إلاَّ الكَرَم !! ، غفر لي ذنوبي ، وأدخلني الجنة " .
قلتُ : بِمَا نِلت الذي نلت ؟! ؛ قال : " بمجالس الذِّكر ، وقولي الحق ، وصدقي في الحديث ، وطول قيامي في الصلاة ، وصبري على الفقر " .
قلت : ومُنكَر ونَكير حَقٌّ ؟! .
قال : إِيِ واللهِ - الذي لا إله إلاَّ هو - لقد أقعدانِي وسألاَنِي فقالاَ لِي : [ مَن رَبك ، ومَا دينك ، ومَن نبيك ؟! ] ؛ فجَعَلْتُ أنفض لِحيَتِيَ البيضاء من التراب ، فقلت : مثلي يُسأل ! ، أنا « يزيد بن هارون الواسطي » ، وكنتُ في دارِ الدنيا ستين سَنة أُعَلِّم الناسَ ! " .
قال أحدهما : [ صَـدَق ، هو « يزيـد بن هـارون » ، نَمْ نوْمَة العَروس ، فلاَ رَوْعَة عليكَ بعد اليوم ! ] ) انتهى (1) .
وكان أحدُ الصالحين دائماً يدعو الله أن يرزقه الشهادةَ في سبيله من غير أن يقاسي أَلَمَ الموت ، فخرج يوماً من الأيام لِلنُّزهة ونام في بستان ، ففاجئه قومٌ من الكفار وحزُّوا رأسَه وهو نائم ، فرآه بعد ذلك بعضُ إخوانـه في المنام وسأله عن حالِـهِ فقـال : ( نِمْتُ في البستان ففتحتُ عيني فإذا أنَا في الْجَنـَّة ! ) انتهى (2) .
ويُذكَرُ أنَّ أسِيريْن من الصالحين عَرَضَ عليهما طاغية من الطغاة الرجوعَ عن دِينهما ، فلَم يَفْعَلاَ ، فألقاهما في قِدْرٍ فيها زيت قد أُغليَ عليه ثلاثة أيام ، فما هو إلا أنْ سَقَطا فيها فارتفعَتْ عِظامُهما تلوح على سطحِ الزيتِ الْمَغْلي ! ؛ فرآهما بعضُ الصالحين في المنام ، فسألهما عن حالِهِما فقالاَ : ( ما كانتْ إلاَّ تلك الغُطَيْسَة التي رأيتَ حتى خَرَجْنا إلى الفردوسِ الأعلى ! ) انتهى (3) .
فتأملْ ذلك ، وكيف يكون عُظْمُ الجزاءِ لِمَن تَمَسك بدينه وعظَّم ربَّه وذِكرَه وشعائرَه ! .
بعض ما جاء في زيارة المؤمنين لِمَلِكِ الملوك في الجنة :
وكيف لا يُعظِّم العبد شعائرَ ربه وأسمائه مع أنَّه سيَقْدُم عليه وهو يعلم أنَّ غضبـه لا يُطاق وأنَّ رضاه لا يُحَـدّ بوصف ! ، فقد فقال الإمـام الحافظ ابن القيم ~ : ( هذا وإنْ سَألْتَ عن يوم المزيد ، وزيارة العزيز الحميد ، ورؤية وجهه الْمُنَزه عن التمثيل والتشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر - كما تواتر عن الصادق المصدوق  النقل فيه ، وذلك موجود في الصِّحاح والسنن والمسانيـد من رواية « جرير » و « صهيب » و « أنـس » و « أبي هريرة » و « أبي موسى » و « أبي سعيد » - فاستَمِع يومَ يُنادي المنادي : " يا أهل الجنة .. إنَّ ربكم - تبارك وتعالى - يستزيركم ، فحيَّ على زيارته " ؛ فيقولون : [ سَمْعاً وطاعةً ] ، وينهضون إلى الزيارة مبادرين ، فإذا بالنجائب قد أُعِدَّتْ لَهُم فيسْتوون على ظهورها مسرعين ، حتى إذا انتهوْا إلى الوَادِي الأفيح الذي جُعِل لَهُم موعداً وجُمِعُوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحداً ، أمَرَ الربُّ - تبارك وتعالى - بكرسيِّهِ فَـنُصِبَ هناك ، ثم نُصِبَت لهم منابرُ من نورٍ ومنابر من لؤلؤ ومنابر من زَبَرْجَد ومنابر من ذَهَب ومنابر من فضـة ، وجَلَس أدناهم - وحاشاهم أنْ يكون فيهم دنيء - على كُثبان الْمِسْكِ وما يروْن أنَّ أصحابَ الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استقَرَّت بهم مَجَالِسُهُمْ واطمأنَّت بهم أماكنهم نَادَى المنادي : " يا أهلَ الجنة .. إنَّ لكم عند الله موعداً يُريد أن يُنجِزكُمُوه " ؛ فيقولون : [ ما هُوَ ؟! ، ألَمْ يُبيِّض وُجُوهنا ويُثقِّل موازيننا ويدخلنا الجنةَ ويزحزحنا عن النار ] ، فبينما هم كذلك إذْ سَطَعَ لَهُم نُورٌ أشْرَقَتْ له الجنةُ ، فرَفعُوا رؤوسَهم ، فإذا الجبار - جَلَّ جلالُه ، وتقدست أسماؤه - قد أشرَفَ عليهم مِن فوقهم وقال : ** يَا أهْلَ الجنةِ .. سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ** ، فلاَ تُرَدّ هذه التحية بأحسَن من قولِهِم : [ اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ] ، فيتجلى لهم الربُّ - تبارك وتعالى - يضحك إليهم ويقول : ** يَا أهْلَ الجنـةِ ؟! ** ، فيكون أول ما يسمعونه منـه - تعالى - : ** أينَ عِبادِي الذِينَ أطَاعُونِي بالغَيْبِ وَلَمْ يَرَوْنِي ! ، فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيد ** ، فيجتمعون على كلمةٍ واحدةٍ : [ أنْ قد رضينا ، فأرضَ عنا ] ، فيقول : ** يا أهْلَ الْجَنةِ .. إنِّي لَوْ لَمْ أرْضَ عَنكُمْ لَمْ أُسْكِنكُمْ جَنَّتِي ! ، هَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ ، فَاسْأَلُونِي ! ** ، فيجتمعون على كلمةٍ واحدةٍ : [ أرِنَا وَجْهَكَ ننظُرْ إليه ] ، فيكشف لهم الربُّ - جلَّ جلالُه - الْحُجُبَ ويتجلَّى لهم ، فيغشاهم من نُورِهِ ما لولاَ أنَّ الله - تعالى - قضى أنْ لا يحترقوا لاحترقوا ! ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحَدٌ إلا حاضَرَهُ ربه - تعالى - محاضرةً ، حتى إنه ليقول : ** يَا فَلاَن .. أتَذْكُرُ يَوْمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا ** ، يُذكِّره ببعض غَدْرَاته في الدنيا ، فيقول : [ يا ربّ ، ألَمْ تَغْفِرْ لِي ؟! ] ، فيقول : ** بَلَى بِمَغْفِرَتِي بَلَغْتَ مَنْزِلَتَكَ هَذِهِ ! ** ، فيَا لَذَّة الأسْمَاعِ بتلك الْمُحَاضَرة ! ، ويَا قُرَّة عيونِ الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة ! ، ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة ..  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ۞ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ۞ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ۞ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ  [ سورة القيامة ، الآيات : 22 - 25 ] ) انتهى (1) .
أمَا تَـوَدّ أن تكون من أولئـك الَّذيـن يُقِرُّ الله أعينهم برؤية وجهه الكريِم ؟! ، وهل مِن صفاتهم إلاَّ إِجْلال معبودِهِمُ ( اللهِ ) وتعظيم حُرُمَاته ؟! ، فانظُرْ لنفْسِك وحاسِبْها قبل الحساب .
وتأمل ما في قلوب الصالحين من تعظيم كلام الله - عز وجل - وحديث رسوله  .
قال « حَمَّاد الحرَّاني » : سَمِعْتُ « السَّلفي » يقول : كان « الأبيوردي » - واللهِ- من أهل الدِّين والخير والصَّلاَح والثقة ؛ قال لِي : ( واللهِ ما نِمْتُ في بيتٍ (1) فيـه كتاب الله ، ولا حديث رسـول اللهِ احتراماً لَهُما أن يبدو مني شيءٌ لا يجوز ! ) انتهى (2) .
إنَّ تعظيمَ شعائرِ اللهِ من تقوى القلوب كما قال - تعالى - :  وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ  (3) ، وإن خُلوَّ القلب من خوفِ اللهِ علامة الشقاء ؛ ومَا أقبح الغرور ! .
قال « بلال بن سعد » : ( رُبّ مسرورٍ ، مغبون ، يأكل ويشرب ، ويضحك ؛ وقد حُقَّ له في كتاب الله أنه من وقود النار ! ) (4) .
وقال ~ : ( تُنادَى النارُ يوم القيامة : يا نار أحرقي ، يا نار إشتفي ، يا نار أنضجي ، يا نارُ كُلي ولا تَقتلي ! ) (1) .
لقد رحل خوف الله والآخرة من القلوب في زماننـا إلا ما شاء الله ! ، ولا عَجَب فقد قال « سفيان الثوري » ~ : ( مَن أحَبَّ الدنيا وسُرَّ بها نُزِع خوفُ الآخرة من قلبه ) انتهى (2) .
وقال « محمد بن عَبدان » ~ : ( كان القاضي « محمد بن علي » يُصلَّي بالليل في الجامع لا يعرف ذلك غيري ، فصادفته ليلةً يتلو :  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  (3) الآيات ؛ وكلَّما تلاَ آيةً منها ضَرَب بيدِهِ على صدره ضربةً أسمع صوتها من شدتِها ! - رحمه الله تعالى - ) انتهى (4) .
لقد خاف القوم فأدركوا الأمان ، وخلَّفوا الذِّكْرَ الجميل ! .
قال « عبد العزيز الدوري » ~ - وكان من العابدين - : ( قمتُ ذاتَ ليلةٍ أصلي ، فإذا هاتف يهتف بي يقول : " يا عبد العزيز .. كَمْ مِن حَسَن الصُّورة ، نظيف الثياب ، يتقلب بين أطباق الجحيم ! ) انتهى (5) .
ويكفي أنَّ تعلُّقنا بهذه الدنيا الفانية وغفلتنا عن الآخرة - وما أعده الله فيها من النعيم المقيم لأوليائه والعذاب الأليم لأعدائه - أنْ أوْرَثَ قلوبنا من القسوة وعدم المبالاة بذكر الله ما لَم يسبقنا إليه سابق ! .
قال « سفيان الثوري » : ( بلغني أنه يأتي على الناس زمان تمتلئ قلوبهم في ذلك الزمان من حُبِّ الدنيا فلا تدخلها الخشية ! ) ، ثم قال : ( وأنت تَعْرِف ذلك إذا ملأْتَ جِرَاباً من شيء حتى يمتلئ فأرَدْتَ أنْ تُدْخِل فيه غيره لَمْ تجد لذلك من خلاء ! ) انتهى (1) .
وتأمل الآن داءَ الطَّمَع والجشَع وحبّ الدنيا المفْرِط ماذا فعل بكثير من الخلق في زماننا ، فهذا مثَل يبين ذلك :
مَرَّ « فتح الموصلي » بصبييّن مع أحدهما كسرة عليها عسل ، ومع الآخر كسرة عليها كامخ ، فقال الذي معه الكامخ للذي معه العسل : ( أطعمني من خبزك ) ، قال : إن كنت كَلباً لي أطعمتك ، قال : ( نَعَم ) ، فأطعمه من خبزه ، وجعل في فَمِه خَيطـاً وجعل يقـوده ؛ فقال « فَتْـحٌ » : ( لوْ رَضِيت بخبزك ما كُنت كَلباً لِهَـذا ) ، قال « أبو موسى / عمران الطرسوسي » : ( فهكذا الدنيا ! ) انتهى (2) .
فتأملْ هذا ، ثم اعلَم أنـه مِن أعظم أسباب هواننا وذلّنا وخيبتنا ، وإنما هي
دنيا - كما قال الإمام ابن القيم - : ( نفَسٌ من أنفاس الآخـرة ، وساعة من ساعاتها ! ) (1) .
وقال ~ : ( بَلْ لوْ فُرِضَ أن السموات والأرض مملوءتان خردلاً ، وبعد كل ألف سَنَة يأتِي طائر ينقل خردلة ، لَفَنِيَ الخردلُ والآخرة لا تفنى ! ، فنسبة الدنيا إلى الآخرة في التمثيل كنسبة خردلة واحدة إلى ذلك الخردل ! ) انتهى (2) .
ولقد اغترَّ بالدنيا قبلنا مَنِ اغترّ ، لكن غرورنا في هذا الزمان قد تعدّى الوصف ! .
ولو صاحَ صائـحٌ من السماءِ قائـلاً : ( يا أهل الدنيـا .. خُلـودٌ ولا موْت ) لَمَا زِدنا على هذه الفرعنة والشيطنة في عمارة الدنيا وتشييدها ، والإقبال عليها ! .
وانظُرْ بعضَ نِهَايات المغرورين بالدنيا قبلنا - الذين غرَّتهم الآمال ونَسُوا الآجال - :
فَعَن « يزيدِ بن ميسرة » أنَّ رجلاً مِمَّن مضى جَمَع مالاً وولداً فأوعى ، ولَم يدَع صِنفاً من أصناف المال إلاَّ اتخذه ، وابتنى قصراً وجعل عليه بابين وثيقين وجعل عليه حرساً من غلمانه ، ثم جمع أهله وصنع لهم طعاماً وقعد على سريره ورفع إحدى رجليه على اِلأخرى وهم يأكلون ، فلمَّا فرغوا من طعامهم قال : ( يا نفْسُ انعمي لسِنِين ، قد جَمَعْتُ ما يكفيكِ ! ) .
فلم يَفْرغ من كلامه حتى أقبل عليه ملك الموت في هيئة رجل عليه خُلْقَان من الثياب ، في عنقه مخلاة ، يتشبه بالمساكين ، فقرَع البابَ قرعة أفزعته وهو على فراشه ، فوثَب إليه الغَلَمَة فقالوا : ما أنت وما شأنك ؟! ؛ قال : " أدعو لي مولاكم " ، قالوا : إليك يخرج مولانا ؛ قال : " نعم فادعوه " ، قال : فأرسل إليهم مولاهم : ( مَن هذا الذي يقرع الباب ؟! ) ، فأخبروه بهيئته ، قال : ( فهلاَّ فَعَلتم وَفَعلتم ) ، قالوا : قد فعلنا .
ثم أقبل - أيضاً - فقَرَع الباب قرعةً هي أشد من الأولى وهو على فراشـه ، فوثب إليه الحرس فقالوا : جئت - أيضاً - ؟! ، قال : " نعم فادعوا لي مولاكم وأخبروه أني « مَلَك الموت » ! " .
قال : فلمَّا سَمِعُوه أُلقيَ عليهم الذُّلُّ والتخشُّـعُ ، فجاء الحرَس فأخبروا سيِّدَهم بالذي قـال لهم « مَلَك الموت » ، فقال لهم سيدهم : ( قولوا له قوْلاً لَـيِّناً ، وقولوا له : ** هل تأخذ عنه أحداً غيره ؟! ** ) ، قال : فأتوْه ، فأخبروه بذلك ، فدَخَل عليه ، فقال : " قم ، فاصنع في مالِك ما أنت صانع ، فإني لستُ بخارج منها حتى أُخرج نفْسَك ! " .
وأحضَرَ مالَه بين يديه فقال حين رآه : ( لعنك الله من مالٍ فأنت شغَلْتني عن عبادة ربي ومنعتني أن أتخلى لربي ) ، فأنطق الله المالَ فقال : [ لِمَ سبَبْتَنِي ؟! ، وقد كنتَ وضيعاً في أعين الناسِ فرَفَعتك لِمَا يُرى عليك مِن أثري ، ألَم تكن تنفقني في سبيل الْخُبث ولا أتعاصَى ، ولوْ أنفقتني في سبيل الله لَم أتعاصـى عليك ، فأنت ألْوَم منِّي ، إنما خُلقت أنا وأنتم - يا بنـي آدم - من تراب ، فمُنطَلِق بإثم ومُنطِلِق بِبِرّ ] ؛ فهكذا يقول المال فاحذروا ؛ وقَبَضَ « مَلَكُ الموتِ » رُوحَه فمات ) انتهى (1) .
فانظر عاقبة الاغترار بالدنيا ، وقد قال « يوسف بن أسباط » : ( الدنيا دار نعيم الظالمين ! ) (2) .
إنَّ عاقبةَ الركونِ إلى الدنيا - كما قال بعض السلف - : ( مَن رَكَنَ إلى الدنيا أحرَقَته بِنَارِها ، فصار رماداً تذروه الرياح ، ومَن رَكَنَ إلى الآخرةِ أحْرَقته بنُورِها فصار سَبِيكَةَ ذَهَب يُنتفع بها ، ومَن رَكَنَ إلى الله أحْرَقَـه نورُ التوحيدِ فَصَارَ جَوهراً لا قيمة له ! ) انتهى (3) .
ولذلك فإنَّ « الحسَـن البصْري » ~ يَحلِفُ باللهِ : ( ما أَعَـزّ أحَـدٌ " الدِّرْهَمَ " إلا أذلَّه الله - عز وجل - ) (4) .
والله - سبحانـه وبحمده - قد صغَّر الدنيا وحقَّرها في القرآن الكريم ، قال « سُفيان بن عيينة » ~ : ( مَن أُعطي " القرآن " ، فَمَدَّ عينيه إلى شيءٍ مِمَّا صغَّر القرآنُ فقد خالَفَ القرآنَ ؛ ألم تسمع قوله تعالى :  وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى  (1) ) انتهى (2) .
وإنما الخوفُ علينا أن نكون قد مِتنا ونحن أحياء ، فَعَن « سُفيان بن عيينة » أنه قال : ( أوحى الله - تعالى - إلى « موسى » - عليه السلام - : [ إنَّ أوَّلَ مَن مَاتَ « إِبْلِيـسُ » ، وَذَلِكَ أنَّه أوَّل مَن عَصَانِي ، وَإِنَّمَا أعُدَّ مَن عَصَانِي مِنَ الْمَوْتى ! ] ) انتهى (3) .
تأمَّلْ موتَ « إبليسِ » مع طول حياته ، واعلم أنَّ الْمُعرِضين عن الله موتى ، وقد ملئوا الديار وكأنهم لا يُصَدِّقون بالوعْدِ والوَعيـد ! ، فَهُم - كَمَا قال « بِشْرُ بنُ الحارثِ » ~ لِمَن معه لَمَّا أرادَ أنْ يَدخل المقبَرةَ - : ( الْمَوْتى داخل السُّورِ أكثر منهم خارج السُّور ! ) انتهى (4) .
يقصد ~ سُورَ البلد ، وأنَّ موتى القلوب هم الموتى حقيقةً وإنْ كانوا أحياءً الحياة الحيوانية ، وأنهم أكثر الخلق ؛ فهذا يبين معنى الصَّرْعَ الأكبر الذي تقدم ذكره في آواخر القسم الأول من هذا الكتاب .
إنَّ مَن يُصدِّق بالوعد والوعيد تكون له حال غير حالنا كما قال « الحسن البصري » ~ : ( مَا صَدَّق عَبدٌ بالنار إلاَّ ضاقت عليه الأرض بِمَا رَحُبَتْ ! ، وإنَّ المنافـقَ لو كانت النـار خَلْفَ هذا الحائـطِ لَم يُصَدِّق بِهَا حتى يتجهَّم عليها ! ) (1) .
وقال ~ : ( إنَّ المؤمنَ ليذنب الذنب فما يزال كئيباً حتى يدخل الجنة ) انتهى (2) .
وقال ~ : ( واللهِ لا يؤمِن عبـدٌ بهذا " القـرآن " إلاَّ حَزِن وذَبـُل ، وإلاَّ نَصِبَ ، وإلاَّ ذَابَ وإلاَّ تَعِب ! ) (3) .
وقرأ « مالك بن دينار » ~ هذه الآية :  لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعـاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ  (4) ، فبكى ، وقال : ( أُقسم لكم : لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلاَّ صُدِع قلْبـُه ! ) انتهى (5) .
وهو الذي يقول : ( لَوْ كانَ لأحَدٍ أن يتمنى لتمنيتُ أن يكون لي يوم القيامة خُصّ من قصب وأنجو من النار وأرْوَى من الماء ! ) (6) .
فهذا الخوفُ كـاد أن يُعْدَم في زماننـا ، قال الله - تبارك وتعالَى - :  وَإِذَا ذُكِّرُوا لاَ يَذْكُرُونَ  (1) ، وقال - سبحانه - :  وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ  (2) ، وقال - عزَّ وجل - :  إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ  (3) الآيات ..
والإيمان نِصفه صَبْر ونصفه شُكر (4) ، فالمسلم الصادق مَن يُعظِّم ويحترم ذِكر الله - عزَّ وَجلَّ - ويصبر على ذلك ، وإذا رأى مَن يستهين بِحُرُمَاتِ الله تعالى فإنه يحمد الله ويشكره أنْ عافاه من هذا البلاء ؛ قال « سفيان بن عُيينة » : ( عَمِل رجلٌ من أهل " الكوفة " بِخُلُق دنِيءٍ ، فأعتق جاره جارية شكراً للهِ إذْ عافاه من ذلك الْخُلُق ! ) انتهى (5) .
إنَّ مَن يستهين بآيات الله - عزَّ وجل - ، وأحاديث نبيه الكريم  ، وأسماءه - سبحانه - لفي بلوى معضلـة ، وقد أصبح هذا مِمَّا لا يُلْقَى له بَالٌ ولاَ أهمية له ! .
وما ذكرته هنا من إهانة آيات الله - تعالى - وذِكْرِه لا يكاد يُذكر اليوم ! ، وما ذلك إلاَّ من علاماتِ الأمان من سخَط الجبارِ وعَذَابِه .. والله المستعان .
وجملة القول أنَّ مَن استهـان بذِكر ربـِّه وخالقه وسيِّـده ومَلِيكِه - سبحانه وبحمده - فلاَ شَكَّ أنه مخذول مرذول محروم ضعيف الإيمان إن لَم يكن عديم الإيمان جملة وتفصيلاً ! ؛ وإنما الواجب على المسلم أن يُعظِّم ذِكر الله تعالى ويحترمه أجَلَّ احترام ؛ وهذا من أسباب النجاة والأمان والفلاح في الدنيا والآخرة ، وهو من علامات إيمان العبد وتوفيق الله له .
والحمد لله رب العالمين ، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وسلّم تسليماً كثيراً .


بُريدة - شَهْرُ جُمَادَى الآخِرَة / 1427


فهرس الآيات القرآنية


1  اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً  . الأعراف 51 87
2  أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ..  . المؤمنون 115 58
3  إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ  . المؤمنون 57 102
4  إِنَّ الشِّـرْكَ لَظُلْـمٌ عَظِيـمٌ  . لقمان 13 26 / ح 2
5  أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ..  . المؤمنون 72 12
6  أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا  . محمد 24 27 ، 90
7  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  . الفاتحة 1 83
8  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  . الفاتحة 2 7
9  رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ..  . الأعراف 134 88
10  فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ ..  . الـحـج 46 27
11  فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ • ..  . ص 82 - 83 44 ، 68
12  َفَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ  . الحديد 16 27
13  فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  . النحل 97 15
14  فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ  . محمد 21 35
15  فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ ..  . البقرة 102 74
16  قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ..  . ص 86 11 ، 12
17  قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ..  . سبــأ 47 12
18  كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ..  . المطففين 14 27
19  لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ ..  . الحشر 21 101
20  لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ  . المائدة 63 34
21  لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..  . النحل 25 73
22  مَا لَكُمْ لا تَرْجُـونَ لِلَّهِ وَقَاراً  . نوح 13 87
23  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُـمْ أَنْفُسَكُمْ ..  . المائدة 105 33
24  يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ  . النور 21 23
25  وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ  . الصافات 13 102
26  وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ  . المعارج 27 102
27  وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ  .(0) النور 15 87


م الآيــة الســورة رقم الآية الصفحة
28  وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ..  . يـس 20 - 21 12
29  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ • ..  . القيامة 22 - 25 93
30  وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ  . البقرة 105 83
31  وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى  . طـه 69 70
32  وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ ..  . آل عمران 152 29
33  وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة  . البقرة 195 49
34  وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ ..  . طـه 131 100
35  وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُـون  . الروم 60 57
36  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ..  . الزمر 67 87
37  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ..  . المائدة 44 95
38  وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ..  . الـحـج 32 87 ، 94
39  وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً ..  . هـود 29 11
40  وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ..  . البقرة 102 75


فهرس بأطراف الأحاديث مع بيان رواتها ودرَجتها


1 أأمك أمرتك بهذا ؟! . عبد الله بن عمرو مسلم صحيح 47
2 إذهب فاطرحهما عنك . عبد الله بن عمرو النسائي إسناده حسَن 47
3 أمَـا ولله فقد شفاني .. عائشة البخاري صحيح 74
4 إنا أمة أمية .. عبد الله بن عمر متفق عليه صحيح 85
5 أنت إمامهم واقتدِ بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ .. عثمان بن أبي العاص ابن خزيمة وغيره إسناده حسَن 13
6 إنَّ أحق ما أخذتم عليه أجراً .. ابن عباس البخاري صحيح 8
7 إنَّ آخر ما عهد إلينا .. عثمان بن أبي العاص الترمذي وغيره حسَن صحيح 14
8 إنَّ الله لم يجعل شفاءكم .. هند أمُّ سلمة ابن حبان وغيره صحيح 77
9 إنَّ الله ليسأل العبد .. أبو سعيد الخدري ابن حبان وغيره حسَـن 38
10 إنَّ الناس إذا رأوا المنكر .. أبو بكر الصِّـدِّيق أحمد وغيره إسناده صحيح 33
11 إنَّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة . أبو طلحة الأنصاري متفق عليه صحيح 43 / ح 2
12 إنْ شئتِ صبرتِ ولكِ الجـنة . ابن عباس متفق عليه صحيح 56
13 إنَّ من أمتي قوماً .. ــ أحمد وغيره إسناده جيّد 38
14 إن نزلتم بقوم فأمروا ..(0) عقبة بن عامر متفق عليه صحيح 18 - 19
15 إنَّ هذه من ثياب الكفار ، لا تلبسها . عبد الله بن عمرو مسلم وغيره صحيح 45


م طرف الحديث الراوي المحدث الدرجة الصفحة
16 إياكم والدخول على النساء .. عقبة بن عامر متفق عليه صحيح 22 - 23
17 فلا تأتوا الكهان . معاوية بن الحكم مسلم صحيح 72
18 كل أمتي مُعافى إلا المجاهرين . أبو هريرة البخاري صحيح 37
19 لا يخلون رجل بامرأة .. ابن عباس متفق عليه صحيح 22
20 ما من رجـل يكـون في قـوم .. جريـر بن
عبد الله أبو داود وابن حبان إسناده حسن 32 - 33
21 ما من قوم يكون بين أظهرهم .. جريـر بن
عبد الله أحمد وغيره إسناده حسن 32
22 مَن أتى كاهنا فصدقه .. عمران بن حصين البزار وغيره إسناده جيِّد 72
23 مَن استطاع منكم أن ينفع أخاه .. جابر بن عبد الله مسلم وغيره صحيح 19
24 مَن تشبه بقوم فهو منهم . عبد الله بن عمر أبو داود وغيره إسناده حسن 45
25 مَن تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله .. أبو هريرة ابن حبان وغيره صحيح 13
26 مَن رأى منكم منكراً فليغيره .. أبو سعيد الخدري مسلم وغيره صحيح 38
27 مَن قال في يوم ' سبحان الله وبحمده ' .. أبو هريرة مسلم صحيح 40
28 مَن قال ' لا إله إلا الله وحده .. ' .. أبو هريرة متفق عليه صحيح 51
29 هي مِن عمل الشيطان . جابر بن عبد الله أحمد وغيره إسناده صحيح 71
- هي مِن عمل الشيطان . أنس بن مالك الحاكم صحيح 71
30 وآمركم بذكر الله كثيراً .. الحارث الأشعري ابن حبان وغيره صحيح 49 - 50
31 ولا تداووا بحرام . أبو الدرداء أبو داود وغيره إسناده حسَن 72
32 ولا يخلون أحدكم بامرأة .. عمر بن الخطاب ابن حبان وغيره إسناده صحيح 23 - 24
33 وما يدريك أنها رقية .. أبو سعيد الخدري متفق عليه صحيح 7 - 8
34 ومَن تعلق شيئاً وُكِل إليه . أبو هريرة النسائي حسَن 69 - 70






الفهرس التفصيلي للمحتويات





المقدمـة . 4
أ بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية .
5 – 78

◙ قصيدة حول موضوع هذا الكتاب ( بيان الأدلة العقلية والنقلية ... ) . 6
◄ أحاديث ( اللديغ ) .. والجعالة على شرط الشفاء . 7 - 8
- كلام مهم جداً لشيخ الإسلام بأن أخذ الأجرة إنما يكون على شرط شفاء المريض لا على مجرد التلاوة . 8
◄ المحترفـون ! . 9
- المحترفون يأخذون الأجرة على مجرد التلاوة لا على شرط الشفاء . 9
- أمثلة واقعية لبعض ما يفعله المحترفون من المتاجرة الباهظة بالرقية . 9
◄ القرآن والدين ليس حرفة للتكَسُّب ، وأخذ الأجرة على الرقية يورث تمني مرض المسلمين . 11 - 21
- المتاجرون بالرقية مخالفون لمنهج الأنبياء والمرسلين وسلف هذه الأمة . 11
- ذكر بعض الآيات القرآنية التي يخبر بهـا الله - تعالى - عن حـال أنبيائه وأنهـم لا يسألون الناس أجراً . 11
- أمثلة على تميز هذا الزمان باتخاذ الدِّين حرفة والاتجار فيه . 12
- حديث عظيم في الوعيد الشديد لمن طلب العلم لغير وجه الله . 13
- تحذير نبوي من اتخاذ مؤذن يأخذ على أذانه أجراً . 13
- ذكر ما قاله أمير المؤمنين في الحديث ' سفيان الثوري ' لرجل كان يصلي بالناس في ' رمضان ' بأجرة . 14
- ذكر أثر التكسُّب بالدين على الفاسق والكافر . 14
= ( حاشية ، م 2 ) : نبذة مهمة عن ' سفيان الثوري ' . 14
- مَن هم سفلة الناس ؟! . 15
- من الإساءة للدين وتشويه حسنه وجماله التكسب به . 15
- بيان جواز أخذ المال بعد الشفاء وبلا استشراف نفـْس . 15
- عدم التفريق بين المريض الطائع لله وبين العاصي . 16
● مسألة مهمة حول أحاديث ( اللديغ ) ، وأخذ الأجرة على تغسيل الموتى . 16
- بيان كيف يُورث أخذ الأجرة على الرقية تمني مرض المسلمين . 17


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
- لماذا أخذ بعض الصحابة الأجرة على رقية اللديغ ، ولماذا لم يضيفهم قومه ؟ . 18
- ذكر بعض ما في قصة ( اللديغ ) من الفوائد مما يُرد به على المتاجرين بالرقية . 18
- حديث " عقبة بن عامر " يوضح سبب إذن النبي - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه أخذ أجرة على رقية ( اللديغ ) . 18
- ذكر أمر النبي - عليه الصلاة والسلام - المسلم أن ينفع إخوانه ما ستطاع . 19
● زيـادة توضيح وبيـان لِما تقدم ذِكره من قـول النبي - عليه الصلاة والسلام - : ( إنَّ أحـقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) . 20
- قول نفيس لـ ' الفضيل بن عياض 'في الحكمة من نزول القرآن ومعنى العمل به . 21
◄ الخلوة بالنساء دون مَحْرَم . 22 - 25
- ذكر بعض ما يفعله بعض الرقاة التجاريين مع النساء من المنكر الفظيع . 22
- ذكر عدة أحاديث تحرم الدخول على النساء الغير محارم والخلوة بالمرأة من غير محرم . 22
- ما هو ( الحمو ) الوارد في الحديث ، ولماذا عده النبي - عليه الصلاة والسلام - كالموت ؟! . 23
- ذكر ما فعله عمر - رضي الله عنه - من مَنع النساء الاختلاط بالرجال . 24
- ذكر كلام نفيس لابن القيم في خطورة اختلاط الرجال بالنساء وأنه أصل كل شر. 24
◄ رُقية مَن ظاهره الفجور مِن علامات تلاعب الرقاة التجاريين بالدين . 26 - 27
- من دعا لظالم بطول البقاء فقد أحب أن يُعصى الله تعالى . 26
- كيفية مناسِبة لمناصحة المريض قبل رقيته ولو كان فيه أشد الأمراض البدنية والنفسية . 26
◄ من علاماتِ الرُّقاةِ التجاريين عدم أمرِ المريضِ بالمعروفِ ونهيهِ عنِ المنكر. 28 - 39
- ذكر كلام نفيس لابن عقيل عن أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان . 28
= ( حاشية ، م 1 ) : ذكر أنَّ من علامات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر نفور الناس منه ، وبعض فوائد ذلك . 28
● وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لو لَم يتركه الناس . 29
- ذكر ما قاله ' الحسن البصري 'عند قوله - تعالى - :  وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ..  . 29
● أصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من تارك « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » ! . 30
- مِـن تلبيس إبليس تحسينه للعبد القيام بنوع من الذِكر ونحوه وتعطيله القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ! . 30
- ترك الأمر بالمعروف أعظم من ارتكاب المنكر من ثلاثين وجهاً ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية ! . 30


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
- ليس الدِّين مجرد ترك المحرمات الظاهرة . 31
- أقل الناس دِيناً وأمقتهم إلى الله مَن تَرَك الأمر والنهي ونحو ذلك وإنْ زَهِد في الدنيا جميعِها ! . 31
- ذكر قول مخيف لابن عتيق بأن المداهن أخبث حالاً من الزاني والسارق وشارب الخمر ! . 31
- ذكر ما قاله الإمام ' محمد بن عبد الوهاب ' عن أناس يتعبدون بالمساجد ولا يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر . 32
- ذكر ما جاء في الأخبار أن الله - تعالى - أمَر ملَـكاً أنْ يخسف بقرية مع أنَّ فيها عابداً ! . 32
- ذكر عدة أحاديث بأن الله - تعالى - يعجل العقوبة لمن يرون المنكر وهم يقدرون على تغييره . 32
- ذكر قول ' عائشة '- رضي الله عنها - : ' غشيتكم السكرتان ' وفضل القائمين بالكتاب والسنة . 34
- ذكر قول ' مالك بن دينار ' بأن الله لا يذر تاركي الأمر والنهي من العذاب . 34
- ذكر كلام ' ابن النحاس ' على قوله - تعالى - :  لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ  . 34
- ذكر كلام ' أبي عبد الرحمن العمري ' عن بعض أسباب وآثار عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 35
- ذكر كلام نفيس لابن القيم عن حقيقة تارك الأمر والنهي وعقوبة الله له بموت القلب ! . 35
- بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل مسلم ، وبيان آثار القيام بذلك . 36
- ذكر كلام نفيس لشيخ الإسلام في بيان السنة في مقارنة الظالمين ونحوهم . 38
- ذكر حديث مخيف عن سؤال الله عبده يوم القيامة عن تركه إنكار المنكر . 38
- ذكر حديث عظيم فيه بشرى لأقوام يُعطون مثل أجور أولهم لإنكارهم المنكر . 38
- ذكر رد ' عمر بن عبد العزيز ' وغيره تلبيس إبليس على العبد المذنب أن يترك الأمر والنهي . 39
- ذكر ما كان يفعله أمير المؤمنين في الحديث في ملازمته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 39
◄ مَوَانع تأثيـر الرقى والأذكار . 40
- ذكر قول ابن القيم بأن كلُّ قولٍ رَتَّبَ الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام . 40
- ذكر أثر ( الصور ) في جذب الشياطين ، ومن أعظم موانع تأثير الأذكار والأوراد والرُّقى اليوم . 40


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
◄ إقرارات من كلام الجن والشياطين تبين بعض العقوبات المعجلة على المعاصي . 41 - 51
- ذكر قول أحد الجن بأن ( الصور مغناطيس لهم ) ! . 41
- ذكر ما قاله أحد الجن عن ما تسمى بـ ' قصور الأفراح ' . 41
- ذكر ما حصل في عرس بـ ' جدة ' وإصابة العروس بالصرع بسبب الرقص والغناء . 41
- بيان بعض ما حصل لدى راقية صالحة في ' بريدة ' من إقرارات للجن تبين بعض العقوبات . 42
- ذكر ما فعله جني بامرأة تشاهد المسلسلات وبيتها مملوء بالصور ، وما قاله عن ' الصور ' . 42
- تحذير من ' الجرائد ' ، لِمَا فيها من المنكرات والصور التي تجمع الشياطين . 42
= ( حاشية ، م 1 ) : تنبيه مهم عن قول بعض الناس : ( حسبي الله عليك ) . 42
- ذكر ما قاله أحد الجن بأن مع كل صورة شيطان ! . 43
- إشارة لحديث : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ) ، ومعنى ذلك . 43
- ذكر ما قاله جني عما تفعله الشياطين حين اشتغال ' التلفزيون ' . 44
- ذكر ما قاله ' الحسَن البصري ' حينما سئل : ( أينام إبليس ؟! ) . 44
- ذكر كلام شيخ الإسلام بأن إبليس وجنوده يشتهون الشر ويلتذون به ويطلبونه لخبث نفوسهم . 44
- ذكر ما قاله جني عن فتنة ' البناطيل ' . 44
- ذكر ما قاله ' حَسَن بن صالح ' عما قاله ' إبليس ' لـ ' المرأة ' . 44
- بيان النهي عن التشبه بالكفار ، وذكر أحاديث في ذلك مع تعليق شيخ الإسلام عليها . 45
- ذكر أقوال نفيسة لشيخ الإسلام عن الحكمة من النهي عن التشبه بالكفار . 45
- ذكر كلام نفيس لابن كثير على حديث : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) . 46
- ذكر كلام نفيس لـ ' حمود التويجري ' على إنكار النبي على عبد الله بن عمرو التشبه بالكفار في لباسهم . 46
- ذكر ما قاله بعض الجن عن امرأة متلبسين بها وتؤذيهم ببعض الطاعات . 48
- ذكر ما قاله بعض الجن عن أثر قراءة القرآن بـ ' المسجِّـل ' ، وقراءته بيقين . 48
- ذكر ما قاله أحد الشياطين عن تحسره على امرأة لا تلبـِّس أولادها ' بدلات ' . 48
- تعليق مهم للمؤلف على ما تقدم ذكره من كلام الجن والشياطين عن أثر المعاصي في جذبهم . 48
- بيان السبيل للتحصُّن من الشياطين وأذاهم . 49
- ذكر ما أوصى به الله - تعالى - نبيه ' يحي ' فيما يتضمن أثر الذكر في التحصن من الشيطان . 49
- ذكر قصة واقعية عن أثر ذكر الله في حفظ عبده من الشياطين وأذاهم . 50


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
- إشارة لما ذكره 'ابن القيم ' من فوائد الذكر ، وأنه كتب في ذلك أكثر من سبعين فائدة . 51
◄ مَقمَعَة الشيطان ! . 52 - 54
- لا بد لكلِّ أحدٍ أن يعذب شيطانه بذكر الله في الدنيا أو يعذبه شيطانه بالنار في الآخرة . 52
- ذكر قصة واقعية لرجل من أهل ' الشقة ' تبين مقارنة الشياطين لما يحتوي على علوم مفسدة . 53
- إشارة إلى منكر إدخال الكاميرات في المساجد وأن ذلك خطير موجب لسخط الله - تعالى - وحلول عقابه وعذابه . 54
- ذكر ما قاله ' أبو إدريس الخولاني ' عن فداحة وجود بدعة في مسجد لا يستطاع إزالتها . 54
◄ كَلامٌ غير حضاري ! . 55
- ذكر قول شيخ الإسلام عن الإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه . 55
◄ الصَّرْع الأصغر والأكبر ! . 56 - 60
- ذكر كلام ابن القيم بأنه لو كُشِف الغطاءُ لرأيتَ أكثرَ النفوس صرعى مع الأرواح الشيطانية . 56
- إشارة إلى أن هناك من المصروعين من يكون فيه دين وخير ، مع ذكر قصة ' المرأة السوداء ' . 56
- كيف لو رأى ابن القيم زماننا وما نحن فيه لربما قال : ( أنتم مصروعين بجن مصروعين ! ) . 57
- ردّ ابن القيم على جهلة الأطباء ونحوهم ممن ينكرون صرع الأرواح وتأثيرها في بدن المصروع . 57
- ذكر ابن القيم لِما شاهده من شيخ الإسلام في محاورته لجنية في مصروع تحبه ، وإخراجها منه . 57
● الصـرع الأكـبـر . 59
● عـلاج الصـرع الأكـبـر . 60
◄ رُقاة مِمَّن هَبَّ ودَبّ ! . 61 - 65
- ذكر ما قاله ' الأعمش ' عن رجل كان يكلم الجن بأنهم قالوا بأن أشد شيء عليهم مَن يتبع السنة . 61
- ذكر قصة ' خنافر الحميري ' مع رئيه الجني ' شصار ' ودخوله الإسلام على يديه . 62
◄ قوت الشيطان في القلب . 66 - 68
- ما هو أنفع علاج لهذه الأمراض الحادثة ؟! . 67
- ذكر كلام نفيس لابن القيم عن لَمَّة المَلـَـك ولمة الشيطان . 67


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
◄ حلُّ السِّحر بسِحر مثله . 69 - 78
- سبب وعلة توجه إرادة مَن يتوجه إلى السحرة لفك السحر عنه ! . 69
- معنى قول النبي - عليه السلام - : ( مَن تعلق شيئاً وُكِل إليه ) . 70
- الذاهبون للسحرة للعلاج يزدادون سوءاً ، وأنى للنفع والفلاح أن يأتي من السحرة ، وذكر آية قرآنية في ذلك . 70
- معنى ( النشرة ) . 70
- ذِكر مـا أورده الإمـام ' محمد بن عبد الوهـاب ' في كتابـه ( التوحـيـد ) عن ( النشرة ) ، وذكر ما أورده من كلام ' ابن القيم ' فيها وأنها نوعان . 71
- ذِكر نهي النبي - عليه السلام - وقوله بأن مَن أتى كاهناً أو ساحراً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - . 72
- بيان أنَّ السحر مُحرم بالإجماع ، وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - حرَّم التداوي بالحرام . 72
- ذِكر كلام نفيس لابن القيم في سِـرِّ لطيف في كون المحرمات لا يُستشفى بها . 72
- شرح لطيف لبعض كلام ابن القيم مما يتعلق بهذه المسألة . 73
- فداحة ضلال الإفتاء بإتيان السحرة ، وذكر بعض ما سيترتب عليها . 73
- معنى قول ' سعيد بن المسيب ' عن ( النشرة ) : ( لا بأسَ بها ) . 74
- ذكر ما ما أجاب به الرسول عائشة حينما سألته ( هلاَّ تنشرت ؟! ) . 74
- المجيز لإتيان السحرة لحل السحر يفتح على الناس شراً بنص قول النبي . 74
- ذكر قول مجيز النشرة السحرية بأن قول الله تعالى :  وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى  ليس في المعالجة ؛ والرد عليه . 74
- النفع والنجاح المزعوم من الساحر أعظم حُرمة وقبحاً وخبثاً من انتفاع البدَن بالخمر ! . 75
- ذِكر كلام نفيس لشيخ الإسلام عما تفسد مفسدته على مصلحته . 75
- ذكر قول شيخ الإسلام بأنَّ السِّحر مُحَرَّم بالكتاب والسنة والإجماع . 75
- ذكر قول شيخ الإسلام بأن السِّحر من أعظم المحرَّمات . 76
- بيان أنَّ الذاهب للسحرة لحل السحر يُقرهم على كفرهم ، بل يعينهم عليه ، وذكر كلام نفيس لشيخ الإسلام في ذلك . 76
- كيف استخرج النبي - عليه الصلاة - السحر الذي سحر به ؟ . 77
- إذا علم المسحور بمكان سحره فما هو المباح في ذلك ؟ . 77
- جواب مَن يدَّعي الاضطرار باللجوء للساحر . 77
- جملة القول في مسألة إتيان الساحر لحل السحر عن المسحور . 78
- ذكر أثر نفيس لابن مسعود - رضي الله عنه - عن الفرق الحقيقي بين مرض القلوب والأبدان . 78


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
ب بيان وجوب تعظيم واحترام ذِكر الله - عز وجل - . 79 - 103
◙ قصيدة حول موضوع هذا الكتاب ( بيان وجوب تعظيم واحترام ذِكر الله ) . 80
- بيان مناسبة ذكر هذا الموضوع مع موضوع القسم الأول ' الرقية ' . 81
- بيان أن زماننا لم يسبقه سابق في امتهان ذكـر الله - تعالى - والاستهانة بـه ! . 81
- ذكـر ما فعـلـه ' عبد الملك بن مـروان ' حينـمـا سقـط ' فِـلـس ' فيــه اســم الله - تعالى - في بئر قذرة . 82
- ذكر حديث قدسي فيه بشارة لمن تحول من معصية الله إلى طاعته تعالى . 82
- ذكر قصة ' بشر بن الحارث ' وسبب وضع الله له الذكر الحسن . 83
◄ أمثلة تبين فظاعة ما يحصل في وقتنا من الاستهانة بذكر الله - تعالى - . 84 - 88
- 1 / خلـط ذكـر الله - تعـالى - مع الضـلال والهذيـان ومزامـيـر الشـيـطـان في ' الفضائيات ' وغيرها . 84
- 2 / امتهان قراطيس ' الإسمنت ' مع أن فيها اسم الله ' العزيز ' . 84
- 3 / شرب ' الدخان ' ونحوه ، بينما المصحف وغيره من الذكر بجانب الشارب . 85
- 4 / استعمال ' الجريدة ' سفرة للطعـام ، واستعمالها لتكــون حائـلاً حيـن صبغ ' السيارات ' و ' المحلات ' . 85
- 5 / جعل ' الجريدة ' لـ ' الكراث ' ونحوه . 85
- 6 / رمي أوراق ' التقاويم ' . 85
- ( تنبيه ) : استعمال ' التقاويم ' تشبه بالكفار ، وذِكر حديث وكلام لشيخ الإسلام حول ذلك . 85
= ( حاشية ، م 1 ) : إشارة لكتاب نفيس للشيخ ' التويجري ' حول موضوع ' التقاويم'. 86
- 7 / تعليق بعض الصبيان ' حقائبهم ' خلف ظهورهم ، مع خلطها بالصور والعلوم الدخيلة . 86
- 8 / جلوس بعض طلاب المدارس على ' سجادات ' وقد لفوا بها دروسهم . 86
- 9 / كتابة كلمة ) لا إله إلا الله ، محمداً رسول الله ) على ' الكرة ' . 86
● الاستهانة بذِكر الله ثمرة ضعف الإيمان به ، وعدم معرفته ، والجهل بعظمته . 87
- ذكر آيات قرآنية في تعظيم الله تعالى ، وبيان عظمته - سبحانه وبحمده - . 87
- ذكر ما قالته الملائكة لـ ' موسى ' - عليه السلام - حينما سأل الله رؤيته . 88
- من علامات تعظيم الله - تعالى - ، وعلامات توفيقه - سبحانه - لعبده . 88
◄ التعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة يورث الاستهانة بذكر الله - تعالى - . 89 - 103
- ذكر ما نقله الحافظ ' البرزالي ' عن الشيخ ' عبد الكافي ' وما شاهده حين دفـْنِه أحدَ الأموات . 89
- ذِكر ما قاله شيخ الإسلام بأن أعمال العبد الصالحة تصور له سارة يُنعم بها ، وأعماله السيئة تصور له قبيحة مُحزنة يُعذب بها . 89


الـمَـوضـوعـات
الصفحة
- ذكر رؤيا عظيمة لـ ' يزيد بن هارون ' ، وما أثمره له توقيره لربه وذكره من حسن العاقبة . 90
- ذكر قصة أحد الصالحين وسؤاله ربه أن يرزقه الشهادة من غير ألـم ، وما حصل له بعد ذلك . 91
- ذكر قصة أسيريْن من الصالحين ، وما قالاه في المنام من سُرعة دخولهما الفردوس الأعلى . 91
● بعض ما جاء في زيارة المؤمنين لِمَلِكِ الملوك في الجنة ، وما ذكره ابن القيم من مشاهد زيارته - جل جلاله - في الجنة . 92
- ذكر ما قاله ' الأبيوردي ' من عدم نومه في بيت فيه كتاب الله أو حديث رسوله - عليه السلام - . 94
- ذكر بعض أقوال السلف في التحذير من النار ، وذكر بعض ما يجري لهم من خشية الملك الجبار . 94
- ذكر مثال لحال الدنيا . 96
- ذكر كلام مهم لابن القيم في حال الدنيا ونسبتها إلى الآخرة . 97
- ذكر كـلام للمـؤلــف بأنـه لـو صـاح في هذا الزمـان من السمـاء صائـح قائـل لنا : ( خلود فلا موت ) لمَا زدنا على ما نحن عليه من الإقبال على الدنيا ! . 97
- ذكر قصة عجيبة ذكرها ' يزيد بن ميسرة ' وهي تبين عاقبة الاغترار بالدنيا . 97
- ذكر ما قاله بعض السلف في عواقب الركون إلى الدنيا وإلى الآخرة وإلى الله - تبارك وتعالى - . 99
- ذكر ما قاله ' الحسن البصري ' في عاقبة من يعز الدرهم والمال . 99
- ذكر ما قاله ' سفيان بن عيينة ' في أن من مدَّ عينيه إلى ما صغـَّر ' القرآن ' فقد خالفه . 99
- ذكر ما ذكره ' سفيان ' عن الله بأن أول من مات ' إبليس ' ، وأن من عصاه فإنه يعده من الموتى . 100
- ذكر ما قاله ' بشر بن الحارث ' بأن الموتى خارج المقبرة أكثر منهم داخلها . 100
- ذكر بعض أقوال السلف في عاقبة من صَدَّق بـ ' القرآن ' وآمن به حقيقة . 100
- بيان أن الإيمان نصفه صبر ونصفه شكر ، وبيان مناسبة ذكر ذلك . 102

الفهـارس . 104 - 117
▲ فهرس الآيات القرآنية . 105 - 106
▲ فهرس بأطراف الأحاديث ورواتها ودرجتها . 107 - 108
▲ الفهرس التفصيلي لمحتويات الكتاب . 109 - 116




فهرس الموضوعات


المقدمـة . 4
بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية . 5 – 78
قصيدة حول موضوع هذا الكتاب ( بيان الأدلة العقلية والنقلية ... ) . 6
أحاديث ( اللديغ ) .. والجعالة على شرط الشفاء . 7 - 8
الْمُحترفـون ! . 9
القرآن والدين ليس حرفة للتكَسُّب ، وأخذ الأجرة على الرقية يورث تمني مرض المسلمين . 11 - 21
الخلوة بالنساء دون مَحْرَم . 22 - 25
رُقية مَن ظاهره الفجور مِن علامات تلاعب الرقاة ( التجاريين ) بالدِّين . 26 - 27
مِن علاماتِ الرُّقاةِ ( التجاريين) عدم أمرِ المريضِ بالمعروفِ ونهيهِ عنِ المنكر . 28 - 39
مَوَانع تأثيـر الرقى والأذكار . 40
إقراراتٌ من كلام ( الجن ) و ( الشياطين ) تبين بعض العقوبات المعجلة على الذنوب والمعاصي . 41 - 51
مَقمَعَة الشيطان ! . 52 - 54
كَلامٌ غير حضاري ! . 55
الصَّرْع الأصغر والأكبر ! . 56 - 60
رُقاة مِمَّن هَبَّ ودَبّ ! . 61 - 65
قـُوُت الشيطان في القلب . 66 - 68
حَلُّ السِّحر بسحر مثله . 69 - 78
بيان وجوب تعظيم واحترام ذِكر الله - عز وجل - . 79 - 103
قصيدة حول موضوع هذا الكتاب ( بيان وجوب تعظيم واحترام ذِكر الله تعالى ) . 80
أمثلة تبين فظاعة ما يحصل في وقتنا من الاستهانة بذكر الله - تعالى - . 84 - 88
التعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة يورث الاستهانة بذكر الله - تعالى - . 89 - 103
الفهـارس : 104 - 117
فهرس الآيات القرآنية . 105 - 106
فهرس الأحاديث النبوية . 107 - 108
الفهرس التفصيلي لمحتويات الكتاب . 109 - 116
فهرس الموضوعات . 117


من الكتب ( المطبوعة ) لفضيلة الشيخ عبد الكريم بن صالح الحميد



◄ الإتحاف بعقيدة الأسلاف والتحذير من جهمية ' السقاف ' .
◄ أحـداث صحبة الأحداث .
◄ إحسان خلـْق الإنسان .
◄ إحسان سلوك العبد المملوك إلى ملك الملوك .
◄ ' الأدب ' بين زخارف الأقوال وعبودية ذي الجلال .
◄ إشعار الحريص على عدم جواز التقصيص من اللحية لمخالفة التنصيص .
◄ أضواء المسارج لبيان جور التعليقات على ' المدارج ' .
◄ إعانة المتعالي لرد كيد ' الغزالي ' .
◄ إقامة الحجة والبرهان على مَن زعم أن الله في كل مكان .
◄ الإنكار على من لم يعتقد خلود وتأبيد الكفار في النار .
◄ أيها الزنادقة .. مهلاً عن الجبار مهلاً ! .
◄ بيان الأدلة النقلية والعقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية ،
وبيان وجوب تعظيم واحترام ذِكر الله - عز وجل - .
◄ بيان العلم الأصيل والمزاحم الدخيل .
◄ تأخير نصر الدين لطف بالمؤمنين ومكر بالكافرين والمنافقين .
◄ تـُحَـف من ذخائر السلف .
◄ التفكر والاعتبار بآيات الكسوف والزلازل والإعصار.
◄ ثمار يانعـة وتعليقات نافعـة .
◄ جـالب السرور لربات الخـدور .
◄ الحب في الله .
◄ الحق الدامغ للدعاوي في دحض مزاعم ' القرضاوي ' .
◄ دش ودينٌ كيف يجتمعانِ ؟! .
◄ دعوى وصول القمر .
◄ دواء العشاق .
◄ الرد الصارم على المتنبئ السوداني ' سليمان أبي القاسم ' .
◄ الشناعة على مَن رَدَّ أحاديث الشفاعة .
◄ عوائق في طريق العبودية .
◄ عيوب تشييد البناء في دار الفناء .
◄ فتوى وبيان في كتاب ' الاستنفار في محق القول بفناء النار' .
◄ الفرقان في بيان إعجاز القرآن .
◄ الـكافي في التحذير من مُضلات القوافي .
◄ المخاطر الأربع .
◄ مطالب الطالب ومثالب الناكب .
◄ مقدمات الدجال .
◄ معاول الحق تهدم بنيان الباطل .
◄ معرفة الكبير المتعال بالعظمة والجلال والجمال .
◄ معرفة المأمور به والمحذور في زيارة القبور .
◄ منازل الحور العين في قلوب العارفين برب العالمين .
◄ نور البصيرة والبصر في مسائل القضاء والقدر .
◄ هداية الحيران في مسألة الدوران .
◄ الوعيد على أهل الغلو والتشديد .




منقووول للفائدة للشيخ : - عبدالكريم بن صالح الحميد.




الله من وراااء القصد

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 12-09-2006, 11:55 PM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ( أزف الرحيل ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 01-10-2006, 12:08 AM   #4
معلومات العضو
أزف الرحيل
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

وفيكم بارك الرحمن الرحيم وزادكم من الفضل العظيم

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 14-11-2006, 04:45 PM   #5
معلومات العضو
anwar montasir

إحصائية العضو






anwar montasir غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

سلام الرقية الشرعية ضرورية في ظل ما تتعرض له النفس البشرية من هموم ووساوس شيظانية

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 20-11-2006, 12:18 PM   #6
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




الأخ الفاضل ( أنور ) حفظه الله ورعاه


قبل أن أجيب على تساؤلكم ، فإنه لا يليق بنا إلا أن نحتفل بكم في منتدانا الغالي فنقول :

هلا باللي نهليبــــه......وشوفته تشرح البال
ولو رحبت مايكفي.......لك مليون ترحيبــــه


هلا وغلا بالأخ الحبيب ( أنور )

في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية )

احدى الصروح الرائدة المتواضعة في عالم المنتديات الصاعدة

والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة

كلنا سعداء بانضمامكم لمنتدانا الغالي

وكلنا شوق لقرائة حروف قلمكم ووميض عطائكم

هلا فيكم

ونحن بانتظار قلمكم ومشاركاتكم وحضوركم وتفاعلكم

تمنياتي لكم بالتوفيق وإقامة مفعمة بالمشاركات النافعة




ونحن نعلم بأنكم قد زرتم الموقع لأسباب واعتبارات خاصة ، ولكن واجب الضيافة يحتم علينا ذلك 0

بارك الله فيكم أخي الحبيب ( أنور ) مرة ثانية في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) وحياكم الله وبياكم وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 01:10 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com